برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, May 30, 2008

انقسام الشرق الأوسط


مجلة "تايم" الأمريكية، 26 مايو 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي

في الوقت الذي كانت فيه لبنان تحترق، كان اقتصاد جديد يشق طريقه إلى القمة في دول الخليج. هذا هو واقع منطقة الشرق الأوسط، حسبما رأته مجلة تايم الأمريكية.
إنه واقع أشبه ما يكون بمرض "الانفصال عن الواقع" الذي يصيب البشر.
أزمات قديمة أشعلت فتيل التوتر في لبنان، إلا أن ذلك لم يعرقل دولا أخرى في العالم العربي، كقطر ودبي من المضي قدما.
ففي الصورة يظهر شاب يجري وسط دائرة من النيران، والدخان يندفع وراءه كالموجة العارمة، وملثمون ممسكون بأسلحة نارية في شوارع المدينة، وصراع بين القوى السياسية تحول لونه للأحمر القاني، لون دماء الضحايا. كل هذا شهدته شوراع بيروت خلال الأسبوعين الماضيين.
لكن هذه ليست القصة الكاملة، ففي الجانب الغربي من الخليج العربي كان يوجد مشهد آخر، حيث تبنى الجزر، وتتفتح الصحراء نضارة، وينهي أرباب الأعمال صفقاتهم في الفنادق المبهجة.

نيران بيروت كانت تمثل واقع المنطقة، لكن هل ينبئ واقع دول الخليج بمستقبل أفضل للعالم العربي؟ سؤال ستبدي الأيام ما خفي من جوانبه.
ويبقى ماحدث في لبنان دليل فشل إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في المنطقة، وبرهانا على أن الإدارة الأمريكية لم تستطع يوما نصرة حلفائها في أي صراع، بل كانت دائما تقلل من شأن أعدائها.
ألا يذكرك هذا الوضع بشئ؟ انظر للعراق، ستجد حكومة بغداد، المدعومة من قبل إدارة بوش، متحصنة بالمنطقة الخضراء، وتقوم بشن هجمات متقطعة ضد المليشيات الشيعية.
وانظر إلى فلسطين، ستجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس – رغم الدعم الأمريكي الذي يتمتع به- يقف عاجزا في مواجهة حركة حماس.
ويبقى على الجميع الانتظار حتى يتبين مالذي ستفرزه الأيام المقبلة.

عودة التضخم


مجلة "ذي إيكونوميست"، 22 مايو، 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي

التضخم المالي.. كارثة العصر، وأكبر مشكلاته، ورغم اختلاف المختصين حول تعريفه، إلا أنهم يتفقون جميعًا على أنه يؤدي حتما لارتفاع الأسعار.
مجلة "ذي إيكونوميست" خصصت موضوع غلافها هذا الأسبوع لهذه المعضلة الكبرى التي يراها البعض مجرد ظاهرة نقدية فحسب، فيما يراها آخرون انعكاسا لتناقضات الرأسمالية المعاصرة.
حذر رئيس البنك المركزي الأوروبي، جين كلود تريشيه، من تكرار أخطاء سبعينيات القرن الماضي، حينما وصل التضخم لمعدلات غير مسبوقة، ورغم أن كلماته ألقت بالمسئولية على عاتق البنوك المركزية في الدول الغنية، إلا أن صانعي السياسـات في الدول الصاعـدة هم أكثر من ينبغي أن يلفت اهتمامهم.
وأشار تريشيه إلى أن معدلات التضخم في دول اليورو ستظل العام الحالي متجاوزة السقف المسموح به، والمحدد من قبل البنك المركزي الأوروبي عند 2 بالمائة
وكان البنك المركزي الأوروبي قد أقر إبقاء أسعار الفائدة لديه دون تغيير عند 4%، وهو المستوى المعمول به منذ شهر يونيو الماضي، في ظل استمرار الارتفاعات القياسية لسعر اليورو مقابل الدولار، التي قدرت بنحو 17%.
وتواجه حاليا اقتصاديات دول منطقة اليورو البالغ عددها 15 دولة إشكالية تراجع في معدلات النمو في الوقت الذي يتحرك فيه التضخم بأسرع معدل له منذ انطلاق اليورو في عام 1999 ليبلغ حاليا حوالي 3.2%.
وقد أظهرت الإحصائيات في دول كالصين والهند وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية ارتفاعا في الأسعار لا يقل عن 8 -10% خلال العام المنصرم، أما روسيا فقد ارتفعت الأسعار فيها لما يقارب 14%، و الأرجنتين 23%، وفنزويلا 29%. وإذا ما جُمعت هذه الأرقام ستجد أن ثلثي سكان العالم سيتأثرون سلبا بمعدلات التضخم هذا الصيف.لقد وصلت معدلات التضخم العالمية إلى 5,5%، وهي النسبة الأعلى منذ العام 1999. وترجع الأسباب الرئيسية في ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والبترول، حيث وصل سعر البرميل الواحد إلى 123 دولارا الأسبوع الماضي. الأزمة الأكبر تكمن في أن ارتفاع أسعار البترول والغذاء يؤثران على أسعار باقي السلع، مما يفرز متوالية مستمرة من الأزمات.

هل يمكن شراء السعادة بالمال؟


مجلة "ذي أمريكان" مايو- يونيو 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي

"لا يمكن للمال شراء السعادة، لكن النجاح يمكنه ذلك" بهذه الجملة بدأت مجلة "ذي أمريكان" موضوع غلافها الأخير، والذي بدأت فيه بقصة أحد عمال الصيانة الفقراء، ويدعى ماك ميتكالف، والذي ربح 65 مليون دولار في إحدى مسابقات اليانصيب، الأمر الذي نقله فجأة من فقر مدقع إلى ثراء فاحش، لكن العجيب أن ملايينه الجديدة لم توفر له السعادة التي كان ينتظرها.
بعد فوزه بالملايين، ترك ميتكالف العمل للأبد، وكان يقضي أوقاته في شراء السيارات باهظة الثمن، والحيوانات الغريبة كالعناكب الأمريكية والثعابين. إلا أن المتاعب لم تمهله كثيرا، فقد وجـد نفسه مضطرا لسداد نصف مليون دولار لتسوية نزاع يتعلق بزواج قديـم، كما سرق منه نصف مليون دولار آخر بينما كان مخمورا، لم يتوقف الأمر عندـ هذا الحد، بل تطور ليجد ميتكالف نفسه غارقا في الإدمان، وتجتاحه الشـكوك في أن كل من حوله يريدون قتله، وقد أتى تليف كبده والتهابه ليقضي على بقايا حلم لم يبدأ بعد.
وهكذا توفي ميتكالف في شهر ديسمبر عام 2003، عن عمر يناهز 45 عاما، بعد 3 سنوات فقط من تحقق حلمه بالفوز في مسابقة اليانصيب في 23 من يوليو عام 2000. ذهب ميتكالف ولم يتبق سوى شاهدة قبره.
هل استطاعت ملايين الدولارات أن تحقق السعادة المنشودة لماك ميتكالف؟ بالتأكيد لم تستطع، بل على النقيض من ذلك، تجد كل من حوله يلقي باللائمة على المال في التسبب بقطف زهرة عمره.
صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن زوجته السابقة قولها: لو لم يربح ميتكالف في هذه المسابقة، كان سيستمر في عمله كالمعتاد، وربما كان سيتمكن من العيش 20 سنة أخرى. لكن حين تعطي هذه الأموال لشخص مثقل بالمشكلات، فإنها فقط تساعده على قتل نفسه".
لقد سمعت هذه الحقيقة آلاف المرات، أن "السعادة لا تشتري بالمال"، لكن البشر على مر التاريخ لم يفتأوا يناضلون من أجل تحصيله. وهاهي أمريكا قد كافحت لتتربع على قمة الهرم الاقتصادي العالمي، فهل نعاني إذن من وهم جماعي؟ أم أن المال ربما يمكنه، على الأقل، شراء القليل من السعادة؟لقد زاد ثراء الأمريكيين خلال العقود القليلة الماضية بصورة لم تشهدها الأجيال السابقة، لكن الحقيقة المرة تقول: إنه بالرغم من ارتفاع مستوى معيشتهم، مازال مستوى سعادتهم كما هو، لم يرتفع بعد.

إنقاذ اقتصاد هزيل


مجلة "تايم" الأمريكية، 26 مايو 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي

لأن الاقتصاد لب الحملات الانتخابية، وورقة الضغط الرابحة في العديد من المواجهات، سلطت مجلة "تايمز" الأمريكية الضوء على الصعوبات الاقتصادية التي تنتظر ساكن البيت الأبيض الجديد بعد خروج بوش.
وقد أشارت المجلة إلى سياسات الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان في المجال الاقتصادي، وكيف أنها كانت مغايرة للسياق العام في البلاد لدى توليه منصبه، فقد تعهد الرجل خلال حملته الانتخابية بتقليص الضرائب وزيادة الإنفاق العسكري وإعادة الاتزان إلى الميزانية، وقد تمكن ريجان من الوفاء بالتعهدين الأولين على حساب الثالث. فبينما مرت البلاد بفترة انتعاش بعد حالة الركود التي سادت خلال عامي 1981 و1982، أدت الميزانيات التي تم وضعها خلال فترة حكم ريجان إلى حدوث عجز قياسي في الميزانية وإلى زيادة الدين العام بمقدار ثلاثة أضعاف تقريبا، وقد وصف الرئيس الأمريكي الراحل زيادة هذا الدين بأنه يمثل أحد أكبر الإحباطات التي عانى منها في فترة وجوده في البيت الأبيض، وأنحى باللائمة على الكونجرس لأنه تقاعس عن خفض الإنفاق الداخلي، على الرغم من أن الميزانية التي صدق عليها ريجان وقدمها للكونجرس لم تكن متوازنة في الأساس.
في مناظرته التليفزيونية الوحيدة، والتي استمرت لدقائق معدودة، ضد منافسه الديمقراطي جيمي كارتر، في عام 1980، نظر رونالد ريجان مباشرة إلى الكاميرا، وطرح سؤالا: "هل أحوالكم الآن أفضل مما كنت عليه قبل 4 سنوات؟"، أي قب حكم كارتر. إنه سؤال يوضح طبيعة الحملة الانتخابية، وماهية السياسة الأمريكية في أواخر القرن العشرين، وقد كانت الإجابة عنه بسيطة للغاية.
ورغم اهتمام الأمريكيين وقتها بأمور أخرى، كأزمة الرهائن الأمريكيين المحتجزين في السفارة الأمريكية بطهران، وسترة كارتر الصوفية، التي ظهر مرتديًا إياها وقت الأزمة النفطية في السبعينيات، مطالبا بضرورة توفير الطاقة، رغم ذلك، كان الاقتصاد قضية جوهرية في انتصار ريجان؛ فبعد توليه السلطة، بدأ مرحلة اقتصادية جديدة.
وفي أعقاب انتهاء فترة الحرب الباردة هبط معدل الإنفاق العسكري بشكل سريع مما جعل من اليسير على من تولوا رئاسة أمريكا بعد ريجان النجاح في إعادة التوازن إلى الميزانية، التي شهدت فائضا في النصف الثاني من الفترة الرئاسية الثانية للرئيس السابق بيل كلينتون. أما الآن، وفي ظل تزايد حجم الإنفاق العسكري على حربي العراق وأفغانستان، والركود الذي يصيب الاقتصاد الأمريكي، فيبدو الأمر أكثر صعوبة مما مضى.
لكن أوراق الضغط هذه ما زالت تستحوذ على اهتمام أي مرشح للرئاسة الامريكية، لأنها تلعب دورا مهما في اجتذاب الشريحة المترددة من الناخبين التي لم تقرر بعد لمن ستدلي بصوتها. ويبقي علي الجمهور أن يختار أفضل "ممثل" يقدم عرضا مشوقا ومقنعا وجذابا!!.
وفي انتخابات هذا العام يتربع الاقتصاد أيضا على رأس اهتمامات الناخبين، لكن بقائمة مخاوف أخرى، من بينها الانهيار العقاري، والأزمة الائتمانية، ونظام الرعاية الصحية المتهاوي، وهيكل الوظائف غير المستقر.
فيما يؤكد استطلاع تلو الآخر أن الغالبية الساحقة مقتنعة بأن الاقتصاد والبلاد يسيران صوب الاتجاه الخاطئ.
إن أول وأوضح ما يمكننا قوله في هذا الإطار هو أن الوضع الراهن يمثل عقبة كبرى في طريق المرشح الجمهوري جون ماكين، رغم أنه كان بعيدا عن السلطة خلال السنوات الأربع الماضية، مما يبعد اللائمة عنه. لكن التاريخ يؤكد أن بطء النمو الاقتصادي كان من أكبر الأسباب التي أدت لتغيير سيطرة الأحزاب على البيت الأبيض، فكيف الآن والاقتصاد لا ينمو على الإطلاق.
إن القضية الأكبر التي يناضل من أجلها الناخبون الآن ليست ما يستطيع الاقتصاد تقديمه للسباق الرئاسي، بل ما يمكن للرئيس القادم تقديمه للاقتصاد، وغالبًا لا يكون شيئا يذكر.
وللأهمية الكبيرة لهذا الموضوع، قدم الحزبان أطروحات مختلفة لتجسير الفجوة الاقتصادية الحالية؛ فأوباما كان صريحا بشأن تحويل الضرائب بعيدا عن الطبقة المتوسطة، والدفع بها باتجاه الذين يجنون دخلا سنويا قيمته 200 ألف دولار. بينما تحدث ماكين بصفة خاصة عن توفير برامج لإعادة تأهيل العاملين الذين أطاحت بهم العولمة. ويوجد طريق آخر، رغم أن أحدا لم يتناوله حتى الآن، وهو بذل جهد كبير لإصلاح البنى التحتية المتهالكة، الأمر الذي من شأنه خلق المزيد من فرص العمل، وضخ الكثير من المزايا الاقتصادية طويلة الأمد.
على كل حال، لطالما دار المرشحون حول الفجوة الاقتصادية، وقد حان الوقت لمناقشتها بجدية.

صديق أم عدو: الهند في مواجهة الصين


مجلة "جلوبال فاينانس" مايو 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي

رغم منافستهما الشديدة، وعلاقاتهما المتعثرة أحيانا، لطالما وجدت الجارتان اللدودتان، والعملاقان الآسيويان، الهند والصين، طريقة للتعاون الثنائي فيما بينهما، كلما زاد تأثيرهما في ساحة الاقتصاد العالمي.
الوضع العالمي للفيل الهندي والتنين الصيني كان موضوع غلاف مجلة "جلوبال فاينانس" التي ترى أنه لا يمكن لذي عينين تجاهل هذين العملاقين، اللذان يبلغ تعداد سكانهما 2,4 مليار نسمة، وهو ما يوازي 40% من سكان الكرة الأرضية، معتبرة ما يحدث الآن من تغير عالمي بمثابة "الانتقال الهائل في موازين القوى الاقتصادية من الغرب إلى الشرق"، بل عودة الميزان العالمي إلى نصابه بعد اختلال دام طيلة200 عام.
في كتابهم الذي صدر مؤخرا تحت عنوان "السعي للسيطرة العالمية" يُشير "أنيل جوبتا"، و "فيجي جوفينداراجان"، و "هاياجان وانج" إلى أن المؤسسات العالمية ستخسر كثيرا إذا لم تستفد من الهند والصين. فيما يعرِّف تقرير مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي، المسمى بـ"تخطيط المستقبل العالمي"، النمو السريع لهذين الاقتصادين بأنه: واحد من أكثر التطورات عمقا في تحول المشهد الاقتصادي والسياسي في العالم.
واستنادا إلى معدلات النمو السنوي الحالية، فإن الاقتصاد الصيني سيكون الأكبر في العالم بحلول العام 2050، حتى قبل الولايات المتحدة التي ستأتي في المرتبة الثانية، يليها مباشرة الهند. وهكذا سيكون للعملاقين الآسيويين نصيب الأسد.
وتعتمد هذه التغيرات على العديد من الافتراضات، أهمها على الإطلاق عمق ومدى الركود الحالي، وما إذا كان هذا الاندفاع باتجاه التجارة الحرة، والعولمة سيستمر.
ومن المتوقع أن تنخفض معدلات النمو الهندي من 8,7% إلى 7,8% خلال العام الحالي 2008، قبل أن تسجل ارتفاعا في العام القادم يقدر بـ 8,3%.
وبعيدا عن تباطؤ التجارة العالمية، فإن مشهد النمو المستقبلي لهاتين الدولتين سيعتمد أساسا على مدى استعداد حكومتهما وبنوكهما المركزية، لكبح جماح التضخم فيهما؛ فالصين تواجه تحديا كبيرا في ظل معدلات تضخمها الحالية، والتي وصلت إلى 8,7%، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء "وين جياو باو" إلى وضع ذلك على رأس أولوياته، وجعل البنك المركزي الصيني يستعد للهجوم على التضخم بالعديد من الإجراءات، من بينها تجميد معدلات الفائدة.
ويرى العديد من المراقبين أن الهند والصين لا يشكلان الآن مستقبلهما وفقط، بل يشكلان مستقبلنا نحن أيضا. فيما يقول الخبراء أن هذين العملاقين الآسيويين ماهما إلا نسخة معكوسة من بعضهما؛ محتجين بأن الشئ الذي تتقنه الصين، لا تتقنه الهند.
إن غياب السلطة المركزية المسيطرة في الهند ربما يوضح لماذا تستطيع الصين بناء مدن كاملة بين عشية وضحاها، فيما تعتبر هذه الطريق مليئة بالمتاعب في الهند. ورغم أن تكلفة الإنتاج الفعلية في الأخيرة يعتبر أقل من جارتها، مما يعطيها فرصة للمنافسة، إلا أن تدني مستوى بنية المواصلات التحتية يرفع من تكلفة النقل، ويقلل من كفاءة التسليم.
ربما اتضح الآن لماذا كانت الهند والصين، إلى وقت قريب، يركزان على تصدير منتوجاتهم وخدماتهم إلى الدول النامية بدلا من التبادل الثنائي فيما بينهما، لذلك تجد حجم التبادل التجاري بينهما قد ارتفع من 5 مليار دولار في العام 2003، إلى 38 مليار دولار فقط خلال الخمس سنوات الماضية، وهو التغير المتواضع إذا ما قورن بحجم صادراتهما للولايات المتحدة، وأروربا، وغيرهما من دول العالم الثالث.
لكن ارتفاعا في حجم التبادل التجاري بين البلدين، يُتوقع أن يصل إلى 60 مليار دولار بحلول العام 2010، قد يثير التوتر بين البلدين؛ فالميزان التجاري يميل بشدة لصالح الصين، فيما ارتفع الفائض من 4 مليار إلى 9 مليار دولار العام الماضي.
أما الهند فيشتكي رجال الأعمال فيها من أن ارتباط عملتهم بالدولار المتدهور يعطي المصدرون الصينيون ميزة غير عادلة، أضف إلى ذلك كون الصادرات الصينية من البضائع المصنعة، مما يجعل الميزان التجاري يميل أكثر لصالح الصين.
لكن أي الدولتين، الفيل أم التنين، ستفرض سيطرتها على العالم؟ الواقع يشير إلى الصين، رغم علامة التعجب المثارة حول ما إذا كان نظام "الاستقرارالاجتماعي" الذي بني في بكين على أنقاض الحريات وحقوق الملكية، سيستمر على المدى الطويل. أما الهند فباقية على الطريق، رغم احتياجها لإدارة أكثر وعيًا.

قضية التبت




"مجلة فرانت لاين" 23 مايو 2008


ترجمة/ علاء البشبيشي


اندلعت العديد من الاحتجاجات وأعمال الشغب في إقليم التبت، مارس الماضي، بصورة كبيرة اعتبرها المراقبون بمثابة "التهديد الأكبر للحكم الصيني في الإقليم الجبلي منذ نحو عقدين".
مجلة "فرانت لاين" رصدت تأثيرات هذا الحدث على التنمية، وحقوق الإنسان، والمشهد السياسي في هذا الإقليم الصيني، الذي أثارت احتجاجاته موجة عالمية مناهضة للصين، عرقلت المسيرة الدولية للشعلة الاولمبية، بل وتطورت إلى دعوات من زعماء غربيين إلى مقاطعة دورة بكين الأولمبية في أغسطس القادم.
شهر مارس كان أقسى الشهور بالنسبة للتبتيين؛ بداية من انتفاضة العاشر من مارس عام 1959، مرورا بالتوترات المتقطعة التي شهدها عامي 1987 و 1989، انتهاء بما حدث في الرابع عشر من مارس 2008، في "لاسا" عاصمة الإقليم، ولاحقا في بعض المناطق الأخرى، كأقاليم كينغاي، وجانسو، وسيشوان.
هذا وقد اتهمت الصين وسائل الإعلام الغربية بتزييف الحقائق،
فيما رأت المجلة أنه بالرغم من أن المتظاهرين قد أشعلوا النار في العديد من المباني السكنية، والمدارس، إلا أن وكالات الأخبار العالمية، والصحف الغربية، والشبكات التليفزيونية، وبصورة غير مستغربة، تلاعبت بالتقارير، وجعلت مصادرها (صينيو الانترنت)، لتشن انتقادا لاذعا ضد حكومة بكين.
وقد نشرت المجلة صورا لمتظاهرين صينيين يرتدون قبعات مكتوب عليها (بي بي سي..كفاكِ كذبا)، في إشارة لمدى الغضب الصيني من التغطية الغربية لأحداث التبت، والتي يرونها منحازة بشكل واضح ضدهم.
ورغم وجود نحو مليون مسلم في إقليم التبت، الذي يبلغ تعداد سكانه 3 ملايين نسمة، إلا أن التغطية الإعلامية للأزمة تتجاهل مأساتهم، ولا تسلط أدنى ضوء على أوضاعهم.
لقد تزامنت الحملة الإعلامية البوليفية، مع حملة سياسية دولية تقودها إدارة الرئيس بوش، وبمشاركة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والعديد من القادة السياسيين الغربيين، والمشرعين الأوروبيين والأمريكيين.
المحلل الاقتصادي "اف ويليام انجداهل" صاحب الكتابات الواسعة في مجال الجغرافيا السياسية، والاقتصاد، والطاقة، يرى أن إذكاء جذوة العنف في التبت يعتبر لعبة خطيرة يمارسها الغرب مع الصين، خاصة في هذا التوقيت الحساس، قبيل بدء الألعاب الأولمبية.
كما يرى "انجداهل" أن إعطاء الضوء الأخضر لأحداث التبت الحالية يرجع إلى شهر أكتوبر من العام 2007، حينما وافق الرئيس الأمريكي جورج بوش على لقاء "الدالاي لاما" للمرة الأولى علنا في واشنطن، بالإضافة إلى تكريم الزعيم الروحي للتبت، بمنحه الميدالية الذهبية من قبل الكونجرس.
لكن لحسن المقادير نأت الحكومة الهندية بنفسها عن هذه التحركات التي تقودها أمريكا، واتخذت موقفا صحيحا تجاه قضية التبت، والمشكلات الأخيرة.

تقريبًا هناك


مجلة ذي إيكونوميست ، عدد 8 مايو، 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي

ربما تأكَّد الآن أن باراك أوباما كان يستحق الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن الذي لم يتأكد بعد هو ما إذا كان أوباما يستحق سُكنى البيت الأبيض.
أما منافِسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، فترى مجلة "ذي إيكونوميست" أن حملتها أوشكت على الانتهاء؛ خاصة بعد خسارتها الفادحة في كارولَيْنا الشمالية، وفوزها المتواضع للغاية في ولاية إنديانا.
وتعتقد المجلة أن السيدة كلينتون إذا كان من حقها أن تُحارب للرمق الأخير في هذا السباق، إلا أنه من الصعب تفهُّم المكاسب التي ستعود عليها، أو على حزبها وبلادها جراء ذلك، خاصة بعد النتائج التي حققها أوباما أمامها.
وتردف المجلة قائلة:
التفسير الوحيد لاستمرارها في النضال - إذا ما افترضنا أن هناك من الأموال ما يكفي لذلك – وإقحام حزبها في سعير حربٍ قانونية، ربما يكون اقتناعها أن منافسها لا يستحق هذا الترشيح.
لكننا ما زلنا نتطلع لمعرفة المزيد عن موقف هذا السناتور الشاب، ورغم قلقنا من استراتيجيته فيما يتعلق بحرب العراق، إلا أن السيد أوباما نجح في اجتياز معظم العقبات التي اعترضت طريقه خلال الفترة السابقة.
صحيحٌ أن السيدة كلينتون تبدوا أكثر شعبية في أوساط العمال البيض، والطبقة المتوسطة في أمريكا، وهذا يُعطي نقطة لصالح المرشح الجمهوري جون ماكين في منافسته ضد أوباما.
وتسائلت المجلة: هل سينتخب الأمريكيون رجلًا أسود؟ خاصة وأن الولايات المتحدة ما زالت تعاني من مشاكل تتعلق باللون. لكنها عادت لتؤكد أن مشكلة أوباما الكبرى ربما لاتتعلق باللون بقدر تعلقها بالطبقة؛ فالشريحة العاملة، حتى من البيض، ما زالوا ينظرون لأوباما على اعتبار أنه ينتمي للنخبة، التي لا تحيا حياتهم، ولا تشعر بمشكلاتهم، لكن نشأته الفقيرة ربما تغير تلك النظرة قليلًا. وتنتقل المجلة إلى لغة الأرقام، في حديثٍ أشبه ما يكون بالتسويق لأوباما، قائلة:
تُظهر الأرقام أن معظم الشباب، أبيضهم وأسودهم، يُفضِّلون السيد أوباما. أما السيدة كلينتون فقد انتزع ماكين تأييد أوصات كل المستقلين من أمامها، لكنه حين يواجه أوباما ربما يتقاسم ذلك معه.
الأمر الآخر في هذه المرحلة الأولية، هو أن ترى كيف يتصرف المرشحون تحت الضغط، وأن تقيس شخصيتهم الرئاسية. فالسيدة كلينتون، على سبيل المثال، ظهرت بإصرارها على عدم الانسحاب، حتى اللحظة الأخيرة. والسيد ماكين عُرِف بموقفه الذي لايقبل التفاوض بشأن حرب العراق والتجارة الحرة. أما السيد أوباما فقد بدا أقلّ إزعاجًا، كما أنه أظهر فضائل عديدة تحت الضغط.
هناك سبب أخير يوضح لماذا ارتقى السيد أوباما مرتقاه الحالي؛ وهو أنه المرشح الوحيد هذا العام الذي لديه تصور واضح لمستقبلٍ أفضل لأمريكا. ربما يكون ذلك لطبيعة أوباما؛ فعندما تزوج والداه في العام 1960، كان ارتباط هذا الثنائي، امرأة بيضاء ورجل أسود، غير قانوني في نصف الولايات الأمركية. واليوم يقف ابنهما على أعتاب البيت الأبيض.
لِما سبق نرى أن السيد أوباما يستحق ترشيح الحزب الديمقراطي، وقد حان الوقت كي تعترف السيدة هيلاري بذلك، وتُلقي بثقل آل كلينتون خلف أفضل آمال حزبهم.

!حرب التريليون دولار


مجلة ذا ريزون الأمريكية، عدد مايو 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي

تعدت تكلفة ما يسمى بـ(الحرب على الإرهاب) ما تم إنفاقه على حرب فيتنام، التي استمرت 12 عامًا، والحرب العالمية الأولى، أو ما يوازي عشرة أضعاف ما تكلفته حرب الخليج الأولى. وإذا ما أخذنا في الاعتبار التضليل التي تمارسه واشنطن بشأن الأرقام والإحصائيات، يتبين لنا أن ما خفي ربما كان أعظم.
مجلة ريزون سلطت الضوء على حجم هذا الإنفاق، الذي وصل لمعدلات قياسية، أذهلت الجميع بمن فيهم منظروا الحرب أنفسهم، مؤكدة في الوقت نفسه أن الأيام أسقطت ورقة التوت عن التكلفة الحقيقية للحرب، والتي طالما حاولت الإدارة الأمريكية إخفائها.
أقر الكونجرس، في نهاية ديسمبر الماضي تمويلًا قدره 70 مليار دولار لإكمال تمويل الحرب في أفغانستان والعراق، في الوقت الذي لم يكن فيه المشرعون قد انتهوا من انتقاد مطلب الرئيس الأمريكي جورج بوش بميزانية قدرها 196 مليار دولار لتمويل الحرب في السنة المالية الجديدة 2008. وإذا ما تم تخصيص هذه الميزانية التي طالب بها بوش فإن إجمالي تكلفة الحروب التي تخوضها أمريكا في الوقت الراهن سترتفع إلى 822 مليار دولار على الأقل، 80% منها ستُنفق غابًا على حرب العراق.
حدث ذلك رغم توقعات "ميتش دانيال"، وزير الخزانة في البيت الأبيض، ألا تتعدى تكلفة حرب العراق ما بين 50 – 60 مليار دولار (57 – 69 مليار دولار بأسعار العام 2007، بعد تقدير نسبة التضخم).
هذه الأموال المتدفقة لا تشمل دولارًا واحدًا مما ينفقه البنتاجون سنويًا في مجال الإدارة، والتي وصلت في العام 2008، 481 مليار دولار. وإذا ما تم إحصاء تلك النفقات على أساس من العقلانية والشفافية، بدلًا من لعبة تسييس وإخفاء الأمور، سيتألم الأمريكيون حين يكتشفون أننا اليوم في السنة السابعة مما يسميه مكتب الإحصاء الحكومي غير المحايد "حرب التريليون دولار".
كل هذه الإحصائيات لا تتضمن بالطبع الـ 500 مليار دولار التي تُنفق سنويًا على وزارة الدفاع، والذ أشارت إليها المجلة آنفًا، ولا غير ذلك من النفقات الغير معلنة؛ مثل الإنفاق على عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية، أو التمويلات المتداخلة في ميزانية أكثر من إدارة. ولأن هناك الكثير من النفقات التي لم تُحصِها الإدارة، فإن التكلفة الحقيقية للحرب ربما تفوق بكثير الأرقام المعلن عنها رسميًا، وهو الأمر الذي دفع المجلة للتساؤل:
كم يساوي هذا التريليون دولار الذي يحدثوننا عنه؟ أيكفي لتغطية ميزانية مكتب التحقيقات الفيدرالية، أم يكفي لصرف شيكات لكل المواطنين العراقيين، قيمة الواحد منها 37500 دولار، أم تغطي فاتورة شراء طائرات الهليكوبتر من طراز "بلاك هوك" والتي تبلغ 169492 دولار.
الشئ الغريب في هذه الحرب التي دخلت عامها الخامس في العراق، والسابع في أفغانستان أن الإدارة الأمريكية والكونجرس دفنا كل الحقائق حول تمويلها، تحت ستار التكميلات الطارئة. ومن الذي استفاد من كل هذا؟ إنه البنتاجون والحزب السياسي الذي يدير واشنطن من أوائل القرن الحالي، بالإضافة لأصدقائهم.
.... وما زال مسلسل الخداع مستمرًا

القوة العظمى


مجلة ذي أميركان كونسرفاتيف ، 21 أبريل، 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي
تبذل بكين وسعها هذه الأيام لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من دورة الألعاب الأولمبية التي ستستضيفها هذا العام. ورغم الجهود المتوالية لحجب هذا الشرف عن الصين إلا أن طموحاتها تبدو في طريقها للتحقق.
الواقع يقول أن الصين تشق طريقها بالفعل، رغم إعلان المخرج السينمائي "ستيفن سبيلبرج" انسحابه من العمل كمستشار فني للألعاب؛ احتجاجًا على تجاهل الصين مشكلة دارفور، وتواتر الاحتجاجات ضد القمع الصيني في التبت، والسياسات الصينية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان في السودان وميانمار ومناطق أخرى من العالم، بالإضافة إلى موقف الدالاي لاما والأقلية المسلمة، وناشطوا البيئة.
مجلة ذي أمريكان كونسرفاتيف (The American Conservative)، خصصت غلافها الأخير لهذا الموضوع، مؤكدة أن هناك الكثير من التحديات ما زالت بانتظار التنين الصيني، قائلة:
في تمام الساعة 08:08:08 في اليوم الثامن من شهر أغسطس القادم، سيتزاحم الصينيون في استاد "عش الطائر" الصيني، لحضور حفل انطلاق الألعاب الأولمبية. ولا تستغرب إذا ما رأيتهم ينظرون بقلق إلى السماء، فأكبر مخاوفهم أن تفسد أكثر لحظات حياتهم سعادة، ويتم إلغاء الحفل الافتتاحي في اللحظة الأخيرة. فالمراقبون يتوقعون بنسبة 50% هطول الأمطار الغزيرة على الملعب المفتوح الذي بلغت تكلفته 440 مليون دولار. ولتقليل هذه المخاطر قام المسئولون بضخ النقود لتمويل عملية "تلقيح السحاب" لاستمطارها قبل الاحتفال الافتتاحي لدورة الألعاب. هذه الإجراءات تعكس مدى عزم الصين على إنجاح هذه الألعاب.
ولكن ما هي الآليات التي تستخدمها بكين لقياس نجاحها في هذا التحدي؟. وهل تهدف الصين بالفعل، من وراء هذه الاستضافة، إلى "التقريب بين دول العالم عن طريق الرياضة، بما يرفع من درجة الاحترام المتبادل، والصداقة والتناغم بين الشعوب" كما يروِّج ساستها؟، أم أن هناك حاجة أخرى في نفسها قضتها؟
مجلة ذي أمريكان كونسرفاتيف، أردفت تقول:
لا تتخيل أن الاحتجاجات التي استمرت خلال الأشهر القليلة الماضية، قد أضعفت من أحلام الصين في تحقيق مجدها الأوليمبي. في البداية كان هناك دعوات المقاطعة، واستقالة سبيلبرج في فبراير، ثم انتفاضة التبت الدموية في مارس، بالإضافة إلى الاضطرابات التي اجتاحت إقليم شينجيانغ، ذو الأغلبية المسلمة، ومقاطعة الاحتفال بالشعلة الأولمبية في أثينا.
وحتى وقتٍ قريب كانت فكرة أن تستضيف الصين دورة الألعاب الأولمبية تثير الضحك، لكن بعدما تولى الشيوعيون مقاليد السلطة في عام 1949، شارك الرياضيون الصينيون في 3 دورات أوليمبية، ورغم أنهم لم يُحققوا أي فوزٍ يُذكر، إلا أن الصين نجحت في تحقيق تحول جذري في هذا الإطار، فكيف استطاعت تحقيق ذلك؟ الورقة الرابحة في هذا الإطار كانت السياسة. وقد حققت الصين، على مدار الخمس وعشرون سنة الأخيرة، تحولًا رياضيًا، لم تحققه دولة أخرى في التاريخ. لقد تحولت من سمكة أوليمبية صغيرة إلى قرش كبير، لكن الدلائل مازالت تشير إلى أن ما بذلته من جهد لم يكن كافيًا لهزيمة القوى العظمى الرياضية في العالم. وتبقى التكهنات؛ إما أن تمطر السماء، أو تحتفل الصين بألعابها.

Thursday, May 29, 2008

عالم ما بعد أمريكا


عالم ما بعد أمريكا / مجلة ذا نيوزويك - الثاني عشر من مايو 2008
ترجمة / علاء البشبيشي
تعتبر أمريكا نفسها شرطي العالم الوحيد، وقد تعاملت بهذا الاعتبار على مدار السنوات السابقة، لكن من الواضح أن قوى أخرى في العالم قطعت شوطًا كبيرًا في طريقها إلى القمة؛ فقفزات الصين لا تكاد تخطئها عين، وروسيا أضحت تنمو بوتيرة أسرع، في الوقت الذي فقدت فيه أمريكا صوابها من عدوها الذي صنعته، وأسمته (الإرهاب). هذا الوضع إذا استمر هكذا، ستنقلب موازين القوى، ولن تكون أمريكا وقتها قادرة على أن تحافظ على يدها الطولى في هذا العالم الجديد، سريع التقلبات، كثير التغيرات.
مجلة (ذا نيوزويك) كتبت تقول، مؤكدة هذا التغيير:
أظهر استطلاع جديد للرأي أن 81% من الشعب الأمريكي يعتقدون أن بلادهم تسير على "الدرب الخاطئ". كما طرحت استطلاعات رأي أخرى أسئلة مشابهة جاءت الإجابة عليها تحمل تشاؤمًا يُنذر بخطر متزايد.
هناك أسباب كثيرة تدفع لمثل هذا التشاؤم؛ بداية من الذعر الاقتصادي، والركود الذي يجتاح أمريكا، مرورًا بحرب العراق التي لا تبدوا لها نهاية في الأفق، بالإضافة للتهديدات الإرهابية المستمرة التي تُحيط بأمريكا.
هذا القلق الأمريكي ينبع من شئ أعمق من الخسائر التي تحدث على الأرض، فالأمريكيون يرون في الأفق عالمًا جديدًا، ويخافون من أن يتم صياغته في بلدان بعيده وبأيدٍ غريبة.
انظر حولك، سترى أعلى مباني العالم موجودة في تايبيه بتايوان، وقريبًا ستكون في دبي. وستجد أكبر شركات التجارة العامة مقرها بكين، وأكبر مصفاة تكرير تم إنشاؤها في الهند، وأكبر طائرات نقل الركاب تم صناعتها في أوروبا، وأكبر استثمارات شهدتها البسيطة ستجدها في دبي، وأكبر صناعة أفلام في العالم مقرها بوليوود (تعبير يُطلق على السينما الهندية )، وليست هوليوود. وأكبر نوادي القمار تتركز في "ماكاو" جنوبي الصين، والتي تفوقت على لاس فيجاس في عائدات المقامرة العام المنصرم.
لم تعد لأمريكا اليد الطولى حتى على هوايتها المفضلة، التسوق؛ فبعد أن كان السوق التجاري في مينيسوتا يتباهى بكونه أكبر مركز تسويق في العالم، لم يعد اليوم حتى من بين أكبر عشر مراكز تسوق.
كما أظهرت أحدث التصنيفات العالمية أن اثنين فقط من أغنى 10 رجال في العالم من أمريكا، ورغم كون هذه التصنيفات استبدادية وسخيفة، إلا أنها تعكس مدى تراجع أمريكا عما كانت عليه منذ عشر سنوات خلت.
وقد اعتبرت المجلة هذه الإحصائيات بمثابة "التغير الجذريّ في القوى والمواقف"، منتقدةً أن يغرق الأمريكيون في جدالٍ حول طبيعة ومدى العداء للولايات المتحدة، في الوقت الذي تتحرك فيه باقي الدول للأمام، ويؤثرون في أماكن عديدة في العالم.
هذا التغيير انقسم حوله المراقبون؛ فهناك من يقول بأن المشكلة حقيقية وتدعوا للقلق، لذا ينبغي على أمريكا أن تتودد للعالم، وهناك على الجانب الآخر من يعتبر ذلك هو الثمن المحتوم للقوة، ويرى أنها بإمكانها تجاهل ذلك.
فريد زكريا، كاتب موضوع الغلاف، ورئيس تحرير المجلة، يحكي قصة هذا التحول الذي عايشه على أرض الواقع، فيقول:
خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر، حين كنتُ في زيارة للهند – التي نشأتُ فيها- كان معظم الهنود مفتونين بالولايات المتحدة الأمريكية. وعلي أن أعترف أن إعجابهم ذاك لم يكن بأرباب السلطة في واشنطن، ولا بعباقرة كامبريدج، بل كان الناس غالبًا ما يسألونني عن المليونير الأمريكي "دونالد ترامب"؛ فقد كان رمزًا للولايات المتحدة بثرائه وعصريته. أما اليوم، فإذا ما نحينا شخصيات الترفيه، فلن تجد في أمريكا من الشخصيات ما يمكن مقارنته بأمثال ترامب. وإذا ما أردتَ معرفة السبب، فاقرأ الصحف الهندية، أو شاهد تليفزيونها، لترى عشرات رجال الأعمال الهنود ممن أصبحوا أغنى من دونالد. لقد أصبحت الهند مأخوذة بمليونيراتها، وأضحت لديها اهتماماتها الخاصة بها، وهو الأمر الذي يوجد اليوم في كثير من دول العالم.

