برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, March 12, 2010

مقدمة حلقة 10 مارس 2010


نبدأ حلقتنا هذا الأسبوع بصحبة مجلة تايم الأمريكية من أفغانستان (مقبرة الامبراطوريات)، حيث يزداد المستنقع الذي تغرق فيه قوات الاحتلال عمقًا بمرور الوقت
ننتقل من الحرب الغربية على ما يسمى (الإرهاب) إلى الحرب العالمية على الأطفال، برفقة أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية
وقفتنا الثالثة ستكون مع المحلل المالي، والأستاذ في معهد بحوث الاقتصاد السياسي بجامعة ماساشوستش، "روبرت بولين"، ليشرح لنا المعضلة التي تواجه أوباما، والمتمثلة في توفير 18 مليون وظيفة بحلول 2012
نُطوِّف بعدها بالدول العربية على متن طائرة "المشاهد السياسي" لنرى كيف استحال الحلم النووي العربي كابوسًا
وقفتنا الأخيرة ستكون مع عملية السطو الممنهجة التي يمارسها الاحتلال الصهيوني بحق المقدسات الإسلامية، وتقريرين مميزين أعدتهما مجلتي "الانتقاد" و"البيادر السياسي"، أولاهما بعنوان (سرقة الحرم الإبراهيمي)، والآخر بعنوان (مخططات استيطانية لتغيير معالم القدس
... نبدأ بعد ثوانٍ، فلا تذهبوا بعيدًا

هل تنجح الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان؟


تايم، 8 مارس 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

بينما يشتعل القتال على أرض أفغانستان، وتقود قوات الاحتلال عملية واسعة في منطقة "مارجا" الجنوبية بهدف القضاء على عناصر طالبان، الذين سيطروا على تلك المنطقة لسنوات، وفرض سيطرة الحكومة عليها، تساءلت مجلة تايم (هل تنجح الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان؟)، وذلك في صدر موضوع غلافها الأخير الذي كتبته "بوبي جوش".

قبل يومين من انطلاق أكبر الحملات العسكرية في عهد أوباما، دعا الجنرال "ستانلي ماكريستال"، 450 من زعماء القبائل في إقليم هلمند إلى اجتماع؛ بهدف حشد الدعم اللازم لعملية أُطلِق عليها اسم "مشترك" لاستعادة منطقة "مارجاه "من طالبان. استعرض "ماكريستال" المرحلة العسكرية من الخطة، التي ستضم 60 ألفا من جنود البحرية الأمريكية وقوات الجيش البريطاني، بجانب 4500 من قوات الجيش والشرطة الأفغانية. ثم شرح كيف ستقوم هذه القوات بحماية المدينة بينما تقوم مجموعة من المسئولين الأفغان بمهمة الإدارة وفق ما تدربوا عليه لشهور.
وافق زعماء القبائل على الخطة، لكن بعد أن حذر أحدهم جنرالات أمريكا قائلا: لابد وأن تفهموا أنكم إذا لم تقوموا بما قلتم، فاعتبرونا في عداد الموتى". وهي الجملة التي كررها "ماكريستال" في لقاء جمعه بالرئيس أوباما وكبار مستشاريه المتخصصين في الشأن الأفغاني والباكستاني، عبر "اﻟﺘﻠﻴﻜونفرانس" في 18 من فبراير المنصرم.
ربما حان الوقت كي يحظى أوباما بلحظة من الشعور بالرضا، بعد عام من الأخبار الشرسة التي ما فتأت تقرع أذنيه قادمة من أفغانستان وباكستان. إلا أن التحذير الذي كرره ماكريستال أكد أن الجو العام في البيت الأبيض خلال المؤتمر، الذي انعقد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، كان كئيبا، وهو ما أكده مستشار الأمن القومي، جيم جونز، الذي كان حاضرا ساعتها.

الحرب العالمية على الأطفال


ذي إيكونوميست، 6 مارس 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

حول (الحرب العالمية على البراءة، ووأد البنات في القرن الحادي والعشرين، والمجتمعات التي فقدت توازنها بسبب المزيج الشيطاني من الثورة التقنية، وانخفاض معدلات الخصوبة، والتحيز الأزلي).. تحدثت أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية.
يصف أحد الكتاب الصينيين زيارته لعائلة ريفية في منطقة "يمينج"، بمقاطعة "شاندونج" الصينية، فيقول: كانت الزوجة في حالة مخاض، وبالكاد جلسنا في المطبخ. في هذه الأثناء، سمعنا أنينا يصدر من الغرفة المجاورة، تعالى صوته، ثم خمد فجأة. كان هناك نشيجا بطيئا، بينما رجلٌ يقول بصوته الأجش وكأنه يوجه اتهاما لمذنب: "إنه شيء بلا قيمة"!
"وفجأة، خُيل إلي أنني سمعتُ حركة خفيفة في الدلو الموجود خلفي. ويالفرط رعبي، لقد شاهدتُ قدما صغيرة تعبث خارجة من الدلو. لابد وأن القابلة قد ألقت هذا الطفل الصغير حيا داخله. وتقريبا قذفتُ بنفسي نحوه، لكن الشرطيين اللذين كانا يرافقاني، أمسكا بكتفي بقبضة حازمة قائلين: "لا تتحرك، ليس بإمكانك إنقاذه، فقد تأخر الوقت".
"لكن هذه.. جريمة.. وأنتم الشرطة"، وهنا سكن الطفل (للأبد). ظلت قبضة الشرطيين تمسك بي بضع دقائق أخرى. فيما قالت المرأة العجوز في يُسْر: "إنجاب طفلة ليس أمرا ذا بال في هذه النواحي"، رددتُ عليها بصوت مرتجف، وأنا أشير إلى الدلو: "لكنه طفل تسري الروح في جسده". فصححت لي: "إنها ليس طفلا، بل طفلة؛ لذلك لا يمكننا الإبقاء عليها. في هذه النواحي، لا يمكننا العيش دون ولد ذكر. أما البنات فلا قيمة لهن".
في يناير 2010 كشفت الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ما يمكن أن يحدث لدولة لا قيمة للبنات فيها. خلال عشر سنوات، تقول الأكاديمية، لن يجد خُمس الرجال زوجة؛ لندرة الفتيات. وهي نسبة غير مسبوقة في دولة لا تعيش حالة حرب.

ثمانون مليون وظيفة بحلول 2012


ذا نيشن، 8 مارس 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
في موضوع غلافها الأخير الذي كتبه "روبرت بولين"، المحلل المالي، والأستاذ في معهد بحوث الاقتصاد السياسي بجامعة ماساشوستش، تناولت مجلة "ذا نيشن" بالتحليل معدلات البطالة في الولايات المتحدة، والتحدي الكبير الذي يواجه أوباما، والمتمثل في توفير 18 مليون وظيفة بحلول العام 2012.

بلغت معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية حاجز 9،7% وفق الإحصائيات الرسمية، ما يعني وجود 14,8 مليون عاطل. وبنظرة أوسع على الإحصائيات الرسمية التي تضم الأشخاص الذين يعملون عدد ساعات أقل مما يرغبون، وغيرهم ممن ضَعُفَ عزمهم وقعدوا عن البحث، يتبين أن معدل البطالة يصل إلى 16,5%، أو ما يعادل 25 مليون عاطل، من إجمالي القوة العاملة البالغ عددها 153 مليونا. وهي النسبة التي لم نشهد لها مثيلا منذ العام 1983، قبل 27 عاما. قبل هذا التاريخ لم تظهر نسب كهذه إلا في فترة الركود التي شهدتها ثلاثينيات القرن الفائت.
ما نحتاجه هو تعهدٌ من إدارة أوباما بخلق 18 مليون فرصة عمل على مدار السنوات الثلاث المتبقية في الفترة الرئاسية. وهذا يعني زيادة متوسطها 500 ألف وظيفة شهريا، أو ما يربو على 4% من معدل زيادة الوظائف خلال السنوات الثلاث القادمة.
لكن هل هذا واقعي؟
المعالم الرئيسية للخطة التي يحتاجها أوباما لتحقيق هذه الزيادة قد تظل في إطار المقترحات التي وضعتها بالفعل الإدارة الحالية. ومِفتاح النجاح هو دفع النمو بدرجة كافية. والطريقة الوحيدة لحدوث ذلك عن طريق دمج الطاقة الإيجابية للقطاعَين العام والخاص. هذا التقارب بين القطاعين ليس ضروريا وفقط، بل سيُبطِل أيضا ادعاءات اليمين أن الحكومة تفرض سيطرتها على الاقتصاد تحت ستار خلق الوظائف. وينبغي أن توفر البنوك وغيرها من المؤسسات المالية الخاصة القدر الأكبر من التمويل المطلوب. فالبنوك وحدها تمتلك احتياطات نقدية تقدر بـ 850 مليار دولار في حساباتها داخل الاحتياطي الفيدرالي. أما استثمار الوظائف فيحتاج إلى ضخ معظم الأموال إلى شرايينه. وحتى يحدث ذلك، نحتاج إلى تخفيض معدلات الفائدة ومخاطر إقراض المشروعات الصغيرة بقدر كبير.
لكن من الضروري أن تستمر الحكومة في ضخ المزيد من الأموال في رئة الاقتصاد، الأمر الذي سيفرز مزيدا من العجز.

الحلم النووي العربي


المشاهد السياسي، 6 مارس 2010
يعود الحلم النووي العربي إلى خمسينيات القرن الفائت، ومصر كانت أول من حاول تحقيق هذا الحلم في العام ١٩٥٥، تبعها العراق ثم الجزائر، والمقصود كان إحداث التوازن العسكري المطلوب مع إسرائيل. اليوم تراجعت الطموحات العربية وتقدم الدور الإيراني، في الوقت الذي تجتاح عددا غير قليل من الدول العربية موجة إنشاء مفاعلات نووية لأغراض مدنية. ماذا عن الحلم، وماذا عن الموجة الجديدة؟
تجيب عن هذه الأسئلة مجلة المشاهد السياسي، من خلال موضوع غلافها الأخير.

حتى الآن يكثر الحديث عن اغتيال العلماء العرب، في ظروف غامضة، وبصورة خاصة في مصر والعراق، لكن أحدا لم يأت على ذكر تعاون عربي في مجال الأبحاث النووية، أو في مشروع نووي مشترك يشتري الخبرات والمعارف النووية، ويستفيد من تجارب الدول الكبرى.
لماذا هذا الكلام؟
لأن توازن القوة يشكل المدخل الحقيقي لفرض السلام، أو على الأقل لحماية المصالح العربية عندما يأتي موعد التفاوض. والدليل أن ١٨ عاما من الكلام (الذي سمي تفاوضا) بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يؤد إلى شيء. وليس سرا أن القوة هي أداة سلام أو ضرورة من ضروراته، وحتى الدول الباحثة عن الاستقرار والأمن، والتي لا ترغب في خوض أي مواجهة مسلحة، لا تكف عن تطوير قدراتها العسكرية، لأنها عبر هذا التطوير تستطيع أن تضمن مصالحها، وفي الوقت نفسه، أن تردع الآخر عن الاعتداء عليها. والحرب، كما قيل، إحدى وسائل الديبلوماسية، كمـا أن التفاوض هو إحدى وسائل الحرب لتحقيق المطالب.
وبالنظر إلى المشهد الدولي، فإن كل "الأعراق" و"القارات" في العالم تمتلك أسلحة نووية أو قدرة على إنتاجها إلا العرب. فالولايات المتحدة وكندا لديهما قدرات غير مسبوقة، أما أوروبا فهناك بريطانيا وفرنسا، ناهيك عن القدرات الإيطالية والإسبانية غير المفعلة، والقدرات السلمية عند الدول الأوروبية كافة، بما في ذلك تركيا (لنترك إسرائيل جانبا). أما في آسيا، فهناك الصين والهند والباكستان وكوريا والطموح الإيراني، وقد امتلكت جنوب أفريقيا هذه التقنية أيام التمييز العنصري، وتم إبطالها بعد انتهائه لكن القدرات ما تزال موجودة. أما في أميركا اللاتينية فالبرازيل والأرجنتين لديهما قدرات نووية متقدمة جاهزة للانطلاق في أي لحظة، إلا العــرب، فإنهم لا يمتلكون حتى الآن أي قاعدة لبناء سلاح نووي.

"أين العرب؟" تتساءل المجلة، "إنهم ينفقون على السلاح بشكل غير معقول، لكنهم لا ينفقون على التفوق العسكري، بخلاف ما كان عليه الأمر في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الفائت. وتشير "المشاهد السياسي" إلى أن مصر والعراق كانا أكثر الدول العربية تفكيرا في امتلاك السلاح النووي وأكثرها محاولة لإنتاجه. غير أن المشروع النووي المصري تراجع بعد نكسة ١٩٦٧ وذهبت الموارد المالية لبناء الجيش وتجاوز آثار النكسة. أما العراق، فإن مشروعه أجهض بعد الضربة الجوية الإسرائيلية لمفاعل تموز في العام ١٩٨١، ومن ثم الغزو الأمريكي للعراق.

يمكن مراجعة تاريخ الملف النووي المصري في الكتاب الشامل الذي أصدره مركز الأهرام في العام ٢٠٠٠ بعنوان: "البرنامج النووي المصري: التطور التاريخي والآفاق المستقبلية". وكانت الدعاوى الرسمية والشعبية قد بدأت في بدايات الألفية تطالب بأن تعيد مصر الاعتبار إلى طموحها النووي حتى لو كان سلميا. فمصر مؤهْلة أكثر من غيرها لذلك، نظرا إلى عدد من الأسباب ليس أولها أن تمتلك مصر مفاعلين للأبحاث النووية تأسس الأول في إنشاص في العام ١٩٦١ والثاني وهو أرجنتيني في العام ١٩٩٨، إلى جانب وجود عدد من العلماء والباحثين المصريين في هذا المجال.
كما أن السعودية قد أعلنت، مؤخرا، رغبتها في تطوير مجمع للطاقة النووية. غير أن صحفا غربية أشارت أكثر من مرة، استنادا إلى مصادر استخباراتية، إلى أن السعودية تعمل على تطوير قدرات نووية خاصة بها سرا منذ العام ٢٠٠٣ بالتعاون مع خبراء باكستان.
الإمارات أيضا عبرت عن رغبتها في تطوير قدرات نووية لغايات سلمية. قيل إن سورية كان لها طموح، حتى قيل إن القصف الإسرائيلي لسورية في العام ٢٠٠٧ استهدف مفاعلا نوويا في منطقة الكوبر.
لكن كل هذه المعلومات لا تعني بأي حال أن هناك مشروعا نوويا عربيا مشتركا قيد التحضير، فالحلم النووي المصري تلاشى أو يكاد، والحلم السعودي مجرد تكهنات، وكل المشاريع العربية النووية الجديدة لا تتجاوز كونها محاولات لبناء محطات بقدرات نووية معروفة للأغراض السلمية، وليس هناك ما يحيي الأمل بمشروع نووي عربي يحقق نوعا من التوازن الاستراتيجي في التفاوض مع إسرائيل.

سرقة الحرم الإبراهيمي


الانتقاد، 7 مارس 2010
بعد أكثر من 43 عاما من احتلالها أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضم ثاني أهم مكان ديني لدى الفلسطينيين.. الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، ومسجد "بلال بن رباح" قرب مدينة بيت لحم، إلى ما تسميه "المناطق الأثرية اليهودية أو قائمة التراث الحضاري اليهودي".
مجلة "الانتقاد" رصدت عملية السطو الصهيونية، بضم المسجدين الإسلاميين إلى 150 موقعا أثريا ضمن خطة لربطها "بمسار تاريخي توراتي" مشترك من شمال فلسطين المحتلة.

