برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, September 29, 2009

خطتي لإنقاذ العالم


نيوزويك، 29 سبتمبر 2009

(إن فَوَّتنا فرصة حماية كوكبنا –الآن- لن تسنح لنا فرصة ثانية في المستقبل القريب. لا مجال للعودة إلى الوراء وإصلاح الضرر الكارثي الذي سيلحق بالبيئة)... تحذيرٌ أطلقه رئيس الوزراء البريطاني جورودون براون في صدر مقال نشرته أسبوعية نيوزويك، قُبَيل 11 أسبوعًا من اجتماع قادة العالم في قمة مجموعة الدول العشرين تحت رعاية الأمم المتحدة، للتوصل إلى اتفاقية دولية جديدة حول التغير المناخي

إنها لحظة تاريخية، وتشكل أهم اختبار للتعاون الدولي. مع ذلك، فإن المفاوضات تسير ببطء شديد لدرجة أنه من الصعب جدا التوصل إلى اتفاقية. وفيما يكشف العلماء عن مزيد من الأدلة على التغير المناخي الذي يحدث وعلى التهديد الذي يشكله في المستقبل، لا يمكننا أن نسمح للمفاوضات بأن تتأخر إلى ما لا نهاية بسبب قلة الاهتمام. الفشل أمر لا يغتفر. فالتهديد ليس إنسانيا وبيئيا فحسب، بل هو اقتصادي أيضا. قبل ثلاثة أعوام، خَلُص تقرير ستيرن، الذي طلبتُ إعداده، إلى أن الضرر الاقتصادي للاحتباس الحراري الخارج عن السيطرة قد تصل كلفته إلى ما بين 5 و20 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي كلفة اقتصادية أكبر من الخسائر التي تسببت بها الحربان العالميتان والكساد الكبير في القرن العشرين.يجادل البعض بأنه، في خضم هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، يجب أن نحد من عزمنا على الوفاء بتعهداتنا البيئية، لأن الكلفة عالية جدا. في الواقع، العكس هو الصحيح، التوصل إلى اتفاقية متينة في كوبنهاغن أمر ضروري للنهوض الاقتصادي العالمي، لأن هذا النهوض يعتمد على الاستثمارات التي من شأن أي اتفاقية أن تطلق العنان لها. لا شك في أن اقتصاد القرن الـ21 سيكون قائما على تخفيض انبعاثات الكربون. ما أصبح واضحا الآن هو أن السعي لإزالة الكربون سيكون أحد أهم محركات النمو الاقتصادي العالمي والوطني في العقد المقبل. والاقتصادات التي ستطلق الثورة الخضراء قبل غيرها ستحصد أكبر المكافآت الاقتصادية
تماما مثلما أدت الثورة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى تحفيز النمو خلال السنوات الـ30 الماضية، يرى براون أن الانتقال إلى تكنولوجيا ذات انبعاثات متدنية من الكربون سيكون له التأثير نفسه في المستقبل. وبالتالي – يردف براون- فإن تخفيض انبعاثات الكربون يساهم منذ الآن في دفع النهوض بعد الانهيار الحالي، معززا النمو وموفرا وظائف جديدة وصناعات جديدة وأسواق صادرات جديدة. لكن لا يمكن أن يكون هذا التخفيض مستداما إلا أن دعمته الحكومات، ليس على النطاق الوطني فحسب، بل على نطاق عالمي أيضا
لا أنكر أن حملة المملكة المتحدة لإزالة الكربون من اقتصادنا مكلفة. سوف ترتفع أسعار الطاقة باعتدال. لكن مع عودة النمو، ستصبح هذه الأسعار معقولة، لاسيما بعدما تؤدي الإجراءات التي تحد من استهلاك الطاقة إلى تخفيض الطلب، ومن ثم التكاليف المتعلقة بالطاقة. والواقع المرير هو أنه ما من بديل متدني الكلفة لمصادر الطاقة ذات انبعاثات الكربون العالية. لكن مستقبل الطاقة سيكون أكثر كلفة إن كان قائما على انبعاثات كربون عالية. حتى في خضم الركود، بدأت أسعار النفط والغاز ترتفع من جديد. وتقلبات أسعارها تقوض بشكل مباشر الاستثمار في استبدالها
لقد تقدمت حكومة المملكة المتحدة باقتراحات للتوصل إلى اتفاقية طموحة وفعالة ومنصفة. طموحة لأنها تضع العالم على مسار للحد من ارتفاع الحرارة العالمية بحيث لا يتعدى المعدل الدرجتين مئويتين» وفعالة لأنها تحدد آليات تراعي متطلبات السوق للحد من الانبعاثات بشكل فعال فضلا عن نظام صارم لمراقبة مستوى الانبعاثات والتحقق منه» ومنصفة لأنها توفر المساعدة للبلدان النامية كي تتمكن من مواجهة التغير المناخي.هذه النقطة الأخيرة مهمة بشكل خاص. فالتغير المناخي غير منصف بشكل واضح: الانبعاثات المتأتية من البلدان الغنية هي المسبب الأساسي له لكن أسوأ تأثيراته تطول أفقر الناس. لذلك على اتفاقية كوبنهاغن أن تقدم المساعدة للبلدان الأكثر تأثرا كي تتكيف مع التغيرات التي أصبحت محتمة الآن. وعليها أن توفر دفقا قويا من التمويل والتطور التكنولوجي لكل البلدان النامية لدعم مسارات نمو تعتمد على انبعاثات متدنية من الكربون وقادرة على مواجهة التغيرات المناخية. إن 90 بالمائة تقريبا من الزيادات المستقبلية في الانبعاثات ستأتي من اقتصادات متقدمة، لذلك من الضروري أن تستثمر هي أيضا في مصادر طاقة أكثر فعالية ومصادر طاقة ذات انبعاثات متدنية من الكربون وسياسات مستدامة لإدارة الثروات الحرجية.لهذا السبب تقدمت في يونيو بمجموعة من الاقتراحات تهدف إلى التوصل إلى اتفاقية مالية تجمع بين مصادر التمويل العامة الجديدة والإضافية والإصلاح وتوسيع سوق الكربون وتدابير حكومية أكثر إنصافا وإبداعا في إدارة هذا القطاع. اقترحت توفير ميزانية بقيمة 100 مليار دولار سنويا ممولة من مصادر عامة وخاصة بحلول عام 2020. لقد أرضتني ردة الفعل التي أبدتها بلدان كثيرة، علنا وفي الكواليس. لكن علينا الآن أن نسعى للتوافق.إن التغير المناخي يشكل تحديا غير مسبوق للبشرية. لكن الحل في متناولنا، وهو حل سيكون له منافع اقتصادية كبيرة حاليا فيما يحمي مستقبل أولادنا وأحفادنا. لا يمكننا فقط تجنب التغير المناخي الخطير، بل يمكننا أيضا الحد من اعتمادنا على النفط المستورد وبناء هيكلية جديدة للنمو الاقتصادي واستحداث الوظائف. التوصل إلى اتفاقية في كوبنهاغن سيتطلب من قادة العالم تقريب وجهات النظر وانتهاز هذه الفرص. لكنني أعتقد أن ذلك ممكن. وإن اقتضى الأمر، فأنا مستعد للذهاب شخصيا إلى كوبنهاغن لتحقيق ذلك، وسأحث بقية قادة العالم على القيام بالمثل