
نيوزويك، 15 ديسمبر 2009
في موضوع غلافها الذي حمل عنوان (الرئاسة بعــد الحقبة الإمبريالية) رأت مجلة نيوزويك أنه حتى في الوقت الذي يرفع فيه أوباما عدد الجنود في أفغانستان فإنه يخفف من حدة السياسة الخارجية الأمريكية.
من جانبه يرى فريد زكريا –كاتب موضوع الغلاف- أن أوباما يريد اعتماد سياسة خارجية أكثر وضوحا وتمييزا، تحدُّ من التعهدات الهائلة والتدخلات اللامتناهية التي سادت في عهد بوش، ولعلها أيضا سياسة خارجية أكثر انضباطا حتى من مقاربة بيل كلنتون تجاه العالم.
يبحث أوباما عن سياسة تلائم زمن ما بعد الإمبريالية في خضم أزمة إمبريالية. والزيادة المؤقتة في عدد الجنود ـ أي إرسال جنود لاستعادة الزخم ومن ثم تخفيض عددهم ـ هي الحل الذي يقترحه لهذه المعضلة. هذه مساومة معقولة، وقد تنجح، لكنها تؤجل القرار النهائي بشأن أفغانستان إلى أن تؤدي زيادة الجنود إلى تحسين الوضع على الأرض. بعد 18 شهرا من الآن، سيضطر أوباما إلى الإجابة عن السؤال الجوهري: هل أفغانستان المستقرة والحسنة الأداء تستحق وجودًا أمريكيا ضخما ومستمرًا على الأرض، أو هل يمكن تعزيز المصالح الأمريكية بكلفة أقل بكثير؟لقد كان العام الأول من رئاسة باراك أوباما أشبه بنافذة تُظهِر نظرته إلى العالم. معظم الرؤساء، حالما يتسلمون الحكم، يُصبِحون عاجزين عن مقاومة الرغبة في التصرف مثل وينستون تشرتشل. ويميلون إلى الخطابات الطنانة حول الحرية والطغيان، وينغمسون في الدراما الأخلاقية المتمحورة حول دورهم كقادة للعالم الحر. حتى بوش الأب، وهو براجماتي بامتياز، انجرف في الكلام عن «نظام عالمي جديد» حالما وقف على منبر الأمم المتحدة. أمَّا أوباما فقد بقي هادئا ورصينا، سواء في تعامله مع روسيا أو إيران أو العراق أو أفغانستان. إنه خطيب عظيم، لكن في هذا المجال، لم يطلق العنان لبلاغته.
من الواضح الآن أن أوباما يحاول تحقيق أمر شديد الطموح, وهو إعادة توجيه سياسة أمريكا الخارجية لجعلها أقل استعراضًا وعدائية. يمكن البدء بذلك –بحسب المجلة- من خلال تقليص نطاق الحرب على ما يسمى بـ "الإرهاب"، والتخفيف من حدة النزاع مع العالم الإسلامي ليقتصر على المجموعات والبلدان التي تشكل تهديدات خطيرة ومباشرة على أمريكا، والتقرب من المجموعات والبلدان الباقية.
يأمل المرء ألا ينسى الرئيس أوباما درسا إضافيًا يمكن استخلاصه من حرب فيتنام. فالانسحاب من وضع معقد لم يُلحِق ضررا دائما بالأمن القومي الأمريكي. لقد عانت الولايات المتحدة من أكثر الانسحابات إذلالا عندما غادرت فيتنام الجنوبية عام 1975، وتلا ذلك انتكاسات في أفريقيا وأمريكا الوسطى وإيران. مع ذلك، وفي غضون عقد، كانت أمريكا قد استعادت موقعها الريادي على الساحة الدولية، وفي غضون 15 عاما، كان منافسها الأساسي، الاتحاد السوفييتي، قد انهار. العنصر الأساسي في هذه النهضة ليس حدثا جرى في الخارج, بل هو قدرة أمريكا على إعادة إحياء قوتها الاقتصادية في الداخل، التي تعزز مكانتها كقوة عظمى.تاريخ القوى العظمى يشير إلى أن محافظتها على مكانتها تتطلب بشكل أساسي اهتمامها بمصادر قوتها: النمو الاقتصادي والابتكارات التكنولوجية. وهذا يحتم أيضا التركيز على مراكز القوة العالمية، وليس هوامشها. على مر التاريخ، تضاءل نفوذ الأمم العظيمة بعد تورطها في مهمات إمبريالية بعيدة قوضت إرادتها وقوتها وتركيزها. (حتى عندما انتصرت: فبريطانيا فازت في جنوب أفريقيا، لكن ذلك أدى إلى إنهاك الإمبراطورية). من المهم أن نتذكر أنه في القرن المقبل، موقع أمريكا الأساسي في آسيا ـ ودورها كقوة قادرة على إحداث التوازن في المحيط الهادي ـ هو الذي سيكون محوريا في تحديد دورها كقوة عظمى عالمية، وليس ما يحدث في جبال أفغانستان.
في موضوع غلافها الذي حمل عنوان (الرئاسة بعــد الحقبة الإمبريالية) رأت مجلة نيوزويك أنه حتى في الوقت الذي يرفع فيه أوباما عدد الجنود في أفغانستان فإنه يخفف من حدة السياسة الخارجية الأمريكية.
من جانبه يرى فريد زكريا –كاتب موضوع الغلاف- أن أوباما يريد اعتماد سياسة خارجية أكثر وضوحا وتمييزا، تحدُّ من التعهدات الهائلة والتدخلات اللامتناهية التي سادت في عهد بوش، ولعلها أيضا سياسة خارجية أكثر انضباطا حتى من مقاربة بيل كلنتون تجاه العالم.
يبحث أوباما عن سياسة تلائم زمن ما بعد الإمبريالية في خضم أزمة إمبريالية. والزيادة المؤقتة في عدد الجنود ـ أي إرسال جنود لاستعادة الزخم ومن ثم تخفيض عددهم ـ هي الحل الذي يقترحه لهذه المعضلة. هذه مساومة معقولة، وقد تنجح، لكنها تؤجل القرار النهائي بشأن أفغانستان إلى أن تؤدي زيادة الجنود إلى تحسين الوضع على الأرض. بعد 18 شهرا من الآن، سيضطر أوباما إلى الإجابة عن السؤال الجوهري: هل أفغانستان المستقرة والحسنة الأداء تستحق وجودًا أمريكيا ضخما ومستمرًا على الأرض، أو هل يمكن تعزيز المصالح الأمريكية بكلفة أقل بكثير؟لقد كان العام الأول من رئاسة باراك أوباما أشبه بنافذة تُظهِر نظرته إلى العالم. معظم الرؤساء، حالما يتسلمون الحكم، يُصبِحون عاجزين عن مقاومة الرغبة في التصرف مثل وينستون تشرتشل. ويميلون إلى الخطابات الطنانة حول الحرية والطغيان، وينغمسون في الدراما الأخلاقية المتمحورة حول دورهم كقادة للعالم الحر. حتى بوش الأب، وهو براجماتي بامتياز، انجرف في الكلام عن «نظام عالمي جديد» حالما وقف على منبر الأمم المتحدة. أمَّا أوباما فقد بقي هادئا ورصينا، سواء في تعامله مع روسيا أو إيران أو العراق أو أفغانستان. إنه خطيب عظيم، لكن في هذا المجال، لم يطلق العنان لبلاغته.
من الواضح الآن أن أوباما يحاول تحقيق أمر شديد الطموح, وهو إعادة توجيه سياسة أمريكا الخارجية لجعلها أقل استعراضًا وعدائية. يمكن البدء بذلك –بحسب المجلة- من خلال تقليص نطاق الحرب على ما يسمى بـ "الإرهاب"، والتخفيف من حدة النزاع مع العالم الإسلامي ليقتصر على المجموعات والبلدان التي تشكل تهديدات خطيرة ومباشرة على أمريكا، والتقرب من المجموعات والبلدان الباقية.
يأمل المرء ألا ينسى الرئيس أوباما درسا إضافيًا يمكن استخلاصه من حرب فيتنام. فالانسحاب من وضع معقد لم يُلحِق ضررا دائما بالأمن القومي الأمريكي. لقد عانت الولايات المتحدة من أكثر الانسحابات إذلالا عندما غادرت فيتنام الجنوبية عام 1975، وتلا ذلك انتكاسات في أفريقيا وأمريكا الوسطى وإيران. مع ذلك، وفي غضون عقد، كانت أمريكا قد استعادت موقعها الريادي على الساحة الدولية، وفي غضون 15 عاما، كان منافسها الأساسي، الاتحاد السوفييتي، قد انهار. العنصر الأساسي في هذه النهضة ليس حدثا جرى في الخارج, بل هو قدرة أمريكا على إعادة إحياء قوتها الاقتصادية في الداخل، التي تعزز مكانتها كقوة عظمى.تاريخ القوى العظمى يشير إلى أن محافظتها على مكانتها تتطلب بشكل أساسي اهتمامها بمصادر قوتها: النمو الاقتصادي والابتكارات التكنولوجية. وهذا يحتم أيضا التركيز على مراكز القوة العالمية، وليس هوامشها. على مر التاريخ، تضاءل نفوذ الأمم العظيمة بعد تورطها في مهمات إمبريالية بعيدة قوضت إرادتها وقوتها وتركيزها. (حتى عندما انتصرت: فبريطانيا فازت في جنوب أفريقيا، لكن ذلك أدى إلى إنهاك الإمبراطورية). من المهم أن نتذكر أنه في القرن المقبل، موقع أمريكا الأساسي في آسيا ـ ودورها كقوة قادرة على إحداث التوازن في المحيط الهادي ـ هو الذي سيكون محوريا في تحديد دورها كقوة عظمى عالمية، وليس ما يحدث في جبال أفغانستان.
No comments:
Post a Comment