برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, November 27, 2008

الصفقة الجديدة


تايم، 24 نوفمبر 2008

ترجمة: علاء البشبيشي


(أفكار تموت، ثم ينجح مُُنظِّروها في إحيائها من جديد)، نظرية حاولت مجلة تايم الأمريكية التدليل عليها، مستشهدة بما حققه الديمقراطيون من نجاح منذ أيام قلائل، بوصول مرشحهم لسدة الحكم في بلاد العم سام، ومقارِنة ذلك بما حققه نفس الحزب الديمقراطي من فشل منذ عقود، حينما خسر مرشحهم آنذاك أمام منافسه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية.
شتان الفارق بين الفوز والخسارة، لكن المجلة وجدت ما يربطهما، وكان ذلك حديقة جرانت بارك التي شهدت التظاهرات الغاضبة في الستينات، وشهدت أيضًا هتافات النصر في العام الثامن بعد الألفية الثانية.
شهدت حديقة "جرانت بارك" بشيكاغو موت الليبرالية الأمريكية وإعادة ولادتها؛ ففي الثامن والعشرين من أغسطس عام 1968، احتشد عشرة آلاف في هذا المكان للاحتجاج على مؤتمر الديمقراطيين الذي كان ملتئمًا في الجوار، وكان على وشك تسمية نائب الرئيس هوبرت هومفري كمرشحهم الرئاسي.
وقتها حذر عمدة شيكاغو ريتشارد ديلي، المتظاهرين من تعطيل الحركة في مدينته، ورفض منحهم تصريحات بالتجمع، إلا أنهم احتشدوا رغم كل شيء.
وبعيد الظهيرة كان الجميع ينشد، والشرطة تتدفق على المكان حتى الساعة الثالثة والنصف، حينما تسلق أحد المحتشدين سارية العلم الأميركي وبدأ في تنكيسه.
أسرعت الشرطة لاعتقال هذا الشخص، لكنهم قُصفوا بالبيض، والقطع الخرسانية، والبالونات المليئة بالطلاء والبول. فردت الشرطة باقتحام الصفوف وضرب المتظاهرين بالهراوات وهم يصيحون "اقتلوهم.. اقتلوهم"، فيما عُرف بعد ذلك بـ "شغب الشرطة".
أما المشاهدون في أنحاء البلاد فتابعوا ما يجري عبر شاشات التلفاز، وأصدروا قرارهم.
أما الديمقراطيون الذين كانوا قد فازوا بسبع جولات رئاسية سابقة، خسروا سبع جولات من العشرة التي تلت ذلك.
وبعد مرور أربعين عاما، احتشد الليبراليون السعداء في نفس حديقة جرانت بارك، بدعوة من عمدة آخر يدعى ريتشارد ديلي؛ للاحتفال بانتخاب باراك أوباما رئيسًا للبلاد. لكن هذه المرة ارتفعت الأعلام في زهو، وأتت الشرطة لتأمين الحشد لا لتهديده.
وللمرة الثانية شاهد الأميركيون ما يجري على شاشات التلفاز، لكن الدماء لم تغْلِ في عروقهم هذه المرة، بل سالت دموعهم.

الدواء المر


جلوبال فاينانس، نوفمبر2008

ترجمة: علاء البشبيشي


سقط النظام العالمي، ولكي يستعيد عافيته لابد من تناول "دواء مر" طرحته في الأسواق مجلة جلوبال فاينانس، آملة أن يكون فيه الشفاء.
وعلى قدر كارثية السقوط، تكون مرارة الدواء، وعلى العالم أن يتحمل فترة العلاج، وإلا فالتداعيات قد تفوق كل التوقعات.
نهاية مأساوية، تلك التي وصل إليها النظام المالي العالمي، ومشهد مروِّع، ذلك الذي رآه المصرفيون حين انهارت امبراطورياتهم، ورعب هائل، هذا الذي اجتاح حتى الحكومات، لدرجة أن صارت الساحة العالمية مهيأة لفحص مجهري دقيق، ليس فقط للنظام المالي العالمي برمته، لكن أيضا للهيكل الذي يديره.
وتحت هذه الحزمة من القواعد الراهنة أصبح النظام المالي العالمي متسما بعدم الشفافية، ومحفوفا بالمخاطر؛ ما جره إلى حافة انهيار شامل. والثمن بعد كل هذا سيكون باهظًا.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومات لزيادة حصصها في الكثير من كبريات البنوك في العالم، فإن يد المنظم تتحرك صوب النظام المصرفي العالمي بحزم وعدوانية بصورة ستُحدِث الاضطراب في كل المصارف.
والنظام المصرفي الذي طالما تمتع بلمسة المنظم الحنون، يواجه الآن مشهدًا مختلفا للغاية، حذر منه السيد اديرتيرنر -المدير العام لاتحاد الصناعات البريطاني- حين قال: إن المصارف البريطانية تواجه رقابة صارمة، مؤكدًا أن اللمسة هذه المرة ستكون أثقل من ذي قبل، ومطالبًَا بأن تكون تلك الرقابة عقلانية، وتتركز على مواطن الخطر الحقيقية.

التغيير حلَّ بأميركا


تايم، 17 نوفمبر 2008

ترجمة: علاء البشبيشي

ما زال الفوز التاريخي الذي حَقَّقَه المرشح الديمقراطي باراك أوباما يختطف الأضواء، ويتصدَّر عناوين الصفحات الأولى في المجلات والصحف ووكالات الأنباء العالمية.
هذه التغطية الخاصة تراوحت ما بين تهنئةٍ وتحذيرٍ وتحفُّظٍ وتحليلٍ وتوقُّع.
مجلة تايم الأميركية انضمت لكتيبة المهنئين، وسلطت الضوء على ما رأته "نصرًا تاريخيًا لم تشهده أمريكا منذ عقود".

لم ينتصر باراك حسين أوباما بسبب لون بشرته، ولا نكاية فيها، بل انتصر لأن المواطنين تحركوا زرافاتٍ، كما لم يفعلوا من قبل، في لحظة خطيرة جدًا من تاريخ بلادهم الفتية، لينقذوها؛ فأضحى هذا النصر ملكًا للجميع.
أذكر هذا اليوم، حينما أخبر الآباء أولادهم وهم يصطحبونهم من المدارس أنهم ذاهبون لرؤية مرشح أمريكي من أصول أفريقية وهو يصنع التاريخ، وانتهى المشهد بخروج المواطنين إلى الشوارع للاحتفال بهذه الثورة المِخمليّة.
حتى في الولايات الحُمر (المعروفة بموالاتها للجمهوريين)، خرج مئات الألوف ليستمعوا لأوباما، وفي ميتشجان صنع المواطنون أسوجةً مكهربة حول أفنية منازلهم لتحميها، كما أرسل رواد فضاء ناسا من على متن محطة الفضاء الدولية رسالة مصورة تحث المواطنين على التصويت في الانتخابات، بل سمح أحد القضاة في ولاية أوهايو للمشردين أن يكتبوا، في خانة محل إقامتهم، مقاعد المتنزهات العامة التي تؤويهم؛ لتسهيل عملية إدراجهم في السجلات الانتخابية، كما أتى زوجان من الهند فقط من أجل أن يدليا بأصواتهما، وطرق المتطوعون في حملة أوباما مليون باب يوم الاثنين وحده.

وبينما شكك الرئيس الكوري السابق فيدل كاسترو في إمكانية حدوث تغيير يُذكر في السياسة الأميركية تحت قيادة رئيس جديد، خرجت مجلة تايم الأمريكية لتؤكد أن التغيير قد حلَّ بأمريكا.
ورغم تأكيد كاسترو أن الرئيس الجديد لن يكون قادرًا على تغيير "ما أحدثته قرون من المصالح والأنانية"، رأت المجلة الأمريكية أن الرئيس الجديد لم يفتح صفحة جديدة وفقط، بل أعاد صياغة الكتاب السياسي بأكمله، ليدشن بذلك لمرحلة جديدة.

حينما وضعت تلك الحرب أوزارها، كان أوباما قد حقق نصرًا لم يحققه بشر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وحاز نصره على لقب أكبر فوزٍ ديمقراطي في تاريخ البلاد منذ 44 عامًا.
لقد فاز أوباما بـ 54% من أصوات الكاثوليك، و 66% من أصوات اللاتنيين، و 68% من الناخبين الجدد، مما يعكس حركة تنوع ثقافي، وتقارب بين الأجيال كسرت صخرة الثلج السياسية القديمة.
وحينما نودي بانتهاء السباق، تعالى صوت الضجيج، وانطلقت الأبواق، وارتفعت صيحات الأطفال، وتعانق الغرباء في الشوارع، واصطف السود في حي هارلم محتفلين، وهتف المئات خارج البيت الأبيض قائلين: "نعم نستطيع"، ووصف الرئيس بوش هذا النصر بكونه "هائلاً"، حينما اتصل بأوباما ليهنئه.
أذكر ذلك اليوم، حينما تخيلنا، للحظة على الأقل، أن انتخاب باراك أوباما لم يفتح صفحة جديدة في تاريخ سياستنا فقط، لكنه أيضًا أعاد صياغة الكتاب بأكمله، ليدشن بذلك لمرحلة جديدة.

وتكلمت أمريكا


وورلد ماجازين، 15 نوفمبر 2008

ترجمة: علاء البشبيشي

لم تكن مجلة تايم هي الوحيدة هذا الأسبوع التي خصصت موضوع غلافها للحديث عن فوز أوباما، فهاهي مجلة وورلد تلحق بالركب، وتسلط الضوء على لحظة النصر الذي رأت أنها تمثل نقطة تحول فارقة في التاريخ الأمريكي، ووقفة للحزبين الديمقراطي والجمهوري.

هذه الحملة التي استغرقت عامين، وتُوِّجت أخيرًا بانتخاب أول رئيس أسود للولايات المتحدة الأمريكية، مثَّلت نهايتها للديمقراطيين معلمًا تاريخيًا، وللجمهوريين فرصة للبدء من جديد.
لقد مثَّلت هذه الليلة السوريالية نهاية معركة مُنهِكة لأوباما وماكين، استغرقت عامين، خسر بعدهما ماكين دعم العديد من الشرائح، وحصد أوباما العديد من الأصوات.
وفي ضوء هذا النصر الذي حققه أوباما، بدأ الديمقراطيون والمحافظون يعيدون التفكير من جديد في استراتيجية كل منهما.

إعادة صياغة النظام المالي العالمي


ذي إيكونوميست، 15 نوفمبر 2008

ترجمة: علاء البشبيشي

فشلت مقررات قمة مجموعة العشرين في واشنطن، على ما يبدو، في تبديد حالة القلق لدى المستثمرين في المنطقة، الأمر الذي توقعته أسبوعية ذي إيكونوميست حتى قبل انعقاد القمة، حين قالت في صدر موضوع غلافها الأخير: "لن يستطيع زعماء العالم إعادة صياغة قواعد النظام العالمي في لقائهم المرتقب، لكن ربما كان بإمكانهم فعل بعض الأشياء المفيدة".
وشبهت المجلة البريطانية قمة دول الثماني بـ "مسرح سياسي"، مُستبعدة أن يصلح هذا اللقاء الخلل المالي الراهن، ومعارِضة رهان البعض أن يستطيع اللقاء الحالي إحراز بعض النجاح الذي حققه مؤتمر النقد الدولي الذي انعقد في يوليو 1994، والمعروف بـ "اتفاقية بريتون وودز"، حيث حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة، ووضعوا الخطط من أجل استقرار النظام العالمي المالي، وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية.

كثيرون توقعوا نتائج كبرى كتلك التي حققها مؤتمر بريتون وودز الذي انعقد في عام 1944. لكن الأمر مختلف؛ فالمؤتمر القديم استغرق ثلاثة أسابيع، وكان مسبوقًا بما يربو على عامين من التحضير التقني.
وربما تكون الأزمة الراهنة هي الأخطر منذ الكساد الكبير، إلا أن النظام المالي العالمي لن يستعيد عافيته في غضون لقاء مدته خمس ساعات، في استضافة رئيس كسيح، وبعد تحضير أقل بكثير مما حدث من قبل.
ولأنها متواضعة على ما يبدو، فستكون مثل هذه الإصلاحات صعبة ومؤقتة، ولن تحجز لأي واحد مكانًا في كتب التاريخ بجوار جون مينارد كينز- رجل الاقتصاد الذي ترأس وفد بريطانيا في اتفاقية بريتون وودز – والأمريكي هاري ديكستر وايت، صاحب الإسهام الأكبر في صياغة اتفاقية تأسيس الصندوق.

رقم بوش القياسي الذي حُطِّم


ذي أميركان كونسرفيتيف، 17 نوفمبر 2008

ترجمة: علاء البشبيشي

(لقد حجز الرئيس جورج بوش لنفسه مكانًا في قائمة الفاشلين حتى قبل حدوث الأزمة المالية الأخيرة)، هكذا رأت مجلة ذي أميركان كونسرفيتيف الإرث الذي خلفه بوش، والذي كان بحق فشلا محققا في الداخل والخارج.
وترى المجلة أن مؤرخي المستقبل سيقعون في حيرة من أمرهم حينما يقفون أمام تصنيف الفشل الرئاسي الذي خلفه الرئيس بوش، أيضعونه في فئة نكسون وجونسون؟ أم هربرت هوفر؟!
الأمر الوحيد الذي ربما لن يختلف عليه كثيرون، هو أن بوش فاز باقتدار بلقب أكثر رؤساء الحرب دموية في التاريخ الحديث.
أكثر ما أحبه جورج بوش في وظيفته الحالية هو كونه رئيس حرب. أتتذكره وهو يتبختر على متن حاملة الطائرات مرتديًا زي الطيارين؟ لن تجد حتى العسكري المخضرم أيزنهاور يغرق في مثل هذا التخيل الحربي بهذه الطريقة.
صحيح أن بإمكانك أن تأخذ الكأس من يد مخمور، لكن لا يمكنك انتزاع الخيلاء من أحمق!
قارن سنوات بوش الثماني بتلك التي قضاها كلينتون في البيت الأبيض، وسترى كيف أحب هذا الرجل لعب دور الجندي.
لقد سكبنا الدم والثروات الأمريكية فوق تراب العراق لنثبت نظريات نصف خاطئة، حتى صارت أكثر التجارب كلفة في التاريخ.
في البدء كانت أفغانستان (مقبرة الامبراطوريات)، ثم أتى الاعتقاد بأن صدام كانت له علاقة بتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وأنه مقدم على تسميم مياهنا، وضرب مدننا بالقنابل النووية، لكن كل ذلك كان مجرد انتقام مفرط - لما حدث في يوم الحادي عشر من سبتمبر - يبحث عن مكان لينفجر فيه.

Tuesday, November 11, 2008

انفجار الفقاعة


فرانت لاين، 7 نوفمبر 2008
ترجمة: علاء البشبيشي


هل ستُجِبر الأزمة المالية المحافظين الجدد في الولايات المتحدة على تغيير سياساتهم؟ سؤال طرحته مجلة "فرانت لاين"، في وقتٍ اتسع فيه الخرق على الإدارة الأميركية، التي تقف الآن عاجزة أمام الوباء الاقتصادي الذي حل بالبلاد.
وترى المجلة أن بعض الحكومات بدأت في تغيير سياساتها بالفعل، وأن الأمر مجرد وقت لتبدأ الحكومات الباقية هي الأخرى السير على نفس المنهاج طوعًا أو كرهًا، في وقت تفعل فيه الأزمة المالية في دول العالم المتقدم فعل النار في الهشيم.

وجوه فريق بوش تبدو شاحبة؛ فبالإضافة إلى أزمة الخزانة الأمريكية، يوجد دين وطني ضخم، وفاتورة حرب باهظة.
وفي العاصمة واشنطن فقد الرئيس جورج بوش قدرته على التبختر. وبعد أن كان يتسم بالتهور أمام وسائل الإعلام، أضحى شاحب الوجه، وبجانبه يوجد أعضاء فريقه العاملون في الأسواق المالية وعلى وجوههم غبرة، يعلوهم الخضوع. ورغم ذلك مازال بوش وباولسون يحاولان ارتداء أفضل أقنعتهما حتى في أصعب الظروف؛ فحينما بدأت أزمة الرهن في تهديد استقرار الاقتصاد الأميركي قبل عام، قال بوش لشعبه: "إن أسس اقتصادنا قوية، ونسبة التضخم منخفضة". لكن شيئًا مما قاله لم يسمن ولم يغنِ من جوع، ورغم أنه كل مرة يواجه فيها الصحافة يزداد مؤشر داو جونز هبوطًا، إلا أن تطميناته مازالت مستمرة.
وحتى باولسون كان يحاول مؤخرًا ارتداء قناع البهجة والتظاهر بالتفاؤل، لكن حتى لغة جسده كانت كئيبة، وكان يبدو وكأنه يبحث عن أقرب مخرج للهروب.

إنها لعنة بوش وحزبه التي باتت تلاحقهم حيثما حلوا أو ارتحلوا، والتي تسببت في
ارتفاع معدل البطالة الأميركية إلى 6.5% بزيادة قدرها 603 آلاف عامل. وبعد التأكيد على هذه الحقيقة المؤلمة، انتقلت المجلة لتتحدث عن طفرتين اقتصاديتين لم يدوما طويلاً؛ بسبب الجشع تارة، ونتيجة التعتيم الذي يهدف أسباب سياسية تارة أخرى.

في التسعينيات من القرن الماضي شهد الاقتصاد الأميركي طفرة كبيرة، يرجع معظم الفضل فيها إلى فقاعتين اثنتين: أولاهما أحدثتها القفزة في مجال الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، والثانية كانت ثمرة ديون المستهلكين.
الفقاعة الأولى انفجرت خلال عامي 2000 و 2001، حينما فشلت شركات تكنولوجيا المعلومات في الوصول إلى مستوى التوقعات المفرطة. وارتدت الفقاعة الثانية على أدبارها متأرجحة بين بطاقات الائتمان والرهن، وبدأت الأموال التي تُنفَق على تسديد الديون تفوق تلك التي يُشتَرى بها الطعام.

الرئيس أوباما


ذا نيو ريبابلك، 5 نوفمبر
ترجمة: علاء البشبيشي


(أصبحت إدارة الرئيس بوش أشبه ما تكون بقطعة ثلج بدأت في الذوبان)، وصف أطلقه الكاتب الأميركي بول أوستر على الإدارة التي تلتقط أنفاسها الأخيرة داخل البيت الأبيض، بعد فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية منذ أيام.
مجلة "ذا نيو ريبابلك" انتهزت الفرصة لتنفس عن بعض غضبها من سياسات بوش التي قادت البلاد إلى المجهول، ولتسلط الضوء على الإرث الثقيل الذي ينتظر الرئيس الجديد.

كانت السنوات الثماني الماضية أشبه ما تكون بمشاهدة إحدى الحلقات التليفزيونية. لقد دخلنا عهد بوش مفتونين، وخرجنا منه مغمومين؛ بعد تدمير المدن الرئيسية، وسقوط السيارات من على الجسر المتهاوي فوق الميسيسيبي، ودمار النظام المالي، وغير ذلك من الكوارث.
هناك أسباب كثيرة جعلت هذا العهد موحشًا. بالطبع ليست كلها متعلقة بالرئيس، لكن مما لاشك فيه أن بوش هو المسئول الأول عن تعطيل الحكومة الفيدرالية، المحرك الوحيد القادر على أن يجعل بنيتنا التحتية الطبيعية والاقتصادية تعمل بكفاءة. كما أنه استخف بالمعتقدات التي أرشدت البلاد منذ عقود؛ لذلك فلن يرث الرئيس الجديد مجرد كارثة اقتصادية وصحية وبيئية، وحربَيْن، وانتشار عسكري فاق كل حد، وتهديد إيراني وشيك، بل سيرث أيضًا حكومة في غاية الضعف، لدرجة أنها أضحت عاجزة حتى عن حماية رفاهية مواطنيها.
إنه بالفعل إرث ثقيل، ذلك الذي خلفه بوش لأوباما. لكن المجلة ترى أن الشاب الأسود قادر على إدارة الأمور بحرفية داخل البيت الأبيض، الأمر الذي لا يمنع إبقاء بعض التشكك، إذا ما طفت على السطح أمور لم نكن نراها.
معظم الأميركيين كانوا يميلون إلى أوباما، ربما ليس حبًا فيه بقدر حنقهم على بوش وسياساته الهوجاء.
وتبقى الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، وما علينا إلا الانتظار لنرى، هل بالفعل سيغير أوباما وجه أميركا؟ أم سيقلب الطاولة على رؤوسنا!

يفضل السواد الأعظم منا أن يكون باراك أوباما هو من يتعامل مع هذه الفوضى. خاصة وأنه يتمتع ببعض الميزات التي تعطينا الأمل أن بإمكانه فعل ما هو أكثر من مواجهة الدمار الذي تسبب فيه بوش، وأن بإمكانه بالفعل انتهاز الفرصة التي تتاح فقط مرة كل مائة عام، والتي أفرزتها الأزمة الراهنة، ليغير وجه الدولة الأمريكية.
ويبقى نصيبنا من الشك قائمًا، وكيف لا نتشكك مع مرشح قليل الخبرة؟.
كنا نتمنى لو انطلق لسانه أكثر في موضوعي الاقتصاد العالمي والنظام المالي الذي يبدو أنه سيضطر إلى إعادة صياغته من جديد.

سبع مشاكل محتملة الحدوث يوم الانتخابات



تايم، 3 نوفمبر 2008
ترجمة: علاء البشبيشي


(أصبح بإمكاننا الصعود إلى القمر، ومشاهدة مباريات كرة القدم على شاشات الهواتف النقالة، لكن أنجح الديمقراطيات في تاريخ البشرية لم تتوصل بعد إلى كيفية إدارة انتخابات بلا مشاكل) حقيقة بدأت بها مجلة "تايم" الأمريكية موضوع غلافها الأخير، والذي خصصته للحديث عن المشكلات التي يُحتَمل حدوثها يوم الانتخابات في أميركا، خاصة وأن الديمقراطيون والجمهوريون يتوقعون تدفق أرقام قياسية على صناديق الاقتراع، ربما وصل عددها إلى 130 مليون ناخب، من بينهم ملايين الأشخاص الذين يدلون بأصواتهم للمرة الأولى في حياتهم!

المشكلة الأولى: هي فوضى قاعدة البيانات؛ فقد لا يجد أحد المواطنين اسمه مسجلا في الكشوف، أو يجد اسمه مكتوبًا بطريق غير صحيحة. وهي أخطاء تُحدِث ارتباكًَا في قوائم التصويت. لذلك طالب الكونجرس في العام 2000 كل ولاية بإعداد قاعدة بيانات لكل ناخب، يمكن مقارنتها فيما بعد ببيانات الأشخاص الآخرين، تضم على سبيل المثال رخص القيادة، وأسماء الأشخاص الذين توفوا، أو بَطُلت أصواتهم، وهو الأمر الذي اعتُبِر في صالات الكونجرس الرخامية "فكرة عظيمة"، ستساعد في حل المشكلات القديمة عن طريق التقنيات الحديثة. ولما كانت هذه الإجراءات تتم تحت إشراف بعض مسئولي الولايات الحمقى والحزبيين، فلا غروَ أن تتحول قاعدة البيانات هذه إلى كابوس عملي، يخشى الخبراء من أنه قد يحرم الآلاف من حقهم في التصويت.

المشكلة الثانية التي قد تحدث يوم الانتخابات هي ما أطلقت عليه المجلة "التسجيل باسم "ميكي ماوس"، وهي المشكلة التي ترجع لعقود، حيث دأبت الأحزاب والجماعات السياسية على إعطاء رشاوى للناخبين من أجل التسجيل بأسماء جديدة وهمية.
ورغم أن البعض قد ينظر إلى فكرة أن يسجل "ميكي ماوس" اسمه في سجلات الناخبين في أميركا باعتبارها مزحة، إلا أن الأمر قد حدث بالفعل في مدينة "أورلاندو"، موطن ممكلة ديزني، حيث حاول "ميكي ماوس" تسجيل اسمه للتصويت، أما في ولاية "إنديانا" فاكتُشِف أحد الطلبات مقدمًا باسم إحدى المطاعم، وفي ولاية "نيفادا" فوجئت السلطات بطلب تسجيل مقدم باسم "مجموعة رعاة البقر في دالاس". كما تبين أن طفلة عمرها سبع سنوات كانت بين المسجلين في ولاية "كونيتيكت"، واعترف رجل في "أوهايو" بأنه سجل اسمه لدى منظمي هذه الحملة أكثر من 70 مرة مقابل النقود والسجائر.

المشكلة الثالثة: هي نماذج التصويت السيئة، حيث أنشأت السلطات الانتخابية المحلية نماذج أربكت كبار الناخبين، وأبطلت أصوات الآلاف.
ففي هذا الصيف أرسلت حملة ماكين نماذج تصويت في غاية السوء لأكثر من مليون ناخب في ولاية أوهايو، هذه النماذج احتوت على قائمة طويلة من أسماء الناخبين، المطلوب فحصها لاكتشاف ما إذا كانت صالحة أم باطلة.
المشكلة الرابعة تتمثل في أعطال آلات التصويت، خاصة وأنه من المتوقع أن يستخدم ثلث الناخبين الماكينات الالكترونية، التي عادة ما تكون مزودة بشاشات تعمل باللمس. هذه التقنية أحيانًا تكون عرضة للتلف، وقد تتسبب في اختيار مرشح آخر غير الذي صوت له الناخب. لكن القلق الأكبر الذي يبديه خبراء الكمبيوتر هو عدم وجود نسخ ورقية احتياطية من سجلات هذه الآلات. الأمر الذي يؤدي في حالة تلف الآلة، أو عطب البيانات داخلها، إلى إعادة العملية برمتها من جديد.
وتكمن المشكلة الخامسة في التوزيع غير العادل للمصادر، ففي العام 2004 اشتكى بعض الديمقراطيين من استخدام الجمهوريين بعض المصادر للتلاعب في نتائج التصويت، عن طريق توفير ماكينات كافية للناخبين في مناطقهم تسهل عليهم عملية التصويت، فيما كانت أعداد كبيرة من الديمقراطيون في كولومبوس يقفون في طوابير، يقضي فيها الناخب قرابة الأربع ساعات، وغالبًا تكون تحت المطر.
أما المشكلة قبل الأخيرة فهي الأعباء الجديدة التي أضيفت لإجراءات التحقق من الشخصية، والتي تسببت في منع تصويت الكثيرين.
وتبقى الإرشادات المضللة، والمعلومات الخاطئة هي المشكلة الأخيرة التي قد تحدث يوم الانتخابات، وقد بدأت بالفعل اللافتات المعلقة على السيارات تجوب الشوارع مخاطبة الديمقراطيين أن يصوتو يوم الأربعاء لا الثلاثاء! بالإضافة إلى المكالمات الهاتفية المسجلة التي تحذر الناخبين من أنهم سيتعرضون للاعتقال في أماكن التصويت، أو أن أماكن الاقتراع المخصصة لهم قد تغيرت.

العملاق الجشع خرج عن السيطرة



بروسبكت، نوفمبر 2008
ترجمة: علاء البشبيشي


إذا رجعنا بالأذهان للوراء، وتحديدًا إلى ما قبل ثلاثة عقود من الآن، سيتضح لنا سبب المأزق الحالي الذي وقع فيه القطاع المالي العالمي، حيث بدأ قطاع الخدمات يتطور على حساب القطاعات التقليدية من تجارة وصناعة وزراعة.
وفي هذا السياق رأت مجلة بروسبكت أن العملاق الجشع، الذي كثيرًا ما فرح العالم بنموه، بدأ يخرج عن السيطرة، ويدمر الأخضر واليابس

إن التنامي الهائل الذي يشهده القطاع المالي يعتبر إحدى عجائب عصرنا. و قد أرجع الاقتصاديون وغيرهم الصعود الكبير لهذا القطاع في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إلى تطبيقه للحكمة المالية والتقليدية، التي تنظر إلى المنافسة باعتبارها ضامنًا للكفاءة، وإلى الأرباح باعتبارها مكافأةً على الإتقان. صحيح أن عوائد القطاع المالي بدأت في الانخفاض نتيجة أزمة الائتمان، لكن السياسيون والسلطات المالية شعرت بأنها مجبرة على سد هذه الفجوة.
الأزمة تكمن في أن القطاع المالي الآن ليس ضخمًا وفقط، بل متقلب بشكل مقلق. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه بعض الشركات، مثل مايكروسوفت وجوجل، نتيجة ابتكارها منتجات أضافت إلى الطاقة الإنتاجية للاقتصاد، يبقى القطاع المالي عاجزا عن تقديم مثل هذه المنتجات النهائية.
ما الذي يفسر إذن التوسع الملفت للقطاع المالي؟ إنه سؤال حير حتى هؤلاء الذين استفادوا بقوة من نمو هذا القطاع. وفي هذا السياق قال المستثمر الأسطوري جورج سوروس لمجلة "بروسبكت" في يوليو من العام الجاري: إن القطاع المالي انتفخ، وأصبح ينمو بوتيرة مفرطة، وهو بحاجة إلى أن ينكمش قليلا؛ لأن نسبته أصبحت كبيرة جدًا مقارنة بباقي نسب القطاعات الاقتصادية، مما أثمر تلك الفقاعة الكبرى التي ظهرت منذ 25 عامًا".
أما الخبير المالي "باول وولي"، فجاء بانتقاد عنيف، متسائلا عما إذا كان نمو هذا القطاع قد أفاد المجتمع، مؤكدًا أن القطاع المالي إذا زاد عن حده، حمَّل الاقتصاد الإنتاجي ضرائب لا مبرر لها.

المحكمة العليا والانتخابات



ذا نيشن، 3 نوفمبر 2008
ترجمة: علاء البشبيشي


تستحوذ الانتخابات الرئاسية الجارية في أميركا على اهتمام غير مسبوق، ذلك لأن من شأنها هذه المرة أن تعيد تشكيل خارطة الحياة السياسية الأميركية إلى حد كبير، ليس فقط على مستوى اختيار الرئيس الذي سيقود أكبر دولة في العالم، بل أيضًا على مستوى إعادة تشكيل المؤسسة التشريعية في البلاد، التي بدأت بالفعل تتجهز لا ستقبال هذه الحقبة الجديدة.
مجلة ذا نيشن سلطت الضوء على المحكمة العليا الأميركية، وموقعها في الانتخابات الرئاسية، في ظل تغيرات جوهرية تلوح في الأفق.

ستشكل الانتخابات الرئاسية القادمة في أميركا ملامح المحكمة العليا لسنوات، خاصة وأن تغيرًا بدأ يلوح في الأفق؛ فاللورد جون ستيفنس قد ناهز الثمانين، والقاضي ديفيد ساوتر يكره واشنطن، والقاضية روث بادر غينزبيرغ تُعالَج من السرطان. وسوف يغادر واحد أو أكثر من هؤلاء كرسي القضاء خلال السنوات الأربع القادمة، وسوف يمثل استبدال أحد المحافظين بواحد أو اثنين منهم انقلابًا على الأحكام الرئيسية التي صدرت خلال السنوات الأخيرة.
هذه المحكمة الجديدة ستشكل تهديدًا للعديد من القرارات التي تتعلق بالإجهاض، والأمن القومي، والفصل بين الكنيسة والدولة، وحقوق الشواذ، والإجراءات الإيجابية المتعلقة بحقوق الأقليات، والقضايا الانتخابية، أضف إلى ذلك حماية التعديل الأول للدستور الأمريكي، وحقوق المرأة، وحماية المهاجرين، وتوفير الخدمات القانونية، وقوانين الحماية البيئية.

ولا يوجد ضمان هذه المرة على أن أحد الحزبين سيحظى بأغلبية المجلسين معا؛ فالمؤشرات تقول: إن الجمهوريين قد يحتفظون بالأغلبية في مجلس الشيوخ فقط، بينما سيفوز الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس النواب، ومن ثم فإن التشكيل الجديد للكونجرس، وتوازن القوى بداخله، من شأنه أن يعلب دورًا محوريًا في تحديد الممكن والمستحيل من السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية على حد سواء.
وتؤكد المجلة أن المحكمة العليا ستكون بالتأكيد عرضة لتحول كبير؛ حيث سيقوم الرئيس الجديد على الأرجح باختيار عضو واحد على الأقل لينضم لقضاة المحكمة، التي صارت تقوم من خلال أحكامها بتشكيل الكثير من جوانب الواقع الاجتماعي والسياسي في أمريكا.

لكن بعض المعلقين طرحوا فكرة أن الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الجديد سيكون بإمكانها إعاقة ترشيح أي من المغالين. وهو الأمل المفرط في التفاؤل؛ فلم يستطع أحد عرقله أي مرشح للمحكمة العليا منذ المعركة الحامية التي نشبت بشأن القاضي روبرت بورك، الذي سماه الرئيس السابق رونالد ريغان عام 1987، والديمقراطيون لا يرغبون في إعادة الخوض في مثل هذه المعارك مرة ثانية.
بالإضافة إلى ذلك، فمن الصعوبة بمكان أن تمنع ترشيح شخص استنادًا إلى أسباب أيدلوجية محضة، كما أوضح ذلك من قبل ترشيح جورج بوش لسامويل أليتو و جون روبرتس، خاصة إذا كان المرشح مؤهلا و هادئًا في أدائه كروبرتس.
وستتضاعف الصعوبة إذا كان المرشح امرأة، نظرًا لندرة النساء في المحكمة، ووجود العديد منهن ممن ينتمين إلى أقصى اليمين في المحاكم الفيدرالية وأماكن أخرى يمكن الاختيار من بينهن.

في قلب العاصفة



ذي إيكونوميست، 25 أكتوبر- 1 نوفمبر 2008
ترجمة: علاء البشبيشي


مازالت بعض الاقتصاديات الناشئة بعيدة عن قلب الإعصار المالي الذي ضرب الاقتصاد العالمي، صحيح أنها قد تكون تضررت بعض الشيء، لكن ليس بنفس الشكل الذي تضررت به الدول الغنية.
من قلب الإعصار، تسائلت أسبوعية "ذي إيكونوميست"، كيف للعالم الناشئ التأقلم مع العاصفة التي ستؤثر على اقتصاد العالم وسياسته لوقت طويل؟!

معظم العام الفائت، كانت الاقتصاديات سريعة النمو في الدول الناشئة ترقب الإعصار المالي الغربي من بعيد. وحتى إذا كثر الحديث عن أن العالم الغني يعاني من أسوأ انهيار مالي شهده منذ الكساد الكبير، إلا أن الاقتصاديات الناشئة تبدو بعيدة إلى حد كبير عن قلب العاصفة؛ ربما لأن الاقتصاديات الناشئة قد اتخذت أوضاعًا مختلفة من التأهب.
لكن التأثير التراكمي لكل ما يحدث سيكون مهولا، خاصة وأن بنوك هذه الدول الناشئة تمتلك بعضًا من أصول الرهن العقاري التي أسقطت المؤسسات المالية في الدول الغنية، فيما ارتفع معدل الصادرات هناك بفضل ارتفاع أسعار المواد الخام.
ورغم أن الاقتصاديات الناشئة شكلت حوالي ثلاثة أرباع النمو العالمي خلال الثمانية عشر شهرًا الماضية، بيد أن مصيرها الاقتصادي سيخضع للظروف السياسية.