برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Sunday, February 15, 2009

إعادة صنع أميركا


وورلد، 14 فبراير 2009
ترجمة: علاء البشبيشي


(فترة رئاسية مِفصلية أتت في لحظة انتقالية).. هكذا وصفت مجلة وورلد هذه المرحلة التي تعيشها الولايات المتحدة الأميركية بعد انتخاب أوباما، الذي كان وعده الأشهر أثناء حملته الانتخابية هو (التغيير).
في الوقت الذي كان ترتفع فيه هتافات مليوني أمريكي أثناء تنصيب أوباما الشهر الفائت، كان هناك صوت صغير ووحيد يقول: "ها قد حان وقتنا".
وكأول أميركي من أصل أفريقي يسكن البيت الأبيض، يوقن أوباما، أنه وزوجته ميشيل، سيصنعان لهذه الدولة علامات فارقة. لكن الأمل والتوقع لابد وأن يضعا في الحسبان التحديات التي تواجه صناع السياسات، خاصة وأن الجزء الأصعب قد بدأ.
لقد رفع أوباما أهدافه الخاصة في خطاب تنصيبه، مكرِّسًا جهد الأميركيين لتحقيق هدف أوضحه بقوله: "إعادة التأكيد على عظمة أمتنا"، و"إعادة صنع أميركا"، وتعهد في نفس الوقت بأن تصبح أميركا "صديقة لكل الدول".
لكن كيف ستحكم إدارة أوباما هذه الدولة التي وصفها الرئيس الجديد نفسه بأنها "مليئة بالسحب المتراكمة، وعواصف الألم"؟.
إرث ثقيل هذا الذي خلفه الراحل بوش لخلفه، لدرجة أن البعض لازال متشككًا في قدرة أوباما على السير في حقل الألغام الذي صنعه بوش، وألقى فيه أميركا.
بعض هذه التحديات التي تواجه الرئيس الجديد سردتها مجلة وورلد، مبتدئة بجبهتي الحرب المشتعلتين (العراق وأفغانستان)، مرورًا بالوضع الاقتصادي المرتبك، ووصولا إلى اختبار الشعب، الذي سيبقى الحكم الأبرز على أوباما وفترة ولايته الرئاسية.
التهديد الأول الذي يواجه أوباما يتلخص في وضع نهاية للحرب؛ ففي أفغانستان وعد بانتباه أكبر، وقوات أكثر، وفي العراق تعهد بانسحاب خلال 16 شهرًا.
وهناك تحدٍّ مماثل، إن لم يكن أكبر، يتمثل في اقتصاد تُفقد فيه الوظائف كل يوم بمعدلات مرعبة، وينتشر بسببه الركود في العالم دون نهاية تلوح في الأفق.
ومع اتخاذ أوباما لقرارات حاسمة، سيعلم الناخبون سريعًا ما إذا كان الرجل سيحكم البلاد بصورة أقرب للوسط المعتدل أو أقصى اليسار، ومدى جديته فيما يتعلق بوضع التعددية الحزبية على رأس أولوياته. وسيعلمون أيضًا ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على أصوات الشباب الذين رافقوه في أثناء حملته الانتخابية، أم أنه سيفقدهم بمرور الوقت مع اتخاذ قرارات جديدة. بعدها سيكتشفون ما إذا كان الرئيس البالغ من العمر 47 عامًا يخطط لإعادة صنع النظام القضائي، وما هي البرامج الفيدرالية التي سينميها، وأيها سيقوم بوقفها، وكيف يخطط للتعامل مع النفقات المتزايدة للعناية الصحية والطاقة.
المشاعر الإيجابية تجاه الإدارة الجديدة مرتفعة بين الشعب، لكن أوباما سيكون المسئول أمام من يثقون به إذا لم تتحسن الأمور، أو إذا تدهورت للأسوأ.

الإصلاح الكبير



نيويورك تايمز

ترجمة: علاء البشبيشي


خطة الإنعاش الاقتصادي.. أرادها أوباما بقيمة 900 مليار دولار، فخفض مجلس الشيوخ سقفها إلى 780 مليارًا، ولازالت في انتظار جولتها الأخيرة أمام الكونجرس.
تحركات على المستويين الرئاسي والبرلماني رأت مجلة نيويورك تايمز أنها لن تجدي نفعًا، إلا إذا اقتنع الجميع بضرورة تكريس كل موارد الدولة لمواجهة هذا الشبح المخيف، شبح الأزمة المالية التي أسفرت عن فقد 600 ألف شخص لوظائفهم في يناير الماضي، مما رفع معدل البطالة إلى 7,6 بالمائة، وهو الأعلى منذ 17 عاما، بحسب الإحصاءات الصادرة نهاية الأسبوع الماضي.
سيستعيد الاقتصاد عافيته، لكن ذلك لن يحدث قريبًا، بل ربما تدهور للأسوأ خلال عام 2009، بغض النظر عن الجهود التي يقوم بها الرئيس أوباما والكونجرس، فوضع نهاية للأزمة المالية يتطلب مغامرة وإبداعًا.
وبمجرد أن تقرر الحكومات استخدام المصادر الهائلة التي بين أيديها، ستجد نفسها قادرة على إعادة الاقتصاد إلى الحياة. كما أن بإمكانها استخدام الشعب والمال والمعدات العاطلة حتى يتمكن القطاع الخاص من تشغيلهم مرة أخرى.
ويبقى النمو هو الطريقة الوحيدة التي ستتمكن الدولة خلالها من سداد ديونها بكيفية سريعة نسبيًا وغير مؤلمة، بما يسمح لعائدات الضرائب أن تزداد دون فرض ضرائب إضافية. وهذا ما حدث بالضبط في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ فبعد أن وضعت الحرب أوزارها، كانت ديون الحكومات الفيدرالية قد بلغت 120% من الناتج القومي الإجمالي.

تجديد أميركا


ذا نيشن، 9 فبراير 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


يبدو أن أحدًا لم يعد راضيًا عن أميركا، وأضحى الجميع ما بين مطالب بتجديدها، وترميم صورتها، وحتى إعادة صنعها. مستلهمين ذلك من خطاب أوباما الذي بقدر وضوحه كان مؤلمًا.
هذا المطلب بات حديث وسائل الإعلام في الداخل والخارج، وبدا واضحًا أكثر من خلال موضوعي الغلاف اللذين تناولتهما مجلتا وورلد، ونيويورك تايمز، سالفتا الذكر، بل وانضمت إليهما مجلة ذا نيشن التي طالبت بـ (تجديد أميركا)؛ الأمر الذي يسلط الضوء على حالة السخط الجارف التي تسري بين الأميركيين أنفسهم، فضلا عن سكان كوكب الأرض الآخرين الذين أنهكتهم الحروب الأميركية طيلة فترة ولاية بوش، التي استمرت 8 سنوات عجاف.
في اللحظة الأولى من فترة ولايته الرئاسية، أعلن أوباما تقييمًا صريحًا للأزمة المالية التي نواجهها، فقال: "اقتصادنا ضَعُف بشدة؛ نتيجة جشع ولامسئولية البعض، لكن ذلك يرجع أيضًا إلى فشلنا الجماعي في اتخاذ قرارات صعبة، وإعداد الأمة لعصر جديد". وتعهد أوباما بتحرك "سريع وجريء" لتوفير فرص عمل جديدة، وبُنًى تحتية وطنية، وخطة جديدة للطاقة، ونظام صحي جديد، وتجديد للمدارس والجامعات. وفي رسالة موجهة ولا شك إلى المحافظين المناوئين للخطة المالية الحكومية حذر أوباما من أسماهم بالساخرين، الذين يستجوبون مستوى طموحنا، من أن الفشل في هذه اللحظة الفارقة ليس خيارًا مطروحًا، بل يجب علينا ألا نرضى بأقل من (إعادة صنع أميركا).
لقد كانت بداية قوية استهل بها أوباما الأيام المائة الأولى من توليه الرئاسة، في إشارة واضحة أن مرحلة جديدة مرتكزة على موازيين متساوية من الواقعية والإصرار والأمل قد بدأت. لكن الأمم لا تبنى بالكلمات الرنانة وحدها، وستبقى الأيام القادمة هي الاختبار الحاسم للإدارة الجديدة.

عودة القومية الاقتصادية


ذي إيكونوميست، 7 فبراير، 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


اعتمدت الأقطار المتضررة من أزمة الثلاثينات الاقتصادية، ما يعرف بـ (القومية الاقتصادية)، وهي تنظيم اقتصادي يرتكز على الحد من الاستيراد وتشجيع التصدير عبر التخفيض من قيمة النقد، وقد أدى ذلك إلى قيام حرب تجارية ساهمت بقسط كبير في توتر العلاقات الدولية.
مجلة ذي إيكونوميست البريطانية رأت أن شبح هذه النظرية قد عاد للحياة من جديد، ولابد من دفنه ثانية، محذرة في حالة عدم حدوث ذلك من تداعيات مدمرة.
وقد تبنت فكرة القومية الاقتصادية أفكارًا متعددة، كان أهمها اهتمام الدولة بحماية إنتاجها‏,‏ وفرض إجراءات حمائية في مواجهة منتجات الدول النامية‏، وكانت أميركا أكبر مثل لذلك‏.
بعد دفنها، عاد شبح الديمقراطية الاقتصادية للظهور من جديد، وعلى باراك أوباما أن يأخذ زمام المبادرة لوضع حد لهذه المأساة، خاصة وأن التعامل مع مشكلة بهذا التعقيد يستوجب استمرارية وبراجماتية بدلا من الصرامة والعمل وفق القواعد والأصول.
لقد حولت القومية الاقتصادية -المتمثلة في الحفاظ على الوظائف والأموال في الداخل- الأزمة الاقتصادية إلى أزمة سياسية، الأمر الذي يهدد العالم بالركود، وإذا لم يُعَد دفن هذه النظرية البائدة من جديد، ستكون التداعيات كارثية.
مرة أخرى يُلقى عبء إنقاذ الاقتصاد العالمي على عاتق الولايات المتحدة الأميركية، وعلى السيد أوباما أن يُظهر أنه مستعد لهذه المهمة. أما إذا لم يكن الرجل مستعدًا لذلك، فإن أميركا والعالم أجمع في مشكلة حقيقية.

Monday, February 9, 2009

أهذه نهاية أميركا البيضاء؟


ذي أتلانتيك، يناير – فبراير 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


في العام 1605 مات كريستوفر كولمبوس بعدما اكتشف أميركا بالمصادفة، وخَلَّف لنا بلدا غريبا متناقضًا، عُرِف بعنصريته البغيضة ضد السود في الماضي، ثم تحوَّل في الحاضر لينتخب أحد هؤلاء السود رئيسًا له. فهل تكون هذه نهاية أميركا البيضاء؟
تساؤل طرحته مجلة ذي أتلانتيك، في محاولة لتوقع شكل أميركا المستقبلي بعد نجاح باراك أوباما، أول مرشح أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، في الوصول إلى البيت الأبيض.
ورغم أن المجلة لم تُجِب على كثير من الأسئلة التي طرحتها، قدمت في النهاية قناعة تقول بأن مجرد انتخاب أوباما للرئاسة لن يُقنِع أميركا بالتخلي عن فرزها العنصري.
كان انتخاب باراك أوباما مجرد جزء من اتجاه أكبر يتمثل في (تآكل أميركا البيضاء)، كما مَثّّل حجر الزاوية في معنى أن تكون أميركيًا. وإذا كان زوال أميركا البيضاء حتمية ثقافية وديمغرافية، فكيف سيكون الاتجاه السائد الجديد؟ وكيف سيُمكن لأميركا البيضاء أن تتعايش معه؟ ما الذي سيعنيه كونك أبيضًا، في وقت لم يعد البياض هو القاعدة؟ وهل سيكون عالم ما بعد أميركا البيضاء أكثر فرزًا على أسس عنصرية، أم أقل؟
مشكلة القرن العشرين كانت اللون، فهل سينسحب ذلك على القرن الحادي والعشرين الذي سيحكم فيه رجل أسود دولة نسيجها الاجتماعي متفكك على كل أصعدة الهوية؟
نحن نتوق إلى هجر العنصرية، لكننا لا نزال نعيش داخل بنية التمييز والظلم والتصنيف العنصري الذي ورثناه من النظام الأكبر. يمكننا تعريف أنفسنا عن طريق أسلوب الحياة أكثر مما يمكننا عن طريق لون البشرة، لكن طرق عيشنا لا تزال هي الأخرى تصوغها العنصرية.
نعرف، قليلا أو كثيرًا، أن العِرق خيال يضر أكثر مما ينفع، ورغم ذلك تجدنا نتشبث به دون أن نعرف السبب. لكن ذلك ربما ما كانت عليه الأمور في السابق، وربما أصبح هذا جزءًا من طريقتنا القديمة في النظر إلى الأشياء.
على كل حال، الجيل الذي وُلِد في الثمانينيات والتسعينيات كان يأخذ ثقافة الواقع، ويصوغها بمنظوره الشخصي، (وربما يفعل جيل اليوم نفس الشيء). أما لحظة انتخاب أوباما فلم تكن نهاية أميركا البيضاء، ولا نهاية أي شيء آخر. بل كانت جسرًا، عبرنا فوقه فقط إلى الجانب الآخر.

التعليم والتكنولوجيا


ساينس، 30 يناير 2009
ترجمة: علاء البشبيشي


استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال التعليم والتدريب غيَّر من طبيعة العملية التربوية، وساهم مساهمة كبيرة في عملية إصلاح هذا المجال، وإضفاء طابع التجديد والابتكار عليه.
حول استخدام التكنولوجيا في مجال التعليم، خصصت مجلة ساينس موضوع غلافها الأخير، مسلطة الضوء على بعض الوسائل التربوية التي ربما لم تأخذ حقها من الاهتمام حتى الآن في عالمنا العربي والإسلامي.
يقضي السواد الأعظم من الطلاب أوقات فراغهم في ممارسة الألعاب التكنولوجية، سواء كان ذلك بصورة جماعية أو بصورة فردية باستخدام الهواتف النقالة. وفي الوقت الذي يغرق الأطفال في عالم الألعاب القائم على التكنولوجيا، يتشابك التربويون حول كيفية استخدام هذه التكنولوجيا في مجالهم التعليمي.
صحيحٌ أن التكنولوجيا قد تكون مسلية لحد كبير، إلا أن أهميتها القصوى تبقى كامنة في تأثيراتها التربوية، ومساندتها لهذا الجانب؛ فالتكنولوجيا التي تضع المعرفة في سياق يعرفه الطلاب جيدًا تكون مفيدة جدًا لهم.
لكن التكنولوجيا ليست رصاصة التعليم السحرية، ولا معرفة الفائدة منها بالأمر السهل، فرغم أن التعليم في القرن الحادي والعشرين يرتكز بصورة كبيرة على التكنولوجيا الحديثة، لابد وأن يتأكد التربويون أن ذلك سيسبب طفرة، وليس فوضى، داخل الفصول. ومن ثم نريد بناء قاعدة معلوماتية صادقة حول ما ينفع وما لا ينفع في هذا الإطار، ونرى ما هي أفضل الألعاب التي تستهوي الطلاب، ومن ثم يتم نلقها إلى الفصول، واستخدامها كوسيلة تربوية في العملية التعليمية على هذا الأساس.

معاناة آسيا


ذي إيكونوميست، 31 يناير 2009
ترجمة: علاء البشبيشي


(عطست أميركا فأُصيب العالم بالزكام) قناعة تبنّاها الكثيرون منذ بداية الأزمة المالية الحالية، مستثنين آسيا واقتصاداتها الناشئة؛ باعتبارها حصينة ضد (وربما بعيدة عن) الكارثة التي يواجهها العالم الغنيلكن أسبوعية ذي إيكوميست البريطانية رأت أن العدوى وصلت آسيا، خلاف ما توقعه الكثيرون، وهو ما أكده بنك التنمية الآسيوي، حين رصد انخفاض نمو الناتج المحلي في الاقتصادات الثمانية الكبرى الأخرى في منطقة شرق آسيا الصاعدة بنسبة 3 % مقارنة بذروته التي بلغت 6.2 % في الربع الثالث من عام 2007.
شهدت عطلة بداية السنة القمرية الصينية أكبر موجة من عودة العمال لمسقط رؤوسهم، تاركين لأيامٍ مصانعهم التي أغرقت متاجر العالم بالبضائع، لقضاء (عطلة سنة الثَّوْر) في قراهم، لكن هذه الاحتفالات تشوبها مَسحة من القلق؛ فالعديد من هؤلاء العمال ربما لا يجدون عملا يعودون إليه بعد انقضاء عطلة العيد، بعدما تعطل النمو الصيني، وكذلك بقية دول شرق آسيا، التي كانت تأمل أن لو تحررت بطريقة أو بأخرى من أزمة الغرب الاقتصادية، لكنها وجدت نفسها تتلقى ضربة قوية كباقي دول العالم، وربما أكثر إيلامًا.
معدل وسرعة هذا الانخفاض التجاري والاقتصادي أضحى أكبر وأوسع مجالا مما كان عليه الوضع خلال الأزمة المالية في عامي 1997-1998. حتى في الصين، بدأت الصادرات في التأرجح والانخفاض بنسبة 2,8% في ديسمبر مقارنة بالعام الماضي. وفي يناير انخفضت الصادرات في اليابان 21%، فيما بلغ معدل الانخفاض في سنغافورة 20%.
وسجلت الواردات انخفاضًا أكبر، حيث انخفضت في الصين بنسبة 21% في ديسمبر، فيما سجلت في فيتنام انخفاضًا قيمته 45% في يناير. يأتي هذا بعدما توقع البعض أنَّ توسُّع التجارة العالمية سيحمي آسيا من الهبوط الذي أصاب الغرب. لكن ذلك لم يحدث؛ لأن التجارة داخل آسيا ما هي إلا حلقة في سلسلة المؤن العالمية المرتبطة بالطلب في العالم الغني.
وانتقلت المجلة لترصد التلاوم الذي وقع بين الدول الآسيوية والغرب بشأن هذا التدهور، لكنها أكدت أن ما أصاب الاقتصاد الآسيوي كان بما كسبت أيدي حكومات هذه الدول التي اعتمدت أكثر من اللازم، بحسب المجلة، على الصادرات وارتفاع الطلب الغربي.
ورغم هذا الواقع الذي يبدو مؤلمًا، لفتت المجلة الأنظار إلى بعض الفوائد التي ظهرت من قلب المحنة، وكيف حفَّزت هذه الأزمة الدولَ الآسيوية على اتخاذ سلسلة من الإجراءات للعمل على استقرار الأسواق المالية، واستعادة ثقة المستثمر، والتخفيف من أثر الأزمة.
يلوم بعض الآسيويين الغرب في هذه الأزمة، ويقولون: إن الإجماع الغربي لصالح العولمة أغراهم لفتح اقتصادهم، واتباع اقتصاد قائم على التصدير، لإرضاء مطالب المستهلك الغربي التي لا نهاية لها. لكنهم اكتشفوا أنهم خُدِعوا؛ فالعجز المالي الغربي أطاح بقيمة استثماراتهم، وقلل من احتياجات المستهلك الغربي.
هذا التحليل الذي يبرئ الحكومات الآسيوية من المسئولية عن المعاناة الاقتصادية، وجد صدى واسعا داخل هذه المنطقة من العالم، إلا أنه -وبشكل أخرق- لا يحكي سوى جانب واحد من القصة؛ فمعظم البطء في نمو الاقتصاد الإقليمي ليس سببه انخفاض شبكة الصادرات، بل ضعف الطلب المحلي. وحتى في الصين، أكبر مُصَدِّر في الإقليم، ارتفعت معدلات الاستيراد عن التصدير.
وقد انخفض الطلب المحلي، ليس فقط بسبب المشهد العالمي الكئيب، ولكن أيضًا بسبب سياسات الحكومة. فقبل عَقد من الآن، وبعد انتهاء الأزمة المالية، قامت دول كثيرة بإصلاح نظامها المالي المحطم، لكنها تركت اقتصادها مائلا إلى التصدير، فبقيت المدخرات مرتفعة، وسُحِق الطلب المحلي.
وهذا ليس شرًا مطلقًا؛ فأحد تداعياته أن الحكومات الآسيوية أصبح لديها تركيز كافٍ على تعزيز الطلب المحلي، ومن ثم تحفيز الاقتصاد على استعادة عافيته.

حوار مع أليستير دارلنج


نيوستيتس مان، 2 فبراير 2009
ترجمة: علاء البشبيشي


كان عام 2008 عامًا عصيبًا على المستويين؛ الاقتصادي والسياسي، بل وصفته مجلة نيوستيتس مان بأنه الأسوأ اقتصاديًا منذ 60 عامًا، مما دفعها لمحاورة وزير المالية البريطاني أليستير دارلنج، الذي لم يكن الحصول على حوار معه بالأمر السهل، خاصة في وقت حصدت الأزمة المالية فيه 67 ألف وظيفة، تركت الرجل في انشغال كبير، وجعلت دخول مكتبه المزدحم كاقتحام قلب العاصفة.
ورغم كل شيء بدا الرجل متفائلا، بحجم التشاؤم الذي يلف الكون حوله، مستمسكًا بقناعته أن الصعاب تصنع الرجال.
كيف يتعامل دارلينج مع هذا الأمر شخصيًا؟ سؤال أجاب عنه الوزير فقال: "أعمل دائمًا بصورة أفضل حينما تواجهني التحديات".
واليوم ها هو يقود وزارة المالية في وقت تعدت البطالة في بريطانيا حاجز المليونين، لكنه يتوقع أن يتمتع الذين خسروا وظائفهم اليوم بمستقبل أكثر إشراقًا في المستقبل.
ويقول دارلينج: إن جيله من السياسيين لم ينضجوا إلا حينما فقد جيل كامل من المواطنين وظائفهم، وأصيب غالبيتهم برغبة مروعة في عدم العودة إلى العمل مرة أخرى. واليوم هي خسارة لهؤلاء السياسيين أنفسهم، ولعائلاتهم وللبلاد بأسرها.
وفي وقت كهذا يريد الناس من السياسيين المنتخبين أن يعيشوا معاناتهم. صحيح أن هذا الأمر صعب، لكن علينا القيام ببعض الأمور التي لا نقوم بها في العادة. في الأوقات الأقل صعوبة، ربما لا تريد فعل ذلك، لكن ونحن نواجه وضعًا كهذا لا يحب أحد مواجهته، ينبغي علينا مجابهة الواقع.
ولا يزال دارلينج يؤمن بإمكانية حدوث انفراجة في الأوضاع الراهنة، مستشهدًا بتعهد الحكومة البريطانية بتخفيض معدلات فقر الأطفال إلى النصف، وضمان أن تعمل الأسواق لصالح الشعب. لكنه في نفس الوقت، يعترف بعدم وجود مؤشرات للتحسن الفوري.