إن كان هذا القرار جديدا، فإن سيطرة إسرائيل ومحاولة تهويدها المسجدين ليست كذلك، فقد وضعت يدها "بالقوة" على المسجدين الإسلاميين منذ احتلالها الضفة الغربية في العام 1967 حيث قامت بتقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف، وأغلقت أكثر من ثلاثة أرباع المكان، في حين أحكمت سيطرتها على مسجد بلال بن رباح، وقامت بتغيير اسمه إلى " قبة راحيل" ونسبته إلى أحد الرموز الدينية اليهودية المعروفة.
يقول أستاذ التاريخ والتوثيق في جامعة القدس، الدكتور "باسم أبو رعد": إن إسرائيل، ومن خلال هذا الإعلان، ستسعى إلى وضع اللمسات اليهودية على الأماكن بحيث تثبت أحقيتها المعمارية عليها. محذرا من أن "الخطوة الإسرائيلية التالية ستكون تهويد الحرم القدسي الشريف، وذلك تمهيدا لتنفيذ المخطط القديم، وهو الاستحواذ على المسجد الأقصى المبارك من خلال "المشاركة" كما يزعمون.
من جهته حذر الشيخ "عكرمة صبري"، خطيب المسجد الأقصى المبارك، من خطورة تمرير هذا القرار، مشيرا إلى أنه مدخل للسيطرة على مناطق تاريخية إسلامية أخرى وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
وقال الشيخ "صبري" إن هذا القرار بمثابة إفلاس حضاري حيث لم تستطع سلطة الآثار العثور على حجر واحد في فلسطين له علاقة بالتاريخ العبري القديم.
وأوضح الدكتور "صبري" أن المساجد هي وقف إسلامي ودار عبادة للمسلمين، ولا يحق لغيرهم التدخل في شؤونها أو السيطرة عليها، وأن الحرم الإبراهيمي هو مسجد للمسلمين منذ خمسة عشر قرنا.

مخططات استيطانية لتغيير معالم القدس


البيادر السياسي، 6 مارس 2010
يقع الحرم الإبراهيمي عمليا تحت السيادة الإسرائيلية، وسلطات الاحتلال تغلقه متى تشاء، وتمنع الصلاة فيه كيفما تريد وفق حساباتها الخاصة، وكذلك مسجد بلال بن رباح، وقد اعتُرِف بذلك لها في اتفاقيات أوسلو، وها هم المصلون اليهود يصلون في هذا المكان، الواقع خلف الجدار العازل، بكل حرية.
وإذا كان الموقعان عمليا تحت السيادة الإسرائيلية، فلماذا الإعلان عن ضمهما إلى قائمة المواقع اليهودية التاريخية؟ هذا ما تحاول مجلة "البيادر السياسي" الإجابة عنه.

إذا حاول المرء التفكير قليلا، فسيجد وبكل سهولة أن لهذا القرار معانٍ عديدة يمكن أن توصف أيضا بأنها رسائل واضحة للسلطة الوطنية، وكذلك لكل من يسعى لتحقيق "السلام" في المنطقة العربية، ومن أهم هذه الرسائل:
-أن هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة جدا، وعبر ائتلافها الحكومي، لا تريد "السلام" عبر تمسكها باعتبار الضفة بأكملها جزءا مما يسمى (دولة إسرائيل)، أي أن المفاوضات مع هذه الحكومة لن تكون مجدية، بل مضيعة للوقت، ولربما من أجل تخفيض سقف المطالب الفلسطينية أكثر وأكثر حتى تفرغ من مضمونها وشرعيتها.
-على العالم كله توقع قرارات عجيبة وغريبة من هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، حتى ولو أدت هذه القرارات إلى تعريض أمن المنطقة والعالم كله للخطر، لأن الأهم لهذه الحكومة هو اتخاذ قرارات تؤكد هيمنتها على الأراضي العربية المحتلة، بينما تعمل الوقت نفسه على تهويد كل ما في الدولة بشتى الطرق.
-إبلاغ اليهود في العالم كله، وخاصة غير المبالين، أن حكومة إسرائيل تحافظ على الأماكن اليهودية المقدسة والتاريخية، ولذلك يجب دعمها والوقوف إلى جانبها، أي بمعنى آخر إثارة المشاعر الدينية ليهود العالم، و للجماعات المتصهينة من أجل تقديم مزيد من الدعم لإسرائيل، وكذلك تأييد مثل هذه القرارات "الدينية" المهمة جدا... في مواجهة ردود الفعل العربية والإسلامية عليها.

وحذرت المجلة من أنه إذا مر قرار ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال لقائمة المواقع التاريخية اليهودية مرور الكرام، فإن إسرائيل لن تتردد في ضم الحرم القدسي الشريف إلى هذه القائمة، وبالتالي تبرير سيطرتها وهيمنتها.
ومن غير المستبعد أيضا أن تعلن إسرائيل مستقبلا أسماء مواقع إسلامية ومسيحية على أنها يهودية، إذ أنها تحاول تزييف الوقائع والحقائق خدمة لمصالحها.
وفي النهاية تجيب المجلة على التساؤل الأهم: ما هو المطلوب والمتوقع على المستويين العربي والإسلامي في مواجهة هذه الحملة الصهيونية؟

المتوقع أن تحدث مناوشات واشتباكات كلامية، وتندلع أعمال احتجاج سرعان ما يتم محاصرتها من قبل إسرائيل، ومن قبل بعض الجهات التي لا تريد تصعيد الوضع، ولا تريد اندلاع مقاومة ضد المحتل.
ولكن المطلوب هو أن تتم المحافظة على هذه الأماكن المقدسة من خلال عدة إجراءات وخطوات فعلية، من أهمها:
· التواجد المستمر في هذه الأماكن، وعدم إعطاء الفرصة للسيطرة عليها من قبل الآخرين.
· مواصلة التحرك على مختلف المستويات من أجل محاربة، بل إلغاء، قرار الضم.
· ربط العودة إلى التفاوض بإلغاء مثل هذه القرارات الاستفزازية.
· إلغاء أية موافقة سابقة على اقتراح تبادل الأرض، والإصرار على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن جميع الأراضي المحتلة ومن ضمنها المستوطنات.
· إصدار قرار من مجلس الأمن ضد هذه القرارات الإسرائيلية، وإذا فشلت الدول العربية أو الإسلامية في استصدار مثل هذا القرار، فعليها اتخاذ إجراءات سياسية ضد إسرائيل، والتلويح باتخاذ إجراءات مماثلة بحق الأماكن اليهودية في العالم العربي.
· العمل على حل القضية الفلسطينية من منطق "القوة" لا من خلفية ضعف.
أما إذا بقي العرب يتفرجون والمجتمع الدولي يصدر بيانات استنكار ورفض خجولة، فإن حكومة إسرائيل الحالية ستتخذ مزيدا من القرارات الخطيرة التي قد تشعل حربا شاملة في المنطقة.

خاتمة حلقة 10 مارس 2010


بدأنا حلقتنا برصد الإرهاب الغربي في أفغانستان، وختمناها بتعرية الإرهاب الصهيوني في فلسطين.. وبينهما تحدثنا عن المجتمع والاقتصاد والأحلام التي لم تتحقق بعد
انتظرونا في مثل هذا الموعد من الأسبوع القادم
مع تحيات فريق العمل
نترككم في رعاية الله، الذي نستودعكم إياه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Friday, March 5, 2010

مقدمة حلقة 3 مارس 2010


نستهل حلقتنا هذا الأسبوع بصحبة أسبوعية نيوزويك، لنعرف أسباب تجاهل ملف (حقوق الإنسان) عالميًا
وقفتنا الثانية ستكون مع (طوفان البيانات) الذي يتزايد يوما بعد يوم، وكيفية التعامل معه، وتقرير خاص أعدته أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية قوامه 14 صفحة
ننتقل بعدها إلى لبنان لنشهد (التحولات الكبيرة) برفقة المشاهد السياسي
وقفتنا التالية ستكون مع مجلة الأسبوعية و (الأسبوع الحاسم) في الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في مارس الجاري
ونختم حلقتنا بنظرة عن قرب داخل الحرس الثوري، الذي هو بمثابة الذراع الطولى لإيران، بعيون مجلة "المجلة

نهاية حقوق الإنسان


نيوزويك، 3 مارس 2010
تطرق باراك أوباما خلال جولته الآسيوية في نوفمبر، إلى كل المواضيع الرئاسية المعتادة بما في ذلك التجارة الحرة والاستثمار والتحالفات الاستراتيجية، ما عدا موضوع واحد: حقوق الإنسان. الأمر الذي اعتبرته أسبوعية نيوزويك "يشكل قطيعة واضحة مع نحو ثلاثة عقود من السياسة الأمريكية"، وذلك في موضوع غلافها الأخير الذي كتبه الباحث الأمريكي، "جوشوا كورلانتزيك".

في بكين، وخلال مؤتمر صحافي طُرحت فيه أسئلة مكتوبة، بالكاد جاء أوباما على ذكر الأمر. وفي شنغهاي، لم يوجه سوى انتقادات قليلة للحظر الذي تفرضه الصين على الإنترنت، قائلا إنه "يدعم بقوة عدم الرقابة. ليس أوباما الوحيد الذي يتملص من الكلام عن حقوق الإنسان. ففي مختلف أنحاء أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، تخلت ديمقراطيات عدة عن الدفاع العالمي عن حقوق الإنسان، ولا تأتي على ذكره إلا في خطب أو مناسبات من حين إلى آخر مثل اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وما عدا الاستثناء اللافت الذي تشكله كندا، يلوذ العالم المتقدم بالصمت.
في مطلع هذا العام، سلمت الدول الأوروبية رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي من المنظمات الأساسية التي يقع على عاتقها ترويج حقوق الإنسان في أوراسيا، إلى كازاخستان التي تتهمها مجموعات حقوق الإنسان بالتوقيف الاعتباطي والحجز والتعذيب. وفي فرنسا، لم يف الرئيس "نيكولا ساركوزي" بالوعد الذي قطعه في حملته الانتخابية بمناصرة حقوق الإنسان ووضع حد لروابط البلاد القديمة مع الدكتاتوريين الأفارقة. وقد أقر وزير الخارجية، برنارد كوشنير، في مقابلة معه بوجود " تناقض دائم بين حقوق الإنسان والسياسة الخارجية للدولة".
لقد انهار عصر الدفاع العالمي عن حقوق الإنسان، وحلت مكانه حقبة من الواقعية لم يُشهَد لها مثيل منذ زمن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "هنري كيسنجر" والرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد نيكسون". في الغرب، وإزاء فشل أسلوب المواعظ الذي اعتمده جورج دبليو بوش في ترويج الديمقراطية، ناهيك عن البراجماتية المستوحاة من الأزمة المالية العالمية، أصبح القادة أكثر ترددا بكثير في التحدث جهارا في مسائل حقوق الإنسان.

في الأزمنة العصيبة، يبدو الدفاع عن حقوق الإنسان وكأنه ترف، فالدول الكبرى مشغولة بأمور أهم: فهذا "جوردون براون" يمضي الجزء الأكبر من وقته في محاولة تصحيح ورطة الديون التي تتخبط فيها بريطانيا، وذاك "باراك أوباما"، تحاذر الأجندة الداخلية لإدارته من إثارة نفور الشركاء المحتملين في الخارج.
الأخطر من التجاهل الحكومي، هو ما أشارت إليه نيوزويك بقولها: إن الرأي العام في معظم الديمقراطيات أضحى هو الآخر أقل اهتماما بحقوق الإنسان العالمية. فمع تسجيل البطالة مستويات مرتفعة جدا، حول سكان الديمقراطيات أنظارهم نحو الداخل لمكافحة الهجرة وإعادة النظر في التجارة الحرة، وباتوا يعيرون اهتماما أقل بكثير لما يجري في إيران أو السودان أو كوريا الشمالية.

توصل استطلاع آراء صادر عن مركز بيو للأبحاث في ديسمبر، إلى أن 49 بالمائة من الأمريكيين يعتبرون أن على الولايات المتحدة أن "تعنى بشؤونها الخاصة" على الصعيد الدولي، وتترك الدول الأخرى لتحل مشاكلها بنفسها. إنها النسبة الأعلى التي تُسجل منذ أربعة عقود للأمريكيين الذين يعبرون عن مشاعر انعزالية.
الواقع هو أن العام الماضي كان من أصعب الأعوام التي عرفها المعارضون البارزون منذ عقود. فقد كشف تقرير "فريدم هاوس" بعنوان "الحرية في العالم" الذي صدر في يناير، تراجعا عالميا في الحريات السياسية والمدنية للسنة الرابعة على التوالي، وهو التراجع الأطول الذي يسجله التقرير منذ بدء صدوره قبل نحو 40 عاما. وسبب التراجع هو أن الحكومات القمعية تتخذ إجراءات أكثر صرامة، كما يبدو أن الديمقراطيات "تخسر الإرادة" للرد علنا على ما يجري.
سوف تزداد الأمور صعوبة. قد يؤدي الركود العالمي إلى مرحلة طويلة من النمو البطيء، ولاسيما في الديمقراطيات الأساسية. فإذا كان بإمكان الصين أن تعطل الديمقراطية الآن، فإلى أي حد سوف يزداد تأثيرها عندما يصبح اقتصادها الأكبر في العالم؟ ربما يركز أوباما أكثر على حقوق الإنسان الآن، لكن نفوذه يتراجع بعد سنته الأولى التي هي بمنزلة شهر العسل في الرئاسة، وقد تلقى ضربة قاسية من خسارة الديمقراطيين للغالبية الكبرى في مجلس الشيوخ أخيرا. وقد يكون من الصعب التخلص من الواقعية والانعزالية بعد تجذرهما.

طوفان البيانات


ذي إيكونوميست، 27 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
حول طوفان البيانات الذي يتزايد يوما بعد يوم، وكيفية التعامل معه أعدت أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية تقريرا خاصا قوامه 14 صفحة، تطرقت فيه إلى الثورة الهائلة في عالم التكنولوجيا وما أفرزته من وفرة هائلة في البيانات، وفوائد ذلك وأضراره، وكيفية التحكم فيه.

منذ ثمانية عشر شهرا خلت، شهدت مجموعة (لي أند فانج)، التجارية الدولية، تدفق 100 جيجا بايت من المعلومات من خلال شبكتها يوميا. الآن ارتفع هذا القدر إلى عشرة أضعاف. خلال العام 2009، أرسلت طائرات الاستطلاع بدون طيار الأمريكية المحلقة في سماء العراق وأفغانستان ما يقارب 24 عاما من التسجيلات المصورة. بينما من المقرر أن تنتج النماذج الجديدة التي نشرت هذا العام عشرة أضعاف سيل المعلومات التي كانت سابقتها تنتجه، فيما يُتَوقع أن ترتفع نسبة ما تُنتِجه نماذج العام 2011 30 ضعفا.
أينما تولي وجهك، تتكاثر كمية المعلومات المنتشرة في العالم بسرعة فاقة. وفقا لأحد الإحصائيات ذات الصلة، فقد أنتجت البشرية 150 إكسابايت (مليار جيجا بايت) من المعلومات عام 2005. ومن المقرر أن يرتفع إنتاجها هذا العام إلى 1200 إكسابايت. ومجرد الإبقاء على هذا الطوفان، وتخزين ما قد يكون مفيدا منه، يمثل صعوبة كبرى. لكن برغم ذلك بدأ هذا الفيضان من المعلومات في تغيير صورة الأعمال والحكومات والعلوم بل والحياة اليومية. ولذلك تأثير جيد، طالما اتخذت الحكومات والشركات والعملاء الخيار الصحيح بشأن توقيت حظر المعلومات أو ضخها.

وتحت عنوان (انتقاء الماس من القمامة) أوضحت المجلة أن شركات بطاقات الائتمان بإمكانها مراقبة كل عملية شراء واكتشاف المخادع منها بدقة عالية، باستخدام قواعد مستمدة من معالجة بيانات المليارات من التعاملات. مضيفة: "شركات التأمين هي الأخرى جيدة في جمع الأدلة لكشف الادعاءات الزائفة: التي غالبا ما تتم أيام الاثنين أكثر من أيام الثلاثاء، حيث أن أصحاب بوليصات التأمين الذين يبلغون عن حوادث يميلون إلى الاستشهاد بأصدقائهم كشهود مزيفين خلال فترة إجازة نهاية الأسبوع. وبجمع العديد من القواعد المشابهة، بالإمكان اكتشاف أي بطاقة يرجح أن تكون مسروقة، وأي الادعاءات هي المراوغة.
وبرغم هذه الفوائد، توجد بعض المخاطر لهذه الثورة التقنية، حذرت منها المجلة في نهاية تقريرها، مذيلة ذلك ببعض النصائح.

على الرغم من ذلك لا يخلو طوفان المعلومات من أخطار. ومن أمثلة قواعد البيانات المفقودة: ضياع الأقراص المليئة بمعلومات حول الضمان الاجتماعي، ونسيان الحواسيب المحمولة المليئة بسجلات الضرائب في سيارات الأجرة، وسرقة أرقام بطاقات الائتمان من بائعي التجزئة على شبكة الإنترنت. والنتيجة: انتهاك الخصوصية، وسرقة الهوية، والاحتيال. انتهاك السرية يمكن حدوثه أيضا دون هذه التصرفات القذرة: شاهد الإزعاج الدوري الذي يحدث حينما يغير موقع "فيس بوك" أو "جوجل" إعدادات الخصوصية بشكل غير متوقع، الأمر الذي يدفع بالمشتركين إلى الكشف عن معلوماتهم الشخصية دون قصد. تهديدٌ أخطر يتمثل حينما تجبر الحكومات الشركات على تسليمها المعلومات الشخصية الخاصة بعملائها. وبدلا من أن يجد الناس أنفسهم يملكون ويتحكمون في معلوماتهم الشخصية، يجدون أنفسهم في الغالب قد فقدوا القدرة على التحكم بها.
الطريقة المثلى للتعامل مع خسائر طوفان المعلومات هي، على النقيض، إتاحة المزيد من المعلومات بالصورة الصحيحة، عن طريق إتاحة قدر أكبر من الشفافية في العديد من المناطق. بداية، ينبغي أن يُعطَى المستخدمون إذنا بالدخول إلى والتحكم في معلوماتهم المحتَفَظ بها، بما في ذلك الأشخاص الذين يشاركونهم تلك المعلومات. على سبيل المثال، تسمح جوجل للمستخدمين برؤية المعلومات التي تحتفظ بها حولهم، وتسمح لهم بمحو تاريخ بحثهم أو تعديل الإعلانات. ثانيا، لابد وأن تطالب المنظمات بكشف تفاصيل الانتهاكات الأمنية- كما يحدث حاليا في بعض أجزاء العالم- لتشجيع رؤساء العمل على التعامل مع مسألة أمن البيانات بجدية أكبر. ثالثا، لابد وأن تخضع المنظمات لمحاسبة أمنية سنوية، تُنشَر نتيجتها على الملأ. وهو ما من شأنه تشجيع الشركات على إبقاء إجراءاتهم الأمنية مواكبة للآخر التحديثات.
مزيد من الشفافية في هذه المناطق الثلاث من شأنه تحسين الأمن، وإعطاء الناس تحكما أكبر في البيانات دون الحاجة إلى الإجراءات المعقدة التي بإمكانها خنق الابتكار.
بعد كل ذلك يمكننا القول، إن تعلم كيفية معالجة طوفان البيانات، والتعرف على أفضل الطرق للحفاظ عليه، مازال في مراحله الأولى.

زمن التحولات الكبيرة


المشاهد السياسي، 27 فبراير 2010
١٤ شباط ٢٠١٠ في بيروت شكل حالة انقلابية على ١٤ شباط ٢٠٠٥ والسنوات الأربع اللاحقة. وعلاقات بيروت ـ دمشق بدأت مرحلة اصطفاف جديدة وراء علاقات دمشق ـ واشنطن التي تشهد تحولات كبيرة في المرحلة الأخيرة. حاولت مجلة المشاهد السياسي في هذا الخضم الإجابة عن التساؤل الكبير: كيف يمكن قراءة هذا "الانقلاب"؟

العلاقات السورية ـ الأميركية مرشحة لأن تشهد انفراجا كبيرا خلال الأسابيع المقبلة؛ لأن واشنطن تدرك تماما أهمية الدور الإقليمي الذي تلعبه دمشق، وأهمية قيام تعاون أميركي ـ سوري فاعل في الملفات التي تشكل نقطة تقاطع أو اهتمام مشترك، وبصورة خاصة لبنان وفلسطين والعراق.
في هذا السياق، يلفت المراقبون إلى أن تعيين سفير أمريكي جديد في دمشق هو "روبرت ستيفن فورت"، بعد خلافات سياسية استفحلت في السنوات السبع الأخيرة، يعني أن البلدين تجاوزا مرحلة الخصومة، والزيارة التي سيقوم بها موفد "جورج ميتشل" إلى المنطقة، السفير "فريديريك هوف"، خلال الأيام المقبلة، والرحلة التي يستعد لها "وليام بيرنز" نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، كلتاهما سوف تضعان آلية واضحة لإعادة تطبيع العلاقات السورية ـ الأميركية. وعلى امتداد هذا التطبيع، يتوقع أن تعمل الإدارة الأوبامية على حزمة من الإجراءات التي تخفف من العقوبات التجارية والاقتصادية الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة على سورية، والتي كانت موضع اهتمام نائب وزير الخارجية السورية السفير فيصل المقداد، في رحلته الأخيرة إلى واشنطن، قبل ثلاثة أشهر.
والمصادر الأميركية تؤكد أن الخلافات السياسية بين دمشق وواشنطن لم تُذَلل نهائيا بعد، إلا أن العاصمتين قررتا اعتماد الحوار سبيلا إلى التفاهم، وهذا الحوار يشكل جزءا من التوجه الأوبامي في التعامل مع قضايا المنطقة، رغم أنه لم يتحول حتى الساعة إلى نهج واضح.
هذه التطورات، معطوفة على أجواء التفاهم السوري ـ السعودي، تفسر إلى حد بعيد كيف تحول خطاب قيادات ١٤ آذار، بصورة راديكالية، من التحريض على دمشق إلى التلاقي معها على مبادرات مشتركة لإعادة تطبيع العلاقات الثنائية، وحلحلة الخلافات القائمة والمتراكمة منذ خمس سنوات. وذكرى اغتيال الحريري عكست بصورة واضحة جدا مدى انعكاس التلاقي السوري ـ الأمريكي على طبيعة تعاطي أطراف ١٤ آذار مع سورية، في أعقاب زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى دمشق، وإعلان وليد جنبلاط، أحد مؤسسي ١٤ آذار، عن رغبته في القيام بزيارة مماثلة، واستعداده للاستجابة لكل الشروط التي وضعتها سورية لاستقباله.

مرة أخرى تساءلت المشاهد السياسي: أي أفق يرتسم أمام ١٤ آذار، وما الذي بقي من هذا التجمع بعد خمس سنوات على قيامه؟ وهو التساؤل التي رأته يجد الكثير من المبررات في هذه المرحلة بالذات، بعد اكتمال عقد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي تبحث عن قتلة رفيق الحريري ورفاقه، والتي زار رئيسها بيروت في الفترة الأخيرة في إطار حرصه على تأكيد استعدادها لبدء العمل من أجل كشف المجرمين.

بصرف النظر عن النتائج المحتملة للتحقيق في ملف اغتيال الحريري، لا يمكن فصل الانعطافات الجديدة في مواقف قيادات ١٤ آذار عن الصراع الدولي على سورية، التي تعودت على أن تفاجئ مراقبيها بحيويتها الدبلوماسية، وتأثيرها في صناعة القرار الإقليمي على أكثر من مستوى. وقد عرفت دمشق في السنوات الأخيرة كيف تختار موقعها بعناية بين القاهرة والرياض وأنقرة وطهران، الأمر الذي أهلها للخروج من العزلة الدولية والعودة إلى دورها الإقليمي من دون عقبات.
والحقيقة هي أن تعزيز العلاقات السورية ـ الإيرانية كان سببا ونتيجة في الوقت نفسه.. كان سببا في اتساع رقعة الخلاف بين دمشق من ناحية، والقاهرة والرياض من ناحية أخرى. ونتيجة هذا الاختلاف، تصاعدت التهديدات الأميركية لسورية، فقررت دمشق اتخاذ قرار بالانسحاب العسكري من لبنان، والوقوف عند خط الدفاع التالي بلا تراجع.
ورغم تراجع التهديدات الأميركية لسورية خلال السنوات الأخيرة من رئاسة بوش، فإن إدارته جرت أقدامها متثاقلة في استجابتها لتوصيات "بيكر هاملتون". ويوم تولت إدارة أوباما مقاليد البيت الأبيض، بدأت واشنطن في إجراء مراجعات جوهرية لعلاقاتها مع دمشق، وبعد سنة على البدء في هذه المراجعة، كل شيء يدل على أن ملامح تعاون جديدة بدأت ترتسم في أفق العلاقات السورية ـ الأميركية، ولبنان لا يستطيع أن ينأى بنفسه عن هذا التحول.

الأسبوع الحاسم


الأسبوعية، 28 فبراير 2010
أعلامٌ ملونة على أعمدة الإنارة، ولافتات تحمل صور المرشحين، وأحزاب أعلنت حالة التأهب القصوى، وأخرى منهمكة داخل المطابخ السياسية للإعلان عن برامجها، وحملة تقودها قنوات فضائية تهدف للترويج لكتل وأحزاب وشخصيات، تضاف إلى أكثر من أربعين فضائية عراقية بدأت البث بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.. هذا هو مشهد الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في مارس الجاري، ترصدها مجلة الأسبوعية، وقد اقتربت من (الأسبوع الحاسم).

السباق يتسارع إلى صناديق الاقتراع والكلمة الفصل بعد أسبوع. بهذا الانطباع تدخل المعركة الانتخابية الشوط الأخير مسجلة تطورين لافتين: الأول استئناف "الحركة الوطنية العراقية" حملتها بقوة بعد توقف لم يطل، والثاني إعلان "جبهة الحوار الوطني" عن مقاطعة المعركة والعملية السياسية في آن.
استأنف تحالف الحركة الوطنية العراقية، الأسبوع الماضي، حملته الانتخابية في غياب الحليف الرئيس "جبهة الحوار الوطني" التي آثر مرشحوها المقاطعة احتجاجا على اجتثاث زعيمهم صالح المطلك بموجب قرارات المساءلة والعدالة. لكن الجبهة التي استثنت محافظة كركوك من قرارها، أبقت الباب مفتوحا أمام احتمال العدول عن ذلك القرار في انتظار مستجدات الأوضاع قبيل يوم الانتخابات.الجبهة العراقية للحوار الوطني كشفت في الوقت نفسه أنها ستقدم الدعم الكامل للقائمة العراقية التي يتزعمها علاوي في الانتخابات المقبلة رغم قرار المقاطعة، داعية أنصارها للتصويت لصالح القائمة العراقية.
يذكر أن عدد المرشحين المشمولين بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة يبلغ نحو 510 مرشحين، وعدد المتقدمين منهم بطعون حول إجراءات المساءلة والعدالة وصل الى 177، وتم استبدال 262 بمرشحين آخرين بعد رفض طعونهم. وعدد الكيانات السياسية فيها بحسب إحصاءات المفوضية 165 كيانا سياسيا ينتمون إلى 12 ائتلافا انتخابيا.

من داخل الحرس الثوري


المجلة، 19-26 فبراير 2010
نظرة عن قرب داخل الحرس الثوري، الذي هو بمثابة الذراع الطولى لإيران، قدمتها مجلة "المجلة" من خلال موضوع غلافها الأخير، الذي استهلته بذكر أسباب تحول هذا القسم الحيوي من القوة العسكرية الإيرانية من المهام الدفاعية البحتة الممثلة في حماية النظام الإسلامي من الأخطار الداخلية بالأساس، إلى قوة سياسية واقتصادية لها وزنها على الساحتين الداخلية والخارجية.

ثمة عوامل أساسية أربعة أسهمت في تدعيم دور الحرس الثوري في عملية صنع القرار في إيران:
الأول، اندلاع الحرب العراقية –الإيرانية، والتي أكسبت الحرس الثوري قاعدة جماهيرية واسعة، كما دفعته إلى تطوير قدراته العسكرية بحيث أصبح يمتلك جيشا كامل التجهيز.
والثاني، أن دور الحرس لم ينحصر في المجال الأمني والدفاعي فقط، بل امتد ليشمل المشاركة في المشروعات العمرانية الكبرى، التي تقوم بإنشائها الحكومة، الأمر الذي حول الحرس إلى مؤسسة ضخمة لها مواردها وميزانيتها وكوادرها وجامعتها ومساهمتها الإنتاجية الواسعة.
والثالث، شبكة العلاقات الواسعة التي أقامها الحرس مع مؤسسات صنع القرار الأخرى في إيران وعلى رأسها مؤسسة المرشد، والحوزة الدينية في مدينة قم، والمؤسسات الخيرية واسعة الانتشار في إيران. فضلا عن ذلك، يحظى الحرس الثوري بنفوذ واسع في كل أجهزة الشرطة والمخابرات، والجهاز الإعلامي، حيث قام بإنشاء قناة إعلامية خاصة به، كما قام بتأسيس مكاتب تابعة له داخل الجامعات الإيرانية مثل جامعة الإمام الخميني في قزوين، بالإضافة إلى نفوذه داخل المؤسسات السياسية والمدنية الأخرى في إيران.
أما العامل الرابع، فيتمثل في انتشار رجاله في العديد من مؤسسات صنع القرار الأخرى مثل مجلس الشورى ووزارة الاستخبارات، ووزارة الخارجية التي تحظى باهتمام خاص لدى الحرس الثوري، لكونها أحد أهم مراكز صنع قرار السياسة الخارجية.

وتقول "المجلة" إن الحرس الثوري استغل حالة التصعيد الحالية في أزمة الملف النووي الإيراني من أجل تدعيم نفوذه داخل مؤسسات الدولة، وبسط سيطرته على معظم الأجهزة الحساسة وخاصة الإذاعة والتليفزيون الذي يتولى رئاسته العميد في الحرس الثوري "عزت اللـه ضرغامي"، الذي جدد المرشد الأعلى للجمهورية "علي خامنئى" فترة رئاسته لمدة خمسة أعوام أخرى.

التغييرات الأخيرة، التي أجريت داخل القوات المسلحة وأجهزة الأمن، استعدادا لاحتمال تعرض إيران لضربة عسكرية ضد منشآتها النووية، أو إثارة اضطرابات داخلية خاصة في المناطق التي تقطنها الأقليات الموجودة على الحدود مع الدول الأخرى، صبت في صالح الحرس الثوري، حيث أتاحت له السيطرة على مناطق جديدة في إيران.
وتفيد تقارير عديدة، ومنها التقرير الأخير الصادر عن البحرية الأمريكية، والذي نشره موقع "سيكرسي نيوز" الإلكتروني، أنه بعد إعادة هيكلة القوات المسلحة الإيرانية، تضاعفت قوة الحرس الثوري، حيث أصبحت القوات البحرية التابعة له تمتلك ترسانة من الزوارق الصغيرة الشديدة السرعة بنتها شركة "فابيو بوتسي ديزاين" الإيطالية، والصواريخ المضادة للسفن، والسفن القاذفة للصواريخ بالاستناد إلى النماذج الكورية الشمالية، بهدف إنشاء خط دفاعي يمنع "العدو" من بلوغ مضيق هرمز والخليج.
مجمل ما سبق يؤكد أن الحرس الثوري الإيراني بات يمثل دولة داخل الدولة، سواء لجهة سعيه إلى النفاذ داخل كل مؤسسات صنع القرار، بما فيها مؤسسة المرشد، أو لجهة سعيه إلى التفرد بإدارة الصراع مع الغرب حول الملف النووي والتمدد الإيراني على الساحة الإقليمية.

Sunday, February 28, 2010

مقدمة حلقة 24 فبراير 2010


مع مجلة تايم الأمريكية نبدأ حلقتنا لهذا الأسبوع من برنامجكم موضوع الغلاف، لنعرف لماذا أصاب الجمود بلاد الأحلام
نتوقف بعدها مع مجلة ذا نيشن، لنساعد "لورانس ليسيج"، الأكاديمي والناشط السياسي في البحث عن الديمقراطية الأمريكية المفقودة
محطتنا الثالثة ستكون مع أسبوعية ذي إيكونوميست والتساؤل الذي بات حديث وسائل الإعلام الغربية (ما الخطأ الذي أصاب واشنطن؟
نطير بعدها إلى إيران بصحبة مجلة نيوستيتسمان، ثم إلى لبنان بصحبة مجلة (المجلة)، قبل أن نتوقف في النهاية مع ملف الحقوق المدنية للفلسطينيين في بلدان اللجوء
ثوانٍ ونبدأ، فلا تذهبوا بعيدًا

لماذا أصاب الجمود واشنطن؟


تايم، 1 مارس 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
حول الجمود الذي أصاب واشنطن، والإحباط غير المسبوق الذي أصاب الشعب الأمريكي من مستوى الآداء الحكومي، والتغير العام في الخارطة السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كتب "بيتر بينارت"، في مجلة تايم الأمريكية تحت عنوان (لماذا أصاب الجمود واشنطن؟).

في عام 1856 انهال عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية كارولينا الجنوبية ضربا بالعصا على سيناتور ماساشوسيتس في قلب مجلس الشيوخ تاركا إياه بين الحياة والموت، فتلقى عشرات العصي كهدايا من معجبيه!
وفي عام 1905، فجر عمال المناجم في ولاية إيداهو منزل حاكم سابق لأنه حاول حل نقابتهم.
وفي عام 1965 وقف أحد النشطاء المناهضين لحرب فيتنام أمام مكتب وزارة الدفاع، ممسكا في يده بابنته التي تبلغ من العمر عاما واحدا، وأشعل النار في نفسه (نجت الطفلة لكنه لم ينجُ).
بهذه المقاييس لا يمكننا القول إن لهجة مقدم البرامج الإذاعية الشهير "راش ليمبو" مسببة للخلاف. فالأمريكيون (الآن) ربما يصرخون في وجوه بعضهم وهم يتناقشون حول السياسة، لكنهم غالبا ما يتركون أسلحتهم وقنابلهم في البيت، وهو تحسن (لا بأس به).
إن ما يحدد طبيعة الحقبة السياسية التي نحياها الآن، كما يشير "رونالد براونستين" مؤلف كتاب (الحرب الأهلية الثانية) ليس استقطاب الأمريكيين، بل استقطاب الحكومة الأمريكية. فعلى امتداد البلاد تنشب نزاعات حقيقية لكنها قابلة للترويض، أما في واشنطن فقط أصبحت نقاط الالتقاء عزيزة المنال.
تؤكد المجلة أن ما يحدث في واشنطن يستعصي على الفهم، لكنه يجعل الأمور تزداد سوءا بالتأكيد. لتصل في النهاية إلى نتيجة مفادها –وياللغرابة- (أن الأمريكيين لا يحبون واشنطن كثيرا). وفي محاولة لفهم أسباب المشكلة تقول تايم: إنها في الأساس تتلخص في كونها أزمة ثقة بين الشعب والحكومة، وهو ما يجعل هذه الأخيرة عاجزة عن اتخاذ إجراءات حاسمة تساهم في تحقيق تغييرات ملموسة. وهكذا تجد الولايات المتحدة نفسها غارقة في دائرة مغلقة، مفتاحها التعاون بين الأحزاب- بعيدا عن الألاعيب الانتخابية- واستعادة الثقة بين الشعب والحكومة وهي مهمة جدُّ عسيرة.

بحسب استطلاع أجرته (سي إن إن) في أواسط فبراير، قال 62% من الأمريكيين إن معظم أعضاء الكونجرس لا يستحقون أن يُعاد انتخابهم، وهي النسبة التي ارتفعت عن مثيلتها في عام 2006 بواقع 10 نقاط. حالة التشاؤم العام بشأن قدرة الحكومة الفيدرالية على حل المشاكل ليست جديدة، لكن خيبة الأمل اليوم أكبر مما كانت عليه منذ قرن ونصف على الأقل.
بداية بالرعاية الصحية مرورا بالطاقة وصولا إلى العجز المالي، تواجه الولايات المتحدة تحديات جِسام تتطلب تحركات حكومية قوية. وحينما لا تقوم الحكومة بهذه التحركات، فإنها تفقد ثقة الشعب. وبدون هذه الثقة تصبح تحركات الحكومة أصعب. يمكنك أن تطلق عليها دائرة واشنطن الشريرة.
ولكسر هذه الدائرة المكونة من فقدان ثقة الشعب وفشل الحكومة تحتاج هذه الأخيرة لإحراز إنجاز على صعيد المشكلات الكبرى، وهو ما يتطلب بدوره تعاونا بين الأحزاب. لكن قبل أن يكون بمقدورنا كسر هذه الدائرة نحتاج أولا إلى فهم ظروف نشأتها في الأساس.

كيف نستعيد ديمقراطيتنا


ذا نيشن، 22 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
فقد الأمريكيون خلال السنوات الأخيرة الكثير مما كانوا يتفاخرون به، وقد تخطت الولايات المتحدة الآن –أو هكذا ينبغي لها أن تفعل- مرحلة إنكار ذلك، لتدخل آتون النقاش المحتوم: (كيف لنا أن نستعيد ما فقدناه؟!).
مجلة ذا نيشن، ركزت –من بين المفقودات الأمريكية- على الديمقراطية الضائعة، في موضوع غلافها الأخير، الذي كتبه "لورانس ليسيج"، الأكاديمي والناشط السياسي الأمريكي، وصاحب كتاب (الثقافة الحرة).

بعد عام من تولي أوباما مقاليد الحكم في واشنطن، بدأ يتضح الآن أن هذه الإدارة مجرد فرصة ضائعة. ليس بسبب أنها محافظة أكثر من اللازم، أو لأنها ليبرالية أكثر من اللازم، بل لأنها تقليدية أكثر من اللازم. فقد تخلى أوباما عن اللغة البلاغية التي انتهجها خلال حملته الانتخابية، التي وعد خلالها بـ"تحدي النظام المكسور في واشنطن" و "إدخال تغيير جذري على الطريقة التي تُدار بها البلاد". في الواقع لم يعد هذا "التغيير الجذري" مطروحا أصلا على الطاولة.
بدلا من ذلك، نرى الآن تداعيات القرار الذي اتُخِذ في أكثر اللحظات حساسية خلال حملة أوباما، حينما بدا وكأنه تمكن من هزيمة مرشح حزبه الأوفر حظا. في تلك اللحظة سلم أوباما خارطة طريق إدارته الجديدة لفريق يعتقد أن أكثر ما تحتاجه أمريكا هو "بيل كلينتون" آخر. فريق لا يمكنه تخيل أكثر من هذا النوع من السياسة التي وصفه أوباما بأنه "ضئيل".
فريق خياله –السياسي- بالغ المحدودية.
هذه العقول الصغيرة، تخلت عن أبرز السمات التي جعلت حملة أوباما استثنائية. (بالمناسبة) ليست وعود إصلاح الرعاية الصحية، أو سن قوانين الاحترار العالمي، فهما القضيتان اللتان تبنتهما هيلاري كلينتون بجانب كل القضايا الأخرى التي تقدم بها أوباما. لقد تحدث أوباما نفسه يوما عن الغضب الذي يغلي حتى في صدور أبناء ولاية ماساشوسيتس الزرقاء بسبب فساد الحكومة، وهو ما يؤكد ضرورة التغيير الجذري. وكما أخبرنا هو، فقد سمح الحزبين الرئيسيين في أمريكا لجماعات الضغط والمساهمين في الانتخابات بجر عربة النظام. إذا لم تكونوا مستعدين لخوض غمار هذه المعركة –كما قال أوباما- فإن التغيير الجذري سيعرقله هؤلاء الراغبين في استمرار الحالة الراهنة.

ما الخطأ الذي أصاب واشنطن؟


ذي إيكونوميست، 20 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
أسبوعية ذي إيكونوميست لم تخرج عن السياق العام الذي تبنته "تايم" و "ذا نيشن" سالفتي الذكر، بل تسائلت هي الأخرى (ما الخطأ الذي أصاب واشنطن؟).
الأسبوعية البريطانية رأت: أن السياسة الأمريكية تغرق الآن في مستنقعٍ استثنائي. وأن اللائمة في ذلك تقع على عاتق باراك أوباما أكثر من وقوعها على كاهل النظام.

أعلن السناتور الديمقراطي "ايفان بايه" هذا الأسبوع أنه لن يخوض انتخابات الكونجرس المقررة في الخريف القادم للاحتفاظ بمقعده في ولاية انديانا، ملقيا باللائمة على عجز الكونجرس في حسم الأمور. ربما يعتقد الساخرون أيضا أن السيناتور "بايه" يخشى من الهزيمة (رغم تقدمه في استطلاعات الرأي).
قطعا يعاني النظام من الاختلال الوظيفي. ورغم أن رئيسا ديمقراطيا يسكن الآن البيت الأبيض بجانب تحكم الديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، فلم يتمكن أوباما من إنجاز إصلاح الرعاية الصحية، الذي كان هدفا قوميا على مدار عقود. بينما تعثرت محاولات أخرى في مجلس الشيوخ كتلك المتعلقة بتقليل انبعاثات الكربون وخلق الوظائف. ليتعدى الأمر مجرد حزب حاكم فشل في شق طريقه صوب النجاح. ويبدوا أيضا أن واشنطن عاجزة عن حل مشاكل أمريكا الأعمق.
ربما يختلف الديمقراطيون والجمهوريون بشأن التغير المناخي والرعاية الصحية، لكن أحدا لا يعتقد أن بإمكان أمريكا تجاهل العجز الفيدرالي، الذي بلغ حاليا 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ورغم ذلك انهارت مجددا محاولات تشكيل لجنة مشتركة لتقليل العجز.

إيران


نيوستيتسمان، 22 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
(كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يأمل لو استطاع بدء مرحلة جديدة من العلاقات بين واشنطن وإيران. لكن بعد مرور عام، ازداد الطين بلة). بهذه الكلمات استهل "ديفيد باتراكاراكوس" موضوع غلاف مجلة نيو ستيتسمان الأخير، والذي تضمن وجهات النظر المختلفة حول الخطأ الذي حدث وجعل الأمور تسير في هذا الاتجاه المسدود.

في مارس 2009، بعد شهرين من تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، تحدث أوباما مباشرة إلى إيران قيادة وشعبا. وفي رسالة مصورة جاءت في إطار تهنئة الإيرانيين بالعام الفارسي الجديد‏ اعترف أوباما بأن "خلافات جدية كَـبُـرت بمرور الوقت" بين البلدين، لكنه قال إن الولايات المتحدة الآن تنشد التواصل "القائم عل أساس الاحترام المتبادل".
هذا العرض كان الخطوة الأبرز تجاه المصالحة منذ قُطِعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1980، بعدما اجتاح مسلحون إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر 1979 واحتجزوا 52 رهينة أمريكية لمدة 444 يوما.
وقد لعبت الحكومة الإيرانية بحذر دورا داعما خلال اجتياح أفغانستان عام 2001 عن طريق إمداد وكالات المخابرات الغربية بمعلومات حول القاعدة. وكانت الجائزة مقعدا في قائمة بوش لـ "محور الشر"، ما أقنع الكثير من الإيرانيين بأن تخفيف حدة التوتر مع أمريكا أمر مستحيل الحدوث.
ومن خلال مساعده، أعلن الرئيس أحمدي نجاد ترحيبه بـ "رغبة الولايات المتحدة في تسوية الخلافات"، لكنه قال إن على واشنطن أن "تعترف بأخطائها السابقة، وتعمل على إصلاحها". ثم لم يحدث شيء.

جمهورية الاختلاف


المجلة، 15-22 فبراير 2010
بعدما تمكن رئيس الوزراء، سعد الحريري من تشكيل حكومة ائتلافية هشة، رأت مجلة (المجلة) أن هناك بصيص أمل في أن يصل لبنان إلى وضع أقرب للوضع الطبيعي.. وهذا الوضع في لبنان يعني أن تصبح الصراعات السياسية روتينية، وتتنقل داخل المؤسسات القائمة، ولا تدفع البلاد، على الأرجح نحو أعمال عنف. وفي حين قد تكون هذه الرؤية مفرطة في التفاؤل على الساحة السياسية، فإن النظر بمنظور أوسع يؤكد وجود قدر من الثقة في مستقبل لبنان.

لم يصل لبنان بعد لمرحلة "أقرب إلى الوضع الطبيعي". وهناك مؤشرات على أن لبنان لا يزال بعيدا عن ذلك، مثل التصريحات المتذمرة أخيرا حول الصراع مع إسرائيل، واستمرار الخلاف على التعيينات السياسية.
ومع ذلك، ففي الأشهر التي تلت تشكيل الحريري لحكومة ائتلافية هشة، هناك مؤشرات تدل على أن لبنان يدخل مرحلة سياسية واعدة، ليقدم رؤية لإمكانية تحقيق مستقبل أقرب إلى الوضع الطبيعي.
ولكن ماذا تعنى عبارة "أقرب إلى الوضع الطبيعي" بالنسبة للبنان؟ بالتأكيد هي ليست وضعا يتم فيه حسم أوجه القصور التي دفعت لبنان إلى الحرب الأهلية. وهى ليست وضعا تحل فيه المصالح الوطنية مكان الطموح الشخصي في إدارة العلاقات الإقليمية في لبنان. كما أنها ليست وضعا ينجح فيه لبنان بشكل ما في عزل نفسه عن جوانب القصور لدى جيرانه. وإنما تعني عبارة "أقرب إلى الوضع الطبيعي" في لبنان شيئا أكثر تواضعا بكثير. فهي تعني أن الصراعات السياسية أصبحت روتينية، وتتنقل داخل المؤسسات الحالية، ولن تدفع البلاد على الأرجح نحو أعمال عنف. كما تعني أن الأطراف السياسية تستطيع تنحية القضايا الأساسية الخاصة ببقائها جانبا لتسعى وراء جداول أعمال أوسع نطاقا، بما في ذلك الأمور الروتينية للحياة السياسية وقضايا أخرى تابعة لذلك مثل الإصلاح الدستوري. ثمة معنى آخر لعبارة "أقرب إلى الوضع الطبيعي" وهو ظهور ساحة سياسية في لبنان يمكن فيها مناقشة مستقبل البلاد، والجدل حوله وحتى النضال من أجله دون تعريض استقرار البلاد للخطر. وهي تعني أن "الجمهورية المحفوفة بالمخاطر" ربما تجد في نهاية المطاف، موطئ قدم راسخ لها.

وتتسائل المجلة: هل يعد ذلك بمثابة مبالغة في التفاؤل؟ لتجيب: ربما يكون الأمر كذلك إذا ركزنا فقط على الساحة السياسية. ولكن إذا نظرنا على نطاق أوسع، فسنجد أدلة وافرة على ظهور ثقة لا تزال هشة في مستقبل لبنان.
وتؤكد المجلة ضرورة ألا نغفل الاتجاهات السياسية الواعدة التي يبدو أنها تستجمع قواها. وحتى داخل الساحتين المحلية والإقليمية السياسية، هناك دلائل على أن الرياح تتحول بطرق تسمح بتفاؤل محسوب نحو ما ينتظر لبنان في المستقبل، على الأقل في المدى القريب.

ينبغي أن يشار هنا أيضا إلى أن هذا التقدم يكون ممكنا فقط إذا ظل المحيط الإقليمي داعما للاستقرار الداخلي للبنان. وهنا أيضا نجد أسبابا للتفاؤل الحذر من بينها التحسن الذي شهدته العلاقات السورية السعودية في الفترة الأخيرة، وقلة احتمالات تجديد الصراع مع إسرائيل بالرغم من التراشق بالأقوال والأفعال أخيرا من كل الأطراف.. ومع ذلك فإن إمكانية حدوث اضطراب أمر قائم.. فالهجوم على إيران وحدوث أفعال استفزازية من قبل إسرائيل أو حزب اللـه وإمكانية تعكير صفو التقارب الحالي بين سوريا والمملكة العربية السعودية بل وحتى حدوث أزمة داخلية غير متوقعة تؤدي إلى اختلال الحكومة الحالية؛ كل هذا يمكن أن يعصف بالتحول اللبناني البطيء إلى الوضع الطبيعي.
لهذه الأسباب جميعها، من السابق لأوانه أن نتخيل تحسن الوضع في لبنان أو نظن أن الاستقرار أصبح سائدا أو أن مواجهة الاضطرابات أصبحت أكثر فعالية أو أن نطاق الجدل الداخلي اتسع ليشمل قضايا تبدو الآن في غاية الخطورة. وبالرغم من كل هذا، ورغم أن بداية عام 2010 تشير إلى أن لبنان لم يصل إلى الوضع الطبيعي بعد، فإن هناك احتمالا لأن يصبح هذا البلد أقرب إلى الوضع الطبيعي. ومن المهم أن نراجع توقعاتنا باستمرار وأن نتوقع حدوث نكوص أو ارتدادات، بيد أنه في غضون ذلك، فإن الوقت الحالي هو الوقت المثالي الذي ينبغي فيه أن نقدر التحسنات البسيطة التي شهدها لبنان في الأشهر الأخيرة.