برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Saturday, January 30, 2010

مقدمة حلقة 27 يناير 2010


مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، نبدأ حلقة هذا الأسبوع وموضوع غلاف مجلة نيوزويك الذي تحدث فيه عن كارثة هاييتي. نتعرف بعدها على ملامح (الطريق إلى الانتعاش) ومجلة بزنس توداي. ثم ننتقل إلى البيت الأبيض بصحبة مجلة تايم لنحتفل بسنوية أوباما.
محطتنا الثالثة ستكون مع مجلة المشاهد السياسي وإخفاقات المخابرات الأميركية. ثم إلى التحركات السياسية في الأراضي الفلسطينية ومجلة البيادر.
وفي النهاية ننقل إليكم تهنئة مجلة الاقتصاد والأعمال بالعام الجديد (كل أزمة وأنتم بخير).

ماذا هايتي مهمة؟


نيوزويك، 26 يناير 2010

في أعقاب الزلزال المأساوي الذي ضرب هايتي بقوة 7.0 على مقياس ريختر، فإن صور الكارثة تفطر قلوبنا وتذكرنا بهشاشة الحياة.
بهذه الكلمات استهلت مجلة نيوزويك موضوع غلافها الأخير الذي كتبه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حول مأساة هاييتي.

خلال الأسبوع الماضي، تأثرنا جدا بالصور المفجعة للدمار في هايتي: أمهات وآباء يبحثون بين الأنقاض عن أبنائهم وبناتهم وأطفال خائفون ووحيدون يبحثون عن أمهاتهم وآبائهم. لقد دُمرت أجزاء كاملة من بورت أو برنس، مما دفع العائلات إلى البحث عن مأوى في مخيمات مؤقتة. إنه مشهد مروع لأناس تزعزعت حياتهم في بلد فقير عانى الكثير أصلا.
في هذا القرن الجديد، لا يمكننا التصدي للتحديات الكبيرة بمفردنا. في هذا المجهود الإنساني، سنعمل بشكل وطيد مع بلدان أخرى كي يكون عملنا على الأرض فعالا على الرغم من الظروف شديدة الصعوبة. وسنعمل أيضا مع الأمم المتحدة، التي بذلت جهودا كبيرة لإرساء الأمن والاستقرار في هايتي على مر السنوات، وتكبدت خسائر هائلة في هذه الكارثة. وسنتعاون مع مجموعة كبيرة من المنظمات غير الحكومية التي تتمتع بسجل طويل من العمل لتحسين حياة الشعب الهايتي.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن كل هذه الجهود سيعززها استمرار المواطنين العاديين في إبداء حسن نيتهم وكرمهم. الحكومات وحدها غير كافية. حتى الآن، تم جمع عدد قياسي من التبرعات من خلال الرسائل القصيرة عبر الهواتف الخليوية. وتدفقت الأموال إلى منظمة الصليب الأحمر وغيرها من منظمات الإغاثة.

تحدث الرئيس الأمريكي عن العدالة والرحمة، وفاضت كلماته بمحاولات مستميتة لتحسين صورة بلاده، وإلباسها ثوب المدافع عن الضعفاء والمساكين، المشكلة أن هذه الكلمات قد لا تجد صدى عند ضحايا الحرب التي شنتها بلاده على العراق، واستكملها هو شخصيًا في أفغانستان.
لا يمنع ذلك من الاعتراف بأن بعض كلماته أصابت كبد الحقيقة حينما تحدث عن حجم المأساة والجهد الدولي الواجب بذله لمساعدة هذا الشعب المنكوب، ومدى هشاشتنا كبشر في مواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية.

في الأيام والأشهر والسنوات المقبلة، يجب علينا أن نعمل بشكل وثيق مع حكومة وشعب هايتي لاستعادة الزخم الذي كانوا قد حققوه قبل الزلزال. من المؤسف بشكل خاص أن هذه الأزمة حصلت في وقت كانت هايتي تبدي فيه أخيرا، وبعد عقود من النزاعات وعدم الاستقرار دلائل واعدة على إحراز تقدم سياسي واقتصادي. في الأشهر والسنوات المقبلة، وبعدما تتوقف الهزات الارتدادية ولا تعود هايتي تتصدر عناوين الصحف أو النشرات الإخبارية المسائية، ستقضي مهمتنا بمساعدة شعب هايتي على متابعة مسيرته نحو مستقبل مشرق.
في أعقاب الكارثة، يتم تذكيرنا بأن الحياة يمكن أن تكون قاسية بشكل لا يوصف، وبأنه غالبا ما يصيبنا الألم والخسارة من دون أي عدالة أو رحمة، وبأن القدر يمكن أن يعاكسنا جميعا. لكن في هذه اللحظات أيضا، عندما نشعر بمدى هشاشتنا، نكتشف أننا كلنا بشر. ننظر إلى عيون الآخرين ونرى أنفسنا.

الطريق إلى الانتعاش


بزنس توداي، يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
تحت عنوان (الطريق إلى الانتعاش) رأت مجلة "بزنس توداي" الشهرية في تحليل قدمته جسيكا جراي أن مصر وإن نجحت في تخطي الأزمة المالية نوعًا، فإن المشاكل المزمنة التي تواجهها ربما تعرقل مسيرة العودة إلى النمو السريع.

الجميع قلق بشأن المستقبل. فالأزمة التي بدأت بانهيار كبار المقرضين الأمريكيين انتشرت حول العالم، ولأول مرة منذ 80 عامًا أصبح الكساد العالمي ممكن الحدوث.
ومع بداية العام 2010 بدت مصر وكأنها تتخطى أسوأ تباطؤ بفضل العروض المحفزة والانتعاش العالمي وامتلاك نظام مصرفي غير مكتمل النمو.
وتتوقع الحكومة نموًا في إجمالي الناتج القومي، الذي تراجع إلى 4,7% بين عامي 2008و 2009 ليصل إلى 5 و 5,5 % هذا العام؛ نتيجة زيادة عائدات قناة السويس وقطاعي السياحة والاستثمارات الخارجية. ورغم ذلك يقول الخبراء إن البلاد لم تصبح بعيدة بعد عن المشاكل.
في هذه الأثناء توجد مخاوف من اقتراب أزمة الغذاء العالمية بموازاة نوبة جديدة من التضخم وزيادة في معدل البطالة.

ماذا الآن؟


تايم، 1 نوفمبر 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

أسوأ نتيجة يحصل عليها في استطلاعات الرأي منذ تنصيبه رئيسا في 20 يناير 2009. انخفاض نسبة تأييد سياساته إلى ما دون 50%. أسوأ تقدير لرئيس أمريكي مع بداية عامه الثاني منذ عام 1982. نسبة البطالة التي وعد بتقليصها لم يطرأ عليها أي تغيير. عدم إغلاق معتقل جوانتانامو سيئ السمعة في غضون عام كما كان مقررا. ارتفاع عدد القوات الأمريكية في أفغانستان حوالي ثلاثة أضعاف. فشل إحلال الأمن في العراق وكذلك حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تلك أبرز ملامح العام الأول الذي قضاه أوباما في البيت الأبيض، فكيف سيكون المشهد خلال العام الجديد؟
تساؤل تجيب عنه مجلة تايم الأمريكية.

قال الرئيس أوباما: "حتى إذا لم نتناول مسألة الرعاية الصحية، فإن العام الماضي كان سيصبح قاسيًا".
كان الرئيس أوباما محقًا بشأن المتاعب التي واجهها منذ أدائه القسم في 20 يناير 2009. فقد وصل إلى سدة الرئاسة في لحظة كارثية، وسط انهيار مالي وحربَيْن. لكنه حاول أن يساعد في تثبيت أركان هذا الاقتصاد المتأرجح. وعلى الصعيد الخارجي، أعاد بسرعة الدبلوماسية إلى مسارها الطبيعي في مركز السياسة الخارجية الأمريكية، في نفس الوقت الذي يتحرك فيه بشراسة لمحاربة القاعدة وحلفائها في أفغانستان والحدود الباكستانية. وقد كانت معظم هذه الخيارات مثيرة للجدل، لكن أحدها لم يكن مشينًا.
لكن مع إطلالة شمس عام جديد، يتبادر تساؤل حول السبب وراء فشل أمهر خطباء البيت الأبيض في تسويق نفسه لدى الشعب الأمريكي.
في صبيحة فوزه بجائزة نوبل، حذره مساعدوه الغاضبون من أنها قد تمثل مشكلة سياسية، وقد تكون مصدر سخرية، ذلك أن الرجل لم ينجز أيّا من أهدافه على صعيد السياسة الخارجية بعد. وأنى له أن يُمنح جائزة سلام وهو قائد قوات مسلحة تخوض حربين؟!
بعد عام من التفكير بشأن القضايا السياسية الخطيرة، يواجه الرئيس مشهدا مغايرا في 2010. فسيكون عليه الذهاب إلى ميدان الحرب والقتال لكسب الثقة الشعبية. بينما سيكون عليه أن يرتدي ثوب السياسي وقتًا أطول من ارتدائه ثوب صانع السياسة.

إخفاقات المخابرات الأميركية


المشاهد السياسي، 17-23 يناير 2010
مجلة المشاهد السياسي تناولت بالتحليل تداعيات التفجير الانتحاري الذي استهدف محطّة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في خوست الأفغانية، وأودى بعدد من عناصرها، وشغل الدوائر الأميركية على أعلى مستوى طوال الأيام الأخيرة. متسائلة ما هي ملابسات هذه العملية وما هي خلفياتها؟
وذهبت المجلة إلى أن كل شيء يدلّ على أن العملية تشكّل نجاحا غير عادي لـ"القاعدة"، وفشلا للمخابرات الأميركية في ما يسمّى "الحرب ضد الإرهاب"، وهي تندرج في مسلسل إخفاقات الـ"سي آي إيه" في المنطقة وداخل الولايات المتحدة نفسها.

"متى ستشرب كلماتي دمائي؟" هذه العبارة كانت إحدى مدوّنات الإنترنت التي كتبها "باسم أبو دجانة الخراساني"، وهو الاسم المستعار للرجل الذي فجّر نفسه في مقرّ الـ"سي آي إيه" في خوست ليل ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٩، وقتل معه سبعة ضباط من المخابرات الأميركية. وباسم الخراساني هو الطبيب الأردني "همام خليل البلوي"، لا غيره، الذي جنّدته المخابرات الأردنية لتعقّب زعماء "القاعدة"، وكانت النتيجة أن تحوّل إلى لغم أردني موقوت داخل المخابرات الأميركية.
"نيويورك تايمز" التي نقلت هذه العبارة، نقلت أيضاً أنه كتب "كلماتي ستموت إن لم أسعفها بدمي، ومقالاتي ستشهد ضدّي إن لم أقدّم لها الدليل على براءتي من النفاق. لا بدّ لأحدنا من أن يموت كي يحيي الآخر وأتمنّى أن أكون أنا من يموت".
والقصّة التي تشبه الملاحم الأسطورية متعدّدة الفصول، ووراء كل فصل مثير فصل آخر أشد إثارة. وما نشر عن "البلوي" حتى الآن يشبه الجزء العائم من جبل الجليد، لأن سرّ حياته بطريقة واضحة أمر بالغ التعقيد. وكل الذين يعرفونه يقولون إنه اختفى من الأردن قبل عام، لكن الروايات مختلفة حول المكان الذي قصده. السلطات الأردنية، كما زوجته، تقول إنه غادر إلى باكستان، أما أمّه فتقول إنه أبلغها أنه ذاهب إلى تركيا ويخطّط للذهاب إلى أميركا لمواصلة دراسة الطبّ. أما أخوه فهو يعتقد أنه كان في غزّة. الأردنيون، من جهتهم، يقولون إنه يعمل لمصلحتهم، والأميركيون كانوا يعلّقون آمالاً كبيرة عليه لمدّهم بمعلومات دقيقة عن الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري... ويوم فجّر نفسه في ٣٠ ديسمبر انكشفت الحقيقة كما هي: "البلوي" هو أحد رجال "القاعدة" بل أحد قادتها، وهو طبيب أردني جنّدته المخابرات الأردنية لاختراق التنظيم، والهجوم الذي نفّذه كان أسوأ هجوم تتعرّض له المخابرات الأميركية منذ تفجير مقرّ السفارة الأميركية في بيروت في العام ١٩٨٣.

وتؤكد المجلة على أن عملية خوست فتحت عيني باراك أوباما وكبار المسؤولين الأميركيين على إخفاقَيْن سجّلتهما المخابرات المركزية في الأسبوع الأخير من العام ٢٠٠٩. الأول عندما فشلت في منع محاولة الاعتداء على طائرة أميركية عشيّة عيد الميلاد كانت متّجهة من أمستردام إلى ديترويت، وسمحت لعمر فاروق عبد المطلب بالصعود إلى الرحلة. والثاني عندما تسبّبت عملية خوست في الكشف عن التنسيق الأميركي ـ الأردني من جهة، وفي مقتل فريق من كبار الضباط العاملين في الوكالة من جهة أخرى. والعمليتان، كما الإخفاقات التي سبقتهما، أدّتا إلى إغراق الأجهزة الأميركية في بحر من الانتقادات والاتهامات التي بدأت منذ تفجيرات ١١/٩/٢٠٠١ داخل الولايات المتحدة ولمّا تنته بعد.

يمكن الاستدلال على إخفاقات المخابرات المركزية الأميركية والأجهزة الأخرى المخابراتية من خلال استعراض بعض التطوّرات الأخيرة التي شهدها العراق. وفي التقارير المحدودة التداول، أنه يمكن للمخابرات الأميركية أن تخسر الحرب في العراق للأسباب نفسها التي أدّت في السابق الى العمليات التي تعرّض لها الأميركيون في بيروت (١٩٨٣) والعمليات اللاحقة التي تعرّضوا لها في الصومال.
لماذا تفشل الـ"سي آي إيه" عربيا؟: للإجابة عن هذا التساؤل، يجيب الكاتب الصحفي "جيرالد بوسنر"، في كتابه الذي صدر في لندن حديثاً بعنوان "لماذا نامت أميركا" بالقول: نقطة ضعف المخابرات الأميركية هي في ضعف الشخصية الأميركية نفسها.
ويؤكد الكاتب أن لدى العرب أو الإسلاميين ميزة يتفوّقون فيها على المخابرات الأميركية والأميركيين، وهي أن عشرات الآلاف منهم قد درسوا في الولايات المتحدة ويتحدّثون اللغة الإنكليزية بشكل جيد، ويمكنهم التنقّل بسهولة في المجتمع الأميركي، ثم يتساءل قائلاً: "ترى كم من عملاء المخابرات الأميركية يمكنهم أن يتحرّكوا مطمئنين في البيئة الإسلامية أو العربية؟".
ويضيف "بوسنر" في كتابه قائلاً: "أنتجت الجامعات المخابراتية الألمانية والبريطانية الجواسيس الذين يمكن أن يتحدثوا نحو ست لهجات عربية محلّيّة، ويقرأون القرآن بشكل جيّد ويحفظون شيئاً منه، أما الولايات المتحدة فلا يمكنها إلا أن توظّف مترجمين عرباً كي تستطيع التفاهم مع المتكلّمين بالعربية ممن تعتقلهم".

التحركات السياسية.. دق الماء في الهاون


البيادر السياسي، يناير 2010

تحت عنوان (التحركات السياسية.. دق الماء في الهاون) رصدت مجلة البيادر السياسي التحرك السياسي الذي تشهده المنطقة حاليا، والذي قد يعطي انطباعا خاطئا بأن هناك انفراجا آتيا، ولكن في الواقع، فإن هذا التحرك السياسي ما زال يراوح مكانه، وهو يهدف إلى "إنعاش" الآمال بالمستقبل، ويحاول إحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وكأن إحياء هذه المفاوضات هو انجاز بحد ذاته.

خلال الأسابيع الأخيرة الماضية أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عن تجميد مؤقت وجزئي للاستيطان لمدة عشرة شهور، واعتبرت هذه الخطوة جبارة وكبيرة، ولكن فيما بعد تبين أن هذا التجميد الجزئي والمؤقت هو مجرد دعاية إعلامية وليس أكثر من ذلك، تهدف أولاً وأخيراً إلى إظهار أن نتنياهو يريد تحقيق السلام، ولكن هو في الواقع يريد السلام الذي يناسبه.
كل ما يجري من تحرك سياسي حتى الآن هو "دق الماء في الهاون" كما يقول المثل الشعبي، إسرائيل لا تريد السلام، وهي غير راغبة في الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وما زالت متعنتة بمواقفها ومطالبها، لأن إسرائيل لا تريد الهدوء والاستقرار، وغير مستعدة لدفع أي استحقاق لتحقيق الطمأنينة والهدوء، بل بالعكس، تحاول تصعيد الأمور وتساهم في تدهور الأوضاع عبر غاراتها الجوية على القطاع، وعبر حصارها الجائر والمتواصل للقطاع منذ أربع سنوات.
من هنا يمكن الاستنتاج بأن التحرك السياسي لن يؤتي بشيء جديد ما دامت إسرائيل متمسكة باحتلالها للأراضي العربية المحتلة، وما دامت إسرائيل الابنة المدللة لأميركا، وما زالت ترفض الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية..

ما استنتجته المجلة يمنح نقطة لصالح نهج المقاومة، ويسحب البساط من تحت طاولة التفاوض، وإن أصر أصحاب النهج الثاني على أن (تجميد الاستيطان غير مقبول، إذ المطلوب وقفه كاملا في الضفة والقدس أيضا). ببساطة لأن إسرائيل تناور ولن تستجيب أبدًا بالوسائل الدبلوماسية. ومعها كل الحق في ذلك، فالضعيف هو من يجب عليه أن يتنازل!

يجب التذكير بأن من سياسة نتنياهو إلا يحقق أي شيء على ارض الواقع، وتبقى الأمور على ما هي عليه الآن..
التحرك السياسي المكثف هو تخدير أو تهدئة للأعصاب ومحاولة لاختراق سياسي ما، ولكن في الواقع لن يحقق أي شيء ما دامت المواقف الاسرائيلية على ما هي عليه، وما دامت اسرائيل تتبنى سياسة التوسع والاستيطان، وما دام العالم العربي مقسماً والساحة الفلسطينية منقسمة بصورة مأساوية، والنفوذ العربي على الساحة الدولية غائباً بصورة غير طبيعية.
كثيرون يتأملون، ونحن معهم، ولكننا إذا اردنا أن نكون واقعيين، فإن هذا التحرك سيبقى يراوح مكانه، ولن يحقق شيئاً كما هو الحال مع تحركات سياسية سابقة التي كانت مكثفة بصورة أكبر من التحركات الحالية.
الأمل في تحقيق اختراق هو وهمي لأن الجانب الاسرائيلي لم يعِ بعد خطورة سياسته المتعجرفة وأثمانها الباهظة في المستقبل.

(2010) كل أزمة وأنتم بخير


الاقتصاد والأعمال، يناير 2010
حول الاقتصاد في العام 2010، رصدت مجلة الاقتصاد والأسواق ارتفاع معدلات النمو وتحسن أسواق المال على المستوى العالمي، واستقرار سعر النفط واستمرار التكيف مع تداعيات الأزمة على المستوى العربي.
وسط أجواء التفاؤل الحذر السائد في الأسواق العالمية والاقتصادات الصناعية الأساسية، يمكن تلخيص التطورات المتوقعة في هذه الأسواق والدول كالآتي:

الاقتصاد الأمريكي سيواصل طريق الخروج التدريجي والحذر من آثار وتداعيات الأزمة وسط عملية إعادة الهيكلة الجارية على صعيد الشركات والمؤسسات وعلى صعيد القطاعات الأساسية بأكملها. لكن الكثير من التحديات ستحيط بمسار الخروج من الركود في 2010 منها نسبة البطالة المرتفعة التي بلغت 10% ولن تنخفض بسهولة، واستمرار المصارف في الإحجام عن المخاطر والتشدد في الإقراض سواء للشركات أم الأفراد. وبالإجمال فإن التوقعات تشير إلى نمو الاقتصاد الأمريكي خلال 2010 ببطء نسبي، وبمعدل قد يتراوح ما بين 2 و 3 % وذلك بعدم إغفال رأي الاقتصادي الأمريكي البارز جوزيف ستيجلز القائل بأن الاقتصاد الأمريكي قد يعود للانكماش في النصف الثاني من 2010 إذا لم تبادر الحكومة إلى إطلاق برنامج دعم وإنفاق جديد.
أما الاقتصادات الأوروبية فستعود إلى النمو بدورها بعد التغلب على التداعيات الرئيسية للأزمة، والتحسن التدريجي في أسواق التصدير. لكن الأجواء الاقتصادية عامة في أوروبا ستبقى عرضة لمخاوف بشأن المديونية العامة المرتفعة في اليونان وأسبانيا وأوكرانيا ولاتفيا، وإمكانية عدم قدرتها على الإيفاء بدفعات الديون المستحقة ما سينعكس بشكل حاد على عدد من البنوك الأوروبية الكبرى وعلى الأسواق المالية الأوروبية عامة.
وفي آسيا سيواصل الاقتصاد الصيني نموه القوي نسبيًا خلال 2010 بعد أن حقق نموًا بنسبة 7% في 2009 على الرغم من الأزمة العالمية. ومن الطبيعي أن تكون لذلك انعكاسات إيجابية على اقتصادات دول شرق آسيا بمجملها.

انتقلت المجلة بعد ذللك للحديث عن الاقتصادات العربية، موضحة أن التطورات المتوقعة في الاقتصاد العالمي على إيجابياتها وسلبياتها ستكون لها آثار وأصداء أكيدة في العالم العربي. حيث انتهت سنة 2009 على وقع أزمة ديون دبي التي أظهرت أن فصول الأزمة العالمية لم تنحسر في المنطقة بعد، وأن مواجهة تداعياتها ستستمر بالضرورة خلال 2010.

لم يكن وقع الأزمة المالية العالمية على الاقتصادات العربية بشكل عام بالحدة التي توقعها البعض. بل سجلت دول عدة نموا جيدا في 2009 منها مثلا قطر بين الدول النفطية ولبنان بين الدول غير النفطية. في مقابل ذلك ستبقى الاقتصادات العربية أو بعضها على الأقل عرضة لمخاطر المشاكل الكامنة في القطاع الخاص أو في بعض القطاعات الإنتاجية والتي ترتبط بتداعيات الأزمة العالمية.
يمكن القول أن القطاع الخاص العربي لم يزل عرضة لتداعيات مستمرة للأزمة العالمية والخسائر التي نتجت عنها والتي جاءت نتيجة لسوء التقدير أو الإدارة السيئة للأموال والمجازفة في غياب الرقابة الصحيحة والمعلومات الكافية، واختلاف وتضارب التشريعات بين دولة عربية وأخرى. وفي المقابل فقد استطاع العام تخطي آثار الأزمة إلى حد كبير خاصة في دول الخليج حيث ساهم التحسن الملحوظ في آثار النفط في النصف الثاني من السنة في تحسين أوضاع ماليتها العامة وتفادي العجوازت الكبيرة التي كانت متوقعة. وهكذا فإن الحكومات والقطاعات العامة العربية ستواجه مسئولية محورية في 2010 في دعم النمو ونشاط القطاع الخاص، وخلق الفرص المواتية للاستثمار من خلال توسيع الإنفاق العام خاصة على المشاريع الإنمائية والاجتماعية والمؤاتية لخلق فرص العمل الجديدة.

Sunday, January 24, 2010

مأساة هاييتي

حلقة 20 يناير 2010





تايم، 12 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدها نصف الكرة الغربي، أحالت العاصمة الهاييتية "بورت أو برنس"، إلى ركام!
بهذه الجملة لخصت مجلة تايم الأمريكية شراسة الزلزال الذي ضرب هاييتي مؤخرًا، وخلَّف وراءه من القتلى والجرحى، ما يفوق ربما ما خلفه "تسونامي" من قبل. متسائلة: كم من الوقت والجهد تحتاج تلك البلاد كي تعود إلى الحياة من جديد؟

إنها هاييتي، أفقر دولة في نصف الكرة الغربي، ينتشر فيها نقص التغذية، ولا يحصل أكثر من نصف سكانها على مياه نظيفة.
في تمام الساعة الرابعة وثلاث وخمسون دقيقة وتسع ثوانٍ من اليوم الثاني بعد العشر الأُوَل من يناير الجاري، (كانت هاييتي على موعد مع) زلزال تبلغ قوته 7.0 على مقياس ريختر، أحدث طاقة هائلة أطاحت بالسيارة التي كان يقودها "بوب بوف"، مدير خدمات الكوارث في منظمة جيش الخلاص، كما لو كانت دمية. بعدما توقف الزلزال، كتب "بوف" في مدونة جيش الخلاص: "نظرتُ من النافذة لأرى المباني وفد سويت بالأرض.. آلاف الأشخاص هرعوا إلى الشوارع يـبكون، وهم يحملون جثثًا دامية، ويبحثون عن أي شخص بإمكانه مساعدتهم".
خلال الساعات القليلة التي تلت ذلك، بدأ يتضح حجم المأساة التي خلفها أسوأ زلزال يضرب هاييتي منذ ما يربوا على قرنين من الزمان. وكما تمكنت كاميرات الهواتف النقالة من نقل الرعب الذي أحدثه تسونامي المحيط الهندي إلى العالم مباشرة منذ خمس سنوات، كان آخرون عبر المدونات وموقع تويتر يقومون بنفس المهمة مع زلزال هاييتي، ينقلون الحدث، ويسألون عما إذا كان أحد يعرف ما جرى لأحبائهم، ويطلبون المؤن الطبية.
استحالت "بورت أو برنس" ركامًا، وتناثرت الأجساد، وتعالت صيحات الاستغاثة .. (أنقذونا).

الوضـع الطبيعـي الجديد


نيوزويك، 19 يناير 2010
نظرا إلى أننا شهدنا أسوأ فترة اقتصادية منذ 70 عاما، من غير المفاجئ أن الناس بدأوا يتساءلون أي نوع من المستهلكين والمستثمرين والمواطنين سينشأ بعد هذا الركود الكبير. حول هذا (الوضع الطبيعي الجديد)، كتبت "رنا فروهار"، بمشاركة "جيري غوو"، في أسبوعية "نيوزويك".

هل سيكون هناك بالفعل "جيل ركود" قوامه شبان، سيغير الانهيار الاقتصادي سلوكهم إلى الأبد؟هذا السؤال يكتسب أهمية كبرى في الولايات المتحدة، حيث يقول بعض المتفائلين: "لا"، فالأزمة لم تكن بكل بساطة سيئة وطويلة بما يكفي لتتسبب بنشوء جيل كساد جديد. لكن ثمة أدلة مقنعة تدحض وجهة النظر هذه، فقد أظهرت دراسة أجراها المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية -نشرت في سبتمبر الماضي وتتناول بيانات من عام 1972 حتى عام 2006- أن سنة قاسية واحدة في بداية سن الرشد كافية لتغيير قيم الناس وتصرفاتهم بشكل جذري. وفي الوقت نفسه، هناك الكثير من الأبحاث التي تظهر أن المولودين خلال فترة ركود لا يستثمرون بشكل أكثر حذرا فحسب، بل يميلون إلى جني أموال أقل ويختارون وظائف أكثر أمانا ويؤمنون بإعادة توزيع الثروات وبضرورة تدخل الحكومة بشكل أكبر. لكن المفارقة هي أنهم أكثر تشاؤما إزاء المؤسسات العامة والحياة أيضا، معتنقين المفهوم الأوروبي القائل إن النجاح منوط بالحظ أكثر منه بالمجهود. مدى معاناتهم من البطالة يحدد مدى اكتئابهم وانفصالهم عن مجتمعاتهم. فسياسيا، يمكن أن ينحازوا إما إلى اليسار أو اليمين، تبعا للروح الثقافية السائدة وهوية القادة الذين يغتنمون الفرصة للترويج لأنفسهم. فالأزمات الاقتصادية، في النهاية، لم تؤد فقط إلى الخطة الاقتصادية الجديدة (التي أطلقها الرئيس روزفلت) بل أيضا إلى نشوء الرايخ الثالث.
وتضيف المجلة: نظريا، يبدو أن أمريكا ومعظم بلدان الغرب تخطت الركود. لكن ثمة شعورا عاما بأن الأزمة ستغير النفوس والتصرفات بشكل دائم؛ ليس فقط بسبب الصدمة الكبيرة التي تسببت بها الأزمة المالية، بل أيضا بسبب تغير البيئة العالمية بحيث لن يعود المستهلك الأمريكي القوة المهيمنة الوحيدة في العالم، حتى وإن استمر الاقتصاد الأمريكي بالانتعاش.

إن البطالة وشبح عدم الاستقرار المتأتي منها سيغيران فعلا سلوك جيل الركود. فتدني قيمة الدولار سيجعل كل الأمريكيين يشعرون بأنهم أفقر بسبب ارتفاع كلفة السلع، لكن الجيل الشاب من المتخرجين الذين يذهبون للعمل الآن قد يصبح أفقر فعليا. فنسبة البطالة بين من تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاما في الولايات المتحدة تفوق الـ 15 بالمائة مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 10 بالمائة، وتظهر الإحصاءات أنه كلما ازدادت نسبة البطالة 1 بالمائة، تدنت أجور الخريجين الجدد بنسبة 6 بالمائة وهو تأثير يدوم عقودا.
لقد بدأت التغييرات السلوكية المتأتية من "الوضع الطبيعي الجديد" منذ الآن بالطبع. فمعدل الادخار الشخصي ارتفع أكثر من أربعة أضعاف منذ أدنى مستوياته عام 2008 ليصل إلى معدله الحالي البالغ 4.5 بالمائة. وإذا استمرت النزعات الحالية، فقد يحذو جيل الركود حذو جيل الكساد بطرق أكثر أهمية. وتظهر الأبحاث المتعلقة بالسعادة أن تدني عدد الخيارات أكثر إرضاء من وجود خيارات لامتناهية. مثلما بدا أن أجدادنا راضون على الرغم من امتلاكهم أموالا أقل، فإن أبناء جيل الركود هذا قد يكونون راضين عن وضعهم أيضا. لقد نشر عدد من الشركات الاستشارية، مثل "بي سي جي"، دراسات تظهر أن المستهلكين في الفترات التي تلي الأزمات يولون أهمية للوقت الذي يمضونه مع عائلاتهم وأصدقائهم تفوق أهمية المال. وهناك أيضا بصيص أمل بأن الأوقات العصيبة قد تجعلنا أكثر لطفا مع الآخرين. "كاثلين فوس"، وهي عالمة نفس مختصة بالشؤون الاستهلاكية في جامعة مينيسوتا، أظهرت أن مجرد التفكير في المال يجعل الناس أقل تأثرا بالألم، وأقل ميلا إلى مساعدة الآخرين، وأقل رغبة في التواصل مع الغرباء. ربما بدلا من أن يحصل تدافع لبلوغ قمة النجاح كما كان سائدا في ثمانينات القرن الماضي، سنتوقف لمساعدة الآخرين. طبعا سنكون أكثر حذرا من السقوط عن سلم الحياة ومن ثم أكثر تعاطفا مما كان أسلافنا.

حان وقت التعامل بخشونة


ذي إيكونوميست، 16 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

مجلة ذي إيكونوميست تريد أن يتعامل أوباما مع التحديات التي تواجهها أمريكا بخشونة أكثر، معللة ذلك بازدياد الأمور سوءًا، وعدم فعالية القوة الناعمة التي انتهجها الرجل طيلة عامه الأول.
ورأت المجلة أن الوقت الذي قضاه أول رئيس أسود في البيت الأبيض كان جيدًا لكنه لم يكن رائعًا، محذرة من الأمور تزداد قسوة مع مرور الوقت، لذلك نصحت الرئيس بأن يرتدي قفازيه، وكأنه في حلبة ملاكمة! ولأن كل مرة يرتدي فيها رئيس أمريكي هذا النوع من القفازات، تحدث كارثة عالمية؛ يطرح التساؤل الأهم نفسه: من سيدفع فاتورة المرحلة المقبلة؟!

كم مضى من وقت منذ ذلك الصباح، قارس البرودة بلَّورِي الوضوح، حينما احتشد مليوني شخص للاستماع لخطاب انتصار الأمل على الخوف، وتغلب وحدة الهدف على الصراع والنزاع؟
مسترجعًا أيام حرب الاستقلال السوداء، تعهد أوباما –كما فعل جورج واشنطن من قبل- بأن يقف الأمريكيون تحت قيادته في وجه المخاطر المشتركة التي تواجههم.
وبعد مرور عام على تعهده ذلك، كيف سارت الأمور؟!
وفقا لتقديرنا، لم تكن الأمور بالغة السوء. فخلال شهوره الـ 12 في البيت الأبيض، بدد السيد أوباما سحب الخوف والكراهية التي أظلت العالم خلال فترة بوش الرئاسية، وأحرز الكثير من التقدم على جبهات عديدة، لكن شيئا واحدا، كبيرا في الواقع، ربما يجعل هذا النجاح غير مكتمل. وهو أن السيد أوباما غالبًا ما ظل بعيدا عن الحلول العنيفة، وكان دوما مستعدا لتبني الإجراءات السهلة، وتأجيل الخطوات الصعبة.
خلال عامه الثاني في سدة الحكم، نقتبس الجملة الأقرب إلى قلب سلفه: "يبدوا أن شبح الماضي السيء، قد بدأ يتسبب في المشاكل".

عام على أوباما في البيت الابيض


المجلة، 15 يناير 2010
مرَّ العام الأول على إدارة أوباما بسرعة، حتى إنه ربما يكون من الظلم التركيز فقط على مراجعة أحداث الاثنى عشر شهرا الماضية دون التعمق في دراسة التيارات التي حركها انتخاب أوباما وسياسته الخارجية وسيناريوهات العام المقبل.
مجلة "المجلة" رصدت المشهد بعد عام من دخول الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط التي لم يراوح ملف السلام فيها مكانه، عبر موضوع غلافها الأخير الذي كتبه "باراج خانا"، مدير مبادرة الحكم العالمي، والباحث القديم في برنامج الاستراتيجية الأمريكية في مؤسسة أمريكا الجديدة، ومؤلف كتاب "العالم الثاني: الإمبراطوريات والتأثير في النظام العالمي الجديد".

لا يزال ملف السلام شوكة في خصر البيت الأبيض. وبعد مضي عام، ليس هناك سبب يدعونا إلى أن نكون أكثر تفاؤلا من السنوات الماضية. ولا تبرز "خريطة طريق" أو "خطة سلام" - سواء كانت أمريكية، أو سعودية، أو إسرائيلية - باعتبارها تحظى بقبول واسع بشكل كاف. وأعرب الأمير السعودي تركي الفيصل في وقت مبكر من هذا العام عن إحباط مبكر نتيجة قلة الدعم الأمريكي لخطة السلام العربية، حين قال "لا نريد أي خطة أمريكية جديدة من أوباما. نريد المساعدة فقط على تنفيذ الخطط الحالية". بينما يواصل جورج ميتشل، مبعوث أوباما الخاص للأزمة، محاولة تحقيق ذلك دون جدوى.
وعلى الصعيد العراقي سوف يتذكر الجميع عام 2009، على أنه العام الذي حلت أفغانستان مكان العراق في الوعي الأمريكي الجغرافي-السياسي. إلا أنه ربما تظل العراق في عام 2010، نفس المشكلة المعقدة أكثر من أي وقت مضى.

انتقلت المجلة إلى الحديث عن إيران التي اعتبرت أنها تمثل أكبر خيبة أمل شخصية لأوباما خلال عامه الأول في تولي دبلوماسية الشرق الأوسط. فبينما كان من المفترض أن تكون هي التوجه الرئيسي لسياسته الخارجية "المنفتحة"، غير أن انتخابات إيران الرئاسية في يونيو 2009، دفعت كلا من طهران وأوباما إلى الترنح.
تحولت بعدها المجلة للحديث عن أفغانستان وباكستان اللتين من المرجح أن تلعبا الدور الأكبر في تحديد مدى نجاح أوباما في فترة رئاسته الحالية وبقائه في البيت الأبيض لفترة ثانية.

قضى أوباما عام 2008، في حملته الانتخابية، وعام 2009، كرئيس ليجعل جنوب ووسط آسيا حربه الشخصية. وفي عام 2010، سوف نشهد جميعا على آثار استراتيجياته التي اتبعها على مدى العام الماضي. لقد زاد عدد القوات الأمريكية في أفغانستان بمقدار 30،000 جندي، وبذلك يصبح مجموع قوات حلف شمال الأطلنطي (الناتو) أكثر من 100،000 فرد. وسوف تكون هذه القوات مطالبة خلال ثمانية عشر شهرا بالتحديد بتحقيق تقدم ملحوظ في أفغانستان، يقاس بتدريب قوات فاعلة من الأمن والشرطة الأفغانية، وطرد حركة طالبان خارج المراكز الحضرية الكبرى في جميع أنحاء البلاد، وإرساء حكم صحيح على مستوى المقاطعات والمناطق. وكل هذه الأهداف محفوفة بعقبات لا يمكن التغلب عليها تقريبا. فلا يزال الجيش الوطني الأفغاني قوة بالية، ومليئا بالتوترات العِرقية، ويعوقه ضعف التدريب والمعدات، والهروب المتكرر وارتفاع معدل تسرب أفراده.
في الواقع، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان دعم مثل هذا المشروع "للأمن الأفغاني القومي" يصب في مصلحة أي أحد، بجانب عدم جدواه المحتملة. ويبدو أن الاختيار والشراكة مع المجتمع المحلي والمليشيات القبلية الاستراتيجية أسلم بالنظر إلى التفكك الاجتماعي في المجتمع الأفغاني، والمهل الزمنية الضيقة التي تعمل قوات حلف شمال الأطلنطي في ظلها. وثانيا، فترة عامين ليست وقتا طويلا بالنسبة لحركة طالبان تنتظر خلالها في الجبال لأنها تدربت على القيام بهذا منذ عقود. وتستطيع طالبان أن تداهم المراكز الحضرية بعد انسحاب القوات الغربية مثلما فعلوا ذلك دون جهد داخل وحول حلف شمال الأطلنطي وتحت أعينهم في السنوات الأخيرة.
ثم هناك الرؤية "الباكستانية – الأفغانستانية، حيث باكستان المسلحة نوويًّا، والمزدحمة بالسكان، وذات الموقع الإستراتيجي هي الأزمة الإقليمية الأكثر إلحاحًا. وبينما لن تلقى أية مكاسب في أفغانستان أي صدى غالبا خارج المنطقة، فإن الفشل في باكستان ربما يحمل انعكاسات عالمية.

سيناريوهات غرق الشواطئ العربية


البيئة والتنمية، يناير 2010
للإجابة على سؤال مفاده (أي شواطئ عربية يغرقها ارتفاع البحار؟)، سلطت مجلة البيئة والتنمية الضوء على دراسة أجراها مركز
الاستشعار عن بُعد في بوسطن بتكليف من المنتدى العربي للبيئة والتنمية، لرصد سيناريوهات التغير المناخي على العالم العربي.
وفي ضوء الشك المحيط بالديناميكيات الدقيقة لتغير المناخ والتوقعات العلمية، تأخذ الدراسة في الحسبان نطاق ارتفاع مستويات البحار من متر واحد إلى خمسة أمتار، دون أن تتبنى احتمالات محددة لأي سيناريو ضمن ذلك المدى. لذلك، تسعى أكثر إلى توضيح العواقب الكارثية المحتملة لارتفاع مستويات البحار، مهما يكن مدى الارتفاع.

شهد القرن الماضي ارتفاعا في مستويات البحار بلغ 17 سنتيمترا بمعدل وسطي مقداره 1,75 مليمترا في السنة. وقد تكهن التقرير التقييمي الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الذي نشر عام 2007 بارتفاع مستويات البحار حتى 59 سنتيمترا بحلول سنة 2100. ومع الأخذ في الحسبان المدى "المحتمل" للزيادات المتوقعة في درجة الحرارة، فإن ارتفاع مستويات البحار يمكن أن يتضخم حتى 1,4 مترا بحلول سنة 2100. وتكهن باحثون آخرون بارتفاع مستويات البحار ما بين 5 و 6 أمتار في حال انهارت الصفيحة الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية (انتاركتيكا).
من دون شك يشكل ارتفاع مستويات البحار تهديدا عالميا، والمنطقة الساحلية في العالم العربي ليست مستثناة من هذا التهديد. ومثل أجزاء كبيرة من العالم، تقع العواصم والمدن الكبرى في البلدان العربية على السواحل أو على مصبات الأنهار. ولأن توسعاتها سريعة للغاية، فإن هذه المدن معرضة بشكل كبير لخطر ارتفاع مستويات البحار.
ولإلقاء نظرة أكثر دقة على تأثير ارتفاع مستويات البحار على الخط الساحلي العربي، أجريت محاكاة باستعمال "نظام المعلومات الجغرافية"، وبيانات "بعثة الطبوغرافيا الرادارية المكوكية"، وقد أظهرت تلك المحاكاة أن ما يقرب من 41,500 كيلو مترا مربعا من أراضي البلدان العربية سوف تتأثر مباشرة بارتفاع مستوى البحار. وسوف تؤدي الارتفاعات المحتسبة إلى نزوح عدد سريع النمو من السكان إلى مناطق أكثر اكتظاظا. وما لا يقل عن 37 مليون شخص سوف يتأثرون مباشرة بارتفاع مستوى البحر مترا واحدا.

الهزائم تلاحق أمريكا في أفغانستان


الصمود، يناير-فبراير 2010

ودعت القوات الأمريكية في أفغانستان عام 2009 بصفته العام الأسوأ منذ احتلالها ذلك البلد، ولكن فترة الانتقال إلى العام الجديد كانت تنبئ بأن العام القادم لتلك القوات أسوأ مما مضى. مجلة الصمود الأفغانية رصدت بعض الإنذارات التي ومضت خلال الفترة القليلة الماضية، والتي مثلت كارثة حقيقية للإدارة الأمريكية لم تستطع مواجهتها بغير مناورة هروب كبيرة تأخذ الأنظار بعيدا عن أفغانستان التي أضحت معضلة بلا حل؛ ففتحت مهرجانا للعدوان والابتزاز بعيدا في اليمن حتى تصرف الأنظار إلى ساحة جديدة، فلا يلاحظ العالم مأساة انهيارها في أفغانستان.
أولى هذه الإنذارات كان شريط الجندي الأمريكي الأسير لدى طالبان.

على غير انتظار ظهر الأسير الأمريكي الذي أسرته قوات طالبان في الصيف الماضي. كانت الإطلالة مباغتة ومدهشة، فمن حيث التوقيت جاءت مع أعياد الميلاد، وهي أهم المناسبات الدينية والاجتماعية في الغرب، حيث تتجمع الأسر، ويتفقد الناس أقاربهم وأصدقائهم، وتتصنع الدول الاهتمام بجنودها "خارج الوطن !!".لقد ضُبِطت الحكومة الأمريكية متلبسة فجأة وهي تتناسى أهم أسير لديها، بل الأسير الوحيد لها منذ انتهاء الحرب الباردة، وتحديدا منذ انتهاء حرب فيتنام ( 1965 – 1975).لقد لاذت الإدارة الأمريكية بالصمت وتناست الأسير، ولكن طالبان أبطلت ذلك "النسيان" وجعلت من رسالة الأسير في عيد الميلاد تذكرة مؤلمة لمشكلة حقيقية تحتاج إلى حل حقيقي وليس إلى مجرد تسكين "بمورفين" النسيان.
وكانت إطلالة الأسير الأمريكي في عيد الميلاد، في حقيقتها إطلالة لقضية أفغانستان على الشعب الأمريكي حتى لا تحولها حكومة بلادة إلى مجرد "حرب مزمنة" أو "حرب منسية"، فالآلام التي تنعكس على الشعب الأمريكي نفسه تمنع ذلك، بل الآلام تنعكس أيضا على الشعوب التي تورطت حكوماتها في تلك الحرب الظالمة والعدوانية.

انتقلت (الصمود) من رسالة الجندي الأسير إلى تفجير معسكر CIA في خوست، وهي العملية التي وصفتها المجلة بأنها الفضيحة الأكبر منذ ربع قرن لتلك الوكالة الأخطر في العالم، والتي كشفت أكبر كمية من التناقضات المفصلية في صلب التواجد الأمريكي المترنح في أفغانستان، وأيضا في كيان الدولة الأمريكية نفسها.

ـ لقد انكشف تغول الاستخبارات ومدى تعديها على صلاحيات الجيش بما يهدد نجاحه في مهامه ويسئ إلى سمعته الوطنية والدولية.ـ كما انكشف مدى تغلغل شركات المرتزقة في صلب المؤسسة الاستخبارية ومن قبلها المؤسسة العسكرية، وذلك يهدد بأن تلك الشركات الأمنية للمرتزقة في طريقها نحو السيطرة على العمل الاستخباري والعسكري لصالح مالكي تلك الشركات مجهولي الهوية، والذين يمثلون سطوة الصهيونية البنكية المتحالفة مع المافيا المنظمة وكبار جنرالات الجيش والأمن.ـ ما سبق يشير إلى تحول جذري في مسيرة (الديمقراطية!!) الأمريكية وتحولها التدريجي إلى نوع من الفاشية الجديدة. وهو أمر يتماشى مع قاعدة تاريخية معروفة تقول بأن أنظمة الغرب الرأسمالية تتحول إلى نظم حكم شمولية عنيفة تحت وطأة الأزمات الاقتصادية، وتاريخيا ظهرت النازية والفاشية في أمثال تلك الأزمات، والآن تمر الولايات المتحدة بأخطر أزمة مالية واقتصادية في تاريخها بما جعلها تخطو بالفعل خطوات واسعة صوب الفاشية الجديدة والحكم الشمولي داخل وخارج أراضيها. يأخذ ذلك غالبا ستارا فضفاضا هو (مكافحة الإرهاب) أو معـــاقبة (الدول المارقة) أو احتواء (محور الشر) في العالم.ثم تندفع أمريكا تحت تلك الرايات المخادعة إلى مغامرات عسكرية طائشة بعد أن تسحب خلفها كتلا من الدول المخلخلة والحلفاء المذعنين الباحثين عن فتات الموائد المتبقي من الوحش الأمريكي الذي يفترس شعوب العالم واحدا واحدا، خاصة الشعوب العربية والإسلامية.

Thursday, January 14, 2010

مقدمة حلقة 13 يناير 2010


حول فشل أجهزة الاستخبارات الأمريكية في الرصد المبكر لمحاولة تفجير طائرة "إيرباص 330" خلال رحلتها بين أمستردام وديترويت مطلع الشهر الجاري، ستكون بداية حلقتنا لهذا الأسبوع، ومجلة تايم الأمريكية. ننتقل بعدها إلى الوثبة الهائلة التي حققتها الصين خلال العقود الستة الماضية رغم التحديات التي واجهتها، ومجلة ذا نيشن. ننضم بعدها إلى الاحتفال الخاص الذي أعدته مجلة "فرونت لاين" الهندية بمناسبة يوبيلها الفضي. وقفتنا الرابعة ستكون مع مجلة "رولينج ستون" التي انضمت إلى أكبر حملة دولية يشهدها التاريخ لوقف الاحترار العالمي.
نذهب بعد ذلك إلى إيران، حيث ترصد "الأهرام العربي" انفجار النظام من الداخل، ثم إلى الخليج حيث تسلط مجلة "المجلة" الضوء على الثورة الهادئة التي يقودها شباب الطبقة الوسطى.
نتوقف قليلا مع مجلة المشاهد السياسي، واستحقاقات 2010، ونختم بإطلالة على واقع قطاع غزة المحاصر، بعد عام من العدوان، ومجلة العودة الفلسطينية.
فكونوا معنا..

دروس نستخلصها من الرحلة 253


تايم، 11 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

في موضوع غلافها الأخير الذي كتبه المحلل الأمريكي "مايكل دافي"، والمدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية، "مارك ثومبسون"، تحدثت مجلة "تايم" عن "عمر الفاروق عبد المطلب"، المتهم بمحاولة تفجير طائرة "إيرباص 330" التابعة لشركة "دلتا إيرلاينز" الأمريكية خلال رحلتها بين أمستردام وديترويت مطلع الشهر الجاري. الدلالة الأهم التي تستخلص من هذه الحادثة هو فشل أجهزة الاستخبارات الأمريكية في رصد هذه التحركات مبكرًا رغم التحذيرات التي تلقتها منذ أكتوبر الماضي بهذا الصدد.

هذا الشاب المولود منذ ثلاثة وعشرين ربيعًا، لأبٍ مصرفي، لا بد وأنه أثار كل أجهزة الإنذار التي أُدخلت على أنظمة أمن المطارات حول العالم بعد أحداث 11 سبتمبر: ابتاع تذكرة ثمنها 2,831 دولارا نقدا، لينتقل من لاجوس إلى أمستردام ومنها إلى ديترويت. لم يترك أي معلومات شخصية لدى شركة الخطوط الجوية، ولم يصطحب أية حقائب. قبلها بسبعة أشهر، كان قد حجز لنفسه مقعدا في قائمة المراقَبين، بعدما تقدم بطلب للحصول على تأشيرة للالتحاق بأحد الجامعات المشكوك فيها.
ورغم إدراجه منذ شهر نوفمبر 2009 ضمن لائحة تضم 550 ألف شخص متهمين بتورطهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة في "أعمال الإرهاب"، فقد استطاع عمر الفاروق أن يحصل على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة.
حينما فكَّ ارتباطه بعائلته في أكتوبر لينضوي تحت لواء (الحرب ضد الغرب)، أبلغ والده السفارة الأمريكية في أبوجا بأن ابنه ربما يمثل خطرًا محتملا، وهناك التقى بأحد ضباط وكالة الاستخبارات المركزية.
لكن المسئولين الأمريكيين تجاهلوا كل هذه التحذيرات، أو فشلوا في الاستفادة منها. وبينما كانت الرحلة الجوية رقم 253 تستعد لحط رحالها في ديترويت، في تمام الساعة 11:40 من صباح أول أيام العام الجديد، تحركت مجموعة من الركاب لفعل مالم تقدر على فعله أنظمة التحذير المبكر، ولا المسئولون الأمنيون.

الوثبة الهائلة


ذا نيشن، 11 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

حول وثبة الصين الهائلة، ومدينة "تشونكينج" التي أصبحت أكبر مدن العال، بعدما دُمرت تمامًا خلال الحرب العالمية الثانية، وهي الآن تسعي إلى التفوق على هونج كونج.. حول ستون عامًا هي عمر جمهورية الصين الشعبية، كان موضوع غلاف مجلة ذا نيشن لهذا الأسبوع.

في قلب مدينة "شونج كينج" النائمة على خد نهر "يانجتز"، غربي الصين، يوجد البرج الذي يخلد ذكرى من سقطوا في "الحرب ضد اليابان" كما تسميها بكين. بعد اجتياح اليابان في العام 1937، نقلت الحكومة عاصمة الصين من "نانجينج" إلى "شونج كينج". وقد جلب هذا القرار معه القنابل اليابانية، ودُمرت المدينة خلال الحرب. وبعد عام من تأسيسه الصين الحديثة عام 1949، قام "ماو تسي تونج" ببناء برج التحرير تخليدًا لذكرى من سقطوا.
أخبرني أحد المرشدين في مركز المعارض أن هذا النصب التذكاري كان أطول مباني المدينة منذ 20 عامًا فقط. اليوم، يتوارى البرج خلف ظلال ما لا يقل عن 3 ناطحات سحاب. حتى إنه يبدو في الأفق الآن كأصبع "نقانق" يقف فوق برج مانهاتن.
زيارتي الأولى للصين (برعاية مؤسسة التعاون الأمريكي-الصيني) أتت بعد شهر واحد من الذكرى الستين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. هذه العقود الستون يمكن تقسيمها لحقبتين؛ الأولى: منذ العام 1947 وحتى العام 1978، وهي سنوات "ماو" والمجاعة والثورة الثقافية، والثانية: تتمثل في العقود الثلاثة التالية، وهي أيام "دينج"، حيث الإصلاح والانفتاح.
يقول معهد شانغاهاي للدراسات الدولية، "يانج جيميان": "لقد أفرزت العقود الثلاثة الماضية إنجازات فارقة في كل المجالات في الصين. ونأمل أن تستطيع الصين صنع ثلاثين عامًا أخرى مشابهة".
لكن هل يمكن تحقيق هذه الأمنية؟

اليوبيل الفضي لمجلة فرونت لاين


فرونت لاين، 2-15 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

بنهاية العام 2009 أكملت مجلة فرونت لاين عامها الـ25. ربع قرنٍ تمكنت خلاله المجلة من تشكيل الرأي العام الهندي، والتأثير على صناع القرار في البلاد، وإدارة نقاش حول كبريات القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
بهذه الكلمات استقبلت المجلة يوبيلها الفضي، ليصبح عددها الأخير ذو رونق خاص؛ جمعت فيه أفضل ما نشرته خلال السنوات الـ 25 الماضية، من مقالات متميزة لكتاب مرموقين، تطرقوا للسياسة، والاقتصاد، والقضايا الاجتماعية، والإعلام، والصحة العامة، والتعليم، والتاريخ، والبيئة، والعلم، والشئون الدولية، وغيرها.

لا أعتقد أنني سأبالغ إذا قلتُ إن "فرونت لاين"، التي أُطلقت في نوفمبر من العام 1984، تعتبر في نظر قرائها المهتمين، داخل الهند وخارجها، مجلة استثنائية وفريدة. اتخذت خطا صحفيا مستقلا، ينظر بجدية للقيم الفكرية والاجتماعية والأخلاقية، ويدرك وجود مكان للصحافة النقدية التقدمية، التي تثمن حرية التعبير بقدر ما تتفهم المسئولية الاجتماعية.
وذلك يدل ضمنا على التركيز الشديد الذي أولته هذه المجلة النصف شهرية للقضايا المركزية، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية، المهمة في الحاضر والمستقبل.
هذا العدد المكون من 176 صفحة، يحيي الذكرى الـ 25 لانطلاقة المجلة، وقد كانت مهمة شاقة، أن ينتقي فريق التحرير هذا المحتوى، لذلك نتمنى أن يلقى قبولا.
وقد اشتمل العدد على 9 مقالات تعرض أبرز التطورات خلال السنوات الـ 25 الماضية، في مختلف المجالات. هناك مقالٌ إضافي يتناول تغطية المجلة للتاريخ. كما يضم هذا العدد اقتباسات من أفضل المقالات في مجالي الفن والأدب.

بينما يحترق العالم

رولينج ستون، يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

تحت عنوان (بينما يحترق العالم) رصدت مجلة "رولينج ستون" فشل العالم في التوصل إلى وسيلة تجنبه ويلات التغير المناخي، لتنضم بذلك إلى أكبر حملة دولية يشهدها التاريخ لوقف الاحترار العالمي.

كان من المفترض أن تكون لحظة انتقالية فيما يتعلق بالاحترار العالمي، تلك التي أثبتت فيها أمريكا للعالم أن الرأسمالية تمتلك ضميرا، وأننا ننظر إلى مصير العالم بجدية. كان من المقرر أن يصدر الكونجرس مشروع قانون يلزم الولايات المتحدة بتقليل انبعاثات الكربون بشكل كبير. بعدها يحط أوباما رحالة في كوبنهاجن لحضور قمة التغير المناخي، مسلحا برأس المال الأخلاقي والسياسي الذي كان يحتاجه لتحدي بقية العالم من أجل أن يقومو بالمثل.
بعد كل شيء، ألم تكن تلك هي الخطوة الشجاعة التي من أجلها منح النرويجيون جائزة نوبل للسلام لأوباما؟
لكن كما بتنا نعرف الآن، لم تمضِ الأمور كما كان ينبغي لها أن تكون. ذهب أوباما إلى كوبنهاجن خالي الوفاض من أي التزام تشريعي بتقليل انبعاثات الكربون. وبدلا من التوصل لاتفاق يوقف احتراق الكوكب، تحولت القمة إلى مشاجرة حول من يتحمل العبء الأكبر من اللوم على زيادة حرارة الأرض. لقد فقد العالم مرة أخرى فرصة جديدة لتفادي الخطر، ومن المتوقع أن يكون لهذا التأخير تداعيات مميتة.
في السنوات الأخيرة، انتقلنا من الحديث عن إمكانية ارتفاع درجة حرارة الكوكب، إلى معاينة هذا الواقع على الأرض. القطب الشمالي يذوب، وحرائق الغابات تتحول إلى جحيم، والجفاف أضحى أطول عمرا وأكثر إهلاكا. وكلما عرفنا أكثر عن التغير المناخي، كلما ازداد وضوح مخاطره الجسيمة. قبل سنوات قلائل، قدر الباحثون ارتفاع سطح البحر بواقع 17 إنشا بحلول العالم 2100. الآن يعتقدون أن الارتفاع ربما يصل إلى 3 أقدام أو أكثر، وهو التغير الكارثي الذي من شأنه القضاء على مظاهر الحياة في العديد من دول العالم، من بينها لندن ونيو أورليانز، وتشريد الملايين من السكان.

انفجار إيران


الأهرام العربي، 9 يناير 2010

تحت عنوان (انفجار إيران)، أعدت مجلة الأهرام العربي ملفا خاصا لمتابعة التطورات الداخلية في طهران، تحدثت فيه عن دروس التاريخ، وثورة الحاضر، وتطلعات المستقبل.
وذكرت المجلة أنه منذ ثلاثين عاما، علق البعض على تحدي الشاه للملالي قائلا: إنهم كالسجاد الكاشاني كلما دسته، زادت جودته وقيمته". متسائلة: ترى هل يردد البعض اليوم هذه الجملة عند سماعه دعوة ولي عهد إيران الأسبق رضا بهلوي إلى التحول السلمي، وعند ارتفاع هتافات المتظاهرين؟ وها باتت ليالي حكم الرئيس أحمدي نجاد معدودة، وبدأ العد التنازلي لسقوطه؟ وهل يمكن أن تكبح أموال "الثورة النفطية" احتجاجات "الثورة الخضراء"؟

إن درس التاريخ المهم الذي لا يدركه حكام إيران، هو أن انهيارات الأنظمة الحاكمة في بلادهم عبر التاريخ، ومنذ عهود الأكاسرة، كانت تقع بأسباب من الداخل، عندما تسود الاضطرابات والثورات والانقلابات بسبب عوامل التفسخ العديدة، ما بين عرقي وطائفي ومذهبي، فضلا عن استشعار الشعب الإيراني الظلم والاضطهاد من قبل حكامه الديكتاتوريين على النحو الجاري حاليا، واشتعال الثورة الخضراء التي سوف تقضي على نظام حكم الملالي فيما لا يزيد على خمس سنوات بعد أن كفر الشعب الإيراني بهذا النظام وأفكاره وحكامه وممارساته، كما يقول اللواء حسام سويلم.
لكن د. فتحي المراغي، أستاذ الدراسات الإيرانية بكلية الآداب جامعة عين شمس، يرى أنه من الصعوبة بمكان توقع سقوط النظام الإيراني ككل، ولكن يمكن القول إنه يسير في اتجاه السقوط بإيقاع بطيء، بحيث لن يكون بين عشية وضحاها؛ نظرا لعدم توافر عناصر السقوط في الحالة الإيرانية، فلا توجد تنظيمات عسكرية، أو ميليشيات مسلحة أو شبه مسلحة للمعارضة لإحراج النظام ودفعه إلى الاستسلام. فالمعارضة الإيرانية لا تزال في الطور السلمي، ولا توجد مؤسسات مالية داعمة لها، والدعم الخارجي وحده لا يكفي، فالانقلابات المدبرة من الخارج يصعب تطبيقها في إيران نظرا للتشابك الشديد لأركان النظام الذي يعمد إلى تجنيد عناصر في جميع المواقع، بدءا من المدارس والمصانع وحتى الهيئات الحكومية المختلفة.
ويرى د. المراغي أن النظام الإيراني ذو تركيبة أمنية-سياسية معقدة، لذلك فهو لا يعول كثيرا على قيام السلطة القضائية بممارسة دور التسوية في الأزمة الجارية.

تنتقل المجلة إلى د. مدحت حماد، أستاذ الدراسات الإيرانية، الذي ينظر إلى الأزمة الراهنة باعتبارها صراع النظريات التي ستدير شئون إيران خلال السنوات العشر المقبلة، ويوافق د. المراغي في أنه لا يمكن القول بأن الأزمة الراهنة قد تؤدي لسقوط حكومة نجاد، أو وصفها بأنها "ثورة مضادة" للجمهورية الإسلامية، أو أنها ستنال من مكانة ولي الفقيه، معللا ذلك بأن نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت منذ ست سنوات، وحصل فيها نجاد على 35 مليون صوت، تصب مباشرة في اتجاه تأييد ولاية الفقيه وأسس الجمهورية الإسلامية، الأمر الذي يعني أن نصف الشعب الإيراني يرغب في بقاء نجاد.

إن التظاهرات المتفجرة الآن في أنحاء إيران، ما هي إلا شكل من أشكال التعبير الحاد من جانب الإصلاحيين لإصابتهم بالعجز واليأس نتيجة سلسلة الهزائم المستمرة منذ نهاية عصر خاتمي، فطوال السنوات الخمس الماضية عانوا من التهميش والابتعاد عن هيكل السلطة تماما، فتولد لديهم إحساس بتهديد الوجود امتزج بأمل ظهر ثم اختفى سريعا، متمثلا في حصولهم على 11 مليون صوت ذهبت إلى مير حسين موسوي في الانتخابات الرئاسية الماضية. صحيح أنها لا تضاهي ثلث ما حصل عليه نجاد، لكنها تمثل رقما مهما يساوي عدد سكان مجلس التعاون الخليجي باستثناء السعودية، وبرغم ذلك لم يتحقق لديهم وجود في السلطة، فتولد لديهم شعور بالإحباط ترجم نفسه في صورة تعبير عنيف عن الغضب.
وعن مدى التشابه بين ما يجري الآن بإيران وأحداث 1979، يرصد الباحث محمد عباس ناجي، خبير الشئون الإيرانية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، النتائج التالية: لا يمكن القول إن الظروف متماثلة، فلا يوجد سوى جانب واحد للتشابه بينهما يتجسد في حالة الصراع بين التيارات داخل الثورة، لكن في الحالة الأولى رفض الطرف المهزوم النظام كلية، وسعى وما زال إلى تغييره، أما في الظرف الحالي، فإن الطرف المهزوم في الانتخابات لا يزال يصر على أنه جزء من الثورة، ولكن تطورات الأحداث ربما تدفع به خارج النظام بالفعل، وحينها يمكن القول إن النظام السياسي الإيراني سيسقط بفعل الأزمة الداخلية، أما الآن فمازالت الأزمة من داخل النظام وليست خارجه.

شباب الخليج.. الثورة الهادئة للطبقة الوسطى


المجلة، 9 يناير 2010

لفتت مجلة "المجلة" الأنظار إلى أن الكبار ينظرون للشباب في الخليج على أنهم مجموعة من الأفراد أقل منهم في الحكمة والنضج والخبرة. وهي النظرة التي أعاقت تنميتهم ورسخت داخلهم شعورًا بالدونية يرتبط بالهيكل الهرمي الذي يحكم المجتمعات في منطقة الخليج.
حول شباب الخليج، والثورة الهادئة التي يقودها أبناء الطبقة الوسطى، كتب بولا ميجا، ووسام شريف.

وفقًا للأستاذة "منيرة جمجوم"، من جامعة أكسفورد، ينظر الكبار للأجيال الشابة على أنها لم تكتمل بعد، مما ترك قدراتهم على الابتكار والقيادة معطلة.
وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها الشباب في الخليج عموما إلا أن هناك على ما يبدو ثورة هادئة للتغيير الاجتماعي يقودها شباب المنطقة الوسطى، ووفقا لأحدث كتاب لـ"والي نصر" اسمه "عوامل الحظ: الصعود الحديث للطبقة الوسطى في العالم الإسلامي"، فإن نمو الطبقة الوسطى نتيجة للأداء القوي في القطاع الخاص، يمكنه تشجيع التغيير السياسي، حتى في ظل القيود الدينية والاجتماعية.
وقد أظهر الشباب الخليجي دلائل مهمة تشير إلى تعزيز قوتهم، وذلك دليل على أن وضعهم في المجال السياسي والاجتماعي للمنطقة آخذ في التغير، وأيضا يعتبر ذلك دليلا على أنهم القوة الدافعة وراء الكثير من الإصلاحات. ومع ذلك، أشار نصر إلى أن تمكين الشباب كان نتيجة لنمو الطبقة الوسطى. وهذه الظاهرة تحمل قدرًا كبيرًا من إمكانية تنمية الشباب في الخليج، لكن هناك الكثير من التحديات التي يجب مواجهتها حتى تتحقق هذه الإمكانية. ولا يزال أمام الشباب في الخليج شوط طويل ينبغي أن يقطعوه، إذا أرادوا الاستمرار في الاتجاه الذي بدأوه أخيرا من أجل تعزيز أوضاعهم. ومن المؤكد أن دول الخليج ستستفيد كثيرا من هذا الشباب الواعد.

استحقاقات 2010


المشاهد السياسي، 20 ديسمبر – 9 يناير

في سبع "فقرات سِمان" رصدت مجلة المشاهد السياسي ملامح العام ٢٠١٠ في الشرق الأوسط الكبير. بداية من السودان الذي أكدت أن التقسيم ليس قدره المحتوم، مرورًا بأفغانستان.. وجه أوباما البوشي، والعراق حيث الفدرلة على وقع المجازر، وحتى الصومال الذي يبحث عمن ينتشله من الهاوية.

في الحسابات المالية الاقتصادية، لا يزال العالم مصابا بأزمة العام ٢٠٠٩ التي بدأت بانهيار مصرف "ليمان براذرز" وأحدثت ما يشبه الزلزال الذي لم تنته هزّاته الارتدادية بعد. أما في الحسابات الأمنيّة السياسية، فلا تزال حرب أفغانستان مشتعلة، وقد بلغت ذروة جديدة في أواخر العام الذي انتهى، ويُتوقع أن تبلغ الذروة الأعلى في العام المقبل. أما حرب العراق فمفتوحة على ألف سؤال وسؤال بعد الانسحاب الأميركي، إذا حصل.
الصومال غارق في الفوضى، لكن السودان بدأ يدشن ما يشبه الاستقرار، وأفق ٢٠١٠ محكوم بالانتخابات العامة في الربيع، وبالاستفتاء على وحدة الجنوب والشمال أو انفصالهما في العام ٢٠١١.
وبصورة إجمالية يمكن القول، إن المعادلات التي تحكم الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على حالها، وهذه الحال تُختصر بالأفق المسدود الذي يزيده انسدادا الشرخ الفلسطيني ـ الفلسطيني. أما في لبنان، فإن اتفاق الدوحة (معطوفا على الطائف) لا يزال في أساس الاستقرار الجديد، وهو الذي سمح بانتخاب رئيس الجمهورية وإجراء الانتخابات العامة وتشكيل حكومة الائتلاف الأخيرة.
باختصار، إن العالم في العام ٢٠١٠ هو نسخة منقحة عما كان عليه في العام ٢٠٠٩، مع إضافة لا يمكن تجاهلها هي المرحلة الأوباميّة التي بدأت قبل عام، لكن ثمارها الميدانية لم تظهر بعد، وهي مرشحة للظهور في أفغانستان والعراق وإيران، بعدما تراجع الاهتمام الأميركي المباشر بلبنان.

غزة بعد عام من العدوان


العودة، يناير 2010

ومضي عام على الحرب البربرية التي شنها العدو الصهيوني على أهالي قطاع غزة، بعد حصار عنصري غير مسبوق، أدى إلى مقتل مئات المدنيين الذين لم يجدوا دواء ينقذ حياتهم. بهذه المناسبة أعدت مجلة العودة، الفلسطينية الشهرية، ملفا خاصا سلطت من خلاله الضوء على الآلاف من المواطنين الذين ما يزالون يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، رغم مرور عام على وعود الإعمار وفك الحصار التي صاحبت المؤتمرات الدولية.

لم تكد الحرب تضع أوزارها في غزة، حتى أفاق المواطنون على الحجم الهائل للدمار والخسائر الفادحة التي خلفتها الحرب البربرية التي شنتها قوات الاحتلال الصهيوني في 27/12/2008، واستمرت 22 يوما استخدمت فيها "إسرائيل" جميع أنواع الأسلحة، وألقت الطائرات أكثر من 1500 طن من المتفجرات بما يقدّر بنصف ذخيرتها، وحركت آلاف الجنود بآلياتهم البرية والبحرية والجوية ضد القطاع الأعزل المزدحم بالسكان، لتدمر خمسة آلاف منزل تدميرا كليا، و50 ألف منزل تدميرا جزئيا، كثير منها لا يصلح للسكن.
وقد أكد المهندس "جواد الآغا"، المسئول في وزارة الإسكان الفلسطينية، أن عملية الإعمار تحتاج إلى أكثر من مليار ونصف مليار دولار. لافتا إلى وجود مجموعة من العقبات والعراقيل التي تقف في وجه إعادة إعمار غزة، أهمها إغلاق الاحتلال للمعابر، ما يحول دون دخول المواد اللازمة للبناء، فضلا عن عدم تعاون الجهات العربية والأجنبية حكومات ومؤسسات مع حكومة غزة، ما يبعثر الجهود ويظلم متضررين ويخدم آخرين حسب انتماءاتهم السياسية، وهذا ما نخشاه وقد نادينا من البداية بإبعاد ملف الإعمار عن الخلافات القائمة.

وتحدثت المجلة عن كوارث جديدة ظهرت بسبب تأخير الإعمار، تتمثل في 600 ألف طن من الركام والأحجار تختلط بمواد سامة وضارة، ويمكن أن يحتوي على مخلفات عسكرية غير منفجرة، ينبغي إزالته عاجلا من أجل حماية حياة الفلسطينيين في القطاع غزة.
الأخطر من ذلك يتمثل في التساؤل الذي ختمت به المجلة حديثها: هل ثمة حرب أخرى؟

منذ أن انتهت الحرب الصهيونية البربرية على قطاع غزة، لوحت دولة الاحتلال بحرب جديدة على القطاع لاجتثاث ما سمّته "العمليات التخريبية"، وتقصد بها إطلاق الصواريخ من القطاع على بلدة سديروت وغيرها من البلدات المحاذية للقطاع.
رئيس أركان جيش الاحتلال الصهيوني "جابي أشكينازي" صرح بأن الحرب على قطاع غزة ستكون في فصل الشتاء الحالي. أما "أليكس فيشمان"، محرر الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية فيفترض أن المواجهة ستُستأنف بحجم واسع في يناير 2010، مع ختام سنة على حملة "الرصاص المصبوب".
وقد نُشرت في تل أبيب تقديرات جديدة تقول إن حربا ستقع في الشرق الأوسط، ربما في الخريف أو الصيف المقبلين. وإن هذه الحرب باتت حتمية، بغض النظر عن الموضوع الإيراني. وإنها قد تقتصر على هجوم إسرائيلي على حزب الله في الجنوب اللبناني أو على حماس في قطاع غزة أو كليهما معا.
المحللون السياسيون والعسكريون والاستراتيجيون يرون أن هذه الحرب واقعة لا محالة، ويبررون ذلك بأن هناك معطيات لها، وأول هذه المعطيات هو التصريحات الأخيرة لمسؤولين سياسيين وعسكريين من دولة الاحتلال أكدوا فيها وجود أسلحة تصل إلى مسافة طويلة داخل الكيان وقد تخلل هذه التصريحات تهديدات بحرب جديدة على القطاع.
وأجمع خبراء في الشؤون الصهيونية على أن "الحكومة الصهيونية الحالية بقيادة "نتنياهو" هي حكومة يمينية متطرفة لا يمكن أن تسير باتجاه السلام، والخيار البديل لديها هو الحرب. لأننا نعرف أن الشارع الصهيوني صوت لها بأغلبية ساحقة لكي تقود المرحلة القادمة في الانتخابات السابقة حيث أيدت الحرب على القطاع

...............................
خاتمة الحلقة

بدأنا حلقة هذا الأسبوع من الولايات المتحدة، وختمناها في قطاع غزة، بينهما طوفنا بكم في أجواء الصين والهند، وبين أروقة إيران والخليج العربي. وتطرقنا لقضايا السياسة والاقتصاد والصحافة والمناخ
نلقاكم في حلقة قادمة من برنامج (موضوع الغلاف)، دمتم في رعاية الله

Friday, January 8, 2010

مقدمة حلقة 6 يناير 2010


من غزة.. نبدأ حلقة هذا الأسبوع، لنتفقد أحوال القطاع المحاصر بعد عام من الحرب. ثم ننتقل لأكبر الرابحين والخاسرين عالميًا خلال العام المنصرم 2009، وتقرير خاص أعدته مجلة وورلد. بعدها نذهب إلى أسبوعية ذي إيكونوميست لنشهد (الثورة الهادئة التي بدأت تجتاح العالم الغني).
ومن العالم الغني ننتقل إلى جبال تورا بورا، بصحبة مجلة ذا نيو ريبابلك، لنعرف كيف فر أسامة بن لادن من قبضة الأمريكان؟
وقفتنا الخامسة ستكون مع مجلة الأفكار اللبنانية، والانفجار الإيراني. أما الختام فسيكون بتحذير أطلقته مجلة المجلة مفاده أن (الاحتباس الحراري يهدد استقرار الشرق الأوسط).. كيف؟
... حلقتنا لهذا الأسبوع سياسية، اجتماعية، اقتصادية، بيئية، تمسح العالم من أقصاه إلى أقصاه، فكونوا معنا

غزة.. ومر عام

نيو ستيتسمان، 4 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

ومرَّ عام على العدوان الإسرائيلي ضد غزة، وما يزال سكان القطاع أسارى داخل وطنهم، يرزحون تحت وطأة حصار اقتصادي غاشم، ويتلظون بنيران صمت دولي رهيب، وتخاذل إقليمي غير مبرر. هكذا ظل المشهد طيلة 2009، كما صورتها مجلة نيو ستيتسمان، فيا ترى كيف سيكون خلال 2010؟
ولأن الفاجعة أكبر من أن تصوغها الكلمات، حاول "دونالد ماكينتاير"، تقريب الصورة بسرد قصة قصيرة جدا...

كانت فجيعتها صادمة جدًا في زوجها، عرفه، الذي مزقت جسده شظايا إحدى القذائف الإسرائيلية التي ضربت عربة الإسعاف التي كان يعمل عليها في أول أيام الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة، يناير الماضي. لكنها اكتشفت أن التضامن التقليدي بين العائلات الغزيّة، التي ساندت آلاف الجرحى والمفجوعين على مدار العام، قد يضم جانبًا أكثر إيلامًا.
عرفة وزوجته وأولادهما الأربعة انتقلوا للعيش مؤقتًا في منزل زوج أمها، الذي اعتقدوه أكثر أمانًا. في يوم الرابع من يناير الذي توفي (استُشهد) فيه، غادر عرفه مستشفى العودة شمالي غزة، مع أول اتصال تلقاه هذا اليوم في تمام الساعة الثامنة صباحًا. لكنه عاد بجراح مميتة بعد أقل من ساعة. كان الطاقم المكون من ثلاثة أفراد قد علم بوجود جرحى حرب في مدينة بيت لحم المجاورة. وما إن بدأوا في رفع الجرحى إلى عربة الإسعاف، حتى بدأ القصف؛ العربة دُمرت، والسائق جُرح، وثاني أفراد الطاقم لقي حتفه على الفور، أما عرفه فقد أصيب بجروح بالغة.

لم تنته الحكاية بعد، فالأسوأ قادم. إسرائيل لم تكتف بقتل عرفه ورفاقه ومن ذهبوا لينقذوهم، بل قصفت سرادق عزائه، ليلحق خمسة آخرين من أفراد عائلته به، بالإضافة لأحد الجيران.
لم يكن عرفه سوى رجلا طيبا، رقيق القلب، لا يتوانى عن مد يد العون لمن يحتاج مساعدته كما يصفه أبوه- وربما لم يمسك يوما بسلاح، أو يطلق صاروخا باتجاه المغتصبات، لكن ذلك بالطبع لا يمثل شيئًا عند الإسرائيليين. الذين رفعوا في هذه الحرب شعار..
ستموت، فقط لأنك فلسطيني!

الأخبار السيئة لم تأتي بعد: بعد أقل من 24 ساعة، وبينما كانت العائلة تحضر القهوة والتمر للمعزِّين، ضربت المزيد من القذائف الإسرائيلية بيت العزاء، إحداها على الأقل كانت قذيفة مسمارية تنطلق منها أسهم مميتة طولها 4 سم، ما أسفر عن مقتل خمسة من أفراد العائلة، وأحد الجيران.
بعد أحد عشر عامًا، هاهي الزوجة وأبو زوجها، هاني، يجلسان تحت شمس نهاية الخريف الدافئة، في الفناء الأمامي للمنزل الكائن بعزبة عبد ربه، وهذا الأخير يفرك جبهته مرارًا وكأنه يستذكر ذاك اليوم، قبل أن يقول: "كان ولدي رجلا طيبًا، كان لا يتوانى عن مساعدة أي محتاج ولو كان حيوانًا صغيرًا يعاني". قبل أن يذهب لدوامه في الثامنة من ذاك الصباح، جلب بعض أرغفة الخبز القليلة لبيت والده. "وبحلول العاشرة صباحًا كان قد لقي حتفه".
في يوم وفاة عرفة، عادت الزوجة وحيدة لبيت الزوجية لتنظفه وتعد الطعام. لم يتذكر أحد أن يستدعيها ليخبرها بأن زوجها أصيب في القصف، فضلا عن إخبارها بمقتله. لكنها عادت لمنزل العائلة قبل عشر دقائق من عودة جثمانه.

كيف نرى العام المنصرم؟


وورلد، 2 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

إطلالة سريعة على أهم أحداث العام الماضي 2009، قدمتها مجلة وورلد من خلال موضوع غلافها الأخير الذي كتبه "مارفين أولاسكي" أستاذ السياسة بجامعة تكساس، واستهلته بتساؤل مفاده: كيف ينبغي لنا أن ننظر إلى العام الماضي، الذي جلب المزيد من الديون داخليًا، والمزيد من التراجع دوليًا، ومزيدًا من الإرهاب الذي بات يهدد حتى الأطفال في أرحام أمهاتهم؟
وقد بدأت المجلة بقائمة الرابحين، التي احتل أوباما المقعد الأول فيها:

إذا كان لباراك أوباما أن يختار أفضل أيامه في عام 2009، فلن غروَ أن يختار العودة إلى يوم 20 يناير، حين وقف على أعتاب الكابيتول (المقر الرئيسي لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية)، وتُوِّج كأول رئيس أمريكي من أصول أفريقية، قبل أيامٍ فقط من الذكرى المائتين لميلاد أبراهام لينكولن. بعدها نظر أوباما لذاك الحشد الذي قُدِّر بمليوني مهللٍ ينظرون له نظر الطير إلى اللحم وهم متكدسون في القاعة الوطنية (فضلا عن قرابة 38 مليونًا آخرين كانوا يشاهدون التلفاز)، ولم يتعهد بأقل من "أن يبدأ العمل من جديد على إعادة صنع أمريكا".
سرى دفء الابتهاج في أوصال واشنطن الباردة. واحتفل مزيج من المعتدلين والمستقلين وصغار الناخبين بشعار التغيير والأمل الذي رفعه أوباما.
لقد دخل أوباما العام الماضي منتصرا، وأدى القسم بأغلبية تقدر بـ 81%، لكن مع اقتراب ديسمبر –رغم الهتاف العالمي لفوزه بجائزة نوبل للسلام- هبطت نسبة تأييده وفقا لاستطلاع جالوب إلى 47%.

انتقلت المجلة بعد ذلك لقائمة الخاسرين الكبار، والذي جاء على رأسها المصرفي الأمريكي، برنارد مادوف، الذي أُدين في أكبر عملية احتيال في وول ستريت.
ولأن العالم شهد خاسرون كثُر خلال العام الماضي 2009، حذرت المجلة من طريقتين خاطئتين لردود الأفعال: أحدهما، أن نردد "السلام.. السلام"، بينما لا يوجد أي سلام؛ ذلك أن التفاؤل الزائف يبعدنا عن الدواء الذي نحتاجه. وثانيهما، أن نقول: "الهلاك قدرنا الذي كتبه الله علينا"؛ فهذا احتجاج خاطئ بالقدر يجعلنا لا نطلب الرحمة، ولا نسعى لتغيير واقعنا.

برنارد مادوف، الذي ارتكب ما يمكن أن يُطلَق عليه أكبر عملية احتيال في تاريخ وول ستريت، احتال حتى على أخته وسلبها 3 ملايين دولار. وبعد اعترافه، ألقي القبض عليه، ووجهت إليه 11 تهمة فيدرالية، ثم صدر بحقه حكمًا بالسجن 150 عامًا في يونيو الماضي.
مادوف الذي كان يمتلك يومًا 126 مليون دولار، يعيش الآن في زنزانة "تخلو من الديكورات" في سجن شمال كاليفورنيا الفيدرالي.
ووفقًا لأوراق المحكمة، فإنه الآن يأكل البيتزا المصنعة داخل السجن، وينام في الطابق التحتي من سرير في غرفة يتشاركها مع أحد مدمني المخدرات، يبلغ من العمر 21 عاما، ويقضي وقته مع زعيم جريمة كولومبي وجاسوس إسرائيلي.

فعلناها


ذي إيكونوميست، 2 يناير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

(النساء يستحوذن تدريجيًا على سوق العمل) حقيقة ناقشتها بالتحليل أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية، واصفة إياها بأنها "ثورة هادئة تجتاح العالم الغني".
في البداية تسائلت المجلة: ماذا يحدث حينما تمثل النساء أكثر من نصف القوة العاملة في العالم؟ وفي النهاية خلصت إلى أن الأطفال هم الخاسر الأكبر في هذه المعادلة العصرية، حيث لا يجد الأبوين الوقت الكافي ليقضونه معهم، في حين لا تنفق الدولة الأموال الكافية كي ترعاهم.
إذا ترجمنا نحن هذا الكلام، بإمكاننا القول: إن نجاح المرأة في العمل، غالبًا ما يكون على حساب بيتها وأولادها، وقليلات هن من ينجحن في تحقيق هذه المعادلة الصعبة.

خلال الشهور القليلة القادمة ستمثل المرأة أكثر من 50% من القوة العاملة في الولايات المتحدة. وتمثل المرأة الآن أكثر من نصف خريجي الجامعات في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، ونفس النسبة من العمال المحترفين في العديد من الدول الغنية، من بينها الولايات المتحدة. كما تدير المرأة العديد من كبرى الشركات العالمية، بدءًا بـ "شركة بيبسي" الأمريكية وحتى عملاق بناء المفاعلات النووية الفرنسي "أريفا". وهو التغيير الاقتصادي الذي يعتبره البعض أكبر تغيير اجتماعي في وقتنا هذا. فمنذ أجيال قليلة، كان مجال عمل المرأة مقتصرًا فقط على الوظائف الخدمية والتكرارية، وكانت تترك العمل فور تزوجها وإنجابها الأولاد. أما اليوم فهي تدير بعض المؤسسات التي كانت تعاملها في يوم من الأيام كمواطنة من الدرجة الثانية. وقد رحب الرجال بهذا الغزو النسائي لسوق العمل. لكن أكثر التغيرات إيجابية لا تكون كاملة وغير مرضية.
فرغم كل ذلك توجد عقبتين:
أولهما أن المرأة ما تزال غير ممثلة في بالقدر الكافي في رأس الهرم الإداري للشركات. كما تمثل 2% فقط من إجمالي مديري أكبر الشركات الأمريكية، و 5% من نفس المنصب في بريطانيا.
وثانيهما أن الجمع بين العمل وتربية الأبناء صعب جدا. فأزواج الطبقة المتوسطة يشكون دومًا من قلة الوقت الذي يقضونه مع أولادهم. لكن الأطفال الفقراء يبقون الخاسر الأكبر (في هذه المعادلة)، لا سيما في بلدان كأمريكا وبريطانيا، حيث تجتمع معدلات العمل المرتفعة في أوساط المرأة، مع التردد في إنفاق الأموال العامة على الرعاية بالأطفال.

معركة تورا بورا


ذا نيو ريبابلك، 30 ديسمبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي

كيف فر أسامة بن لادن من قبضة الأمريكان؟
تساؤل حاولت مجلة ذا نيو ريبابلك الإجابة عنه من خلال موضوع غلافها الأخير الذي كتبه "بيتر بيرجن"، زميل "مؤسسة أميركا الجديدة"، وخبير شؤون الإرهاب بشبكة "سي ان ان" الأمريكية.

قبل سقوط كابل في نوفمبر 2001 بأربعة أيام، كان أسامة بن لادن ما يزال في المدينة. صحيح أن تحركات قادة القاعدة قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر كان من الصعوبة أن يتم تقفيها بدقة، لكن قبل الهجمات تماما علمنا أنه ظهر في قندهار وحث أتباعه على الانتقال إلى موقع أكثر أمنا، متوقعا أن تشن أمريكا هجوما انتقاميا. ثم في يوم 8 نوفمبر، كان في كابل، رغم حقيقة أن القوات الأمريكية وحلفائهم الأفغان كانوا يطوقون المدينة. في هذا الصباح، وبينما كان يتناول وجبة من اللحم والزيتون، أجرى معه الإعلامي الباكستاني "حامد مير"، الذي كان يكتب سيرته الذاتية، لقاء صحفيا، دافع خلاله ابن لادن عن هجمات نيويورك وواشنطن، قائلا: "أمريكا وحلفاؤها يذبحوننا بلا رحمة في فلسطين والشيشان وكشمير والعراق. والمسلمون لديهم الحق في مهاجمة أمريكا والانتقام". بعدها بستة أشهر، حينما قابلتُ "مير" في باكستان، أخبرني أن زعيم القاعدة حينما التقاه ذلك اليوم كان يتمتع بروح جيدة.
سقطت كابول في 12 نوفمبر، وهرب ابن لادن مع عدد من قادة القاعدة إلى جلال أباد، تلك البلدة المحكمة شرقي أفغانستان، التي تحوطها بساتين الفاكهة المورقة. يومها حطَّ ضابط المخابرات الشبيه بالدب "جاري بيرنتسين" رحاله في كابل. في 11 سبتمبر، كان بيرنتسين يخدم بأمريكا اللاتينية حينما أوكلت إليه (سي آي إيه) مهمة إدارة عملياتها الميدانية سريعة التنقل في أفغانستان. وقد كانت المهمة المثالية لمثل هذه الشخصية العدوانية.
في هذه الأثناء أزيح الستار عن أول فصول المسرحية الهزلية لقنص (أسامة)، الذي كان يوما قريبا للغاية من قبضة الاستخبارات الأمريكية، ورغم مرور قرابة عقد من الزمان، لم يسقط بعد، ومازالت المسرحية تُعرض مرارا وتكرارا، رغم تغير المشاهدين وربما بعض المؤدين.
وكأن المجلة تقول: النهاية مفتوحة أيها السادة.. فلا يدري أحد متى تكتمل الفصول ويسدل الستار!

بحلول الرابع عشر من نوفمبر، كان بيرنتسين يتلقى سيلا من التقارير الاستخباراتية من تحالف الشمال تفيد بأن زعيم القاعدة في جلال أباد، يلقي خطابات حماسية على مسامع المقاتلين. أرسل بيرنتسين فريقا استخباراتيا مكونا من ثمانية أفراد إلى المدينة. ولكي يزودهم بمرشدين محليين، تواصل مع "حضرة علي"، أحد القادة الأفغان الذين طالما كانوا مناوئين لطالبان، وقد أمده هذا الأخير بثلاثة مقاتلين شباب ليرافقوا الفريق الأمريكي إلى جلال أباد، التي كانت في هذا الحين تغص بمقاتلي القاعدة وطالبان.
لكن ابن لادن لم يكن منذ فترة في جلال أباد، التي اجتاحتها الفوضى بعد سقوط كابول. بعدها أخبر عبد الله تبارك، الذي قيل إنه الحارس الشخصي لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، المحققين بأن ابن لادن، ونائبه الطبيب المصري أيمن الظواهري، غادرا جلال أباد خلال شهر رمضان، الذي بدأ يوم 17 نوفمبر، صوب كهوف تورا بورا، الواقعة على بعد 30 ميلا جنوب المدينة، على الحدود مع باكستان. وقد كان فريق بيرنتسين على بعد خطوة واحدة منهم.. في ذلك الوقت.
لكن تورا بورا لم تكن حينها اسما مألوفا لدى الأمريكيين. وبدلا من الاستفادة من الفرصة التي سنحت لها في القبض على زعيم القاعدة بعد ثلاثة أشهر فقط من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لم تنجح الولايات المتحدة في التغلب على مناورات ابن لادن، الذي تسلل إلى باكستان، دون أن ترصده رادارات أمريكا، وهناك بدأ يعيد بناء تنظيمه الخاص.

إيران.. انفجار من داخل النظام


الأفكار، 3 يناير 2010

تحت عنوان (إيران.. انفجار من داخل النظام) استهلت مجلة الأفكار اللبنانية بتشبيه عدد من القنوات الفضائية، إضافة إلى صحيفة أجنبية، كجريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية، ما يحصل في شوارع العاصمة الإيرانية بعد يوم عاشوراء، وانتشار الدخان واللهب في الأحياء والساحات، بالتظاهرات التي عمت طهران في أواخر عهد الشاه، محمد رضا بهلوي، أواخر عام 1978.
لكن الأفكار رأت أن صورة اليوم في شوارع طهران وشيراز وأصفهان، مختلفة عن صورة الثورة التي دعا لها الخميني من مقره في النجف، ثم من خيمته في ضاحية "ايفيلين" الباريسية، وقد كان لها تحليلها العميق.

لقد كانت ثورة الخميني لتغيير النظام، فيما ثورة الإصلاحيين من داخل النظام، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق، مير حسين موسوي (67 عامًا)، وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني (76 عاما)، الرئيس الإيراني السابق، والقائد الأسبق للقوات المسلحة ورئيس مجلس تشخيص النظام، ومهدي كروبي (73 عاما) رئيس مجلس شورى البرلمان لدورتين.
فالأقطاب الثلاثة موالون لثورة الخميني، ويعترفون بشرعية الولي الفقيه مرشد الثورة السيد على خامنئي، ولكنهم يعترضون على شرعية رئيس الجمهورية، محمود أحمدي نجاد، ويطعنون في الانتخابات التي جاءت به رئيسا للبلاد.
ومن يتابع إذاعة الـ (بي بي سي)، يألف صوت الصحافي الإيراني، ماشاء الله شمس الواعظين، ولا سيما في برنامج "حديث الساعة" الذي يبث في الرابعة من بعد ظهر كل يوم، والذي يحاول الرجل فيه أن يكون موضوعيا، ولا يعتبر أحداث طهران ثورة على النظام، بل يرى فيه احتجاجا على سياسة القمع التي يمارسها الرئيس محمود أحمدي نجاد، عبر ما يسمى بالحرس الثوري (الباسندران) والقوات الخاصة (الباسيج).

تقول المعلومات إن مرشد الثورة يرفض أن يتراجع ولو كلفه الموقف حياته، كما اتهم الرئيس محمود أحمدي نجاد الإصلاحيين بأنهم يستجيبون لمخطط "وضعه الصهاينة والأمريكيون". ورغم ذلك تؤكد المجلة أن البحث عن حلول وسط مع الإصلاحيين لم يتوقف بعد.

البحث عن حلول وسط لم يتوقف، بدليل أن نائب مجلس شورى البرلمان، على مطّهري، ابن المفكر الراحل آية الله مرتضى مطّهري، وصهر رئيس البرلمان على لاريجاني، تقدم في سياق الحلول بعرض يتألف من سبع مواد، ترتكز على أن يعترف زعماء الإصلاح بشرعية الرئيس محمود أحمدي نجاد، والكف عن التعامل مع الانتخابات الرئاسية كانتخابات مزورة، مقابل أن يترف الرئيس نجاد بأخطائه ويسحب الاتهامات التي وجهها إلى الإصلاحيين، ولا سيما رفسنجاني وخاتمي وكروبي، خلال حملته الانتخابية، وأن يسمح للجميع بالتعبير عن آرائهم، والتراجع عن قرارات إغلاق بعض الصحف، وأن يرتدع المسئولون الأمنيون عن اتهام الإصلاحيين بالعمالة للخارج، ومحاولة إشعال "ثورة مخملية" لإسقاط النظام، إضافة إلى إخلاء سبيل المعتقلين السياسيين، وتحويل مسئولي سجن "كهريزك" (منطقة فقيرة في طهران) إلى التحقيق؛ بسبب ما ارتكبوه من انتهاكات.
وأكثر من ذلك طلب علي مطّهري أن يتولى رئيس مجلس القضاء الإيراني آية الله صادق لاريجاني محاكمة المتطرفين الذين جرو البلاد إلى هذه الحالة الأمنية المتفاقمة، بعدما سقط باعتراف التلفزيون الرسمي الإيراني ثمانية قتلى، وإن كانت وزارة الإعلام أو الإرشاد قد تحدثت عن سقوط خمسة عشر قتيلا، بينهم على موسوي حبيبي، ابن شقيقة رئيس الوزراء السابق، زعيم المعارضة مير حسين موسوي.

الاحتباس الحراري يهدد استقرار الشرق الأوسط


المجلة، 25 ديسمبر 2009 – 2 يناير 2010

حذرت مجلة "المجلة" من أن تغير المناخ يهدد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط على المدى المتوسط بصورة أكبر من أشكال التطرف العنيف أو الحكومات المستبدة، بداية من نشوب الحروب بسبب تداعى إمدادات المياه، إلى انقراض الثروة السمكية الساحلية ونهاية مجالات معينة مثل الزراعة والسياحة. وهو السيناريو الذي يطرح تحديات وفرصًا أمام المنطقة على حد سواء، ولكن ينبغي استغلال الفرص في حينها، وإلا ربما تصبح التحديات مستعصية على الحل.
حول هذا الموضوع كتب باتريك لوفران تحت عنوان (الاحتباس الحراري يهدد استقرار الشرق الأوسط).

حتى الآن كان الصراع المسلح في الشرق الأوسط المرتبط على وجه التحديد بإمدادات المياه واضحًا، إلى حد كبير، نتيجة غياب المياه. ولكن احتمال الحرب موجود بالتأكيد، كما هو واضح في غيره من المناطق المعرضة للجفاف، مثل كينيا، حيث قتل أكثر من 300 شخص هذا العام نتيجة نزاعات حول المياه بعد ثلاث سنوات من الجفاف المستمر.
وسوف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات هطول الأمطار، ليس فقط على الأفراد، ولكن على نطاق أوسع من الإمدادات الغذائية والاقتصاد أيضًا، حيث تشهد الأنشطة الكبرى مثل الزراعة كميات أمطار متناقصة. وتواجه الصناعات مثل صيد الأسماك والسياحة تهديدات أيضا. وتعد البحار والمناطق الساحلية في منطقة الشرق الأوسط غنية بالشعاب المرجانية. وتعتبر هذه الشعاب موطنًا ومصدر غذاء على حد سواء للكثير من الأسماك في البحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب، وأجزاء من منطقة البحر الأبيض المتوسط. كما أنها تجلب السياحة المربحة في صورة غواصين يحرصون على استكشاف التنوع البيولوجي على السواحل. ولكن يهدد تغير المناخ الشعاب المرجانية والأسماك. وبينما يرتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، يزداد امتصاص الغاز في البحار والمحيطات. ويتحلل ثاني أكسيد الكربون في مياه البحار ليكون حمض الكربونيك الذي يضر بشكل خطير بحياة النبات والحيوان في البحار، خصوصًا الشعاب المرجانية.

توضح المجلة أكثر فتقول: بالطبع تستغرق الشعاب المرجانية عقودًا عديدة لتنمو، وبدونها لن يكتب لأجيال من الأسماك البقاء، وسوف يؤدى هذا، على الأرجح، إلى فناء الكثير من الأسماك، وحدوث انقراض للعديد من أنواعها. إذن ربما تصبح بحار منطقة الشرق الأوسط ذات كثافة منخفضة جدًا من الحياة النباتية والحيوانية، وهذا يعني ليس فقط نهاية صناعتي الصيد والسياحة المربحتين، ولكن أيضًا نهاية الأسماك التي يعتمد عليها كثير من الناس في المنطقة كوجبة يومية.
وفي الختام استشهدت المجلة بتحذير شديد اللهجة أطلقه مدير منظمة "أصدقاء الأرض"، ذكر فيه أن
"جميع النماذج العلمية تشير إلى أن المنطقة سوف تقل بها الأمطار جدًا؛ ويعنى هذا كميات أقل من المياه في طبقات المياه الجوفية والأنهار والبحيرات".


وجَّه الأردني منقذ مهيار، مدير منظمة "أصدقاء الأرض" تحذيرًا شديدًا قال فيه "إذا لم تجلس دول الشرق الأوسط لإعادة التفاوض على المياه، سنكون متجهين نحو أزمة. ولكن سيظل الماء دائمًا قضية يمكن أن تجمع بين الناس بدلًا من أن تفرقهم، إنها نقطة التقاء للناس في الشرق الأوسط في وقتنا هذا.
وليس على الشرق الأوسط التحضير للتهديدات التي يشكلها تغير المناخ فحسب، بل يمكن أن تستفيد المنطقة من الحلول المحتملة. وفي حين لا تمتلك المنطقة كميات كبيرة من موارد طبيعية محددة للمياه، مثل الغابات المطيرة المحمية، والتي يمكن استخدامها للحصول على التصاريح التي تمنح حاملها حق انبعاث واحد طن من ثاني أكسيد الكربون، فإن المنطقة لديها ميزة انخفاض انبعاث الكربون نسبيًا على النطاق العالمي. وبالتالي، فإنها لا تواجه تحديات ضخمة في خفض الانبعاثات الكربونية. وتتوفر للمنطقة أيضًا أنواع أخرى من الموارد يمكن تحويلها إلى ربح في عصر انعدام الكربون.
في الواقع، ومع صدور التقارير الأخيرة عن مكتب الأرصاد الجوية البريطاني بأن العقد الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق، وإعلان مكتب الأرصاد الجوية العالمي أن عام 2009، سوف يكون واحدًا من أكثر عشر سنوات حرارة تم تسجيلها على الإطلاق، ومع تسجيل ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 0.44 درجة مئوية في المتوسط على المدى الطويل، سيصبح قريبًا من الصعب على سكان الشرق الأوسط أن ينسوا أن الحرارة تشتد الآن بالفعل.

Wednesday, January 6, 2010

حلقة 30 ديسمبر 2009


آخر حلقة في العام ، كل عام وأنتم بخير

شخصية العام 2009


تايم، 28 ديسمبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي

اختارت مجلة "تايم" رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي الحالي، "بين شالوم بيرنانكي"، ليكون "شخصية العام 2009"؛ مكافأة له على طريقة إدارته للأزمة المالية واصفة إياه بأنه "أهم لاعب يقود أهم اقتصاد في العالم".
ولد بيرنانكى في 13 ديسمبر 1953 في أوجستا بولاية جورجيا الأمريكية، ونشأ في مدينة ديلون بولاية كارولاينا الجنوبية. كان والده صيدلانيا ووالدته معلمة. حصل على الليسانس في الاقتصاد من جامعة هارفارد، ثم الدكتوراه في الاقتصاد، وعمل أستاذا للاقتصاد في جامعات ستانفورد ونيويورك وبرينستون من عام 1985 إلى عام 2002. وانضم إلى مجلس محافظي الاحتياط الفيدرالي من عام 2002 إلى عام 2005. ثم عين رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في 1 فبراير 2006.

رجل جسور، ذو لحية رمادية (يغزوها الشيب)، يجلس بعينيه المرهقتين في مكتبه الرحب بواشنطن، يتحدث حول الاقتصاد. حضوره ليس متسلطا، وخطابه لا يخلب الألباب. ليس مختالا متباهيا بنفسه، لا تكاد تسمع منه تلك الجمل المألوفة على ألسنة ساكني هذه المكاتب، من قبيل (انظر إلي) و (استمع إلي).
نقاشاته ليست متحيزة ولا أيدلوجية لكنها منهجية، ترتكز على الحقائق وآخر ما توصلت إليه الجهات الأكاديمية. إذا ما جهل شيئا، فإنه لا يدلي برأيه جعجعة وهدرا. يتميز بالاحترافية، التي اكتسبها من طول عمله كأستاذ جامعي.
خجولٌ، لا يقيم حفلات الغداء، بل يفضل تناول طعامه في بيته مع زوجته، التي ما تزال تطهو له. بعدها يقومان بحل الكلمات المتقاطعة أو القراءة.

المجلة أشارت إلى أن أهم ما ميز العام الماضي كان الاقتصاد، لذلك أتت شخصية العام اقتصادية بامتياز. ورغم بلوغ الانتقادات الموجهة ضد البنك المركزي الأمريكي المستقل وسط الرأي العام ونواب الكونجرس مستوى لم تبلغه خلال عقود، فقد اختارت بيرنانكي كشخصية العام 2009، مستندة إلى بعض الصفات الشخصية والمهنية التي يتمتع بها الرجل، ما أهله للفوز بهذا اللقب، معتبرة القرارات التي اتخذها وسيتخذها في المستقبل بمثابة "الطريق السليم لتحقيق رفاهيتنا وقيادة سياستنا وترشيد علاقتنا مع العالم".

بيرنانك، يبلغ من العمر 56 عاما، ويشغل منصب رئيس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، وهو القوة- الأكثر أهمية- التي تشكل الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
لم يعيد بيرنانكى تشكيل السياسة المالية الأمريكية فقط، لكنه قاد جهود إنقاذ الاقتصاد العالمي، ففي عام 2009 ضخ بيرنانكي كميات غير مسبوقة من الأموال في أنظمة البنوك وبطرق غير مسبوقة، حتى وصل بالميزانية الأمريكية إلى ثلاثة أضعاف سابقتها، واتخذ إجراءات شديدة الجرأة ليتفادى تحول الاقتصاد من حالة الركود إلى الكساد، وفي أثناء ذلك كان يمهد الأرض للعودة إلى الأوضاع الطبيعية للاقتصاد، ما ساعد على تهدئة الأسواق العالمية.
لقد تحمل بيرنانكى النقد من كل الاتجاهات بسبب مواقفه، لكن هناك فرقا كبيرا بين معدل البطالة 10 % كما هو حاليا و 25 % كما كان متوقعا، وبين اقتصاد ضعيف واقتصاد منهار، وبيرنانكي هو من صنع هذا الفرق.
يقول بيرنانكى: " لقد كنا على وشك الدخول في حالة كساد، وإن قمت بحماية هؤلاء الجشعين في وول ستريت، فقد كنت في الحقيقة أحمي الأمريكي العادي من انهيار الاقتصاد".

كيف يرون الأمور


نيوزويك، 29 ديسمبر – 5 يناير 2009

تحت عنوان (كيف يرون الأمور) رصدت أسبوعية نيوزويك رؤى بعض الشخصيات البارزة فيما يتعلق بأهم المسائل العالمية، من بينهم: قائد القوات المركزية الأمريكية الجنرال "ديفيد بترايوس"، و الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون"، ورئيسة مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي "، و وزير الخزانة الأمريكي تيموثي غايتنر، و زعيم حزب المحافظين البريطاني المعارض "ديفيد كاميرون"، و المتحدثة باسم الحكومة الرواندية ووزيرة الإعلام "لويز موشيكيوابو".
وقد استهلت المجلة بمقابلة مع اثنين من أبرز وزراء الخارجية في التاريخ الحديث، هما هيلاري كلنتون وهنري كيسنجر، تحدثا خلالها عن الرؤساء والأولويات وصعوبة إنهاء الحروب.
سألتهما المجلة: كلاكما تولى وزارة الخارجية في مرحلة حرب. ليس هناك مجال للمقارنة، لكن ما التعقيدات التي تضيفها الحرب برأيكما إلى الدبلوماسية؟ فكانت هذه الإجابة.

أجابت كلنتون: حسنا، يمكنني فقط أن أتكلم انطلاقا من التجربة التي عشناها العام الماضي حيث ورث الرئيس أوباما حربين، وكان عليه أن يتخذ مبكرا بعض القرارات السريعة التي كانت تنتظره وليست من صنعه. أثني عليه كثيرا لأنه أخذ الوقت الكافي ووضع لنا آلية كي ندرس الافتراضات ونطرح الأسئلة الصعبة. لأن الحرب في العراق تشارف على النهاية، لكن مع انتهاء الحرب ورحيل جنودنا، يُتوقَّع من وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الاضطلاع بمسؤولية أكبر.
في أفغانستان، شاركنا جميعنا في التحليل المكثف لرسم الطريق نحو الأمام. وقد توصل الجانبان العسكري والمدني إلى استنتاج بأن القوة العسكرية وحدها لن تنجح. ربما كان استنتاجا بديهيا لكنه يثير أسئلة كثيرة على وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الإجابة عنها. لدى وزارة الدفاع سهولة أكبر بكثير من وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الحصول على الموارد. يصبح جزء كبير من الموازنة مخصصا للعراق وأفغانستان ثم المساعدات المدنية التي تُقدَّم إلى باكستان. وفي هذه الفترة التي تشهد فيها الموازنة ضغطا للنفقات، من الأصعب بكثير الحصول على الموارد التي نحتاج إليها، لكن المسؤوليات تبقى. إنه إذن التوتر الناجم عن الإجهاد الذي يترتب عن أي وضع في زمن الحرب، لأنه عندما يتعرض جنودنا من شبان وشابات للخطر، يزيد أيضا الخطر المحدق بالمدنيين الأمريكيين لأنه يُتوقع منهم أن يذهبوا إلى هناك مع الجيش. وقال كيسنجر: أظن أن التجربة الخاصة للسياسة الأمريكية في زمن الحرب في الأعوام الــ40 الماضية، منذ فيتنام، هي أن الحرب في ذاتها أصبحت مثار جدل في البلاد، وأن أهم ما نحتاج إليه في الوضع الراهن هو ألا تصبح شرعية الحرب في ذاتها موضوع خلاف، أيا تكن الاختلافات في وجهات النظر حول التكتيكات. يجب أن ننطلق من الافتراض بأنه أيا كانت الإدارة التي تشن حربا، فهي تريد إنهاءها.

تعزيزات أوباما في الوقت الضائع


الصمود، ديسمبر 2009

قبل أيام من ذهابه لاستلام جائزة نوبل للسلام أعلن "أوباما" استراتيجية الحرب في أفغانستان، وقرر إرسال 30 ألف جندي، فوصل عدد قواته هناك إلى مئة ألف جندي، وإجمالي قوات الغزو إلى حوالي 120 ألف. ويلاحظ أنه يحتفظ في العراق بنفس العدد من القتلة، وينشر في الشرق الأوسط حوالي نصف مليون عسكري.
مجلة الصمود الأفغانية قالت إن بهذه الخطوة يصبح أوباما (أبو الحروب) حائزا على (جائزة أبو الديناميت) للسلام، وراعيا لأكبر انتشار أمريكي عسكري في ميادين الخراب، متفوقا بذلك على جورج بوش نفسه، ليستحق عن جدارة لقب (الرئيس الذي يتقدم بظهره)!

لا أتذكر حادثا في التاريخ أرسل فيه رئيس دولة قواته إلى الحرب وهو يبشرها بانسحاب محدد بمواعيد مسبقة، فهو بذلك إما أن يكون مخادعا كبيرا أو مغفلا كبيرا. فإن كان مخادعا فهو بعمله هذا يريد أن يعطى حقنة مخدرة كبيرة لدول الإقليم الكبيرة حتى لا تصدر عنها ردات فعل عنيفة. ويريد أيضا إضعاف معنويات خصومه حتى يتراخوا ويبدءوا في احتفالات السلام والنصر، فيفاجئهم بالهجوم الكاسح عسكريا وسياسيا. فيقتل من يقتل ويشترى من يمكن أن يبيع نفسه. أما إذا كان مغفلا لدرجة أنه يرسل قواته إلى الحرب معلنا في نفس الوقت بمواعيد أولية للانسحاب، فإنه يتقدم لكن بظهره.بنظرة على جدول أوباما لنشر وسحب القوات، نجد أنه ينادي بانسحاب "يبدأ" بعد 18 شهرا أي في يوليو2011 , بمعنى أن الفترة التي يفترض أن تكون تلك القوات ستعمل فيها بكامل طاقتها هي عشرة أشهر فقط، ثم "تبدأ" في انسحاب لا يعلم أحد ـ ولا حتى أوباما نفسه ـ متى ينتهي وأي مدة سوف يستغرقها، وهل هي عدة أيام أم عدة سنوات.ويبدو أن ذلك من الأسرار التي يدخرها " أوباما " للمناقشة على مائدة مفاوضات لا يدرى كيف يمكن أن يعقدها، حيث أن الطرف المقابل، لا يرى له مصلحة في بدئها، لأن مطالبه بسيطة ولا تستدعى تفاوضا، وتتلخص في الانسحاب الكامل للمعتدى أولا وقبل كل شيء، وإن أراد التفاوض فليجعل ذلك موضوعا تاليا للانسحاب وليس قبله.

وتردف المجلة: من حق العالم إذن أن يتساءل عن مفهوم الغرب للسلام.وإن كان هو ذلك المفهوم المنحرف بل والمعكوس الذي نشاهده الآن، فإن ذلك يوضح معنى الإرهاب الذي يطلقونه على المسلمين المدافعين عن دينهم وأوطانهم. ولنتأكد من أن معظم أدبياتهم تستخدم المصطلحات بشكل معاكس تماما للواقع، وذلك مجال لبحث واسع ليس هذا مقامه.
الملاحظ هو ذلك التشويش الكبير الذي سبق إعلان أوباما عن "استراتيجيته الجديدة " ومازال ذلك التخبط في تحديد الأهداف مستمرا حتى الآن، فكل عدة أيام أو أسابيع نسمع عن رزمة أهداف جديدة للحرب، وذلك ما دفع "الحلفاء" إلى التملص تدريجيا من التزاماتهم، فمنهم من حدد موعدا للانسحاب النهائي لقواته ـ مثل كنداـ ومنهم من رفض زيادة عدد قواته، مثل تركيا وفرنسا واستراليا وإيطاليا وغيرهم. المتابع لأقوال الأمريكيين وتصرفاتهم يدرك أنهم" ضائعون تماما" لا يدرون في أي اتجاه يسيرون، وأهدافهم الحقيقية من الحرب لا يمكنهم البوح بها كما لا يمكنهم التخلي عنها. فالحرب بالنسبة لهم "ضرورة" مالية وليست ضرورة أمنية كما يدعون. بينما الاستمرار في الحفاظ عليها بهذا الشكل يبدو مستحيلا، فجميع الظروف تسير في عكس اتجاه أطماعهم سواء في العالم أو في المنطقة أو في أفغانستان تحديدا، التي انقلبت فيها الأوضاع على عكس ما كانوا يأملون,
لا شك أن "أوباما" يرغب من الآن في مناقشة الموضوع الأهم على قائمة اهتمامات بلاده، وهو الحفاظ على مصالحها الاقتصادية وتحديدا في الأفيون ثم التفاوض بشأن أنابيب نقل الطاقة من آسيا الوسطى.وبعدها تأتي قائمة من المطالب السياسية، وعلى رأسها ضمان توجيهات سياسية بعينها للنظام القادم، وهي مطالب في الإجمال تهدف لأن يكون ذلك النظام أداة تنفيذية لسياسات أمريكا التي هي على وجه الدقة لا تخرج عن زعزعة أمن واستقرار المنطقة وإشاعة الحروب فيها، ونشر عمليات التخريب ضد دول الجوار لإجبارها على تقديم تنازلات محددة للولايات المتحدة. وهو ما لخصه أحد الصهاينة الجدد بأنه "تحويل أفغانستان إلى إسرائيل المنطقة".

كوبنهاجن: فرصة الأرض الأخيرة


الأسبوعية، 20-29 ديسمبر 2009

تحت عنوان (فرصة الأرض الأخيرة) تناولت مجلة الأسبوعية بالتحليل نتائج المؤتمر الدولي للمناخ الذي انعقد في كوبنهاجن في حضور ممثلي 192 دولة، وناقش- في الأساس- مسودتين تطالبان الدول الغنية بخفض انبعاثاتها الغازية بمعدل الربع بحلول العام 2020، كي لا تتحول التغيرات المناخية إلى كارثة حقيقية.

يحلو لغلاة المتحمسين أن يصفوا المؤتمر الدولي للمناخ الذي شهدته العاصمة الدانماركية كوبنهاجن بأنه الاجتماع الدولي الأكثر أهمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتحديدا قمة يالطا في العام 1945. ذلك أن قادة العالم التقوا ليناقشوا قضية مصيرية، وهي إعادة رسم خريطة العالم.
فهل أسهمت كوبنهاجن في حل المشكلة المستحيلة ؟
خلال المؤتمر بدت الأمور وكأنها تسير بشكل سيئ جدا. وأظهرت المفاوضات أن كل شيء مـجمَـد. فالبلدان الصناعية تظل على موقفها المتمثّـل في أنه يجب على البلدان السائرة في طريق النمو والبلدان الصاعدة، أن تقول أولا كيف تريد المساهمة في حماية المناخ في المستقبل. والبلدان السائرة في طريق النموّ، تتمسّـك بدورها بموقفها الذي يتلخّـص في أن التغيير المناخي ناجمٌ عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من طرف البلدان المصنـعة، التي عليها أن تتحمّـل مسؤولية تاريخية من خلال تغيير ممارساتها في أوطانها مع مساعدة البلدان السائرة في طريق النمو، تكنولوجيا وماليا، على التأقلم مع التغيّـر المناخي.
أما الولايات المتحدة، وهي من البلدان التي تـطلِـق الكميات الأكبر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فلم تطرح شيئا ملموسا، وهو ما يعني بكلمة أخرى، أن كل شيء مجمـد.