
الأفكار، 21 ديسمبر 2009
توجه الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى موعده في البيت الأبيض مع الرئيس باراك أوباما يوم الاثنين الماضي، تلاحقه العديد من التساؤلات أهمها ما طرحته مجلة الأفكار اللبنانية في صدر موضوع غلافها الأخير: هل تملك الإدارة الأمريكية أن تحمي لبنان المزدهر من عدوان إسرائيلي؟
يدرك الرئيس سليمان تماما، وهو الآتي من سدة قيادة الجيش، أن حظوة لبنان لدى الإدارة الأمريكية لن تكون أهم من حظوة إسرائيل التي تغمرها الولايات المتحدة كل سنة بأكثر من أربعة مليارات دولار، عدا المساعدات العسكرية، وأنه من العب وإضاعة الوقت أن يعبئ المسئول اللبناني الإدارة الأمريكية ضد إسرائيل. فهي الولاية 52 في عَلم الولايات المتحدة الأمريكية، ولو في الخفاء. واللوبي اليهودي في أمريكا جاهز للتكشير عن أنيابه كلما مالت دفة الإدارة الأمريكية قليلا نحو العرب، ولا سيما الفلسطينيين. حتى أن هناك من يقول إن مصرع الرئيس جون كينيدي يوم 22 نوفمبر 1963 كان ببصمة إسرائيلية، وأن فضيحة وورتجيت التي أنزلت الرئيس ريتشارد نيكسون عن عرش البيت الأبيض نفخت فيها روح إسرائيلية.
كل ذلك يعرفه الرئيس ميشال سليمان، ولكنه يعرف كذلك أن مطالب لبنان من المجتمع الدولي هي مطالب حق وعدل. وكل ما يطلبه هو أسلحة دفاعية لا هجومية. هكذا عقد وزير الدفاع إلياس المر صفقة طائرات الميج الروسية في موسكو، وإن لم تصل بعد إلى مطاراتنا العسكرية. وهكذا كان مطلب الرئيس ميشال سليمان من الرئيس أوباما ومن وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس.
وحين يكون العماد ميشال سليمان هو صاحب الطلب، فجيب على البيت الأبيض أن يتعامل معه كرجل ثقة. ولابد أن تكون المخابرات الأمريكية قد رصدت شخصية الرئيس اللبناني وحددت أبعادها، وأين يقول لا وأين يقول نعم.
تؤكد المجلة أن أجهزة المخابرات التي تعرف كل التفاصيل عن رؤساء لبنان، لابد وأنها أرسلت تقاريرها حول الرئيس سليمان إلى الرئيس أوباما قبل أن يستقبله. ليعرف سلفا ماذا يريد وأين تستطيع الإدارة الأمريكية أن توافق، وأين يتعين عليها أن ترفض. مرجحة أن يكون الرئيس سليمان قد عاد بصفقة سلاح محدودة لا يذاع لها سر حتى الآن. وعاد كذلك إلى لبنان بعد أن شرح للرئيس أوباما أن إسرائيل هي ذئب السلام، وليست داعية سلام. وأن بلدا مثل لبنان مهما اجتهد لتحسين وضعه الاقتصادي وإعادة إعمار بناه التحتية، يظل متخوفا من عدوان إسرائيلي يهدم كل ما بناه كما حصل صيف عام 2006.
لابد وأن يكون الرئيس أوباما قد فهم بأن الجيش اللبناني بوضعه الحالي، رغم بسالة ضباطه وأفراده، وحسن قياداته، ليس الجيش المطلوب لمجابهة السلاح الجوي الإسرائيلي، والصواريخ الإسرائيلية. لكن تبقى خاصرة الجيش الإسرائيلي ضعيفة أمام حرب العصابات، لذلك لابد من التكامل في الخطة الدفاعية اللبنانية بين الجيش النظامي وحرب العصابات التي يمثلها حزب الله. وستبقى هذه المعادلة سيدة الساحة حتى يستطيع الجيش اللبناني أن يمتلك كل الوسائل الدفاعية ضد الجيش الإسرائيلي، برغم هذه الشروط التي يضعها الكونجرس على تسليح الجيش اللبناني.
يبقى الجانب السياسي من رحلة الرئيس سليمان إلى واشنطن.. فليس السلاح هو كل الرحلة. وأهمية هذا الجانب السياسي الآن أن لبنان أصبح عضوا غير دائم في منظومة مجلس الأمن. وأنه في مايو المقبل سيصبح رئيسا لمجلس الأمن في شخص الدكتور نواف سلام. وهو إنجاز ثان على هذا الخط بعدما كان الدكتور شارل مالك أول لبناني يترأس هذا المجلس في الخمسينيات. وهكذا ستكون الدول التي تشكو المنازعات مضطرة إلى خطب ود لبنان، وهو يترأس مجلس الأمن بعدما كان هو خاطب الود وطالب القرب.
ويبقى البعد الثالث للحصانة اللبنانية ضد إسرائيل، بعد الجيش النظامي والمقاومة، هو وحدة الصف اللبناني، الذي يمثل السياج الأول في المعارك ضد إسرائيل، متقاطعة مع العلاقة الأخوية المميزة بين لبنان وسوريا.
No comments:
Post a Comment