برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Sunday, February 28, 2010

مقدمة حلقة 24 فبراير 2010


مع مجلة تايم الأمريكية نبدأ حلقتنا لهذا الأسبوع من برنامجكم موضوع الغلاف، لنعرف لماذا أصاب الجمود بلاد الأحلام
نتوقف بعدها مع مجلة ذا نيشن، لنساعد "لورانس ليسيج"، الأكاديمي والناشط السياسي في البحث عن الديمقراطية الأمريكية المفقودة
محطتنا الثالثة ستكون مع أسبوعية ذي إيكونوميست والتساؤل الذي بات حديث وسائل الإعلام الغربية (ما الخطأ الذي أصاب واشنطن؟
نطير بعدها إلى إيران بصحبة مجلة نيوستيتسمان، ثم إلى لبنان بصحبة مجلة (المجلة)، قبل أن نتوقف في النهاية مع ملف الحقوق المدنية للفلسطينيين في بلدان اللجوء
ثوانٍ ونبدأ، فلا تذهبوا بعيدًا

لماذا أصاب الجمود واشنطن؟


تايم، 1 مارس 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
حول الجمود الذي أصاب واشنطن، والإحباط غير المسبوق الذي أصاب الشعب الأمريكي من مستوى الآداء الحكومي، والتغير العام في الخارطة السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كتب "بيتر بينارت"، في مجلة تايم الأمريكية تحت عنوان (لماذا أصاب الجمود واشنطن؟).

في عام 1856 انهال عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية كارولينا الجنوبية ضربا بالعصا على سيناتور ماساشوسيتس في قلب مجلس الشيوخ تاركا إياه بين الحياة والموت، فتلقى عشرات العصي كهدايا من معجبيه!
وفي عام 1905، فجر عمال المناجم في ولاية إيداهو منزل حاكم سابق لأنه حاول حل نقابتهم.
وفي عام 1965 وقف أحد النشطاء المناهضين لحرب فيتنام أمام مكتب وزارة الدفاع، ممسكا في يده بابنته التي تبلغ من العمر عاما واحدا، وأشعل النار في نفسه (نجت الطفلة لكنه لم ينجُ).
بهذه المقاييس لا يمكننا القول إن لهجة مقدم البرامج الإذاعية الشهير "راش ليمبو" مسببة للخلاف. فالأمريكيون (الآن) ربما يصرخون في وجوه بعضهم وهم يتناقشون حول السياسة، لكنهم غالبا ما يتركون أسلحتهم وقنابلهم في البيت، وهو تحسن (لا بأس به).
إن ما يحدد طبيعة الحقبة السياسية التي نحياها الآن، كما يشير "رونالد براونستين" مؤلف كتاب (الحرب الأهلية الثانية) ليس استقطاب الأمريكيين، بل استقطاب الحكومة الأمريكية. فعلى امتداد البلاد تنشب نزاعات حقيقية لكنها قابلة للترويض، أما في واشنطن فقط أصبحت نقاط الالتقاء عزيزة المنال.
تؤكد المجلة أن ما يحدث في واشنطن يستعصي على الفهم، لكنه يجعل الأمور تزداد سوءا بالتأكيد. لتصل في النهاية إلى نتيجة مفادها –وياللغرابة- (أن الأمريكيين لا يحبون واشنطن كثيرا). وفي محاولة لفهم أسباب المشكلة تقول تايم: إنها في الأساس تتلخص في كونها أزمة ثقة بين الشعب والحكومة، وهو ما يجعل هذه الأخيرة عاجزة عن اتخاذ إجراءات حاسمة تساهم في تحقيق تغييرات ملموسة. وهكذا تجد الولايات المتحدة نفسها غارقة في دائرة مغلقة، مفتاحها التعاون بين الأحزاب- بعيدا عن الألاعيب الانتخابية- واستعادة الثقة بين الشعب والحكومة وهي مهمة جدُّ عسيرة.

بحسب استطلاع أجرته (سي إن إن) في أواسط فبراير، قال 62% من الأمريكيين إن معظم أعضاء الكونجرس لا يستحقون أن يُعاد انتخابهم، وهي النسبة التي ارتفعت عن مثيلتها في عام 2006 بواقع 10 نقاط. حالة التشاؤم العام بشأن قدرة الحكومة الفيدرالية على حل المشاكل ليست جديدة، لكن خيبة الأمل اليوم أكبر مما كانت عليه منذ قرن ونصف على الأقل.
بداية بالرعاية الصحية مرورا بالطاقة وصولا إلى العجز المالي، تواجه الولايات المتحدة تحديات جِسام تتطلب تحركات حكومية قوية. وحينما لا تقوم الحكومة بهذه التحركات، فإنها تفقد ثقة الشعب. وبدون هذه الثقة تصبح تحركات الحكومة أصعب. يمكنك أن تطلق عليها دائرة واشنطن الشريرة.
ولكسر هذه الدائرة المكونة من فقدان ثقة الشعب وفشل الحكومة تحتاج هذه الأخيرة لإحراز إنجاز على صعيد المشكلات الكبرى، وهو ما يتطلب بدوره تعاونا بين الأحزاب. لكن قبل أن يكون بمقدورنا كسر هذه الدائرة نحتاج أولا إلى فهم ظروف نشأتها في الأساس.

كيف نستعيد ديمقراطيتنا


ذا نيشن، 22 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
فقد الأمريكيون خلال السنوات الأخيرة الكثير مما كانوا يتفاخرون به، وقد تخطت الولايات المتحدة الآن –أو هكذا ينبغي لها أن تفعل- مرحلة إنكار ذلك، لتدخل آتون النقاش المحتوم: (كيف لنا أن نستعيد ما فقدناه؟!).
مجلة ذا نيشن، ركزت –من بين المفقودات الأمريكية- على الديمقراطية الضائعة، في موضوع غلافها الأخير، الذي كتبه "لورانس ليسيج"، الأكاديمي والناشط السياسي الأمريكي، وصاحب كتاب (الثقافة الحرة).

بعد عام من تولي أوباما مقاليد الحكم في واشنطن، بدأ يتضح الآن أن هذه الإدارة مجرد فرصة ضائعة. ليس بسبب أنها محافظة أكثر من اللازم، أو لأنها ليبرالية أكثر من اللازم، بل لأنها تقليدية أكثر من اللازم. فقد تخلى أوباما عن اللغة البلاغية التي انتهجها خلال حملته الانتخابية، التي وعد خلالها بـ"تحدي النظام المكسور في واشنطن" و "إدخال تغيير جذري على الطريقة التي تُدار بها البلاد". في الواقع لم يعد هذا "التغيير الجذري" مطروحا أصلا على الطاولة.
بدلا من ذلك، نرى الآن تداعيات القرار الذي اتُخِذ في أكثر اللحظات حساسية خلال حملة أوباما، حينما بدا وكأنه تمكن من هزيمة مرشح حزبه الأوفر حظا. في تلك اللحظة سلم أوباما خارطة طريق إدارته الجديدة لفريق يعتقد أن أكثر ما تحتاجه أمريكا هو "بيل كلينتون" آخر. فريق لا يمكنه تخيل أكثر من هذا النوع من السياسة التي وصفه أوباما بأنه "ضئيل".
فريق خياله –السياسي- بالغ المحدودية.
هذه العقول الصغيرة، تخلت عن أبرز السمات التي جعلت حملة أوباما استثنائية. (بالمناسبة) ليست وعود إصلاح الرعاية الصحية، أو سن قوانين الاحترار العالمي، فهما القضيتان اللتان تبنتهما هيلاري كلينتون بجانب كل القضايا الأخرى التي تقدم بها أوباما. لقد تحدث أوباما نفسه يوما عن الغضب الذي يغلي حتى في صدور أبناء ولاية ماساشوسيتس الزرقاء بسبب فساد الحكومة، وهو ما يؤكد ضرورة التغيير الجذري. وكما أخبرنا هو، فقد سمح الحزبين الرئيسيين في أمريكا لجماعات الضغط والمساهمين في الانتخابات بجر عربة النظام. إذا لم تكونوا مستعدين لخوض غمار هذه المعركة –كما قال أوباما- فإن التغيير الجذري سيعرقله هؤلاء الراغبين في استمرار الحالة الراهنة.

ما الخطأ الذي أصاب واشنطن؟


ذي إيكونوميست، 20 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
أسبوعية ذي إيكونوميست لم تخرج عن السياق العام الذي تبنته "تايم" و "ذا نيشن" سالفتي الذكر، بل تسائلت هي الأخرى (ما الخطأ الذي أصاب واشنطن؟).
الأسبوعية البريطانية رأت: أن السياسة الأمريكية تغرق الآن في مستنقعٍ استثنائي. وأن اللائمة في ذلك تقع على عاتق باراك أوباما أكثر من وقوعها على كاهل النظام.

أعلن السناتور الديمقراطي "ايفان بايه" هذا الأسبوع أنه لن يخوض انتخابات الكونجرس المقررة في الخريف القادم للاحتفاظ بمقعده في ولاية انديانا، ملقيا باللائمة على عجز الكونجرس في حسم الأمور. ربما يعتقد الساخرون أيضا أن السيناتور "بايه" يخشى من الهزيمة (رغم تقدمه في استطلاعات الرأي).
قطعا يعاني النظام من الاختلال الوظيفي. ورغم أن رئيسا ديمقراطيا يسكن الآن البيت الأبيض بجانب تحكم الديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، فلم يتمكن أوباما من إنجاز إصلاح الرعاية الصحية، الذي كان هدفا قوميا على مدار عقود. بينما تعثرت محاولات أخرى في مجلس الشيوخ كتلك المتعلقة بتقليل انبعاثات الكربون وخلق الوظائف. ليتعدى الأمر مجرد حزب حاكم فشل في شق طريقه صوب النجاح. ويبدوا أيضا أن واشنطن عاجزة عن حل مشاكل أمريكا الأعمق.
ربما يختلف الديمقراطيون والجمهوريون بشأن التغير المناخي والرعاية الصحية، لكن أحدا لا يعتقد أن بإمكان أمريكا تجاهل العجز الفيدرالي، الذي بلغ حاليا 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ورغم ذلك انهارت مجددا محاولات تشكيل لجنة مشتركة لتقليل العجز.

إيران


نيوستيتسمان، 22 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
(كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يأمل لو استطاع بدء مرحلة جديدة من العلاقات بين واشنطن وإيران. لكن بعد مرور عام، ازداد الطين بلة). بهذه الكلمات استهل "ديفيد باتراكاراكوس" موضوع غلاف مجلة نيو ستيتسمان الأخير، والذي تضمن وجهات النظر المختلفة حول الخطأ الذي حدث وجعل الأمور تسير في هذا الاتجاه المسدود.

في مارس 2009، بعد شهرين من تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، تحدث أوباما مباشرة إلى إيران قيادة وشعبا. وفي رسالة مصورة جاءت في إطار تهنئة الإيرانيين بالعام الفارسي الجديد‏ اعترف أوباما بأن "خلافات جدية كَـبُـرت بمرور الوقت" بين البلدين، لكنه قال إن الولايات المتحدة الآن تنشد التواصل "القائم عل أساس الاحترام المتبادل".
هذا العرض كان الخطوة الأبرز تجاه المصالحة منذ قُطِعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1980، بعدما اجتاح مسلحون إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر 1979 واحتجزوا 52 رهينة أمريكية لمدة 444 يوما.
وقد لعبت الحكومة الإيرانية بحذر دورا داعما خلال اجتياح أفغانستان عام 2001 عن طريق إمداد وكالات المخابرات الغربية بمعلومات حول القاعدة. وكانت الجائزة مقعدا في قائمة بوش لـ "محور الشر"، ما أقنع الكثير من الإيرانيين بأن تخفيف حدة التوتر مع أمريكا أمر مستحيل الحدوث.
ومن خلال مساعده، أعلن الرئيس أحمدي نجاد ترحيبه بـ "رغبة الولايات المتحدة في تسوية الخلافات"، لكنه قال إن على واشنطن أن "تعترف بأخطائها السابقة، وتعمل على إصلاحها". ثم لم يحدث شيء.

جمهورية الاختلاف


المجلة، 15-22 فبراير 2010
بعدما تمكن رئيس الوزراء، سعد الحريري من تشكيل حكومة ائتلافية هشة، رأت مجلة (المجلة) أن هناك بصيص أمل في أن يصل لبنان إلى وضع أقرب للوضع الطبيعي.. وهذا الوضع في لبنان يعني أن تصبح الصراعات السياسية روتينية، وتتنقل داخل المؤسسات القائمة، ولا تدفع البلاد، على الأرجح نحو أعمال عنف. وفي حين قد تكون هذه الرؤية مفرطة في التفاؤل على الساحة السياسية، فإن النظر بمنظور أوسع يؤكد وجود قدر من الثقة في مستقبل لبنان.

لم يصل لبنان بعد لمرحلة "أقرب إلى الوضع الطبيعي". وهناك مؤشرات على أن لبنان لا يزال بعيدا عن ذلك، مثل التصريحات المتذمرة أخيرا حول الصراع مع إسرائيل، واستمرار الخلاف على التعيينات السياسية.
ومع ذلك، ففي الأشهر التي تلت تشكيل الحريري لحكومة ائتلافية هشة، هناك مؤشرات تدل على أن لبنان يدخل مرحلة سياسية واعدة، ليقدم رؤية لإمكانية تحقيق مستقبل أقرب إلى الوضع الطبيعي.
ولكن ماذا تعنى عبارة "أقرب إلى الوضع الطبيعي" بالنسبة للبنان؟ بالتأكيد هي ليست وضعا يتم فيه حسم أوجه القصور التي دفعت لبنان إلى الحرب الأهلية. وهى ليست وضعا تحل فيه المصالح الوطنية مكان الطموح الشخصي في إدارة العلاقات الإقليمية في لبنان. كما أنها ليست وضعا ينجح فيه لبنان بشكل ما في عزل نفسه عن جوانب القصور لدى جيرانه. وإنما تعني عبارة "أقرب إلى الوضع الطبيعي" في لبنان شيئا أكثر تواضعا بكثير. فهي تعني أن الصراعات السياسية أصبحت روتينية، وتتنقل داخل المؤسسات الحالية، ولن تدفع البلاد على الأرجح نحو أعمال عنف. كما تعني أن الأطراف السياسية تستطيع تنحية القضايا الأساسية الخاصة ببقائها جانبا لتسعى وراء جداول أعمال أوسع نطاقا، بما في ذلك الأمور الروتينية للحياة السياسية وقضايا أخرى تابعة لذلك مثل الإصلاح الدستوري. ثمة معنى آخر لعبارة "أقرب إلى الوضع الطبيعي" وهو ظهور ساحة سياسية في لبنان يمكن فيها مناقشة مستقبل البلاد، والجدل حوله وحتى النضال من أجله دون تعريض استقرار البلاد للخطر. وهي تعني أن "الجمهورية المحفوفة بالمخاطر" ربما تجد في نهاية المطاف، موطئ قدم راسخ لها.

وتتسائل المجلة: هل يعد ذلك بمثابة مبالغة في التفاؤل؟ لتجيب: ربما يكون الأمر كذلك إذا ركزنا فقط على الساحة السياسية. ولكن إذا نظرنا على نطاق أوسع، فسنجد أدلة وافرة على ظهور ثقة لا تزال هشة في مستقبل لبنان.
وتؤكد المجلة ضرورة ألا نغفل الاتجاهات السياسية الواعدة التي يبدو أنها تستجمع قواها. وحتى داخل الساحتين المحلية والإقليمية السياسية، هناك دلائل على أن الرياح تتحول بطرق تسمح بتفاؤل محسوب نحو ما ينتظر لبنان في المستقبل، على الأقل في المدى القريب.

ينبغي أن يشار هنا أيضا إلى أن هذا التقدم يكون ممكنا فقط إذا ظل المحيط الإقليمي داعما للاستقرار الداخلي للبنان. وهنا أيضا نجد أسبابا للتفاؤل الحذر من بينها التحسن الذي شهدته العلاقات السورية السعودية في الفترة الأخيرة، وقلة احتمالات تجديد الصراع مع إسرائيل بالرغم من التراشق بالأقوال والأفعال أخيرا من كل الأطراف.. ومع ذلك فإن إمكانية حدوث اضطراب أمر قائم.. فالهجوم على إيران وحدوث أفعال استفزازية من قبل إسرائيل أو حزب اللـه وإمكانية تعكير صفو التقارب الحالي بين سوريا والمملكة العربية السعودية بل وحتى حدوث أزمة داخلية غير متوقعة تؤدي إلى اختلال الحكومة الحالية؛ كل هذا يمكن أن يعصف بالتحول اللبناني البطيء إلى الوضع الطبيعي.
لهذه الأسباب جميعها، من السابق لأوانه أن نتخيل تحسن الوضع في لبنان أو نظن أن الاستقرار أصبح سائدا أو أن مواجهة الاضطرابات أصبحت أكثر فعالية أو أن نطاق الجدل الداخلي اتسع ليشمل قضايا تبدو الآن في غاية الخطورة. وبالرغم من كل هذا، ورغم أن بداية عام 2010 تشير إلى أن لبنان لم يصل إلى الوضع الطبيعي بعد، فإن هناك احتمالا لأن يصبح هذا البلد أقرب إلى الوضع الطبيعي. ومن المهم أن نراجع توقعاتنا باستمرار وأن نتوقع حدوث نكوص أو ارتدادات، بيد أنه في غضون ذلك، فإن الوقت الحالي هو الوقت المثالي الذي ينبغي فيه أن نقدر التحسنات البسيطة التي شهدها لبنان في الأشهر الأخيرة.

التمييز العربي ضد الفلسطينيين


المشاهد السياسي، 14-20 فبراير 2010
مجلة المشاهد السياسي فتحت ملف الحقوق المدنية للفلسطينيين في بلدان اللجوء، في محاولة جادة لإلقاء الضوء على هذه الحقوق التي تم تجاهلها جيلا بعد جيل، علما أنها تعني مئات آلاف الفلسطينيين في لبنان وسورية والأردن ومصر بصورة خاصة.
وفي هذا السياق أشارت المجلة إلى مطالبة منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأردن، بوقف أعمال سحب الجنسية المتعسف من الأردنيين أصحاب الأصول الفلسطينية، كذلك مطالبتها الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية معا بالعمل على توفير حل دائم وعادل للاجئين الفلسطينيين في إطار القانون الدولي.

نبدأ من البداية، والبداية تقول إن قضية العودة لم تنفصل عن هدف تحرير كامل التراب الوطني في الفكر السياسي الفلسطيني، إلا في منتصف السبعينيات في القرن الفائت، عندما تبنى المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة ١/٨/١٩٧٤ ما عرف بـ«البرنامج المرحلي» أو «برنامج النقاط العشر» أو «برنامج السلطة الوطنية». في هذا البرنامج، ورد مصطلح «حق العودة» من خارج المألوف في مقررات المجالس الوطنية السابقة، إذ إنه لم يقترن بالإشارة إلى القرار ١٩٤ الذي يضمن دوليا هذه العودة.
وفي سياق التطورات اللاحقة للقضية الفلسطينية والتحولات التي طرأت على الفكر السياسي للحركة الوطنية الفلسطينية، تبنى المجلس الوطني في دورته التاسعة عشرة (١٥نوفمبر ١٩٨٨) وثيقتين أساسيتين هما: البيان السياسي وإعلان الاستقلال. وقد أكدت هاتان الوثيقتان حق العودة وحل مشكلة اللاجئين في إطار قرارات الأمم المتحدة. وجاء هذا التأكيد أكثر وضوحا في وثيقة الاستقلال.
وبهذا بدأ تبدل الخطاب السياسي لـمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ضمنه مفهوم العودة، تبدلا جوهريا على امتداد نحو ربع قرن من النضال الفلسطيني (١٩٦٤ ـ ١٩٨٨)، وتحولت منظمة التحرير من حركة تحرير وطني تسعى إلى تحرير كامل التراب الفلسطيني، إلى حركة استقلال وطني تسعى لإقامة كيان فلسطيني بجانب دولة إسرائيل.


وأشارت المجلة إلى إقرار الدول العربية في مؤتمر وزراء الخارجية، المنعقد في الدار البيضاء في العام ١٩٦٥ بروتوكولا، يتصل بالحقوق المدنية للفلسطينيين المقيمين في العالم العربي، يمنحهم نوعا من الحماية المؤقتة في انتظار عودتهم.
لكنها في الوقت ذاته أكدت أنه رغم إنفاق الدول العربية المضيفة بعضا من مواردها لتأمين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية الأساسية للاجئين الفلسطينيين، إلا أن تطبيق التعهدات والالتزامات التي يفرضها البروتوكول المذكور كان يختلف من وقت لآخر، بل كان يخضع للتطورات السياسية والإقليمية والدولية التي تمر بها القضية الفلسطينية.


الواقع أن نطاق الحماية الممنوحة للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة بموجب بروتوكول الدار البيضاء للعام ١٩٦٥، هو أضيق بكثير من نطاق الحماية الذي يتمتع به اللاجئون عموما، وفاق المعاهدات والاتفاقات المعمول بها في هذا الخصوص دوليا. ولذا، فإن المطلوب هو التزام أكبر من جانب العديد من الدول العربية بتطبيق معايير البروتوكول، وإزالة العقبات التي تحول دون تطبيقها على المستوى الوطني، ومن ثم مواءمة الحماية المطبقة على اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدول مع معايير الحماية الدولية.
وباختصار، لا يوفر المجتمع الدولي حاليا أي هيئة دولية تتمتع بتفويض واضح يكفل حماية دولية منتظمة وشاملة لحقوق اللاجئين الفلسطينيين اليومية جميعهم. وهذا يعني عمليا أن ثلث لاجئي العالم لا يتمتعون بحماية دولية مناسبة وكافية، ويكادون يكونون من دون حماية فعلية. وقد أدى غياب الحماية المناسبة للاجئين الفلسطينيين، من قبل معظم سلطات الدول العربية المضيفة، والحماية المحدودة التي تقدمها «الأونروا» والتدخل المحدود للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى وجود ثُغَرٌ جدية في الحماية الواجب تقديمها للاجئين الفلسطينيين. والأهم من ذلك، فإن غياب الحماية المناسبة للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية يرتب آثارا سلبية على نضالهم من أجل حق العودة، إذ يضعف قدرتهم على التمسك بهذا الحق من جهة، كما يعبد من جهة أخرى الطريق أمام مشاريع التوطين والتهجير.

Saturday, February 20, 2010

حلقة 17 فبراير 2010


كفوا عن تسريح موظفيكم


نيوزويك، 16 فبراير 2010
في موضوع غلافها المعنون (كفوا عن تسريح موظفيكم) حذَّرت مجلة نيوزويك الأمريكية من أن "الاعتماد المفرط على تخفيض عدد العمال يؤذي الموظفين والاقتصاد ويحد حتى من الأرباح". صحيحٌ أن الشركات كانت دوما تعمل على خفض عدد موظفيها خلال فترات التباطؤ الاقتصادي، لكن خلال العقدين الماضيين، أصبح طرد الموظفين جزءا من عمل الشركات التجارية بشكل متزايد، في أوقات اليسر والعسر على حد سواء. فالشركات الآن غالبا ما تخفض عدد موظفيها حتى وإن كانت أرباحها تزداد.

في 12 سبتمبر عام 2001، لم تكن هناك رحلات جوية تجـارية في الولايات المتحدة. ولم يكن معروفا متى سيُسمح لشركات الطيران باستئناف رحلاتها الجوية، أو كم من الركاب سيكون على متن الطائرات. لم تكن شركات الطيران تواجه مأساة الـ11 من سبتمبر فحسب، بل كانت تواجه أيضا دخول الاقتصاد في فترة ركود. لذلك، وبشكل شبه فوري، قامت شركات الطيران الأمريكية، باستثناء واحدة، بما تبرع فيه الكثير من الشركات الأمريكية بشكل خاص: وبدأت تعلن عن تسريح عشرات الآلاف من الموظفين. حتى اليوم، ما زالت "ساوثويست"، وهي شركة الطيران الوحيدة التي لم تخفض عدد موظفيها آنذاك، لم تسرح أي موظفين لأسباب قسرية منذ تأسيسها قبل 40 عاما تقريبا. وهي الآن أكبر شركة طيران أمريكية محلية وقيمتها تفوق قيمة كل منافساتها المحلية مجتمعة. وكما قال لي ذات مرة رئيس قسم الموارد البشرية فيها: "إن كان الناس أثمن ما لدينا، لماذا عسانا نتخلى عنهم؟".
إنه موقف نادر جدا في المكاتب الإدارية هذه الأيام.

بالنسبة إلى الكثير من المديرين، يبدو أن لا مفر من هذه الخطوات. لكن حتى وإن كان تخفيض عدد الموظفين سلاحا مقبولا في ترسانة الإدارة العصرية، فإنه غالبا ما يكون خطأ فادحا. في الحقيقة، يشير عدد متزايد من الأبحاث الأكاديمية إلى أن الشركات تتكبد نفقات كبيرة عندما تخفض عدد عمالها. بعض هذه النفقات جلية، مثل الكلفة المباشرة للتعويضات ومساعدة الموظفين المسرحين على إيجاد وظائف جديدة، وبعضها بديهي، مثل التأثيرات على معنويات العاملين وعلى الإنتاجية فيما تسود مشاعر القلق في أوساط الموظفين الباقين ("هل سأكون التالي؟").

وأشارت المجلة إلى أن الأبحاث في هذا السياق تظهر نتيجة ثابتة: وهي أن عمليات تسريح الموظفين غير مجدية، لأسباب وجيهة، تطرق إليها "واين كاسيو" الأستاذ في جامعة كولورادو في كتابه بعنوان (إعادة هيكلة مسؤولة)، أخطرها تدني المعنويات وازدياد الخوف من المخاطر لدى الموظفين المتبقين، والدعاوى القضائية المحتملة، وعمليات التخريب أو حتى أعمال العنف في مكان العمل من قبل موظفين يشعرون بالظلم أو موظفين سابقين، وخسارة الخبرات والمعلومات المؤسساتية، وتراجع الثقة في الإدارة وانخفاض الإنتاجية.
وفي النهاية تخلص المجلة إلى نتيجة تفيد بأن عمليات التسريح سيئة بشكل عام للشركات ومضرة بالاقتصاد ومدمرة للموظفين.

هناك عدد من المعتقدات المترسخة المستعملة لتبرير حاجة المديرين إلى تخفيض عدد الموظفين، والكثير منها غير صحيح. على سبيل المثال، وخلافا للاعتقاد السائد، فإن الشركات التي تعلن عن تسريح عدد من موظفيها لا ترتفع أسعار أسهمها أكثر من نظيراتها، سواء كان ذلك بشكل فوري أو مع مرور الوقت. فقد وجدت دراسة شملت 141 شركة أعلنت عن تسريح عدد من موظفيها بين عامي 1979 و1997 أن أسعار أسهم تلك الشركات لم ترتفع، وأن عمليات التسريح الأوسع نطاقا والدائمة أدت إلى تدنٍ أكبر في أسعار الأسهم.
إن عمليات التسريح لا تخفض التكاليف بشكل مؤكد، هذا لأنه عندما يتم الإعلان عن عمليات التسريح، تحصل أمور عدة. أولا يبدأ الناس بتقديم استقالاتهم، وغالبا ما يكونون من أفضل الموظفين (الذين لم يتم تسريحهم) والذين يتمتعون بالكفاءة التي تتيح لهم إيجاد وظائف أخرى. ثانيا، غالبا ما تخسر الشركات موظفين لم تكن ترغب في خسارتهم. أحد الاستطلاعات التي أجرتها مجموعة "أميركان مانجمنت أسوسييشن" (American Management Association ) كشف أن نحو ثلث الشركات التي كانت قد سرحت عددا من موظفيها أعادت توظيف بعضهم كمتعاقدين لأنها كانت لا تزال بحاجة إلى مهاراتهم.
المديرون يستخفون أيضا بمدى تأثير عمليات تسريح الموظفين سلبا على المعنويات ومدى إثارتها للمخاوف في مكان العمل. تبين في استطلاع "أميركان مانجمنت أسوسييشن" أن 88 بالمائة من الشركات التي خفضت عدد موظفيها تشير إلى تدني المعنويات. لهذا كلفة، في الحاضر كما في المستقبل. عندما ينتهي الركود الحالي، أول ما سيفعله الكثير من الموظفين هو البحث عن وظيفة جديدة. في مواجهة تصرفات الإدارة التي تدل على أن الشركات لا تقدر موظفيها، تتسع الهوة بين الموظفين والإدارة وتزداد مشاعر عدم الثقة تجاهها، كما تشير كل المؤسسات الاستشارية المختصة بالموارد البشرية.

مستقبل واعد للصناعات السعودية


عالم الاقتصاد، فبراير 2010
قفز عدد المصانع المنتجة في المملكة العربية السعودية ليصل بنهاية العام 2008م الماضي إلى 4167 مصنعا منتجا، شكلت حصيلة نهضة صناعية حولت المملكة العربية السعودية خلال فترة وجيزة من بلد يستورد معظم احتياجاته إلى بلد يصنع كثيرا من المنتجات فضلا عن تصدير جزء كبير منها.
حول (المستقبل الواعد للصناعات السعودية) تحدثت مجلة عالم الاقتصاد.
أسهَم صندوق التنمية الصناعية السعودية في تطوير ودعم القطاع الصناعي من خلال تقديم القروض الصناعية للمستثمرين والتي بلغت حتى نهاية العام نفسه 3020 قرضا صناعيا. كما تُقدم الدولة الكثير من الامتيازات والتسهيلات الأخرى، مثل الإعفاءات الجمركية وخدمات الكهرباء والماء وغيرها، وهو ما انعكس إيجابا على نمو وتطور القطاع الصناعي وكافة الأنشطة الاقتصادية.
وفيما يتعلق بمؤشرات أداء القطاع الخاص الصناعي، فقد شهد قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية نموا جيدا خلال العام 2008م، كما زادت مساهمة القطاع الصناعي بشكل كبير في صادرات المملكة العربية السعودية من السلع غير البترولية بقيمة قدرها 115 مليار ريال سعودي خلال العام 2008م بزيادة قدرها 10% عن العام 2007م.
هذا ويتم دعم وتشجيع الاستثمار الأجنبي من خلال تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة في القطاع الصناعي، وفتح المجال للشركات العالمية للاستثمار بالمملكة العربية السعودية، وجلب الخبرات والتقنيات الحديثة في الصناعات التي تحتاجها المملكة العربية السعودية وتخدم الاقتصاد الوطني، وتقديم قروض صناعية لا يشترط فيها وجود شركاء سعوديين في تلك المشاريع.
كما بلغ عدد المشاريع المختلطة التي تم تمويلها حتى العام المالي 1428/ 1429هـ 588 مشروعا بقيمة 28.517 مليون ريال سعودي. وتجدر الإشارة إلى أن 105 مشاريع من هذه المشاريع تبلغ قيمة القروض المعتمدة لها 8.091 مليون ريال سعودي قد أصبحت حاليا مملوكة بالكامل لمستثمرين سعوديين.
وتم مؤخرا وضع استراتيچية وطنية للصناعة تهدف إلى تعزيز القدرات التنافسية الصناعية السعودية، وزيادة ارتباطاتها التكاملية محليا وإقليميا وعالميا، وتحفيز الصناعات المتقدمة ذات القيمة المضافة العالية، والتوسع في توفير التجهيزات والخدمات اللازمة لتحقيق التنمية الصناعية في جميع مناطق المملكة العربية السعودية.

لماذا قال الأسد كلمته التي أثارت زوبعة المتشددين الصهاينة؟


البـــــيادر السياسي، 16 فبراير 2010
في حديث له يوم الأربعاء الموافق 3 فبراير الحالي، قال الرئيس السوري بشار الأسد: "الوقائع تُثبِت أن إسرائيل تريد جرّ المنطقة إلى حرب"، فاستنفر متشدّدو الكيان الصهيوني حناجرهم للإدلاء بتصريحات جنونية استوجبت الرّد القوي من قبل المسؤولين السوريين.
لماذا قال الأسد كلمته التي أثارت زوبعة المتشددين الصهاينة؟ وما الذي دفع نتنياهو إلى إصدار بيانين بهدف "التنفيس" والتهدئة بعد إمعان بنتائج التصعيد؟ أسئلة تحاول مجلة البيادر السياسي الإجابة عنها.

حشر وزير الخارجية – وليس الدفاع! – أفيجدور ليبرمان أنفه في الموضوع بطريقة الثور الهائج النازل إلى حلبة المصارعة، وأدلى بكلام جنوني خارج المألوف أثار اعتراض مصادر إسرائيلية حزبية معارضة ورسمية أيضا، حين أطلق حملة من التهديدات الغريبة على منطق رجال الدبلوماسية، وحتى العسكر، جاء فيها إن "إقدام الرئيس السوري على مهاجمة إسرائيل يعني أنه سيخسر الحرب وسيخسر السلطة هو وعائلته"؟!، وأرجع أسباب كلامه هذا إلى أن كلام الرئيس الأسد (الذي ردّد ما يماثله سابقا) غيّر قاعدة اللعبة تغييرا دراماتيكيا، ومثّل تهديدا مباشرا وتجاوزا للحدود"!".
والذي أثار حنق ليبرمان – حسبما ورد على لسانه – أن كلام الأسد يعني إذا هاجم حزب الله إسرائيل وردّت هي عليه، فإن سورية ستخوض الحرب وتهاجم إسرائيل ومدنها !
أمام هذا التصعيد، كان من الطبيعي أن نسمع على لسان رئيس الوزراء السوري المهندس "محمد ناجي عطري" أوّل ردّ رسمي عليه أكّد فيه أن "من يستفزّ سورية سيلقى إجابة على استفزازه ، فنحن نمتلك القوة ومصادر الرد والمواجهة، وهذا شيء نعتزّ به كما نعتزّ بشعبنا المقاتل المتمسك بثوابته الوطنية والقومية".

تعود بنا المجلة لبداية السؤال الأول: لماذا إذن انطلقت هذه الزوبعة من التهديدات الإسرائيلية التي سرعان ما توقّفت بأمر من نتنياهو؟ والجواب على ذلك يكاد يُجمِع عليه سائر المحللّين الموضوعيين، وهو أن إسرائيل تستهدف من وراء ذلك أحد هذه الاحتمالات الأساسية الثلاثة :

أولا: إما لحسابات سياسية داخلية تتعلق بصراع الأحزاب والتآلفات.
ثانيا: التعتيم على حالة التكلّس الإسرائيلي في موقع غير قادر على السلم ولا على الحرب في الآن عينه.
ثالثا: الشعور باستمرار سيطرة الجو الضاغط على كل من في الكيان الصهيوني ، نتيجة الفشل الإسرائيلي في العدوانين اللذين تم شنّهما ضد حزب الله في العام 2006، وضد قطاع غزة في العام الماضي، ومحاولة إعادة جوّ الثقة بدل واقع "الزعرنة" والإرباك السائدين في هذه الأيام.
من ناحيتنا نرجح أن تكون الاحتمالات الثلاثة مجتمعة بالإضافة إلى غيرها – ربما – هي التي تقف وراء التصعيد الإسرائيلي ووراء جنون ليبرمان وباراك... وهي نفسها التي أجبرت نتنياهو على فرض التهدئة، وهو المعروف بعصبيته وتشدّده مثل وزيريه الاثنين وسائر المتشددين الصهاينة الآخرين!

حرب «الموساد» السرّيّة على اللبنانيين في أفريقيا


المشاهد السياسي، 13 فبراير 2010
بعد سقوط الطائرة الأثيوبية في المياه الإقليمية اللبنانية، تكثّفت الأسئلة حول الحادث، دون أن يلوح في الأفق ما يشير، من قريب أو بعيد، إلى أسبابه الحقيقية.
مجلة المشاهد السياسي رأت أن العمل الإرهابي ليس مستبعدا، ورغم أن فريق التحقيق المتعدّد الجنسيات لم يقدّم أي فرضيّة على الأخرى، فإن كل ما يمكن الجزم به حتى الآن هو أن سوء الأحوال الجوّيّة لا يكفي وحده لتفسير الكارثة.

في الوقت الذي يواصل فيه فريق التحقيق اجتماعاته في مطار بيروت، بمشاركة ممثّلين عن شركة "بوينج"، ودائرة سلامة الطيران الأميركي، والخبراء الفرنسيين، وممثّل مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى ممثّلي الحكومة اللبنانية والقضاء اللبناني، يتركّز الاهتمام السياسي والأمني على مدى التعاون القائم بين أثيوبيا وإسرائيل في المجالين الأمني والمخابراتي، والخطط الإسرائيلية لترحيل المغتربين اللبنانيين، أو الحد من نفوذهم في عدد من البلدان الأفريقية، بحجّة أن أعدادا كبيرة منهم تتعاون مع «حزب الله»، أو تقدّم دعما ماديا ولوجستيا قويّا للمقاومة في لبنان كما في بلدان الاغتراب الأفريقي.
ومعروف أن أثيوبيا تشكّل قاعدة تنصّت حقيقية على العرب والمسلمين في أفريقيا لمصلحة المخابرات الإسرائيلية، وأن الانتشار اللبناني مصدر قلق لإسرائيل في معظم البلدان الأفريقية التي يتمتّع فيها اللبنانيون بنفوذ خاص.
هذه الاعتبارات لا تغيب عن بال المحقّقين اللبنانيين والدوليين الذين يواكبون عملية البحث عن الصندوق الأسود وينتظرون فكّ رموزه، وقد لا تكون غائبة عن الأوساط الأمنيّة الأثيوبية التي تشارك في التحقيق. وإذا كانت وظيفة الصندوق الأسود تسجيل ما يدور في قمرة القيادة من أحاديث واتصالات مع برج المراقبة، ورصد كل التفاصيل المتعلّقة بسير الطائرة والظروف التي ترافق رحلاتها، فإن وظيفة فريق التحقيق الأمني رصد المعطيات السياسية المتّصلة بالحادث، وعنوانها الأول التنسيق الإسرائيلي ـ الأثيوبي في القارّة السوداء، كجزء من الحرب السرّيّة التي تشنّها إسرائيل على من تعتبرهم أعداءها أو منافسيها، وعلى رأسهم المغتربون اللبنانيون. والأغراض الإسرائيلية من التوسّع في أفريقيا متعدّدة، سياسية وأمنيّة واقتصادية واستراتيجية، والدراسات التي أعدّت حولها كثيرة.

صحيح أن العلاقات الأفروإسرائيلية قد شهدت العديد من التقلّبات والتغيّرات منذ تأسيس إسرائيل في العام ١٩٤٨، إلا أنها مع ذلك شهدت استمرارية دائمة مع الكثير منها، وفي نهاية العام ١٩٦٧ كان لإسرائيل علاقات دبلوماسية مع ٣٢ دولة اعترفت بها رسميا، وتبادلت الزيارات الرسمية معها.
لكن لماذا أثيوبيا بالذات؟

لأن الخطوط الجوّيّة الأثيوبية المملوكة من الدولة تؤمّن ٥٦ وجهة سفر، بما في ذلك ٣٥ وجهة في أفريقيا، وهي بالتالي موقع تنصّت مثالي على اللبنانيين والعرب الذين يقصدون القارّة وينشطون فيها. واستنادا إلى العلاقات الوثيقة بين أثيوبيا وإسرائيل، فإن احتمال أن يكون «الموساد» قد خططت لتفجير الطائرة من أجل التخلّص من عدد من قيادات «حزب الله»، كان مقرّرا أن توجد على متنها مطروحا بشدة. في هذا السياق، نقل موقع لبناني إخباري عن خبراء فرنسيين في علم «التوافق الكهرومغناطيسي» ، أن حادث الطائرة نجم عن انفجار حصل في الجوّ. وبين الشهادات التي سجّلها الموقع شهادة للدكتور "علي علاء الدين" استبعد فيها كلّيا احتمال أن تكون الصواعق والطقس الرديء سببا للكارثة، لأنه بإمكان الطائرة استيعاب مجموعة الشحنات الكهربائية والمغناطيسية، وقال: «لو كان الخلل ناجما عن رداءة الطقس، لكان قائد الطائرة استدرك الأمر مع مساعديه وأعاد تصويب مجرى اتجاه الطائرة، أما كونه لم يستطع تحريك ساكن، فهذه دلالة على انفجار لم يعطه الوقت لاستدراك الأمور واستعادة مجرى الطائرة الطبيعي التي تحطّمت في الأجواء".
وفي انتظار أن يكشف الصندوق الأسود عن رموز الحادث، خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، يظلّ رصد الظروف الأمنيّة والسياسية التي أحاطت بالكارثة ضروريا، لأنها يمكن أن تفسّر الجانب الخفي في الانفجار الذي حصل، وهو ليس بالضرورة فعل صاعقة طبيعية.

تنافس في تكرار خطايا أوسلو


أبيض وأسود، 7 فبراير 2010
تحت عنوان (تنافس في تكرار خطايا أوسلو) تناولت مجلة أبيض وأسود بالتحليل تصريحات رئيس السلطة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس في مقابلة له مع صحيفة (ذا جارديان) البريطانية، نُشرت الأسبوع الماضي، أعرب فيها عن استعداده للعودة إلى طاولة المفاوضات؛ مقابل تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية والقدس لمدة ثلاثة أشهر، متعهدا بمواصلة منع أي شكل من أشكال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومؤكدا قبوله الاعتراف بـ(إسرائيل دولة يهودية) في إطار اتفاق سلام شامل ينهي الصراع مع (إسرائيل).

عباس في هذا التصريح تراجع تحت الضغوط الأمريكية والأوروبية عن شرط وقف الاستيطان بشكل كامل وشامل ودون أي سقف زمني، ورضخ لشرط الاعتراف بـ(يهودية إسرائيل)، وهو الأخطر بين الشروط الإسرائيلية لأنه يسقط بضربة واحدة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي شردوا منها، وحقوق الفلسطينيين الذي ظلوا صامدين على أراضيهم المحتلة في العام (1948).
وفيما يبدو سباقا مع عباس على البحث عن تقاطعات مع حكومة نتنياهو للخروج من مأزق توقف المفاوضات، بادر رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض إلى سابقة حضور فعاليات (مؤتمر هرتسيليا) المعني برسم وتقييم الخطط والسياسات الأمنية الإسرائيلية على المستوى الاستراتيجي، والهدف الحقيقي من وراء مشاركة فياض وضع التنسيق الأمني بين حكومته وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في إطار الخطط الأمنية الاستراتيجية، تحت إشراف أمريكي مباشر على تنفيذ الالتزامات التي يقدمها الجانب الفلسطيني للإسرائيليين.
ولعل حكومة نتنياهو تحبذ التعامل مع رؤية فياض للتسوية، لأن هذه الرؤية تلتقي مع رؤية نتنياهو الداعية إلى تسوية على أساس ما يسميه (سلاما اقتصاديا) يفتح الطريق أمام (سلام سياسي)، وفي الفترة الفاصلة بينهما تقوم (دولة فلسطينية بحدود مؤقتة)، ويُترك البت بمصير القدس والحدود والسيادة والمستوطنات والمياه إلى ما بعد انتهاء المرحلة الانتقالية غير المحددة بسقف زمني ملزم،

وتؤكد المجلة أن ما يقترحه عباس حول وقف الاستيطان مؤقتا سبق أن جُرِّب بعد مفاوضات أوسلو، واصطدم برفض الحكومات الإسرائيلية المختلفة وقف الاستيطان فعليا ولو ليوم واحد. في حين لم تُقْدِم أي إدارة أمريكية على اتخاذ مواقف عملية رادعة لـ(إسرائيل). كما أشارت المجلة إلى أن فكرة المفاوضات المكثفة التي يقترحها عباس اقترحتها سابقا إدارة كلينتون في كامب ديفيد (2) وشرم الشيخ («2000»، و «2001») لكنها فشلت؛ لأن الإسرائيليين لم يكونوا مستعدين للقبول بدولة فلسطينية مستقلة والانسحاب من القدس الشرقية مهما كان الثمن، ولإفشال المفاوضات تم حشرها في زاوية ما تدعيه (إسرائيل) من (مطالب أمنية).

إن ما يعمل عليه فياض جُرب أيضا وفشل، فالسلطة الفلسطينية عملت على بناء مؤسسات تحت الاحتلال الإسرائيلي تحضيراً للدولة الفلسطينية الموعودة، وخلال أيام قليلة تمت الإطاحة بما بنِي خلال سبع سنوات.
وكذلك تم تجريب ما يقترحه المبعوث ميتشل للخروج من مأزق فشل الجهود التي بذلها. فما يروج له ميتشل - وبغض النظر عن التسمية - هو مشروع حكم إداري ذاتي موسع للسكان دون الأرض خلال مرحلة انتقالية بسقف زمني غير ملزم، رغم تحديد مدة سنتين لإجراء مباحثات مكثفة تحسم خلالها قضايا الحل النهائي باستثناء القدس.
السؤال الذي يتبادر للذهن هو: كيف يمكن أن تنتج المفاوضات حلا مقبولا للفلسطينيين إذا كان أساسها وهدفها غير واضح؟ لا سيما في ظل الرد الإسرائيلي على مقترح عباس والذي حمل اللاءات التقليدية الإسرائيلية: لا انسحاب حتى حدود الرابع من يونيو (1967)، لا تفاوض حول القدس الشرقية، لا تنازل عن الكتل الاستيطانية الرئيسية، لا لإنهاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على طول حدود الضفة الفلسطينية مع الأردن. صورة قاتمة للمرحلة القادمة، عباس وفياض يكرران خطايا أوسلو، وحكومة نتنياهو تصعد من تطرفها، وبدل أن تبادر إدارة أوباما لمواجهة التحديات تراجعت إلى مربع إدارة الأزمة وضبطها في حدود تمنع انفجارها. لكن الفلسطينيين قادرون على إفشال السياسات الإسرائيلية وعبور المرحلة وتغيير معادلتها بوحدتهم، التي يفتقدون لها منذ أوسلو وهي أكبر خطايا الفريق الأوسلوي الذي مازال يعيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.

Friday, February 12, 2010

مقدمة حلقة 10 فبراير 2010


نبدأ حلقتنا لهذا الأسبوع من برنامج موضوع الغلاف، مع مجلة تايم الأمريكية، بصحبة رجل الحرب، روبرت جيتس. بعدها نتعرف على أسطورة الدول المارقة، بعيون نيوزويك. ثم نطير إلى بيروت التي تحولت إلى خلية نحل فلسطينية، لنتابع أربع فعاليات هامة رصدتها لنا مجلة العودة. وقفتنا قبل الأخيرة ستكون مع الخطة الإسرائيلية لتهويد الجليل والنقب، لنختم في النهاية بكشف الفضيحة التي لا يتصورها أحد، وتقرير مميز أعدته من لندن المشاهد السياسي

! ثوانٍ ونبدأ.. لا تذهبوا بعيدًا

رجل حرب


تايم، 15 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
تحت عنوان (رجل حرب) تحدثت مجلة تايم الأمريكية عن "روبرت جيتس" الذي رأس وزارة الدفاع الأمريكية منذ 18 ديسمبر 2006 وحتى اليوم.
كاتبة موضوع الغلاف "إليزابيث روبن" تسائلت في البداية ما الذي يحارب لأجله "روبرت جيتس" حقًا؟ لتنتقل بعد ذلك إلى الحديث عن إنجازات الرجل (الحربية بالطبع) الذي توقع الكثيرون أنه لن يستمر طويلا في ظل إدارة الديمقراطيين، لكنه خذل كل التوقعات، بصورة ربما ترجح التحليل القائل بأن (بوش لم يخرج من البيت الأبيض بعد)، فقط تغيرت الألوان!

حينما قَبِل جيتس، الذي تولى زمام الأمور في البنتاجون بعد استقالة سلفه "دونالد رامسفيلد"، عرض أوباما بالبقاء في منصبه في ظل الإدارة الجديدة، افترض الكثيرون أنه لن يستمر طويلا، وإن فعل فإن نفوذه سيتضاءل داخل البيت الأبيض الذي مُلئ فجأة بالموظفين اليساريين المتشككين في أي شخص تربطه صلة بسياسة جورج بوش الخارجية. لكنه (وعلى عكس التوقعات) استطاع إحراز نصرَيْن في عام واحد. ففي ديسمبر تمكن من تمرير ميزانية كبرى للبنتاجون غيرت شكل الحرب. كما ساعد أوباما في تنفيذ خطته المتعلقة بأفغانستان، والتي خاض بها (هذا الأخير) حملته الانتخابية عام 2008، لكنها في النهاية أضحت معروفة باسم (خيار جيتس).
كبار المسئولين في وزارة الدفاع، أعربوا عن دهشتهم من أن يقوم رئيس ديمقراطي بنشر هذا العدد من الجنود في عامه الأول، قائلين: "إنه أمر جدير بالملاحظة".
جيتس رجل يدرك بدقة احتياجات رؤسائه وطريقة عملهم، وهذا ما خوَّله لأن يحتل هذه المناصب. فأثناء عمله في إدارة بوش برَّرَ برنامج الدفاع الصاروخي، وتحت إدارة أوباما تولى مسئولية إلغائه.
هذه المهارات ربما هي التي جعلت من روبرت جيتس أقوى وزراء الدفاع نفوذا منذ "روبرت ماكنمارا"، وزير الدفاع الأميركي خلال حرب فيتنام. لكن بالنسبة لليساريين يمثل "جيتس" ترضية مخيبة للآمال، وتذكِرة دائمة بتردد أوباما في التبرؤ الكامل من سلوك بوش في الحرب على الإرهاب. وهي المخاطرة التي يديرها أوباما الآن.

أسطورة الدول المارقة


نيوزويك، 9 فبراير 2010
العالم الذي أوجد مصطلح "الدول المارقة" انتهى، وكلما أسرعت واشنطن في إدراك ذلك كان أفضل لها.. بهذه الكلمات استهلت مجلة نيوزويك موضوع غلافها الأخير، بقلم "نادر موسوي زاده" الذي كان المساعد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من 1997 وحتى 2003، وهو باحث ومستشار كبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن.
بعد سنة من إعادة باراك أوباما إطلاق علاقات أمريكا مع دول العالم المارقة، صدر الحكم النهائي بشأنها: فمن بورما إلى كوريا الشمالية، ومن فنزويلا إلى إيران، قوبلت اليد الممتدة بقبضة منقبضة. "أونج سان سوكي" لا تزال تحت الإقامة المنزلية في رانجون، وبيونج يانج لا تزال تختبر الصواريخ، وكراكاس لا تزال تندد بالإمبريالية الأمريكية، وإيران تجاهلت إنذارا نهائيا لها بحلول نهاية العام المنصرم لعقد صفقة بشأن برنامجها النووي. سياسة الحوار فشلت وأوباما يجهز نفسه الآن لتنفيذ التهديدات بفرض عقوبات أشد كما يجب عليه فعلا. أليس كذلك؟ حسنا، ليس بالضرورة.
إن ما أخفقت واشنطن في إدراكه بالكامل هو أن العالم الذي أوجد "الدول المارقة" قد انتهى. فهذه الفكرة افترضت وجود مجتمع دولي متحد خلف ما يُفتَرض أن تكون قيما ومصالح غربية شاملة، ويستطيع الاتفاق على ماهية هذه الدول المارقة وكيفية التعامل معها. بحلول نهاية تسعينات القرن الماضي كان هذا المجتمع الدولي يتفكك أيضا، مع صعود الصين وانبعاث روسيا وبروز الهند والبرازيل وتركيا كقوى حقيقية، وهي دول كلها لها مصالحها وقيمها الخاصة بها. ومن الواضح اليوم أن "المجتمع الدولي" المعروف بقيمه الغربية ليس سوى أسطورة، ومن الواضح أيضا أنه بالنسبة إلى الكثير من الدول فإن مصطلح "مارق" يمكن أن ينطبق أيضا على الولايات المتحدة كما ينطبق على الدول المارقة التي تريد الولايات المتحدة عزلها.إن ما يسعى العالم للحصول عليه من أمريكا هو قدر أكبر من الحوار والتعاطي، لا أقل، ولكن شريطة أن يكون ذلك قائما على الشراكة وليس على الهيمنة الأمريكية. لقد أصبح من الواضح الآن أن القيادة الأمريكية التقليدية هي أمر غير مرحب به سواء كانت ممثلة بشخص باراك أوباما أو، بقدر مساو، ممثلة بشخص جورج دبليو بوش.

وتشير المجلة إلى أن الرد على هذه الدول التي تتحدى النظام العالمي القائم لن يأتي على شكل عِصِيّ أو جزَر (حوافز وعقوبات) من واشنطن وحدها. فمواجهة تهديدات الانتشار النووي وانعدام الاستقرار الإقليمي يتطلب تشكيل تحالفات تكون راغبة فعلا، لا تحالفات يتم تشكيلها تحت الضغوط الأمريكية. مؤكدة أنه لم يعد من الممكن للولايات المتحدة ـ حتى في ظل رئيس كأوباما ـ حشد التأييد الدولي خلف أجندة أمريكية، أو حتى غربية أوسع.
وحذرت المجلة من أن حملة بقيادة أمريكية على الدول المارقة القديمة، في ضوء غياب مجتمع دولي حديث التشكيل، لابد لها من أن تعود بعكس النتائج المرجوة منها.

لا شيء سيؤدي إلى تعطيل هذا الوضع الراهن أكثر من منح قادة الدول المارقة ما يخشونه أكثر من أي شيء آخر: الإنهاء الكامل للعقوبات الاقتصادية الواسعة، والتجارة المفتوحة وغير المعاقة مع الطبقات التجارية التقليدية، والمبادلات التعليمية لطلبة بلادهم وسياسات السفر الأقل تقييدا لعامة شعوبهم، حتى مع إثبات العقوبات على تصدير السلاح وتأشيرات السفر للنخبة الحاكمة. إن مثل هذه السياسة تتمتع بقدر أكبر من القبول والدعم بين القوى الصاعدة والمنافسة ـ وكذلك بين شعوب الدول المارقة نفسها ـ كما أنها ستطلق سلسلة أحداث يرجح لها أن تسفر عن قدر أكبر من الأمن، وعن حكومات أكثر مساءلة.
إن من شأن تغيير سياسي بهذا الحجم، بالطبع، أن يواجه أكبر معارضة له في واشنطن من أي مكان آخر. فبالنسبة إلى معارضي أوباما في اليمين، فإن ذلك سيكون بمنزلة دليل لا يدحض على "ممالاته" لمحور الشر. وبالنسبة إلى حلفائه في اليسار الناشط، فإن ذلك سيمثل خذلانا لأجندتهم الخاصة بنصرة حقوق الإنسان. إن الحقيقة ـ التي يستطيع أوباما أكثر من أي زعيم أمريكي أن يوضحها ـ هي أن السياسة الأمريكية القائمة على عزل الدول المارقة أدت إلى فشل ذريع، وأن شراكة جديدة وحقيقية مع الدول المهمة اليوم تتمتع بفرصة أكبر بكثير للترويج للأمن وللكرامة الإنسانية في الدول المارقة.هل سيؤدي هذا النهج إلى التخفيف من حدة خطاب "هوجو تشافيز" أو صلف "روبرت موجابي"، وهل سيخفض من جنون الشك لدى "كيم يونج إل" أو يقلص من إحكام قبضة "أحمدي نجاد" القاسية على السلطة؟ ليس ذلك مرجحا. ولكن هذا النهج قادر على بدء صياغة بيئة عالمية أقل ودية للخطاب الصادر عن هؤلاء وجعلهم أكثر عرضة لتهم انعدام مشروعية أنظمتهم ـ في الداخل والخارج ـ وهو ما يصبح مع الوقت مقتل أي نظام. وأخيرا وليس آخرا، فإن مثل هذا النهج سيمنح سياسة الحوار التي أطلقها أوباما معنى يتجاوز مجرد الكلمات، ويبدأ في وضع أمريكا كقوة في القرن الـ21 تقود بقوة القدوة والمثال الحسن، وليس بالقوة العسكرية.

خلية نحل فلسطينية


العودة، فبراير 2010
تحولت بيروت خلال الشهر المنصرم إلى "خلية نحل فلسطينية"، على حد وصف مجلة العودة، باستضافتها أربع فعاليات هامة، هي: "الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة"، و "المؤتمر السابع لمؤسسة القدس الدولية"، وحلقة نقاش حول "الاتجاهات المتوقعة للقضية الفلسطينية في عام 2010"، ومؤتمر "الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان"، الذي استهلت المجلة بالحديث عن أهميته وأبرز ما دار فيه من حوارات ونقاشات.

تنبع أهمية هذا المؤتمر من عدة نقاط، منها: توقيته الجيد، فهو يأتي مع صدور أصوات تدعو لمنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم، وبروز وفاق كحد أدنى على بعض الحقوق الأساسية. كما أنه جاء بعد تشكيل الحكومة اللبنانية وإعلان بيان وزاري فيه ثلاث فقرات تتحدث عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبعضها يدعو لمنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية. أضف إلى ذلك أنها المرة الأولى التي يحضر فيها هذا العدد من الشخصيات السياسية والوزارية والنيابية اللبنانية مؤتمرا عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وقد دارت الحوارات حول الأوضاع الإنسانية للاجئين الفلسطينيين والظروف الاجتماعية، والقوانين اللبنانية التي تحكم وجودهم في لبنان. وتركزت النقاشات على سبل تحسين أحوال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خاصة في نواحي العمل والتملك، واتسمت بعض المداخلات بالأهمية والعمق، وبعضها كان لمصلحة منح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية مثل النائب السابق سمير فرنجية والدكتور سعود المولى، حيث استغرب فرنجية "مطالبة إسرائيل بوقف سياستها العنصرية في حين نمارس نحن كلبنانيين التمييز ضد الفلسطينيين".

انتقلت المجلة بعد ذلك للحديث عن بقية الفعاليات والتي كان أبرزها "الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة" والذي حضره وزراء يمثلون الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري. كذلك حضر الرئيس سليم الحص والأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والأمين العام لهيئة العلماء المسلمين في العراق الشيخ حارث الضاري، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين من لبنان وغالبية البرلمانات العربية والعالمية وممثلو الأحزاب الوطنية والفصائل الفلسطينية وعدد من الشخصيات السياسية والمحلية والعالمية.

افتتح كلمة الملتقى رئيس اللجنة التحضيرية خالد سفياني، مؤكدا أن "المقاومة محتضنة من كل أحرار العالم".
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل: "نحن لا نحتفل بذكرى حرب خسرناها، ولكن بحرب فُرضت علينا وصددناها، وقد قدمت غزة نموذجا للدفاع عن الأرض والوطن، لذلك نحن نحذر قادة العدو أننا لم نختر الحرب الماضية ولن نختار الحرب القادمة، ولكن إذا فُرضت علينا فسنختار الصمود والقتال الضاري.. لا شيء سيهزم غزة، لا الحرب ولا الحصار ولا بناء الجدار".
وقدم الأمين العام لـ"هيئة علماء المسلمين في العراق" الشيخ حارث الضاري تعريفا عن المقاومة العراقية وتطورها وأهدافها ومنجزاتها والضغوط التي تعرضت لها والاتهامات الباطلة التي وجهت إليها وما وصلت إليه اليوم، مؤكداً أن "المقاومة العراقية عراقية المنشأ والأهداف وهي لكل العراقيين وليست لفئة دون أخرى أو لطائفة دون أخرى وهدفها الأسمى تحرير العراق من الاحتلال الأجنبي". وأشار إلى أن "الدفاع عن العراق هو دفاع عن الأمة وعن كرامتها ومقدساتها ومستقبلها في الحياة وفي الوجود".

من تهويد القدس إلى تهويد الجليل والنقب


أبيض وأسود، 1-8 فبراير 2010
حول الخطة الإسرائيلية لتهويد الجليل والنقب، تحدثت مجلة أبيض وأسود السورية. مسلطة الضوء على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عدة أيام عن خطة جديدة لاستقدام مليون مستوطن يهودي جديد خلال السنوات الخمس عشرة القادمة، كما أعلن عن نيته توزيع قسائم بناء مجانا للجنود المُسَرَّحين في منطقتي الجليل والنقب، بشرط أن ينتقلوا للسكن والإقامة الدائمة هناك.

يأتي هذا الإعلان بعد أسابيع قليلة من الحملة الإعلامية التي قام بها "شمعون بيريز" وعدد من الوزراء في حكومة "نتنياهو" ترويجا لخطة تهويد الجليل والنقب، التي تعمل على تنفيذها وزارة خاصة أطلق عليها اسم (وزارة تطوير النقب والجليل) ويتولى حقيبتها "سيلفان شالوم".
ويُنظَر إلى إعلان نتنياهو كـ(أمر مباشر) في تنفيذ مخطط تهويد الجليل والنقب، وإخراج المشاريع المبيتة إلى أرض الواقع، فقد سبق لشارون أن أعلن عن خطة استقدام المستوطنين في العام (2005)، لكن مجموعة الأحداث التي وقعت في الأعوام التالية منعت حكومة أولمرت من وضع الخطة في قائمة الأولويات، وإن لم تسقطها من جدول أعمالها.
ويراهن نتنياهو على أن الأزمة الاقتصادية العالمية ستساعد على زيادة أعداد المستوطنين الجدد إلى نسب تقارب ما تحقق في تسعينيات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الشرقية، وهذا سيبعث الحياة في مخطط تهويد الجليل والنقب الموضوع على طاولة الحكومات الإسرائيلية منذ العام 1996 لتنفيذ المخطط الذي أعلن عنه في أوائل العام 1975 تحت عنوان (مشروع تطوير الجليل)، ويشتمل على تشييد ثماني مدن صناعية في الجليل على 20 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية المصادرة. وفي المرحلة الأولى من خطة تهويد الجليل والنقب سيتم بناء ألف وحدة سكنية للجنود المُسَرَّحين؛ على أن يتم توسيع الخطة تباعا خلال السنوات الخمس القادمة، وهذا تفصيل هامشي بالقياس إلى حجم الخطة العشرية التي وضعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتهويد الجليل والنقب، فالخطة تتضمن إقامة العديد من المدن الصناعية الاستيطانية لإسكان المستوطنين وإقامة مستوطنات صغيرة وتوسيع عشرات المستوطنات القائمة.

ونقلت المجلة عن البيادر الفلسطينية أن الخطة تشمل أيضا إقامة مدن تتسع لعشرات الآلاف من المستوطنين، بالإضافة إلى مناطق صناعية متطورة، وتسهيل بيع الأراضي، وإقامة مناطق سياحية وفنادق ومطار كبير، والعديد من المشاريع الأخرى منها إقامة مصانع للصناعات الدقيقة جدا، وتعبيد الطرق وإنشاء خطوط جديدة للسكك الحديدة، وذلك بتكلفة تصل إلى أكثر من 50 مليار دولار.

ويقدر القائمون على الخطة أن نجاحها يحتاج إلى زرع ما يقارب نصف مليون مستوطن جديد في منطقة الجليل، وزرع نصف المليون المتبقين (حسب الخطة) في النقب والساحل الفلسطيني والقدس القديمة، وذلك من أجل كسر المعادلة الديمغرافية التي مازالت تميل لصالح الفلسطينيين في هذه المناطق، وتشديد الخناق على المدن والبلدات والقرى والأحياء العربية ومنع تطورها، وشطب أي إمكانية للحديث عن عودة جزئية للاجئين الفلسطينيين إلى مناطق الجليل والمثلث والنقب.
وتستغل حكومة نتنياهو تركيز الاهتمام من قبل الفلسطينيين والعرب والعالم على الاستيطان في الضفة الفلسطينية والقدس الشرقية لتنفيذ مشروع من أخطر المشاريع الإسرائيلية، واستكمال ما تم البدء به في العام (1947)، حين باشرت العصابات الصهيونية في تنفيذ مخطط ترحيل المواطنين الفلسطينيين، وإحلال المستوطنين اليهود محلهم، في مخطط منهجي لقيام دولة عرقية يهودية صرفة عبر عمليات التطهير العرقي بحق الفلسطينيين.

الفضيحة التي لا يتصورها أحد


المشاهد السياسي، 5 فبراير 2010
ما قصّة "العصيّ القاتلة" التي تقتل العراقيين بالمئات؟ وهل تعافى الجسد العراقي من جراحات الحرب والخطف والتشريد والعنف الطائفي والأسلحة المغشوشة والأدوية واللحوم الفاسدة، ليفجع، أخيرا وليس آخرا، بكاشفات الألغام المغشوشة؟!
تحت عنوان (الفضيحة التي لا يتصورها أحد) حاولت مجلة المشاهد السياسي حلَّ لغز "الأجهزة لا تعمل" وفقا لما أثبتته إحدى الجامعات البريطانية. أما البطاقة التي ألصقت عليها وتحمل عبارة "تي إن تي" فقالت المجلة إنها مجرّد قطعة بلاستيكية في إطار معدني.
إنها (مهزلة وأكذوبة)، هذا ما تقوله "بي بي سي" و"تايمز" و"اندبندنت" وتردّده صحف العالم كلّها.

المفارقة أن القوّات الأميركية في العراق أبلغت المسؤولين العراقيين مرارا وتكرارا بأن هذه الأجهزة لا تصلح للكشف عن المتفجرات، وأن الشركة التي زودت القوات العراقية بهذه الأجهزة ليست مؤهلة لإنتاج معدات تكشف عن المواد التفجيرية، وكل ما في الأمر أنها تكشف عن العطور وبعض المواد الكحولية أو الكيميائية، وقد تكشف عن حشوة الأسنان من الذهب أو البلاتين.
هذه الأخبار هي بداية القصة. أما الرواية الكاملة فأكبر بكثير..
أول خيوط الفضيحة ظهرت في نوفمبر الفائت، عندما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن قوى الأمن العراقية لا تزال متمسكة بالاعتماد على جهاز لاكتشاف القنابل والمتفجرات والأسلحة، يقول عنه الجيش الأميركي والخبراء الفنيون إنه بلا نفع، ورغم ذلك، أقدمت الحكومة العراقية على شراء أكثر من ١٥٠٠ قطعة من هذا الجهاز المعروف باسم "إيه دي إي ـ ٦٥١"، بسعر يراوح بين ١٦٥٠٠ و٦٠ ألف دولار للقطعة الواحدة.
وقد حذرت وزارة العدل من مغبّة شراء مجموعة من المنتوجات التي يزعم أصحابها أنها قادرة على اكتشاف متفجرات من على مسافة بواسطة جهاز محمول. وأوضحت أن الآلات العادية للكشف عن المتفجرات عن بعد، والتي تستخدم غالباً في المطارات، تزن أطناناً وتكلّف مئات الآلاف من الدولارات.

المجلة نقلت عن "عقيل الطريحي" المفتش العام في وزارة الداخلية العراقية، قوله إن وزارته اشترت ٨٠٠ جهاز من هذا النوع، من شركة بريطانية تدعى "إي پي إس سي"، مقابل ٣٢ مليون دولار في العام ٢٠٠٨، ثم اشترت عددا آخر لم يحدده بمبلغ ٦٣ مليون دولار. مضيفًا: إن مسؤولين عراقيين دفعوا حوالى ٦٠ ألف دولار ثمن الجهاز الواحد، في حين أن في الإمكان شراءه لقاء ١٨٥٠٠ دولار أو أقل!

الغريب أن كل هذه التساؤلات والتأكيدات والشكوك لم تؤدّ إلى أي إجراء عراقي لجهة الكشف عن فعاليات الأجهزة البريطانية، ولم تثر أي رد فعل بريطاني رسمي، لا في التعامل مع صانع الأجهزة ولا في التعاطي مع الحكومة العراقية المستوردة. وتوالت التفجيرات وسقط مئات القتلى والجرحى، وظل ملف الأجهزة المغشوشة مقفلا. لم يقل أحد أن وزير الداخلية "جواد البولاني" قد يكون عقد صفقة لحسابه، ولم يتهم أحدا الجنرال "جهاد الجابري" أو الجنرال "عبد الكريم خلف"، رغم أن "نيويورك تايمز" قالت في حينه إن شركة "إيه تي سي" البريطانية لا ترد على اتصالاتها، وأن اثنين من مراسليها تجولا بسيارتهما في بغداد، ومعهما عدد من الرشاشات من نوع "بي كي سي" واستطاعا عبور عشر نقاط تفتيش، ولم تستطع أي نقطة الكشف عن هذه الأسلحة!
وقد سخر الساحر والناقد العلمي الأميركي "جيمس رندي" من هذه الأجهزة، واعتبرها "تزييفا صارخا".
يُشار إلى أن ضابط الشرطة السابق الذي قام بتطوير هذا الجهاز قبل عشر سنوات "جيم ماكورميك"، لم تكن لديه أي خلفية تقنية ولا علمية تخوله ابتكار مثل هذه الأجهزة. ورغم أن الشركة المصنعة لهذا الجهاز تدعي أنه يستطيع كشف أي شيء من متفجرات ومخدرات وغيرها من مسافة كيلومتر، فإن الحكومة الأميركية ذكرت أنها أجرت تجربة على جهاز مماثل للجهاز المذكور ففشل في اكتشاف شاحنة محملة بطن من المتفجرات، رغم مرورها خلف عامل أمن يحمل ذلك الجهاز.
ماذا يعني هذا كله؟ إنه يعني أن الفضيحة بدأت تتكشف فصولها، وأن الحكومة العراقية سوف تجد نفسها مضطرة للتحقيق في صفقة شراء الأجهزة المغشوشة، على خلفية التفجيرات والعمولات والتحقيقات الأميركية، وأن الفصول التي لم تُكشف بعد من الفضيحة قد تكون الأكثر إثارة!

Tuesday, February 9, 2010

مقدمة حلقة 3 فبراير 2010



من قلب ولاية "مساشوسيتس" الأمريكية نبدأ حلقة هذا الأسبوع من برنامج (موضوع الغلاف)، لنشهد تداعيات الانتخابات الخاصة بمجلس الشيوخ على مستقبل أوباما.
نذهب بعدها إلى مركز مؤتمرات الملكة إليزابيث الثانية، لنستمع إلى شهادة "تونى بلير" أمام لجنة "شيلكوت" حول تدخل المملكة المتحدة في الحرب على العراق إلى جانب أمريكا.
محطتنا التالية ستكون مع الاقتصادي الأمريكي "جيمس فالوز" ليخبرنا هل يمكن لأمريكا أن تنهض من كبوتها؟!
وقفتنا الرابعة ستكون مع ملف خاص أعدته مجلة ذا نيشن لتقييم العام الأول لأوباما في البيت الأبيض.
ثم ننتقل إلى تركيا لنشهد تغيّر قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، ومنها إلى عالم النفط وتقرير خاص أعدته مجلة "المجلة".
بالطبع لن ننسى غزة المحاصرة، فمن هناك نختم حلقتنا.
اربطوا أحزمتكم؛ فقد أوشكنا على الإقلاع...

نقص في الإلهام


نيوزويك، 2 فبراير 2010
كم هي درجة السوء التي تبدو بها الأمور بالنسبة إلى الرئيس باراك أوباما؟ تساؤل استهلت به أسبوعية نيوزويك الأمريكية موضوع غلافها الأخير، في إشارة إلى نتائج الانتخابات الخاصة بمجلس الشيوخ في ولاية مساشوسيتس الأسبوع الماضي، والتي كانت مؤشرا على أن أوباما يواجه مشكلة كبيرة.

خلال الستة أشهر الأخيرة ـ التي تزامنت مع انخفاض أرقام شعبيته ـ قلل أوباما من تصرفه كرئيس وأكثر من تصرفه كرئيس وزراء. فهو لم يطرح رؤية شاملة للبلاد ككل. و لم يتبن الحلول الأفضل ـ من اليسار واليمين ـ لمعالجة مشاكل البلاد. وبدلا من ذلك تصرف كرئيس للحزب الديموقراطي في الكونجرس. المدافعون عن أوباما يحاججون بأنه تصرف بصورة واقعية، ليس إلا. فالتركيز بصورة كبيرة جدًا على خفض النفقات كان من شأنه أن يستعدي كل القوى ذاتها التي عطلت تمرير إصلاح الرعاية الصحية في عهد "بيل كلنتون"، كشركات تأمين، وشركات صنع الأدوية الكبرى. ولكن النتيجة هي في واقع الأمر نتيجة لا يستطيع سوى قليلين وصفها بأنها "إصلاح"، وهي نتيجة فقدت التأييد بصورة ثابتة فيما كانت تسير عبر لجان الكونغرس المختلفة.
في استطلاع أجرته "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي، سجل أوباما درجات معقولة في ما يتعلق بجميع صفات القيادة. وكانت أدنى درجاته حين سئل الذين شاركوا في الاستطلاع عما إذا كانوا يوافقونه على مقترحاته، وما إذا كان قد غير فعلا الطريقة التي تتم بها الأمور في أروقة الحكومة في واشنطن.

يسدي فريد زكريا كاتب موضوع الغلاف نصيحة للرئيس "باراك أوباما" يقول فيها: لقد بدأ نقاش كبير حول طبيعة هذا الرد. نصيحتي أنا هي نصيحة بسيطة: على باراك أوباما أن يتصرف كرئيس، وخصوصا كالرئيس الذي خاض الانتخابات ليكونه. ثم يفصل "زكريا" ذلك فيردف..بالنسبة إلى قضايا الرعاية الصحية، والطاقة، والضرائب، والهجرة، والعجز في الميزانية، وكل شيء آخر، على أوباما أن يبتعد عن الاختلافات السياسية الخاصة بالتشريعات والعودة إلى أن يكون رئيسا. إن عليه أن يطرح أفضل المقترحات للمساعدة على حل مشاكل أمريكا. ربما يحصل وربما لا يحصل على الكثير من الدعم من الجمهوريين لهذه المقترحات، ولكنه سيحصل على رأس المال والقوة السياسية، وهي التي ستكون في المحصلة النهائية الطريقة الوحيدة لتطبيق أجندة تحولات كبيرة فعلا. هذا هو النهج الذي خاض أوباما حملته الانتخابية على أساسه أصلا. فهو وعد بأنه سيسعى إلى التواصل مع جميع أنحاء البلاد وأن يستمع لأفضل الأفكار فيها وأن يكون مصدر جذب للأمة بكاملها.فقد قال: "أنا لا أرى أمريكا الزرقاء أو أمريكا الحمراء. بل أرى فقط الولايات المتحدة الأمريكية". على أوباما أن يغير المسار وأن يبدأ بالحكم بوصفه الرئيس الذي وعد بأن يكونه. هذا تغيير أستطيع أن أؤمن به.

لا يغتفر


نيو ستيتسمان، 1 فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي
خصصت مجلة "نيو ستيتسمان" موضوع غلافها الأخير للحديث عن شهادة "تونى بلير" أمام لجنة "شيلكوت " حول تدخل المملكة المتحدة في الحرب على العراق إلى جانب أمريكا، ومن دون تفويض الأمم المتحدة سنة 2003.
الصحفي المسلم "مهدي حسن"، كاتب موضوع الغلاف، يرى أن الفرصة سانحة الآن أمام الخبراء الذين تجاهلهم براون بالأمس كي يحاكموه على طيشه.

في 25 فبراير 2003، وقبل غزو العراق بأقل من شهر، وقف توني بلير أمام مجلس العموم (البريطاني)، في أحد أهم خطاباته حينما كان رئيسًا للوزراء، ليتحدث عن صدام حسين وأزمة الشرق الأوسط.
قال: "أمقت نظامه السياسي. لكن ما يزال بإمكانه أن ينقذ الموقف بالامتثال لمطلب الأمم المتحدة. ونحن مستعدون لاتخاذ خطوة إضافية لإنجاز نزع السلاح سلميًا". وأردف بلهجة مهيبة: "أنا لا أريد الحرب".
القضية ضد بلير ربما تعتمد برمتها على هذا الخطاب. أصحيح أنه "لم يكن يريد الحرب"؟ أكان بوسع صدام إنقاذ نظامه؟
رئيس الحكومة البريطاني المحافظ السابق "جون ميجور"، والذي كان مؤيدًا لحرب العراق، أشار في مقابلة مع إذاعة "بي بي سي" في يناير إلى أن "الحرب كانت تهدف إلى (تغيير النظام) أكثر من استهدافها نزع أسلحة الدمار الشامل".
(تغيير النظام) يعتبر فعلا غير قانوني وفقًا للقانون الدولي، وقد أصبح في الأيام والأسابيع الماضية بؤرة الاهتمام في تحقيق اللجنة التي يرأسها السير "جون شيلكوت".
منذ بدأ التحقيق في 24 نوفمبر 2009، استمع السير "شيلكون" ورفاقه داخل مركز مؤتمرات الملكة إليزابيث الثانية إلى شهادات مسئولين حاليين وسابقين في وزارتي الخارجية والدفاع، ومجلس الوزراء، ولجنة المخابرات المشتركة، و المخابرات الخارجية البريطانية "ام اي 6"، والقوات المسلحة. لكن هل أضافوا شيئًا جديدًا لما نعرفه بالفعل؟! تتسائل المجلة.

على مر الأعوام، أميط اللثام عن العديد من المعلومات، من بينها تسريبات لمذكرات ومحاضر جلسات رسمية، تشير كلها إلى أن بلير لم يكن يقصد نزع أسلحة الدمار، بل كان يخطط لـ (تغيير النظام) في العراق قبل عام كامل من الغزو الذي تم في 2003، رغم إنكاره المتكرر لذلك.
السير "ديفيد مانينج"، مستشار بلير لشؤون السياسة الخارجية، كتب في مذكرة سرية إلى رئيس الوزراء "توني بلير"، بعد غداء عمل جمعه، يوم 14 مارس 2002، بـ"كوندوليزا رايس"، مستشارة الرئيس "بوش" للأمن القومي: "استغرقنا وقتًا طويلا نناقش مسألة العراق على غداء عمل. من الواضح أن بوش ممتنٌ لدعمك. وقد أكدتُ أنك لن تتراجع في دعمك لـ (تغيير النظام)، لكن عليك التعامل مع الصحافة والبرلمان والرأي العام، الذين يختلفون كلية عن نظرائهم في الولايات المتحدة".
قرار بلير بـ "عدم التراجع" في دعمه لـ (تغيير النظام) تم تأكيده في مذكرة لاحقة، هذه المرة وجهها السير "كريستوفر ماير"، الذي أصبح فيما بعد سفير بريطانيا لدى واشنطن، إلى السير "مانينج"، وكانت تلخص حوارًا دار بينه وبين "باول وولفويتز"، نائب وزير الدفاع الأمريكي، في 17 مارس 2002. وقد جاء في المذكرة: "استهللتُ متشبثا بنفس الخط الذي اتبعته مع "كوندي رايس". دعَمْنا (تغيير النظام)، لكن ينبغي أن تكون الخطة ذكية، وألا يكون الفشل خيارًا."

كيف لأمريكا أن تصعد من جديد


ذي أتلانتيك، يناير-فبراير 2010
ترجمة: علاء البشبيشي

هل استحال الحلم أمريكا كابوسا؟ وهل تحولت جنة العم سام إلى جحيم أرضي؟
هل يمكن لأمريكا أن تنهض من كبوتها؟ وهل تصدُق تنبؤات "المتشائمين" بأن الولايات المتحدة بدأت تشق طريقها أخيرًا صوب الهاوية؟
أسئلة كثيرة يجيب عنها الاقتصادي الأمريكي "جيمس فالوز"، من خلال موضوع غلاف مجلة "ذي أتلانتيك"، والذي حمل عنوان (كيف لأمريكا أن تصعد من جديد).

منذ عدتُ إلى الولايات المتحدة، بعد سنوات ثلاث قضيتها في الصين، وأنا أسأل الخبراء في أنحاء البلاد حول ما إذا كانت أمريكا تشق طريقها أخيرًا صوب الجحيم. السؤال في إحدى جوانبه يمثل مزحة؛ فنظرة واحدة على رفاهية الحياة الأمريكية وسعتها –حتى في أثناء فترة الركود- تجعل من السخافة أن تسأل عن أي شيء سوى أسرار نجاح هذا البلد.
هل حقًا أمريكا ذاهبة إلى الجحيم؟
بعد عام من النكبة الاقتصادية التي يخشى الكثيرون أن تلقي بنا في غياهب تدهور لا يمكن وقفه، تبقى الولايات المتحدة محل غبطة العالم. لكن هناك مشكلة تنذر بالخطر: وهي أن نظام الحكم في بلادنا أضحى قديمًا يعاني من الكسور والاختلال الوظيفي. وفي إصلاح ذلك مفتاح الأمان لمستقبل البلاد.

أوباما بعد عام


ذا نيشن، 1 فبراير 2010
ترجم: علاء البشبيشي
تحت عنوان (أوباما بعد عام) أعدت مجلة ذا نيشن ملفًا خاصًا طرحت فيه تساؤلا محددًا مفاده: بعد مرور سنة على تنصيب أوباما رئيسًا للولايات المتحدة، ما هو الإنجاز الأكبر الذي أحرزه، وما هي أكثر اللحظات الذي جعلك تشعر فيها بالإحباط؟!
أجاب على هذا التساؤل عدد من الكتاب والمعلقين والمحللين والنقاد، من بينهم: "مايكل توماسكى"، و "جلين جرينوولد" و "كريس باورز" و "أريل دورفمان" و "جيمس كار" وآخرون.

ألهب تنصيب أوباما رئيسًا في 20 يناير 2009 مشاعر الأمل في قلوب الملايين من الأمريكيين العطشى للتغيير الحقيقي. وبعد مرور عام يخشى العديد من التقدميين أن تعهدات التغيير التي قطعتها إدارة أوباما ليست بالقوة الكافية. حتى أن بعضًا من مؤيدي أوباما المخلصين يتألمون لما يرونه خيانة أو مماطلة في تحقيق وعوده الانتخابية، بينما يشعر عدد من نقاده بأن ما يحدث برهن على صواب تشاؤمهم المبكر.
يقول "مايكل توماسكى": " أفضل ما أنجزه أوباما هو إصلاح نظام الرعاية الصحية. أما أسوأ شيء فكان في مجال الحريات المدنية"، مضيفًا: "لكن سواء أحببتَ سياساته أم لا، فقد أبلى الرجل بلاء حسنًا في ما عدا ذلك.. كان عامه الأول صعبًا لكنه جيدا. وسيتوقف معظم مصيره على الوضع الاقتصادي. وهذا ما ينبغي توجيه الجهود إليه".

هل تغيّرت قواعد اللعبة؟


المشاهد السياسي، 24 -30 يناير 2010
لم تكن رحلة إيهود باراك الأخيرة إلى أنقرة سهلة، في أعقاب "جلسة التوبيخ" التي تعرّض لها السفير التركي في تل أبيب والاعتذار الذي تلاها. بل نقلت مجلة "المشاهد السياسي" عن كبار المحلّلين الاستراتيجيين أن تركيا بدأت تغيّر قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، وأن تحوّلاً كبيراً حصل حتى الآن في المعادلة الإقليمية، سوف يستفيد منه الفلسطينيون في المرحلة المقبلة.
ما هي عناوين هذا التحوّل وما هي أبعاده الحقيقية؟ هذا ما حاولت "المشاهد السياسي" الإجابة عنه في موضوع غلاف ها الأخير.

رحلة "باراك" حصلت في أجواء تركية مختلفة هذه المرة، فقد احتفلت الصحف التركية صباح يوم الجمعة الفائت (قبل الرحلة بـ٤٨ ساعة)، بـ"النصر الديبلوماسي" الذي تحقق من خلال إجبار إسرائيل على تقديم اعتذار خطي ـ تلاه اعتذار علني ـ يقطر ندما على الإهانة التي وجهها نائب وزير الخارجية الإسرائيلي إلى السفير التركي في تل أبيب، وهو اعتذار وصفه الخبراء الأتراك بأنه يطوي "العصر الذهبي" لإسرائيل، يوم كانت تفعل ما تشاء في المنطقة من دون أن تتخوف من أي عقاب.
وبصرف النظر عن الاعتذار، فقد رأى المحلل التركي "حسن كانبولات"، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في أنقرة (أورسام)، أن هناك تغيرا في أولويات تركيا على مستوى المنطقة، وهو تغير في الشكل كما في المضمون. فبعد عقود من العزلة التي فرضتها معظم الحكومات التركية السابقة الموالية للغرب على التحرك التركي إزاء الشرق الأوسط، سحبت تركيا إحدى قدميها من الغرب، ليصبح لها قدم في الغرب وقدم في الشرق، على حد قوله.

هذا التحرك التركي نحو الدائرة العربية أدى إلى توتر متزايد في العلاقات التركية ـ الإسرائيلية، وقد رصدت المشاهد السياسي بعض المواقف التركية التي اعتبرتها إسرائيل مؤشرا سلبيا في العلاقات الثنائية ومنها:

1ـ الترحيب التركي الرسمي بفوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية، واستقبال قيادة الحركة على الأراضي التركية، في "تحدٍّ" صارخ للإرادة الدولية، ومن بينها الإسرائيلية، التي اشترطت للاعتراف بفوز حماس وتشكيلها للحكومة الفلسطينية، الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة ونبذ المقاومة.
٢ ـ الموقف التركي الصلب الذي عبر عنه رئيس الحكومة "رجب طيب أردوغان" من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، واتهام الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
٣ ـ التقارب التركي ـ الإيراني، والذي إن شكل تنافسا في بعض الأحيان في إدارة بعض ملفات المنطقة، فإنه يتنافى مع رغبة تل أبيب التي تريد تشديد العزلة السياسية على طهران، بسب الموقف من الملف النووي.
٤ ـ "الحميمية" التي طرأت بصورة تدريجية على العلاقات السورية ـ التركية، بدءا بالتنسيق في المواقف السياسية، وتوقيع اتفاقيات استراتيجية في مختلف المجالات، وإلغاء اشتراط الحصول على التأشيرة للسوريين لدخول الأراضي التركية، وصولا إلى الاتفاق على إجراء مناورات عسكرية مشتركة!
٥ ـ تحوّل المدن التركية إلى ساحة حقيقية لتنفيذ العديد من النشاطات والفعاليات المؤيدة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل، ولم يكن ذلك ليتم من دون "غض الطرف" الرسمي، فضلا عن تشجيعه ودعمه.

عمالقة النفط


المجلة، 22-30 يناير 2010
على الرغم من أن معظم الدول المنتجة للنفط ليس لديها خيار سوى تعيين شركات نفط دولية لإدارة آبارها، أشارت مجلة "المجلة" إلى أن هيكل القوى الخاص بمجال النفط العالمي تعرض لتغيير هائل خلال العقد الأخير.. فقد ظهرت شركات النفط الوطنية كأطراف منافسة للشركات الدولية. وبرغم المخاطر التي تتعرض لها الشركات المستقلة، ومهما كان نمو شركات النفط الوطنية متواضعًا، يرى معظم الخبراء أن هذا الوضع بمثابة تطور إيجابي بالنسبة للمجال ككل.

إذا ما أخذنا في الحسبان سمعة شركات النفط العملاقة، وهيمنتها على السوق النفطي، ربما يبدو مستغربا تزايد المخاطر التي أصبحت شركات إنتاج النفط المستقلة مثل، إكسون موبيل وبريتيش بيتروليوم، معرضة لها. حيث أصبحت مكشوفة على القوى المؤثرة التي تخرج عن نطاق سيطرتها. وتلك الشركات العملاقة تتمتع بنوع من التكامل يمكنها من تحديد وتطوير وإدارة مجالات الطاقة بشكل مستقل، وهي تنتج فقط حوالي 10% من الإنتاج العالمي من النفط والغاز وتشرف على ما يزيد على 3% فقط من الاحتياطي. أما الطرف الذي يحقق التوازن مع شركات النفط العملاقة، فيتمثل في حكومات العالم النامي. ومع تضاؤل عدد الحقول، فإن هذا معناه سيطرة شركات النفط الوطنية على مستقبل الاستهلاك العالمي للطاقة ومصير الشركات النفطية العملاقة.
وإذا ما تأملنا تاريخ تأميم الموارد، نجد أنه خلال حقبة مواجهة الاستعمار، اعتادت الحكومات الغنية بالنفط تأميم حقولها النفطية وإلغاء عقود التأجير الأبدية التي تم إبرامها مع شركات نفط أجنبية. ومع ذلك، فإن تلك الدول لا تزال مضطرة إلى الاعتماد على شركات النفط الدولية للاستمرار في ضخ النفط وصيانة الحقول. إن هذا الوضع يتغير بسرعة، مثلما حدث في العراق الشهر الماضي عندما ظهرت شركات نفط وطنية تديرها الدولة في مزادات نفطية ضخمة ذات عقود مربحة.

لقد ظهرت شركات النفط الوطنية كأطراف منافسة لشركات النفط الدولية، إن لم يكن من أجل الحصول على أمر قضائي بإدارة مشروعات جديدة فبالتأكيد من أجل اتفاقيات التأجير بالغة الأهمية. وقد حققت شركات النفط الوطنية قدرًا كبيرًا من الأرباح خلال الجزء الأكبر من العقد الماضي عن طريق مبيعات النفط الهائلة. وحيث إن شركات النفط الوطنية مملوكة للدولة، فإنها تتمتع بقدر هائل من الموارد الحكومية التي يمكن أن تستخدمها كعوامل محفزة عند التفاوض بشأن العقود.

يقول "وليام رامزي"، مدير برنامج الطاقة التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: "تستطيع شركات النفط الوطنية فعل عدة أمور للفوز بعقود لا تستطيع شركات النفط العالمية عملها. وتستطيع الإنفاق أكثر من شركات النفط العالمية وليس لديها (قوانين شفافية) تواجهها.
ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، سوف تأتى 90 % من الإمدادات الجديدة للوقود على مدى العقود الأربعة القادمة من العالم النامي. ويعنى هذا أن هذه القدرات الجديدة سوف تسيطر عليها الشركات المملوكة للدول. وتأتي في المقام الأول شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو"، وهي واحدة من شركات النفط الوطنية القليلة المتطورة بما يكفي للمنافسة مع شركات النفط العالمية في كل مستوى من مستويات تيار الإنتاج.
وفي هذه الأثناء، أمضت نظيرات شركة "أرامكو" جزءا كبيرا من الربعين الأولين من عام 2009، جاهدة لتوسيع نفوذها العالمي في صراع من نشاط الشركات.

في الذكرى السنوية للانتصار


الانتقاد، 23-30 يناير 2010
في الوقت الذي تتراكم فيه حلقات الضغط عليهم، بدأ الغزيون في البحث عن بدائل ربما يكون بإمكانها كسر الحصار أو على الأقل التحايل عليه.
مجلة "الانتقاد" رصدت أحد هذه البدائل، متمثلة في الأطنان من ركام المنازل التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية والتي بدأ أهل القطاع المحاصر يستخدمونها بديلا للمواد الأساسية اللازمة لإكمال بناء وترميم المنازل والمنشآت.

يقول أبو أحمد (37 عاما) إنه ومجموعة من رفاقه العاطلين من العمل اتجهوا خلال فترة ما بعد الحرب لجمع ركام المنازل التي تعرضت للقصف من قبل الاحتلال، ومن ثم نقلها إلى معامل صناعة الحجارة التي بدورها تعمل على تفتيتها. ويشرح أبو أحمد، وهو معيل لأسرة مكونة من 9 أفراد، أن تركيزه ومن معه يكون على جلب الركام الذي يحتوي على حديد التسليح؛ باعتباره مادة أساسية يسعى المواطن للحصول عليها؛ سواء لإكمال بنائه، أو حتى بالنسبة لمحلات وشركات بيع مواد الإنشاء. بينما يشدد رأفت (عامل في مجال "تعديل وتشكيل" القضبان الحديدية) على أن هذا الجانب لا يقل مشقة عن رفع الركام؛ إذ يتطلب ذلك قدرة جسمانية كبيرة، حيث إن هذا النشاط يسبقه إزالة بقايا الأسمنت الملتصق بالحديد، ومن ثم إعادة تطويع تلك القضبان، وبعد ذلك قصها لأحجام مختلفة.

بالطبع هذه البدائل لا تجعل الحياة في القطاع وردية، بل هي مجرد وسيلة يلجأ إليها الأهالي للتغلب على الموت الذي لا يفتأ يلاحقهم ليل نهار.
وعلى الرغم من توافر الحجارة والحديد المسلح نسبيا في أسواق القطاع؛ فإن بعض المواطنين لا يتمكنون من إعادة بناء منازلهم، مثل "أبو قصي" الذي أثقل كاهله عبء الاستئجار على مدار السنوات الخمس الماضية.

يقول أبو قصي: "صحيح هناك حجارة؛ لكن المسألة لا تقتصر على ذلك، فهناك ارتفاع في أسعار الأسمنت حيث بلغ سعر الطن الواحد قرابة 1500 شيكل، بينما كان سعره في السابق نحو 375 شيكلا".
الاستفادة من ركام المنازل المدمرة؛ لم تعد حكرا على المواطنين الغزيين؛ حيث أكد "يوسف المنسي"، وزير الأشغال العامة والإسكان، أن وزارته نجحت في استخدام الركام في ترميم وإعادة إعمار مجموعة من مباني المؤسسات العامة والطرق؛ لا سيما الضرورية منها. "المنسي" وفي حديث له كشف عن أن وزارته بصدد استكمال جمع الركام في موقع واحد لكل المباني المدمرة، لإعادة استخدامه من جديد من جانب، والحفاظ على البيئة من جانب آخر، موضحا في الوقت ذاته أن الحل الأمثل لإعادة الإعمار يتطلب إنهاء الحصار، قائلا: "لا شك أن الركام ساعد في بعض عمليات الترميم والبناء؛ لكنه يبقى محدودا ولا يفي بالغرض خصوصا في ظل العدد الكبير من المباني والمنشآت المدمرة".وتجدر الإشارة إلى أن القطاع بحاجة ماسة لأكثر من 60 ألف وحدة سكنية لسد احتياجات سكانه النازحين بالدرجة الأولى، وكذلك المواطنين العاديين المحرومين من تنفيذ أية مشاريع إسكانية منذ ما يزيد عن أربع سنوات.

خاتمة حلقة 3 فبراير 2010


كانت البداية من أمريكا، والختام في غزة.. وبينهما محطات كثيرة ما بين سياسة واقتصاد، وحروب ونفط
حلقة جديدة من برنامجكم موضوع الغلاف، تأتيكم الأسبوع القادم في نفس الموعد، فانتظرونا
نترككم في رعاية الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته