
العودة، ديسمبر 2009
على أبواب الذكرى الستين لتأسيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، رصدت مجلة العودة الشهرية الجدل الدائر حول دورها ومستقبلها، وخصوصًا مع الحديث الدائم عن عملية التسوية السياسية التي يرتبط بها مستقبل الوكالة. مسلطة الضوء على مساعي الاحتلال للنيل من الأونروا!
سَعَت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الدوام إلى تغيير وضع المنظمة الأممية لمصلحتها من خلال تقليص خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تمهيدا لإنهاء وجودها؛ لرفع الغطاء القانوني عن قضية اللاجئين الفلسطينيين برمتها، التي تشكل وكالة الغوث أبرز مظاهرها.
فقد طالبت تل أبيب على لسان أكثر من مسؤول فيها بتصفية الأونروا، وآخر دعوة إلى ذلك كانت لرئيس الكنيست الإسرائيلي، الذي طالب بتفكيك مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي يعني إنهاء عمل الأونروا بصورة عملية. ورهن رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين، في تصريح أطلقه قبل نحو شهر من الآن، التوصل إلى تسوية مع السلطة الفلسطينية بتفكيك مخيمات اللاجئين في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ودول الجوار، حيث رأى أن مخيمات اللاجئين أداة سياسية في يد القيادة الفلسطينية.
ولا يغيب عن الأذهان أن أول من سعى لتصفية وكالة الأونروا هم الإسرائيليون، المتضررون الوحيدون من وجود هذه الوكالة، بل إن عضو الكنيست الإسرائيلي بيني إيلون اقترح في هذا الإطار إنشاء مؤسسة دولية بدلا من منظمة الأونروا للتعامل مع قضية إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين خلال العقد المقبل.
وكان تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي السابق سيلفان شالوم في بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 واضحًا، وقد طالب خلاله بنقل تدريجي لصلاحيات وكالة الغوث إلى السلطة الفلسطينية، حسب مطلبه، لتكون بداية الطريق نحو توطين اللاجئين والقضاء على حقهم في العودة، كما يحذّر اللاجئون أنفسهم.
وحول تداعيات تصفية الأونروا، تحدثت المجلة الفلسطينية عن تأكيد بعض المتابعين أن مخطط تصفية الأونروا يأتي تماشيا مع مساعي إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإنهاء القضية الفلسطينية، عبر تسوية سياسية لها، مصحوبة بمعالجة للقضايا العالقة التي تعدّ قضية اللاجئين من أعقدها.
بتصفية وكالة الأونروا تكون تل أبيب، من ناحيتها على الأقل، قد أغلقت أي باب لعودة اللاجئين المهجرين إلى أراضيهم التي اغتُصبت سنة 1948، ويفتح الباب أيضًا واسعًا لمشاريع التوطين في حل وحيد لمشكلة اللاجئين.وبتصفيتها أيضًا تكون الدولة العبرية قد أخفت آثار جريمة تهجير السكان الفلسطينيين قسرًا.
وترى تل أبيب أنه بإنهاء وجود الأونروا ستكون الفرصة سانحة أمامها لفرض حلول لقضية اللاجئين، وتكون قد ألقت على عاتق الأنظمة العربية المسؤولية عن مآسي هؤلاء اللاجئين.كذلك تنظر حكومات الاحتلال المتعاقبة إلى أن تفكيك المخيمات تحت ستار تخفيف كثافة السكان بعد إنهاء الأونروا وتوزيع اللاجئين في مناطق جديدة لتشتيتهم، يحقق هدفًا سياسيًا يصبّ في تجريد اللاجئين من صفة اللجوء بعد تركهم المخيمات.
وفي هذه الأيام، تبقى الأنظار متجهة إلى دور وكالة الأونروا في المرحلة المقبلة، في ظل الهجمة الإسرائيلية عليها، وقد يكفي هنا أن يُشَار إلى أن استمرار معاناة اللاجئين الفلسطينيين دون التوصل إلى حل عادل لقضيتهم، وظهور احتياجات طارئة وملحّة في ظل تراجع مستوى خدمات الأونروا بسبب العجز في التبرعات الدولية، يدعو إلى القلق، بل وينذر بإمكانية إنهاء عملها، كما فعلت تل أبيب من قبل، وأزاحت رأس المنظمة الدولية (هانسن) من طريقها.
No comments:
Post a Comment