هل تبقى إسرائيل على قيد الحياة؟


مجلة "ذي جود نيوز" - عدد مايو- يونيو 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي

تُعتبر إسرائيل كيانًا بالغ الصِغر إذا ما قُورنت بحجم المشكلات التي تُثيرها في عالم اليوم، فقد جعلت من المنطقة الجزء الأكثر توترًا في العالم. ورغم مرور 60 عامًا على إعلان قيامها، إلا أن مستقبل وجودها مازال على المحك.
مستقبل إسرائيل بعد 60 عامًا من الصراع، كان موضوع غلاف مجلة (ذا جود نيوز) التي كتبت تقول:
تُظهِر استطلاعات الرأي في كثير من الدول الأوربية أن 60% يعتبرون إسرائيل هي الدولة التي تُمثل الخطر الأكبر على السلم الدولي. ومازال عدم الاعتراف بشرعية هذا الكيان، وإنكار حقه في الوجود هي السمة الغالبة في العالم.
الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد كان أكثر من صرح بهذا، ومن أشهر كلماته في هذا السياق ما أعلنه في عام 2005، قائلًا: "لا بد وأن تُمحى إسرائيل من الوجود"، مضيفًا في العام 2006 قولته الشهيرة : "يتجه الكيان الصهيوني لنهايته؛ فقد أضحى كشجرة متعفنة وجافة، لا يتطلب اجتثاثها سوى عاصفة واحدة"، أما في العام 2007 فقال: "إن نهاية الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ستأتي قريبًا لا محالة". وكان آخر تلك التصريحات ما قاله هذا العام 2008: " لقد زرعت القوى العالمية هذه البكتريا القذرة، الكيان الصهيوني، وهي تعيث الآن فسادًا في دول المنطقة كحيوان متوحش".
ورغم تحيُّز المجلة الواضح لإسرائيل، وتعاطفها الشديد معها، ووسمِها المقاومة بالإرهاب، والدول العربية بالمُعادين للسامية، إلا أنها أقرت بأن: الكيان الصهيوني لا قِبل له بأي حرب نووية قد تنشب في المنطقة، وأنه في الوقت الذي ستتأثر فيه إيران والدول العربية سلبًا بمثل هذه الحرب، ستُمحى إسرائيل من الوجود؛ فقنبلتين نوويتين، أو ثلاث، كفيلتان بتسوية إسرائيل بالأرض.
المؤرخ البريطاني مارتن جيلبرت لخص بعضًا من الصعوبات التي واجهت إسرائيل منذ قيامها، قائلًا:
لقد واجه المجتمع الإسرائيلي مزيجًا من الضغوطات التي تُعتبر استثنائية بالنسبة لأي دولة، وخاضت إسرائيل خمسة حروب، بالإضافة إلى الكم الهائل من هجمات المقاومة، فضلًا عن الشعور بالعزلة وانعدام الأمن".
المسلحون ليسوا وحدهم أعداء إسرائيل، فديموغرافية السكان هي الأخرى أضحت صداعًا مزمنًا في رأس قادة الكيان الصهيوني؛ فالتطور الطبيعي للسكان يهدد مستقبل إسرائيل، كما أن الهوية اليهودية داخل الكيان نفسه أضحت في خطر.
ورغم الخطورة التي تُمثلها حاليًا حركة حماس، التي سيطرت مؤخرًا على قطاع غزة، وحزب الله في لبنان، بل كل الفلسطينيين بالإضافة إلى سوريا، ماهو التهديد الأكبر الذي يقلق الحكومة الإسرائيلية؟
إن أخطر التهديدات التي تواجه إسرائيل في المستقبل المنظور هي طموحات إيران النووية، وتوعُّد قادتها بإزالة إسرائيل من الوجود