
بروسبكت، نوفمبر 2008
ترجمة: علاء البشبيشي
إذا رجعنا بالأذهان للوراء، وتحديدًا إلى ما قبل ثلاثة عقود من الآن، سيتضح لنا سبب المأزق الحالي الذي وقع فيه القطاع المالي العالمي، حيث بدأ قطاع الخدمات يتطور على حساب القطاعات التقليدية من تجارة وصناعة وزراعة.
وفي هذا السياق رأت مجلة بروسبكت أن العملاق الجشع، الذي كثيرًا ما فرح العالم بنموه، بدأ يخرج عن السيطرة، ويدمر الأخضر واليابس
إن التنامي الهائل الذي يشهده القطاع المالي يعتبر إحدى عجائب عصرنا. و قد أرجع الاقتصاديون وغيرهم الصعود الكبير لهذا القطاع في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إلى تطبيقه للحكمة المالية والتقليدية، التي تنظر إلى المنافسة باعتبارها ضامنًا للكفاءة، وإلى الأرباح باعتبارها مكافأةً على الإتقان. صحيح أن عوائد القطاع المالي بدأت في الانخفاض نتيجة أزمة الائتمان، لكن السياسيون والسلطات المالية شعرت بأنها مجبرة على سد هذه الفجوة.
الأزمة تكمن في أن القطاع المالي الآن ليس ضخمًا وفقط، بل متقلب بشكل مقلق. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه بعض الشركات، مثل مايكروسوفت وجوجل، نتيجة ابتكارها منتجات أضافت إلى الطاقة الإنتاجية للاقتصاد، يبقى القطاع المالي عاجزا عن تقديم مثل هذه المنتجات النهائية.
ما الذي يفسر إذن التوسع الملفت للقطاع المالي؟ إنه سؤال حير حتى هؤلاء الذين استفادوا بقوة من نمو هذا القطاع. وفي هذا السياق قال المستثمر الأسطوري جورج سوروس لمجلة "بروسبكت" في يوليو من العام الجاري: إن القطاع المالي انتفخ، وأصبح ينمو بوتيرة مفرطة، وهو بحاجة إلى أن ينكمش قليلا؛ لأن نسبته أصبحت كبيرة جدًا مقارنة بباقي نسب القطاعات الاقتصادية، مما أثمر تلك الفقاعة الكبرى التي ظهرت منذ 25 عامًا".
أما الخبير المالي "باول وولي"، فجاء بانتقاد عنيف، متسائلا عما إذا كان نمو هذا القطاع قد أفاد المجتمع، مؤكدًا أن القطاع المالي إذا زاد عن حده، حمَّل الاقتصاد الإنتاجي ضرائب لا مبرر لها.
No comments:
Post a Comment