برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, March 12, 2010

الحلم النووي العربي


المشاهد السياسي، 6 مارس 2010
يعود الحلم النووي العربي إلى خمسينيات القرن الفائت، ومصر كانت أول من حاول تحقيق هذا الحلم في العام ١٩٥٥، تبعها العراق ثم الجزائر، والمقصود كان إحداث التوازن العسكري المطلوب مع إسرائيل. اليوم تراجعت الطموحات العربية وتقدم الدور الإيراني، في الوقت الذي تجتاح عددا غير قليل من الدول العربية موجة إنشاء مفاعلات نووية لأغراض مدنية. ماذا عن الحلم، وماذا عن الموجة الجديدة؟
تجيب عن هذه الأسئلة مجلة المشاهد السياسي، من خلال موضوع غلافها الأخير.

حتى الآن يكثر الحديث عن اغتيال العلماء العرب، في ظروف غامضة، وبصورة خاصة في مصر والعراق، لكن أحدا لم يأت على ذكر تعاون عربي في مجال الأبحاث النووية، أو في مشروع نووي مشترك يشتري الخبرات والمعارف النووية، ويستفيد من تجارب الدول الكبرى.
لماذا هذا الكلام؟
لأن توازن القوة يشكل المدخل الحقيقي لفرض السلام، أو على الأقل لحماية المصالح العربية عندما يأتي موعد التفاوض. والدليل أن ١٨ عاما من الكلام (الذي سمي تفاوضا) بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يؤد إلى شيء. وليس سرا أن القوة هي أداة سلام أو ضرورة من ضروراته، وحتى الدول الباحثة عن الاستقرار والأمن، والتي لا ترغب في خوض أي مواجهة مسلحة، لا تكف عن تطوير قدراتها العسكرية، لأنها عبر هذا التطوير تستطيع أن تضمن مصالحها، وفي الوقت نفسه، أن تردع الآخر عن الاعتداء عليها. والحرب، كما قيل، إحدى وسائل الديبلوماسية، كمـا أن التفاوض هو إحدى وسائل الحرب لتحقيق المطالب.
وبالنظر إلى المشهد الدولي، فإن كل "الأعراق" و"القارات" في العالم تمتلك أسلحة نووية أو قدرة على إنتاجها إلا العرب. فالولايات المتحدة وكندا لديهما قدرات غير مسبوقة، أما أوروبا فهناك بريطانيا وفرنسا، ناهيك عن القدرات الإيطالية والإسبانية غير المفعلة، والقدرات السلمية عند الدول الأوروبية كافة، بما في ذلك تركيا (لنترك إسرائيل جانبا). أما في آسيا، فهناك الصين والهند والباكستان وكوريا والطموح الإيراني، وقد امتلكت جنوب أفريقيا هذه التقنية أيام التمييز العنصري، وتم إبطالها بعد انتهائه لكن القدرات ما تزال موجودة. أما في أميركا اللاتينية فالبرازيل والأرجنتين لديهما قدرات نووية متقدمة جاهزة للانطلاق في أي لحظة، إلا العــرب، فإنهم لا يمتلكون حتى الآن أي قاعدة لبناء سلاح نووي.

"أين العرب؟" تتساءل المجلة، "إنهم ينفقون على السلاح بشكل غير معقول، لكنهم لا ينفقون على التفوق العسكري، بخلاف ما كان عليه الأمر في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الفائت. وتشير "المشاهد السياسي" إلى أن مصر والعراق كانا أكثر الدول العربية تفكيرا في امتلاك السلاح النووي وأكثرها محاولة لإنتاجه. غير أن المشروع النووي المصري تراجع بعد نكسة ١٩٦٧ وذهبت الموارد المالية لبناء الجيش وتجاوز آثار النكسة. أما العراق، فإن مشروعه أجهض بعد الضربة الجوية الإسرائيلية لمفاعل تموز في العام ١٩٨١، ومن ثم الغزو الأمريكي للعراق.

يمكن مراجعة تاريخ الملف النووي المصري في الكتاب الشامل الذي أصدره مركز الأهرام في العام ٢٠٠٠ بعنوان: "البرنامج النووي المصري: التطور التاريخي والآفاق المستقبلية". وكانت الدعاوى الرسمية والشعبية قد بدأت في بدايات الألفية تطالب بأن تعيد مصر الاعتبار إلى طموحها النووي حتى لو كان سلميا. فمصر مؤهْلة أكثر من غيرها لذلك، نظرا إلى عدد من الأسباب ليس أولها أن تمتلك مصر مفاعلين للأبحاث النووية تأسس الأول في إنشاص في العام ١٩٦١ والثاني وهو أرجنتيني في العام ١٩٩٨، إلى جانب وجود عدد من العلماء والباحثين المصريين في هذا المجال.
كما أن السعودية قد أعلنت، مؤخرا، رغبتها في تطوير مجمع للطاقة النووية. غير أن صحفا غربية أشارت أكثر من مرة، استنادا إلى مصادر استخباراتية، إلى أن السعودية تعمل على تطوير قدرات نووية خاصة بها سرا منذ العام ٢٠٠٣ بالتعاون مع خبراء باكستان.
الإمارات أيضا عبرت عن رغبتها في تطوير قدرات نووية لغايات سلمية. قيل إن سورية كان لها طموح، حتى قيل إن القصف الإسرائيلي لسورية في العام ٢٠٠٧ استهدف مفاعلا نوويا في منطقة الكوبر.
لكن كل هذه المعلومات لا تعني بأي حال أن هناك مشروعا نوويا عربيا مشتركا قيد التحضير، فالحلم النووي المصري تلاشى أو يكاد، والحلم السعودي مجرد تكهنات، وكل المشاريع العربية النووية الجديدة لا تتجاوز كونها محاولات لبناء محطات بقدرات نووية معروفة للأغراض السلمية، وليس هناك ما يحيي الأمل بمشروع نووي عربي يحقق نوعا من التوازن الاستراتيجي في التفاوض مع إسرائيل.

No comments: