برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Saturday, February 20, 2010

كفوا عن تسريح موظفيكم


نيوزويك، 16 فبراير 2010
في موضوع غلافها المعنون (كفوا عن تسريح موظفيكم) حذَّرت مجلة نيوزويك الأمريكية من أن "الاعتماد المفرط على تخفيض عدد العمال يؤذي الموظفين والاقتصاد ويحد حتى من الأرباح". صحيحٌ أن الشركات كانت دوما تعمل على خفض عدد موظفيها خلال فترات التباطؤ الاقتصادي، لكن خلال العقدين الماضيين، أصبح طرد الموظفين جزءا من عمل الشركات التجارية بشكل متزايد، في أوقات اليسر والعسر على حد سواء. فالشركات الآن غالبا ما تخفض عدد موظفيها حتى وإن كانت أرباحها تزداد.

في 12 سبتمبر عام 2001، لم تكن هناك رحلات جوية تجـارية في الولايات المتحدة. ولم يكن معروفا متى سيُسمح لشركات الطيران باستئناف رحلاتها الجوية، أو كم من الركاب سيكون على متن الطائرات. لم تكن شركات الطيران تواجه مأساة الـ11 من سبتمبر فحسب، بل كانت تواجه أيضا دخول الاقتصاد في فترة ركود. لذلك، وبشكل شبه فوري، قامت شركات الطيران الأمريكية، باستثناء واحدة، بما تبرع فيه الكثير من الشركات الأمريكية بشكل خاص: وبدأت تعلن عن تسريح عشرات الآلاف من الموظفين. حتى اليوم، ما زالت "ساوثويست"، وهي شركة الطيران الوحيدة التي لم تخفض عدد موظفيها آنذاك، لم تسرح أي موظفين لأسباب قسرية منذ تأسيسها قبل 40 عاما تقريبا. وهي الآن أكبر شركة طيران أمريكية محلية وقيمتها تفوق قيمة كل منافساتها المحلية مجتمعة. وكما قال لي ذات مرة رئيس قسم الموارد البشرية فيها: "إن كان الناس أثمن ما لدينا، لماذا عسانا نتخلى عنهم؟".
إنه موقف نادر جدا في المكاتب الإدارية هذه الأيام.

بالنسبة إلى الكثير من المديرين، يبدو أن لا مفر من هذه الخطوات. لكن حتى وإن كان تخفيض عدد الموظفين سلاحا مقبولا في ترسانة الإدارة العصرية، فإنه غالبا ما يكون خطأ فادحا. في الحقيقة، يشير عدد متزايد من الأبحاث الأكاديمية إلى أن الشركات تتكبد نفقات كبيرة عندما تخفض عدد عمالها. بعض هذه النفقات جلية، مثل الكلفة المباشرة للتعويضات ومساعدة الموظفين المسرحين على إيجاد وظائف جديدة، وبعضها بديهي، مثل التأثيرات على معنويات العاملين وعلى الإنتاجية فيما تسود مشاعر القلق في أوساط الموظفين الباقين ("هل سأكون التالي؟").

وأشارت المجلة إلى أن الأبحاث في هذا السياق تظهر نتيجة ثابتة: وهي أن عمليات تسريح الموظفين غير مجدية، لأسباب وجيهة، تطرق إليها "واين كاسيو" الأستاذ في جامعة كولورادو في كتابه بعنوان (إعادة هيكلة مسؤولة)، أخطرها تدني المعنويات وازدياد الخوف من المخاطر لدى الموظفين المتبقين، والدعاوى القضائية المحتملة، وعمليات التخريب أو حتى أعمال العنف في مكان العمل من قبل موظفين يشعرون بالظلم أو موظفين سابقين، وخسارة الخبرات والمعلومات المؤسساتية، وتراجع الثقة في الإدارة وانخفاض الإنتاجية.
وفي النهاية تخلص المجلة إلى نتيجة تفيد بأن عمليات التسريح سيئة بشكل عام للشركات ومضرة بالاقتصاد ومدمرة للموظفين.

هناك عدد من المعتقدات المترسخة المستعملة لتبرير حاجة المديرين إلى تخفيض عدد الموظفين، والكثير منها غير صحيح. على سبيل المثال، وخلافا للاعتقاد السائد، فإن الشركات التي تعلن عن تسريح عدد من موظفيها لا ترتفع أسعار أسهمها أكثر من نظيراتها، سواء كان ذلك بشكل فوري أو مع مرور الوقت. فقد وجدت دراسة شملت 141 شركة أعلنت عن تسريح عدد من موظفيها بين عامي 1979 و1997 أن أسعار أسهم تلك الشركات لم ترتفع، وأن عمليات التسريح الأوسع نطاقا والدائمة أدت إلى تدنٍ أكبر في أسعار الأسهم.
إن عمليات التسريح لا تخفض التكاليف بشكل مؤكد، هذا لأنه عندما يتم الإعلان عن عمليات التسريح، تحصل أمور عدة. أولا يبدأ الناس بتقديم استقالاتهم، وغالبا ما يكونون من أفضل الموظفين (الذين لم يتم تسريحهم) والذين يتمتعون بالكفاءة التي تتيح لهم إيجاد وظائف أخرى. ثانيا، غالبا ما تخسر الشركات موظفين لم تكن ترغب في خسارتهم. أحد الاستطلاعات التي أجرتها مجموعة "أميركان مانجمنت أسوسييشن" (American Management Association ) كشف أن نحو ثلث الشركات التي كانت قد سرحت عددا من موظفيها أعادت توظيف بعضهم كمتعاقدين لأنها كانت لا تزال بحاجة إلى مهاراتهم.
المديرون يستخفون أيضا بمدى تأثير عمليات تسريح الموظفين سلبا على المعنويات ومدى إثارتها للمخاوف في مكان العمل. تبين في استطلاع "أميركان مانجمنت أسوسييشن" أن 88 بالمائة من الشركات التي خفضت عدد موظفيها تشير إلى تدني المعنويات. لهذا كلفة، في الحاضر كما في المستقبل. عندما ينتهي الركود الحالي، أول ما سيفعله الكثير من الموظفين هو البحث عن وظيفة جديدة. في مواجهة تصرفات الإدارة التي تدل على أن الشركات لا تقدر موظفيها، تتسع الهوة بين الموظفين والإدارة وتزداد مشاعر عدم الثقة تجاهها، كما تشير كل المؤسسات الاستشارية المختصة بالموارد البشرية.

No comments: