برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Saturday, April 18, 2009

عصر الانقراض الجديد


تايم، 13 أبريل 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


يبدو أن الأسلحة النووية لن تنقرض كما يحلم أوباما، لكن المعرض بالفعل للانقراض هو عدد لابأس به من 8 ملايين صنف من الحياة موجودة على سطح هذا الكوكب.

تحت عنوان (عصر الانقراض الجديد) فتحت مجلة تايم الأمريكية نافذة تحذير على مدغشقر التي تعرضت غاباتها لتدمير هائل، أتى على نسبة كبيرة من حيواناتها ونباتاتها، بسبب التدخل البشري الغير مسئول.

يوجد ما لا يقل عن 8 ملايين صنف فريد من الحياة على كوكب الأرض، ربما لن تكون مخطئًا إذا اعتقدت أنها كلها موجودة في محمية انداسيبي بمدغشقر، التي يشبه المشي وسطها التجول داخل مكتبة الحياة.

وتعتبر مدغشقر عالمًا مستقلا بذاته، فقد أسهم كل هذا الوقت من العزلة الجغرافية، في جعل حيواناتها ونباتاتها تتطور بطريقة طبيعية محضة، تضم أنواعًا غريب شكلها، أخاذ طبعها. لكن هذه الأنواع معرضة للخطر، وتتضاءل بسرعة.

ورغم أن قرابة 90% من نباتات الجزيرة، و 70% من حيواناتها هي سلالات متوطنة؛ بمعنى أنها لا توجد في سوى مدغشقر، لكن ما يجعل الحياة على هذه الجزيرة أمرًا فريدًا هو نفسه الذي يجعلها غير حصينة.

يقول روسيل ميتيرمير، رئيس الهيئة الدولية لحماية الحياة البرّية: "إذا فقدنا الحيوانات الموجودة في مدغشقر الآن، فسوف نفقدها للأبد". هذا الفقدان يبدو أقرب اليوم مما كان عليه في أي وقت مضى؛ لأن الحيوانات معرضة لمخاطر لم تتعرض لها من قبل. فهذه الغابات المورقة دُمِّر أكثر من 80% من غطائها النباتي، قطعًا أو حرقًا، وشردت حيواناتها، منذ وصول الإنسان إليها قبل أكثر من 1500 عام خلت.

وقد تسبب الصيد الجائر في القضاء على عدد كبير من فصائل الحيوانات، فيما تهدد المدنية الحديثة ما تبقى من هذه الفصائل.

باكستان


نيويورك تايمز، 5 – 11 أبريل 2009 ترجمة: علاء البشبيشي
وصفتها أسبوعية ذي إيكونوميست منذ فترة بأنها (أخطر مكان في العالم)، وهاهي مجلة "نيويورك تايمز" تتساءل عنها، قائلة: (أهي عَصِيَّة على الحكم)؟!
إنها (باكستان) التي استغرق اسمها غلاف المجلة الأمريكية في عددها الأخير، مسلطة الضوء على أوضاعها الداخلية التي باتت تطوراتها تسابق عقارب الزمن.

يعيش الرئيس الباكستاني آصف زرداري في هذه الآونة أخطر أسابيع رئاسته البالغة من العمر 6 أشهر، بعدما اعتمد خلالها قرارا تقدم به رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني برفع نظام الحكم الإداري في إقليم البنجاب، واستدعى الشرطة لمنع المحامين وقادة أحزاب المعارضة من التظاهر للمطالبة بإعادة القاضي افتخار محمد تشودري إلى منصبه، بعدما عزله سلف زرداري الجنرال برفيز مشرف. وقد نزع زرداري فتيل الأزمة فقط بالسماح بعودة تشودري إلى منصبه بالإضافة إلى بعض التسويات الأخرى التي طالما رفضها مرارًا وتكرارًا.
ورغم أن زرداري يتمتع بموهبة خاصة في المناورة للخروج من المآزق التي يضع نفسه فيها، إلا أن الشعب الباكستناي أضحى مدركًا لمراوغاته البارعة.
لقد ابتاع زرداري لنفسه مزيدًا من الوقت، لكن بالنسبة لباكستان فإن عقارب الساعة تدق بصوت يزداد ارتفاعًا.

التجسس عبر الانترنت


بزنس وورلد، 13 أبريل 2009

ترجمة: علاء البشبيشي

يحتوي عالم الانترنت على مخاطر لا حصر لها، تستهدف الجميع، ولا تفرق بين الأفراد والحكومات.

مجلة "بزنس وورلد" خصصت موضوع غلافها الأخير للحديث عن مخاطر الانترنت.

في يوم الأحد، الموافق 28 مارس الماضي، تعرض 1295 جهاز كومبيوتر في 103 دول، إلى هجوم شنته شبكة تجسس الكترونية تعمل في الصين.

ووفقًا لأحد مراكز الأبحاث الكندية العاملة في مجال المعلوماتية، فقد كان من بين الأهداف المخترقَة معلومات حكومية سرية. ولم يتمكن المهاجمون فقط من الاطلاع على الملفات الموجودة في الأجهزة المخترقة، بل أيضًا القيام بعمليات التسجيل بالصوت والصورة، وتحويل الجهاز إلى عملاق تنصت. وقد نفت الحكومة الصينية أن يكون بإمكانها فعلُ شيء لمواجهة هذه الهجمات.

لكن أكثر ما أفزع محللي الانترنت كانت تلك النتائج الأساسية التي توصل إليها تقرير بهذا الخصوص، ومنها: أن معظم أجهزة الكمبيوتر تم اختراقها منذ عامين مضيا، دون أن يُكتشَف ذلك!

وتكمن المشكلة في أننا أصبحنا نعيش في عالم لا غنى فيه للأفراد ولا للحكومات عن الانترنت، لكن كلما تواصل العالم عبر هذه الشبكات السلكية واللاسلكية أكثر، كلما زادت خطورة مثل هذه الهجمات التي تستهدف وثائق قد تكون سرية.

Tuesday, April 7, 2009

تعلم الطريقة الصعبة


ذي إيكونوميست، 28 مارس – 4 أبريل 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


تحت عنوان (تعلم الطريقة الصعبة) استهلت أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية موضوع غلافها الأخير بأكثر ملاحظات هيلاري كلينتون تأثيرًا خلال معركتها الانتخابية الطويلة ضد باراك أوباما، والتي قالت فيها: إن: "المكتب البيضاوي ليس مكانًا للتدريب"، في إشارة إلى أن سيناتور ولاية إلينويس، يفتقر إلى الحد الأدنى من الخبرة التنفيذية، وأنه "خلال حياته المهنية القصيرة لم يقم بما يلفت "الانتباه، سواء في شيكاغو، أو في الخارج
على مستوى السياسة الخارجية، تحديدًا، قام السيد أوباما بالعديد من الخطوات الجديرة بالثناء: مد يده بصدق إلى إيران، وأمر بإغلاق جوانتانامو خلال عام، وقف بحزم ضد التعذيب، كما قام بما يريده العالم من تخفيف نبرة الحوار مع الأعداء والأصدقاء على السواء
لكن على الصعيد الداخلي، كان للسيد أوباما بداية صعبة؛ وكان أداؤه أضعف مما توقعه الذين منحوه أصواتهم. وقد بدأ الكثير من كبار مؤيديه في استجوابه، ومنهم كُتَّاب أعمدة، ومتبرعون بارزون، وأعضاء مُخلصون في الحزب الديمقراطي
وعلى صعيد من لم يكونوا ممتنين (منذ البداية)، أظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين المستقلين أصبحوا يفضلون الجمهوريين مرة أخرى على الديمقراطيين، ما يمثل انقلابًا مذهلا خلال بضعة أسابيع
أما معدلات تأييد أوباما، التي كانت يومًا تُناطح السحاب، أصبحت قريبة من معدلات سلفه "جورج بوش" خلال هذه المرحلة من فترة ولايته المروعة
ورغم انتصاره الانتخابي المدوي، وأغلبيته الصلبة في مجلسَي الكونجرس، والشعور الودي الواضح من جمهور الناخبين، يبدو السيد أوباما ضعيفًا بصورة غريبة

شوكة في خاصرة أوباما


نيوزويك، 7 أبريل 2009


بول كروغمان، هو أستاذ في جامعة برينستون، وحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، ويكتب عمودًا في صحيفة نيويورك تايمز، رأته مجلة "نيوزويك" الأمريكية شوكة في خاصرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بانتقاده الدائم للإدارة الأمريكية الجديدة، الذي يصل أحيانًا لدرجة العداء
إدارة أوباما حريصة على عدم إثارة غضب كروغمان أكثر من اللازم. ويبذل المسؤولون في وزارة الخزانة قصارى جهودهم لمدحه بالاسم. منددين في الوقت نفسه بنصائحه ونصائح أمثاله فيما يتعلق بإنقاذ البنوك معتبرين إياها "غير عملية مطلقًا". لكن الإدارة لا تسعى إلى التقرب منه، بل تستخف بأقواله، مع أنهم لا يفعلون ذلك بشكل علني
في فبراير الفائت، بعدما كتب "ديفيد بروكس"، زميل "كروغمان"، في صحيفة "نيويورك تايمز"، عمودا ينتقد فيه "أوباما" متهما إياه بالمبالغة في ردة فعله، تودد ثلاثة مساعدين مختلفين إلى "بروكس"، وهو جمهوري معتدل، ومن ثم تقرب منه الرئيس نفسه الذي صادف حضوره إلى الاجتماع. لكن "كروغمان "يقول إن "البيت الأبيض لم يبذل جهدا جديا للتقرب منه. لم ألتق "أوباما" قط. وقد لفظ اسمي بشكل خاطئ"، عندما اقترح الرئيس خلال مؤتمر صحافي، على "كروغمان"، بنبرة تنم عن بعض الاستياء، أن يتقدم بخطة أفضل لإصلاح النظام المصرفي.من المحتمل أن يكون "كروغمان" شعر بالإساءة بسبب تجاهل كبار المسؤولين له، وقد قال إنه يأسف لانتقاده مسؤولين يعتبرهم أصدقاءه، مثل رئيسة مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض" كريستينا رومر". لكنه لم يُبد شديد الأسف."كروغمان" يستمتع تحت الأضواء، لكن أحيانا يبدو أن الأمور تفوق طاقته على التحمل

Wednesday, April 1, 2009

ثورة الملك



نيوزويك، 31 مارس 2009


لأن تحقيق الإصلاح في السعودية مهمة صعبة ومربكة بقدر صعوبة تحقيق السلام في الشرق الأوسط، يحتاج الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى كل ذرة قوة وقدرة على الاحتمال يستطيع توفيرها لإنجاز هذه المهمة. هكذا بدأت مجلة نيوزويك موضوع غلافها الأخير الذي أوقفته للحديث عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً
لقد كانت حياته عبارة عن جسر من التغيير الذي تم عبر قرون. فهذا الرجل المولود في القصور المتداعية لعشائر الصحراء عام 1923، كان طفلا في وقت أن كان والده لم يُنهِ بعد غزواته في شبه الجزيرة العربية أو يؤسـس الدولـة التـي تحمـل اسـم عائلتــه، وها هو يحكم الآن أحد أغنى بلدان العالم. كان عمر الغلام ست سنوات عندما توفيت والدته، وباعتباره الابن الوحيد لها، شعر أن عليـه أن "يعتنـي بأخواتـه، حتـى فــي ذلـك الوقت. تقول ابنة عبد الله الأميرة عادلة: "لقد تحمل الكثير من المسؤوليات منذ أن كان صغيرا جدا
وقد جلب معه إلى المنصب حسا بالتراث الصحراوي، فوالدته من قبيلة شمر المتنفذة التي يمتد وجودها من الأراضي السعودية وحتى عمق العراق وسوريا والأردن، وقبل أن يعين وليا للعهد كان قائد الحرس الوطني السعودي، وهي قوة مكونة من جنود قبليين من كافة أنحاء البلاد
تراه ابنته الأميرة عادلة: "رجلا مستقيمًا نزيهًا يكره الظلم". ويراه السفير الأمريكي لدى المملكة "فورد فريكر": "وريث ثقافة "المقاتلين الصحراويين، حيث يلتزم الرجل بكلمته ويواجه خصمه وجها لوجه، ويلتزم بقانون شرف
"وتراه المجلة الأمريكية: حازمًا بعقل "يفضل الصلح الذي يحفظ الكرامة على المواجهة
ينظر عبد الله جوهريا إلى رعاياه نظرة الأب لأبنائه، ويبادله العاطفةَ جزء كبير من الشعب. لكن إياك أن تُغضِب الملك عبد الله؛ ففي عام 2001 و2002 هدد بإعادة النظر بالشراكة الأمريكية - السعودية الاستراتيجية إذا لم تفعل واشنطن شيئا لوقف معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي. وبعد فترة قصيرة، أصبح جورج دبليو بوش أول رئيس أمريكي يدافع علنا عن إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. وعندما بدأ بوش يتراجع في جهوده الدبلوماسية لتحقيق ذلك الهدف، زار عبد الله مزرعة كروفورد، وقيل: إنه أعطى إنذارا غاضبا، وقد نقل لاحقا عن وزير خارجية بوش في ذلك الوقت، كولين باول، وصفـه للحـدث بأنـه "تجربـة قريبــة مــن المــوت".ومع ذلك فإن الملك يفضل الصلح الذي يحفظ الكرامة على المواجهة. ففي عام 2002 حاول إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بفرض صفقة على جامعة الدول العربية تعرض على إسرائيل السلام مع كافة الدول العربية إذا انسحبت لحدود عام 1967، وسمحت بأن تكون القدس الشرقية العاصمة الفلسطينية، ووجدت حلاً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين من حروب 1948 و 1967. وقد حذر أثناء القصف الإسرائيلي لغزة مؤخرا من أن هذه الخطة لن تظل على الطاولة للأبد

كيف ترى الصين العالم



ذي إيكونوميست، 21-29 مارس 2009
ترجمة: علاء البشبيشي


لقد كان نهوض الصين خلال العقود الثلاثة الماضية مدهشًا، وقد دفع ذلك الصين إلى النظر للعالم بشكل مختلف. فكيف ترى الصين العالم؟
حقيقة وتساؤل بدأت بهما أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية موضوع غلافها الأخير، في معرض تغطيتها المستمرة للأزمة العالمية التي غيرت وجه الكون، "وبثت الذعر في قلب الرأسمالية حتى في عقر دارها"، والتي استحقت أن تصفها المجلة البريطانية بأنها (ريح مريضة لا تأتي بخير)
أوروبا واليابان مشوشتان؛ بسبب أسوأ أزمة مالية منذ نهاية الحرب. وأمريكا، تلك القوة العظمى، وصل سيلها الزُبى. لذلك، ورغم إحجام قادة الصين عن رفع راية النصر، هناك شعور في بكين أن عودة الهيمنة العالمية أضحت على مرمى حجر من بلادهم
ولم يعد رئيس الوزراء الصيني، وين جياباو، متقيدًا بالقول: "إن بلاده مجرد لاعب متواضع على الساحة الدولية"، وأنها "تريد التركيز "أكثر على تنمية اقتصادها الداخلي"، بل أصبح يصف بلاده بـ "القوة العظمى
وقد شهد الشهر الحالي محاولة ظاهرة لصنع مواجهة بحرية صغيرة مع سفينة تجسس أمريكية في بحر الصين الجنوبي، لكن الأمريكيين بالكاد لاحظوا ذلك
أما أوروبا، التي تلوح في الأفق، فقد تم تجاهلها، وأُلغيت قمة الاتحاد الأوروبي، ولازال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مُدرجًا على القائمة السوداء؛ لأنه تجرأ على مقابلة الدالاي لاما
وهناك فكرة كبيرة قد انتشرت بالفعل فيما وراء الصين، وهي أن العالم أصبح الآن ثنائي القطب، حيث أمريكا والصين هما اللاعبان الأساسيان. وهكذا ستتحول قمة العشرين المزمع انعقادها في لندن نهاية الأسبوع الجاري، من قمة العشرين إلى قمة الاثنين، بين "الرئيسين "باراك أوباما" و"هو جينتاو
وقبل أن يثير هذا الكلام الذعر، يجدر القول بأن هذه النزعة الصينية تعكس ضعفًا بنفس القدر الذي تعكس به قوةً؛ فلا تزال الصين بلدة فقيرة تواجه أصعب سنواتها في القرن الجديد

الوداع الطويل



وورلد، 28 مارس 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


هل يُعتبَر إعلان أوباما عن قراره بشأن انسحاب قوات بلاده من العراق انتصارًا للمقاومة العراقية وفشلا لأقوى جيش في العالم؟
للإجابة عن هذا السؤال تحدثت مجلة "وورلد" عن الفشل الذريع الذي مُنيت به استراتيجية مكافحة التمرد الأمريكية في العراق، رغم مرور 6 أعوام على بداية الاحتلال
ابحث عن جملة (فشل مكافحة التمرد) بالإنجليزية على أي من محركات البحث الشهيرة، وستجد النتائج تشير إلى فشل بريطانيا العظمى في مكافحة التمرد عام 1776، والفشل الروسي في الشيشان، والفشل الأمريكي في اليونان، والفلبين وفيتنام، وستجد بعض مقالات الرأي حول فشل مكافحة التمرد في العراق
لكن بحثك سيكون بلا جدوى إذا كان حول فشل التمرد في العراق؛ وذلك لأن الحقائق على الأرض تقول العكس، ولهذا السبب كان الرئيس باراك أوباما قادرًا على الوقوف أمام الآلاف من جنود البحرية في قاعدة "ليجيون" الشهر الفائت ليعلن: (بحلول 31 من أغسطس 2010 ستنتهي مهمتنا القتالية في العراق

وقف الهجوم الأخطر



نيوزيوك، 24 مارس 2009


حينما سُئل وزير الدفاع "روبرت جيتس" عما يُبقيه مستيقظًا في الليل، قال: "فكرة أن يمتلك إرهابي سلاح دمار شامل، ولا سيما سلاحًا نوويًا".
حول هذا (الهجوم الأخطر على الإطلاق) كان موضوع غلاف مجلة نيوزيوك، الذي خلُصت فيه إلى أن العلوم الجنائية النووية الجديدة هي الطريقة الوحيدة الكفيلة بأن تُبقي القنابل النووية بعيدة عن الأيدي الخاطئة.
العلوم الجنائية النووية أساسية لخلق ردع جديد. فهي تقتضي العودة إلى الوراء انطلاقا من حدث إرهابي ما ــ حطام قنبلة منفجرة أو مصادرة مادة انشطارية في السوق السوداء ــ لاقتفاء أثر المادة ومعرفة مصدرها. تشبه هذه الآلية التعرف إلى مجرم عن طريق البصمات. ففي القرن العشرين تعلم المحققون كيف ينتزعون البصمات عن سطح ما ويحددون أن كل واحدة منها تخص فردا معينا ويضعون قاعدة بيانات بالبصمات الخاصة بمجرمين أو مشتبه بهم معروفين.كما في عمل الشرطة العادي، لا يمكن تحديد مُذنًب نووي إلا بوجود قاعدة بيانات للمقارنة. المواد التي يحتاج إليها الإرهابيون لصنع أداة نووية موجودة حاليا في أربعين بلدا على الأقل. يعمل الخبراء النوويون الآن على جمع قاعدة بيانات واسعة مؤلفة من كل المصادر المعروفة. في حالة اليورانيوم والبلوتونيوم، أي العنصرين اللذين تُصنَع منهما القنابل النووية، تترك كل خطوة في دورة الوقود النووي، استخراج اليورانيوم الخام وتحويله إلى سداسي فلوريد اليورانيوم وتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود المستنفد، آثارا يمكن أن تحدد مصدر المادة على وجه الكرة الأرضية. لليورانيوم الخام أمزجة مختلفة من العناصر، يورانيوم وأمريكيوم أو بولونيوم، تصدر أشعة ألفا وبيتا وغاما بمعدلات مختلفة. يختلف مزيج نظائر البلوتونيوم من نوع من المفاعلات إلى آخر.بعد انفجار قنبلة نووية، تجمع الشرطة الجنائية النووية عينات من الحطام وترسلها إلى مختبر للتحليل الإشعاعي ــ الكيميائي. عبر تحديد خصائص فريدة للمادة الانشطارية، بما في ذلك شوائبها وملوثاتها، يمكن اقتفاء أثرها وصولا إلى المصدر.
وبعد أن تحدثت المجلة عن كوريا الشمالية وكأنها بائعة الأسلحة النووية في السوق السوداء، تسائلت: ماذا لو عرض أسامة بن لادن عشرة ملايين دولار على الرئيس الكوري الشمالي "كيم يونغ إل" للحصول على قنبلة نووية؛ لتفجيرها مثلا في مدينة نيويورك، وعشرين مليون دولار للحصول على قنبلة ثانية لتفجيرها في تل أبيب؟! لتخرج بنتيجة أخرى مفادها أن الرئيس البائد بوش فشل في تأمين بلاده ضد التهديد الأكثر خطورة للأمن القومي الأمريكي.
الحقيقة القاسية هي أن الرئيس بوش فشل في تنظيم وتنفيذ استراتيجية متماسكة في وجه ما أسماه عن صواب "التهديد الوحيد الأكثر خطورة للأمن القومي للولايات المتحدة". فإدارة بوش التي خصصت أكثر من مليار دولار لمسح الحمولة، لم تستثمر سوى عشرات الملايين في العلوم الجنائية النووية.لقد أعلن الرئيس أوباما أن الإرهاب النووي هو "تهديد أكثر إلحاحا من كل التهديدات الأخرى" وتعهد بأن إدارته ستتحرك في هذا الإطار. يجب أن يكون تحديث مفاهيم الردع النووي للقرن العشرين كي تكون على مستوى تهديدات القرن الحادي والعشرين، أولوية قصوى بالنسبة إلى إدارته، وثمة مؤشرات بأنها كذلك. قبل أن يصبح جو بايدن نائبا للرئيس، دعا إلى تطبيق "نوع جديد من الردع" لكبح البلدان التي قد تساهم في هجوم إرهابي. يجب أن تلقى مهمة وضع مبدأ عام للمساءلة النووية ينطبق على باكستان وإيران أو حتى على روسيا والولايات المتحدة، على عاتق التحالف العالمي المشار إليه آنفا. غير أن ذلك سيستغرق أشهرا من المشاورات، في حين أنه يجب المبادرة في الحال إلى ردع كيم ومنعه من اتخاذ الخطوة القصوى وبيع سلاح نووي إلى إرهابيين. ينبغي على الإدارة الجديدة أن تتحرك على الفور لإقناعه بأن كوريا الشمالية سوف تتحمل كامل المسؤولية عن أي سلاح نووي يصدر عنها. والحل الأمثل هو أن تتصرف الولايات المتحدة بالتعاون مع روسيا والصين على خطى ما فعله كنيدي خلال أزمة الصواريخ الكوبية. من شأن سياسة مساءلة نووية توضع خصيصا للتعامل مع كوريا الشمالية أن توجه إلى كيم تحذيرا مباشرا لا لبس فيه بأن انفجار أي سلاح نووي مصدره كوريا الشمالية على أراضي هذه الدول أو حلفائها سوف يستدعي ردا انتقاميا شاملا.

أزمة الوظائف



ذي إيكونوميست، 14 مارس 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


(الطوفان قادم لا محالة، بغض النظر عما تفعله الحكومات.. وينحصر التأثير الممكن في تخفيف أو مفاقمة حِدَّة هذه الأزمة).
هكذا استهلت أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية حديثها عن "أزمة البطالة"، التي بلغت معدلات قياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، لم تشهدها البلاد من 25 عامًا، وتسببت في إقالة 111 ألف موظف كندي، لترفع معدلات البطالة في كندا إلى 7,7%. ولازالت تستنزف الملايين حول العالم.
لاشيء يستدعي تعاسة جمهور المتعطلين عن العمل كما تفعل صور الركود الاقتصادي. يمكنك رؤية ذلك في وجوههم المُتعَبة، وثيابهم البالية، وأيضًا في عيونهم. أنجب يأسهم تطرفًا سياسيًا خلَّف وصمة على جبين المجتمع، لكنه أيضًا علَّم الأجيال القادمة أن السياسة العامة تلعب دورًا جوهريًا في تخفيف معاناة هؤلاء الذين لا يستطيعون الذهاب إلى العمل. والفضل في ذلك يرجع إلى خطط الرفاهية ومنافع البطالة، التي لكثير منها جذور في هذه الأيام العصيبة؛ فلم تعد البطالة تُغرِق الناس في مستنقع الافتقار إلى لوازم الحياة، على الأقل في العالم المتقدم.
لكن بنهاية 2010، من المتوقع أن ترتفع معدلات البطالة في العالم الغني لتفوق نسبة 10%. ورغم اختلاف الظروف في الدول الناشئة نوعًا ما؛ تبقى النتيجة أكثر إيلامًا.
ويرتفع سقف التشاؤم ليصل إلى التنبؤ بأن الهبوط الحالي سيصل إلى ذروة الكساد بما يُقَلِّص أكثر من ربع الاقتصاد الأمريكي، ويُدخِل 25% من الكثافة العاملة إلى دائرة البطالة.
ومع تخبط العالم في كساده الأكبر منذ ثلاثينيات القرن الفائت، وتقلص حجم التجارة العالمية بوتيرته الأسرع خلال 80 عامًا، طرحت المجلة التساؤل الأهم في هذا السياق: ما الذي يمكن للحكومات فعلُه؟!
يظل مشهد البطالة في الولايات المتحدة- حيث بدأ الركود- هو الأسوأ بين الدول الغنية؛ حيث فقدَ سوق عملها المرن 4,4 مليون فرصة عمل منذ الانخفاض في النشاط التجاري والاقتصادي الذي بدأ في ديسمبر 2007. من بينها 600 ألف وظيفة أخرى أطاحت بها الأزمة شهريًا خلال الأشهر الثلاثة السابقة. وقفزت معدلات البطالة إلى 8,1% خلال فبراير، وهي النسبة الأعلى خلال ربع قرن.
المواطن الأمريكي الذي يفقد وظيفته اليوم لديه فرصة أقل في إيجاد عمل آخر مقارنة بأوقات أخرى منذ نصف قرن مضى حينما بدأت تلك الأرقام القياسية. ومن الواضح أن البطالة ستضرب بقوة ما هو أبعد من أمريكا وبريطانيا؛ فالناتج القومي الياباني ينكمش بوتيرة أسرع من غيره من نواتج الدول الغنية. كما ارتفعت البطالة بوتيرة أشد سرعةً في بلدانَ أوروبية، مثل أسبانيا وأيرلندا.
ورغم ذلك لا يشك أحد في أن الأسوأ لم يأت بعد.
وحتى إذا أتقنت الحكومات تصميم سياساتها، ستستمر البطالة في الارتفاع بوتيرتها المتسارعة، لفترة من الوقت. وعلى أحسن التقديرات سيصاب الملايين بنكبة، سيظلون يعانون منها لسنوات.
وتبقى مهمة السياسيين هي التأكد من أن هذه النكبة لن يمتد تأثيرها لعقود.

أزمة الرعاية الصحية تضرب الوطن



تايم، 16 مارس 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


تحت عنوان: (أزمة الرعاية الصحية تضرب الوطن) نشرت مجلة "تايم" قصة مؤلمة روتها الكاتبة الأمريكية "كارين تومولتي"، حول معاناة أخيها "باتريك" مع المرض، والمصاعب التي واجهته في طريق الحصول على رعاية صحية يستطيع تحمُّل كلفتها، بعدما أُرهق بكشف طبي وتحاليل بلغت تكلفتها أكثر من 14 ألف دولار خلال الشهور الأربع الماضية.
هذه القصة وإن كانت شخصية، إلا أنها عكست الأوضاع السيئة للرعاية الصحية في هذا البلد الغني.
حينما نتحدث عن إصلاح نظام الرعاية الصحية، فإننا عادة ما نبدأ بالحديث عن مشاكل 45 مليون مواطن أمريكي- ويزيد- لا يتمتعون بتأمين صحي على الإطلاق. ومشكلة "باتريك" أعلاه تسلط الضوء على 25 مليون شخص آخرين ينفقون أكثر من 10% من دخلهم لسداد النفقات الصحية. وهؤلاء هم الأكثر عُرضةً لمخاطر هذه المشكلة؛ لأنهم لم يكونوا منتبهين لهذه الكارثة الصحية قبل وقوعها.
في عام 2005 أجرت جامعة هارفارد دراسة على 1700 من المفلسين على مستوى البلاد، واكتشف الباحثون أن ظهور مشكلات صحية في حياتهم كانت وراء إفلاس 50% منهم.
أستاذة القانون في هارفارد، إليزابيث وارين، والتي شاركت في إعداد الدراسة، كتبت في واشنطن بوست: "ليس هناك أحد بمأمن.. فمعظم هؤلاء المتضررين كانوا من الطبقة المتوسطة، يرتادون الجامعة، ويحتلون وظائف مرموقة.. حتى هاجمهم المرض".
وفي تكساس يوجد واحد من كل أربعة أشخاص غير مؤمن عليهم، وهي النسبة الأعلى في الولايات المتحدة. وتعاني هذه الولاية من برنامج صحي بخيلٍ للغاية. فقانونها يقضي بأن تُمنَح الرعاية فقط "للفقراء"، الذين يجنون أقل من 2,274 دولار شهريًا للفرد البالغ الواحد، و 4,630 دولار للعائلة المكونة من أربعة أفراد. ومعظم الولايات، لاسيما الريفية منها، لا يجني أهلها أكثر من هذه الحدود الدنيا؛ لذلك تُعتبر تكساس تربة خصبة لعمل شركات التأمين.

حِمل الكوكب الزائد


نيو ستيتس مان، 9 مارس 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


بلغ تعداد سكان الأرض 6,8 مليار نسمة، في ظل توقُّع أن يرتفع هذا العدد إلى 9,2 مليارات بحلول العام 2050. في هذه الأثناء يتعالى صوت جرس الإنذار الذي يطلقه التغير المناخي.. فهل أعداد البشر أضحت أكثر من اللازم؟! وإذا كان الأمر كذلك، فكم هو الوقت المتاح قبل أن يُصبِح الكوكب مكانًا غير مناسب للعيش؟!
هذه الأسئلة لم تُطرَح في بداية إحدى قصص الخيال العلمي، بل في مقدمة موضوع غلاف مجلة "نيو ستيتس مان" الذي أتى تحت عنوان: (حِمل الكوكب الزائد). وفي هذا الموضوع يتحدث "ديفيد نيكولسون" عن الزيادة السكانية، التي يراها سببًا رئيسًا لما وصل إليه كوكب الأرض اليوم من مشاكل بيئية أصبحت مستعصية على العلاج.
بعدما ساعدتُ في إطلاق حملة تحث الناس على الاكتفاء بإنجاب طفلين فقط، تلقيت رسالة الكترونية تتهمني بـ "الفاشية"، وتضيف أن "النازيين سيفرحون بما أفعله". ولا يعتبر هذا شيئًا مقارنة بالرسالة الالكترونية التي تلقيتها حينما نشرت المنظمة التي أنا جزء منها، تقريرًا يقول: لمَّا كان البشر هم المتسببون في التغير المناخي؛ فإن أحد سبل مكافحة هذا التغير تكمن في إنجاب عدد أقل من هؤلاء البشر".
وشخصيًا وجدتُ من الصعوبة بمكان، تخيُّلُ أن يستطيع جنس، بهذه الضخامة البدنية، مثل هذا الجنس البشري الحديث، التكاثر من 2,5 مليار إلى 6,8 مليار نسمة منذ عام 1950، دون أن يتسبب ذلك في كارثة بيئية.
علاوة على ذلك، لا يمكنني استيعاب الطريقة التي يمكن بها لـ 6,8 مليار نسمة، الذين يعيشون الآن، التكيُّف مع 2,4 مليار شخص آخرين، خلال الأربعين سنةً القادمة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
لا يمكنني تخيل أن يحدث ذلك دون حدوث خلل كبير في هذا الكوكب.
ورغم أن وجهات النظر المماثلة كانت يومًا ما شائعة، فقد خَفَتَ صوتها هذه الأيام.

كيف نوقف حرب المخدرات؟



ذي إيكونوميست، 17 مارس 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


رغم مرور مائة عام على انعقاد لجنة الأفيون الدولية، لا يزال السؤال الذي يحير الكثيرين هو (كيف نوقف تجارة حرب المخدرات؟
أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية، حاولت تسليط الضوء على هذه التجارة القاتلة، التي لم يوقفها حظر الاستخدام. وترى أن الوقت قد حان لوضع حلول غير تقليدية لمواجهة هذا الخطر الداهم.
قبل مائة عام، اجتمع عدد من الدبلوماسيين الغربيين بشانغهاي في أول جهد دولي من نوعه يهدف إلى حظر تجارة المخدرات. وفي 26 فبراير 1905 اتفقوا على تدشين (لجنة الأفيون الدولية)، بعد عقود قليلة فقط من خوض بريطانيا حربًا ضد الصين لتأكيد حقها في بيع المخدرات. (بعدما حاولت الصين منع تداول المخدرات على أراضيها، حيث كانت بريطانيا تعمل على نشر المخدرات تحت ذريعة "حرية التجارة"!!).
وتلا ذلك قرارات حظرٍ كثيرة من هذا النوع.
وفي العام 1998 قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بحثّ البلدان على جعل العالم خاليًا من المخدرات، "والتخلص أو التقليل جدًا" من إنتاج الأفيون والكوكايين والحشيش بحلول العام 2008.
هذا هو نوع الوعود التي يحب الدبلوماسيون قطعها. تُسَكِّن الشعور بالهلع الأخلاقي الذي كان وصيفة الحظر لقرنٍ من الزمان، ويُقصَد منها إعادة طمأنة آباء المراهقين حول العالم. لكنها وعود لا مسئولة إلى حد كبير؛ لأنها غير قابلة للتحقيق.
تحاول المجلة التأكيد على أن كل الجهود التي بُذلت خلال المائة عام الماضية لم تُسمِن ولم تُغنِ من جوع، وبقدر صدقها في هذا الكلام، بقدر غرابة الحل الذي طرحته في هذا التقرير، فقد اقترحت وضع المخدرات تحت عين القانون؛ بجعلها "قانونية"، الأمر الذي ـ من وجهة نظرها بالطبع ـ سيعود بالنفع النسبي على كثيرين. ولكن هل كلما فشلنا في القضاء على وباء، انحنينا أمام العاصفة، وحاولنا التعايش معه؟!
خلال الأسبوع القادم سيجتمع الوزراء من حول العالم في فيينا لوضع سياسة دولية للتعاطي مع مشكلة المخدرات خلال العقد القادم. ومثل جنرالات الحرب العالمية الأولى، سيدَّعي الكثيرون بأن كل ما نحتاجه هو المزيد مما تم التوصية به مسبقًا.
وفي الحقيقة، كانت الحرب على المخدرات كارثية؛ حيث أثمرت دولاً فاشلة في العالم النامي، بنفس القدر الذي ازدهر به الإدمان في الدول الغنية. وبواسطة أي مقياس حساس، يمكننا القول: إن هذه الحرب التي استغرقت مائة عام كانت متعصبة وإجرامية ولا طائل من ورائها. ولهذا السبب تستمر ذي إيكونوميست في الإيمان بأن أقل السياسات سوءًا تتلخص في جعل المخدرات قانونية.
وبقولنا: (أقل السياسات سوءًا) لا نعني أن ذلك أمر جيد؛ فتشريع المخدرات وإن كان أفضل بمراحل للدول المنتجة، سوف يتسبب في جلب مخاطر "مختلفة" للدول المستهلكة. وسوف يعاني متعاطو المخدرات، لكن من وجهة نظرنا، سيستفيد كثيرون.

التمسك بالحياة الغالية



تايم، 9 مارس 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


أصبحت الأزمة الاقتصادية أشبه ما تكون بقنبلة موقوتة على وشك الانفجار، ولا يعرف أحد طريقة إيقافها. لدرجة أن تبرأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما منها، وحمَّل إدارة سلفه جورج بوش مسؤوليتها، وهو ما يؤكد عمق المستنقع الذي يغرق فيه العالم الآن
مجلة تايم الأمريكية اعترفت بخطورة الوضع، لكنها أكدت عدم وجود طريق آخر غير "المواجهة"؛ فالحياة غالية وتستحق أن يناضل مريدوها من أجلها، ولو كان الخصم هذه المرة أسوأ أزمة مالية يشهدها العالم منذ عقود.
لم تطرح الضربة الاقتصادية أرضًا المغفلين فقط، بل امتدت المتاعب لرقعة أكبر، بصورة لم يعد يفهمها الكثيرون. والآن تنهمر أمطار الأزمة فوق رؤوس الجميع، بلا تفرقة بين عادل وظالم
وقد توقف المستهلكون عن الشراء، والمصانع عن العمل، والموظفون عن إيجاد الوظائف، في حين تستمر أسعار البيوت في الانهيار. هذا الواقع الصارم وصفه الرئيس باراك أوباما في خطابه الأخير الذي طرح فيه خطته المكلفة بإنقاذ سوق العقارات من الغرق أكثر
الأمر أشبه ببهلوان يسير على حبل مضروب فوق الهاوية المالية. ولا يزال الحالمون الأمريكيون متفائلين، لكن أحدًا منهم لا يجرؤ أن يطأ هذا الحبل دون أن ينظر إلى الهاوية مذعورًا. أما نحن فنميل إلى الإيمان بأن المخاطرة أمُّ الربح، وأن غَدَنا سيكون أكثر إشراقًا من حاضرنا

سياسة الصين في 2009.. ارتباط أم عزلة؟



تشاينا بزنس ريفيو، يناير فبراير، 2009


صاحبت بداية عهد الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما تساؤلات حول طريقة تعاطيه مع العديد من الملفات العالمية، صاحبته أيضا أسئلة كثيرة عن رؤيته لمستقبل العلاقات الأمريكية الصينية.
مجلة "تشاينا بزنس ريفيو" حاولت استشراف سياسة التنين الصيني في العام 2009، في ظل دعوة وزيرة الخارجية الأمريكية الجديدة هيلاري كلينتون الصين مؤخرًا لمواصلة شراء سندات الخزينة الأمريكية للمساعدة في تجاوز الأزمة الاقتصادية الطاحنة، الأمر الذي كشف عن مقدار تشابك المصالح الاقتصادية بين البلدين، رغم ما يبدو أحيانًا أنه (اقتتال في حلبة ملاكمة)!في عام 2000، وبعد عقد من الجدال المحتدم سنويًا حول وضع التجارة الصينية، توصل الكونجرس أخيرًا إلى اتفاق يتعلق بالارتباط الاقتصادي، وقد لعبت التجارة الأمريكية دورًا رئيسًا في بناء هذا الإجماع. وفي هذا العام سيواجه الرئيس أوباما ضغطًا أكبر مما واجهه رؤساء الولايات المتحدة السابقون منذ العام 1930، يتركز معظمه حول الصين.
لكن الضغط على الإدارة الجديدة من أجل اتخاذ مثل هذه التحركات الحمائية قد تجعل جماعات المصالح تشعر بتحسن، لكنه لن يقلل من العجز التجاري بين البلدين، بل ربما تسبب في تداعيات كارثية. ومع استثمار الصين لمعظم احتياطياتها في ديون سائلة، لاسيما في سندات الخزانة الامريكية، قد تتسع التداعيات لتشمل الأسواق المالية.
ينبغي أن تتقدم التجارة الأمريكية ببرنامج مُقترح باتجاه الارتباط الاقتصادي، وإلا ستكون العزلة الاقتصادية هي البديل المحتوم. وسيشكل السجال التجاري القادم ملامح العلاقة الاقتصادية الأمريكية مع الصين لعقود، وهنا يجب على رجال الأعمال الأمريكيين ألا ينخرطوا فقط في هذا السجال الدائر، بل ينبغي عليهم الفوز فيه.

من قال إن التوتر النفسي مضر؟



نيوزويك، 3 مارس 2009


التوتر النفسي.. يمكن أن يكون مضرًا، لكن قد يكون مفيدا أيضًا، وهي حقيقة غالبا ما يتجاهلها العلماء، ولا يقدرها الناس العاديون. الأمر الذي دفع مجلة نيوزويك الأمريكية إلى التساؤل: كيف أقنع الكثيرون منا أنفسهم بأن التوتر النفسي مضر للجميع بشكل قاطع، وفي كل الحالات، لدرجة أن قمنا بلوم التوتر على مجموعة واسعة من المشاكل، بدءا من هفوات الذاكرة الطفيفة وصولا إلى الخرف الكامل.
طبعا، يمكن للتوتر النفسي أن يكون مُضرًا، لاسيما إن كان يدفعك إلى الغضب أو الاكتئاب. لكن في بعض الحالات، يمكن للتوتر النفسي أن يكون مفيدا أيضا؛ فبعضه صحي وضروري لإبقائنا متيقظين ومنشغلين. لكن هذه لم تكن الفكرة التي روَّج لها العلم خلال السنوات القليلة الماضية. تقول "جانيت دي بييترو"، المتخصصة في علم النفس التطوري في جامعة جونز هوبكنز: "لقد تلقى الناس رسالة موحدة، مفادها أن التوتر النفسي مضر دائما. وهذا مؤسف جدا؛ لأن معظم الناس يحققون أفضل النتائج عندما يكونون عرضة لتوتر نفسي؛ من طفيف إلى متوسط".
ردة الفعل إزاء التوتر النفسي تطورت لمساعدتنا على البقاء، ولو تعلمنا كيفية منعها من السيطرة على حياتنا، يمكن –على المدى القصير- أن تنشطنا، وتعطي أجسامنا الزخم الضروري لمواجهة ما علينا مواجهته"، كما تقول جوديث أورلوف، وهي طبيبة نفس في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. وعلى المدى الطويل، يمكن للتوتر النفسي أن يحفزنا لكي نبلي بلاء أفضل في وظائف نستمتع بها.
القليل من التوتر يمكن أن يهيئنا للكثير منه لاحقا، مما يجعلنا أكثر مرونة. حتى عندما يكون التوتر مفرطا، يمكن أن يكون له بعض التأثيرات الإيجابية . تقول أورلوف: "ثمة أدلة كيميائية حيوية وعلمية على أن التوتر النفسي سيئ، لكن الدلائل الحياتية والسريرية تشير بشكل واضح إلى أنه يمكن أن يكون مفيدا لبعض الناس. نحتاج إلى موجة جديدة من الأبحاث التي تعتمد مقاربة أكثر توازنا، وتدرس كيف يمكن للتوتر النفسي أن يفيدنا". وإلا سنَتَوَتَّر أكثر من اللازم؛ لشدة تفكيرنا في أننا متوترون.

الفاتورة التي قد تجعل أوروبا تنهار



ذي إيكونوميست، 28 فبراير 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


(إذا انهارت دول أوروبا الشرقية، ربما أخذت معها الاتحاد الأوروبي بأكمله). تحذير أطلقته مجلة ذي إيكونوميست البريطانية في معرض حديثها عن الفاتورة الباهظة التي ربما لن تستطيع أوروبا دفعها.
ويتهم مراقبون بعض دول أوروبا الشرقية المنضمة حديثا للاتحاد الأوروبي بأنها أخطأت في الرهان على أن بإمكانها تحقيق مستويات المعيشة الغربية بسرعة، من خلال قروض باليورو، وهو رهانٌ كانت له نتائج عكسية، بعد أن أدى الركود إلى انهيار العملات المحلية.إذا ما انهارت دولة كالمجر، أو إحدى دول البلطيق الثلاث (إستونيا-لاتفيا-ليتوانيا)، ستكون دول شرق أوروبا من أوائل المتضررين. أما بنوك استراليا وإيطاليا والسويد التي استثمرت وأقرضت بتوسع في أوروبا الشرقية فستتعرض لخسائر فادحة إذا ما انخفضت قيمة الأصول التي تمتلكها.
وسيطرح التدهور في الشرق تساؤلا سريعًا حول مستقبل الاتحاد الأوروبي ذاته، فقد يؤثر ذلك على استقرار اليورو، مما يمثل إجهاضًا لأي فرصة لتوسيع الاتحاد في المستقبل، وسيطرح شكوكًا حول الوضع المستقبلي لدول البلقان وتركيا والعديد من دول الاتحاد السوفييتي.
أما التداعيات السياسية لانهيار دول أوروبا الشرقية ربما تكون أكثر مأساوية، فقد كان أحد أعظم المهام الأوروبية في السنوات العشرين الماضية هو التجديد السلمي للقارة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. حتى روسيا تواجه أزمة اقتصادية خطيرة، لكن قادتها يميلون لاستغلال أي فرصة لإعادة تأكيد دورهم في المنطقة.
والسؤال المطروح الآن على قادة دول أوروبا الغربية: ما هي الطريقة المثلى لتجنب هذه الكارثة؟
ورغم أن الأسواق غالبًا ما تُعامِل دول أوروبا الشرقية باعتبارها كتلة واحدة، تظل كل دولة في الإقليم مختلفة عن الأخرى. وربما تساعد المؤسسات الأوروبية في حل هذه الأزمة ماليًا أو –على الأقل- استشاريًا، لكن العبء الأكبر لابد وأن يُلقَى على عاتق صندوق النقد الدولي.

انحسار نفوذ أباطرة البترول



نيوزويك، 24 فبراير 2009


كان أقرب إلى الشماتة منه إلى التحليل.. ذلك هو موضوع غلاف مجلة نيوزويك الأخير، الذي كرسته كاملا للتشفي من ثُلاثي الممانعة (تشافيز ونجاد وبوتين)، الذين رأت أن نفوذهم انحسر بشدة مع انخفاض أسعار البترول في خضمّ الركود العالمي.
ولم تتوقف المجلة عند حد تحليل الأحداث، واستنباط النتائج، بل تعدت ذلك إلى مرحلة التشهير، حين وصفت هؤلاء الرؤساء الثلاثة بأنهم (الوقحون، متحدو الإمبريالية الأمريكية).
مع دخول الاقتصاد العالمي في فترة الركود، وتدني سعر برميل النفط إلى 37 دولارًا بسبب انخفاض الطلب عليه، بدأ الثلاثي بوتين وتشافيز وأحمدي نجاد يخسرون قوتهم. وتبين أن الامبراطوريات التي بنوْها بفضل النفط هشة ومعرضة للتضخم والبطالة. ويبدو أن ازدياد الاضطرابات السياسية يهدد نفوذهم الشخصي الآن.
يقول دانييل يرغن، الخبير في شئون الطاقة: "إن ارتفاع أسعار النفط وازدياد الثراء المتأتي منه غيّرا السياسات الجغرافية في السنوات الأخيرة. ونحن نشهد الآن انعكاسًا لهذا المسار".
انحسار نفوذ أباطرة البترول هو من الحسنات الغير متوقعة لهذا الركود العالمي القاسي. لقد دعا باراك أوباما أعداء أمريكا للحوار، ويبدو أن بوتين وتشافيز ونجاد يتجاوبون بحماسة مفاجئة. ويعود ذلك إلى أن سعر النفط لم يعد يدعم طموحاتهم الجيوسياسية.
صيح أن تشافيز -الذي غالبًا ما كان ينعت بوش بالشيطان- أعرب عن استعداده للتحدث مع أوباما في "لقاء من الند للند يسوده الاحترام"، وهونفس ما أعرب عنه نجاد الأسبوع الماضي، لكن الغريب أن تختصر المجلة كل الدوافع وراء هذا الانفتاح في قضية انخفاض أسعار النفط، متجاهلة على سبيل المثال رحيل العقبة الكئود – المتمثلة في بوش- التي كانت تقف حجر عثرة أمام هذا الانفتاح.
الجميع يدرك أن أوباما وصل إلى الحكم في وقت تبرز فيه مجموعة غير معهودة من التحديات الخارجية. بدءًا من السودان ووصولا إلى كوريا الشمالية. لكن ما يميز أباطرة البترول هو مدى طموحهم وعدوانيتهم. فقد كان بوتين يأمل في تشكيل كارتِل للغاز ينافس منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك)، ولا يزال يتصارع مع الولايات المتحدة على النفوذ السياسي والسيطرة على أنابيب نقل الغاز عبر أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.
وكان تشافيز يطمح في إنهاء بناء الامبراطورية اللاتينية التي حلم بها بطله سيمون بوليفار في الماضي. بما فيها بنك إقليمي يسيطر عليه تشافيز نفسه.
وأراد أحمدي نجاد أن يعيد لإيران دورها كقوة بارزة في المنطقة، تدعمها الأسلحة النووية في شرق أوسط لاوجود لإسرائيل فيه.
سيكون من الصعب جدًا ذكر ثلاثة قادة يصبّ تضاؤل نفوذهم في مصلحة الولايات المتحدة أكثر من هؤلاء القادة.

انهيار التصنيع



ذي إيكونوميست، 21 فبراير 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


يغرق العالم لأذنيه في كارثة مالية واقتصادية، جعلته يقف حائرًا لا يعرف سبيلا للخروج منها. مجلة ذي إيكونوميست البريطانية رأت أن المشكلة الكبرى تكمن في أن هذه الأزمة المالية أثمرت أخرى صناعيةً، وهو ما يجعل الأثقال على عاتق الحكومات تتضاعف؛ فأنى لها وهي عاجزة عن حل مشكلة واحدة، أن تقاتل على عدة جبهات؟!
الشاحنات النصف فارغة ليست إلا أحد المؤشرات على انهيار الصناعة حول العالم؛ ففي ألمانيا انخفض معدل الطلب على معدات الآلات 40% مقارنة بالعام الماضي، كما أفلست نصف صادرات الصين من لعب الأطفال، وانخفضت شحنات تايوان من الحواسيب الشخصية بمعدل الثلث خلال شهر يناير الفائت، أما السيارات التي تم تركيبها في أمريكا فانخفض عددها بنسبة 60%.
هذه القوة التدميرية العالمية للأزمة المالية أضحت ظاهرة للعيان العام الماضي، ولازالت الأزمة الصناعية في دائرة الانهيار، لاسيما وأنها وقعت أسيرة زوبعة عالمية.
وخلال الأشهر الثلاث الفائتة انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 3,6% في أمريكا، و4,4 في بريطانيا (وهو ما يعادل انخفاضًا سنويًا نسبته 13,8% في الأولى، و 16,4% في الثانية). وهو الأمر الذي يلقي بعض السكان المحليين باللائمة فيه على وول ستريت.
وأوضحت الصحيفة أن الأزمة الحالية اجتمع فيها من المعوقات ما جعل وتيرة التدهور أسرع هذه المرة من غيرها.
حتى روسيا التي كانت وتيرة النمو الصناعي فيها متقدمة قبل الأزمة على البلدان المتطورة، أصبحت الآن تتسابق معها بوتائر التراجع. وعلى كل حال انخفض حجم الإنتاج الصناعي في الفضاء الأوروبي في يناير مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، بنسبة 12%.
لكن الانهيار يبدو أسوأ في البلدان الأكثر اعتمادًا على الصادرات الصناعية، والتي أصبحت تعتمد على المستهلكين في الدول المدينة. وقد انخفض الإنتاج الصناعي في ألمانيا بنسبة 6,8% في الربع الأخير، وبنسبة 21,7% في تايوان، و 12% في الصين، الأمر الذي يشرح سبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بصورة أسرع مما كان عليه الوضع في تسعينيات القرن الفائت.
وتتدهور الصناعة في شرق أوروبا، كما في البرازيل وماليزيا وتركيا، كما أصبح آلاف المصانع جنوبي الصين الآن خاوية على عروشها.
صحيحٌ أن الإنتاج الصناعي متغير، إلا أن العالم لم يشهد انكماشًا كهذا منذ صدمة البترول الأولى في سبعينيات القرن الماضي، بل كانت الفوضى هذه المرة أكثر انتشارًا.

ماذا بعد؟!


فرانت لاين، 14-27 فبراير 2009
ترجمة: علاء البشبيشي


معركة طويلة تلك التي خاضتها حركة نمور التاميل الانفصالية ضد سريلانكا منذ العام 1983؛ بهدف الاستقلال الذاتي في المناطق التي تقطنها عرقية التاميل شمالي وشرقي الجزيرة التي تحكمها غالبية من عرقية السنهاليين.
مجلة فرانت لاين سلطت الضوء على هذه المعركة التي أعلن الرئيس السريلانكي، ماهيندا راجاباكسا، انتهاءها بانتصار قوات بلاده على آخر فلول متمردي جماعة "نمور التاميل"، بعد مواجهات عنيفة اندلعت مؤخرًا بين الجانبين في شمال شرقي البلاد.
تبنت حكومة الرئيس راجاباكاسا استراتيجية عنيدة، مستعيرة بعض تكتيكات التاميل أنفسهم، مثل الاستمرار في إطلاق تصريحات سياسية حول السلام والتنمية وحل الصراع، في نفس الوقت الذي تستعد فيه لشن حرب شاملة.
في الخامس من فبراير الجاري تلقى الرئيس السريلانكي ماهيندا راجاباكاسا مكالمة هاتفية من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. كانت هذه المكالمة غير اعتيادية بالنسبة للطرفين اللذين لم يكونا في مقر حكمهما. فقد كان "راجاباكاسا" بعيدًا في مدينة "كاندي"، وكان "كي مون" في زيارة لـ نيودلهي. وكان الموضوع الأبرز الذي دار في هذه المكالمة يتركز حول مصير المدنيين العالقين على خط النار بين الحكومة ونمور التاميل في المناطق الواقعة تحت سيطرة الأخيرة.
وأتت هذ المكالمة بعد ساعات من مطالبة الهند ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ونظيرها البريطاني ديفيد ميليباند، وحكومات دول أخرى، الأطراف المعنية بوقف القتال لتوفير ممرات آمنة للمدنيين العالقين على خط النار.
ربما لم يتعرض الرئيس السريلانكي لمثل هذه الضغوط منذ تقلده الرئاسة في نوفمبر عام 2005، ورغم ذلك لم تكبح هذه الضغوط جماحه، بل كان رده المهذب والحاسم في نفس الوقت على كل من خاطبه: "شكرًا.. لكني لن أفعل".
وترى المجلة أن سريلانكا وإن نجحت في الحرب العسكرية، فقد بقي أمامها مهمة أخرى لا تقل وعورة عن القتال في ميدان الحرب، وهي كسب عقول التاميل. مؤكدة أن السؤال الملح الآن يتركز حول وجود حل سياسي في البلاد، بالإضافة إلى أسئلة أخرى كثيرة ربما تكون الأيام وحدها كفيلة بالإجابة عنها.
لقد تعهد راجاباسكا في أغسطس من العام 2006 بشن "معركة حتى النهاية" ضد نمور التاميل، الذين أعطوه الذريعة المثلى؛ حينما أغلقوا بوابات "مافيل آرو" في مقاطعة "ترينكومالي" شرقي البلاد، ومنعوا المياه عن أكثر من 30 ألفًا من المدنيين.
ولإيصال رسالة للمجتمع الدولي تفيد بأن الحكومة تريد الإبقاء على أبواب الحل مشرعة أمام الأجيال القادمة. لم تقم حكومة راجاباسكا بحظر نمور التاميل باعتبارهم إرهابيين إلا في مطلع العام الجاري 2009، وبذلك أصبحت سريلانكا الدولة الـ 31 في العالم التي تعتبر حركة نمور التاميل حركة إرهابية.
وبجانب السؤال حول مصير المدنيين العالقين في مناطق القتال، يبقى العديد من الأسئلة الأخرى بلا إجابة. من بين هذه الأسئلة مكان قادة النمور، بمن فيهم القائد الأعلى للمتمردين التاميل "فيلوبيلاي بارباكاران"، ومصير آلاف أعضاء الحركة الذين ربما نجوا من القتال، واختاروا إما الاختلاط في صفوف المدنيين أو تسليم أنفسهم.

كلنا اشتراكيون الآن



نيوزويك، 17 فبراير 2009


من نواحٍ كثيرة، أصبح الاقتصاد الأمريكي شبيها بالاقتصاديات الأوروبية. وفيما يشيخ جيل مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية ويزداد الإنفاق، سنصبح أكثـر شبها بالفرنسيين. هكذا قالت مجلة نيوزويك، في معرض حديثها عن الأزمة المالية التي ضربت العالم، وأجبرت الحكومات على التدخل لوقف نزيف المال الهادر.
إذا لم نعترف بالدور المتنامي الذي تلعبه الحكومة في الاقتصاد، وأصررنا بدلا من ذلك على شن حروب القرن الـ21 بعبارات وتكتيكات تعود إلى القرن الـ20، فسنحتم على أنفسنا الخوض في جدال مثير للانقسامات وغير بناء. وكلما أسرعنا في فهم موقعنا الحقيقي، سنتمكن من التوصل إلى طرق أفضل للاستفادة من الحكومة في عالمنا اليوم.وفي الوقت الذي تسعى فيه إدارة أوباما لإقرار أكبر قانون مالي في التاريخ الأمريكي، وتضع حدا أقصى يصل إلى 500,000 دولار لأجور المديرين في المؤسسات التي تتلقى مساعدات فيدرالية، وتطلق خطة جديدة لإنقاذ القطاع المصرفي، ارتفعت نسبة البطالة إلى أعلى مستوى لها منذ 16 عاما. وانخفض مؤشر داو جونز إلى المستويات التي كان عليها عام 1998، وازداد عدد عمليات حبس الرهن العام الماضي بنسبة 81 بالمائة.
وتكمل المجلة قائلة: كل هذا يحصل في اقتصاد لم يعد يمكن فهم ما يحركه، حتى من دون التعمق في التفاصيل، فيما يتواجه دعاة الإنفاق الحكومي ومؤيدو عدم التدخل الحكومي. سواء شئنا أم أبينا - وحتى بغض النظر عما إذا كان الكثير من الناس أمعنوا التفكير في الموضوع أو لا - فإن الأرقام تشير بوضوح إلى أننا نتجه نحو اعتماد مقاربة أكثر أوروبية.
قبل عقد، كانت نسبة الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة تبلغ 34.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ48.2 بالمائة في الاتحاد الأوروبي، أي بفارق 14 نقطة تقريبا، بحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة عام 2010 إلى 39.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ47.1 بالمائة، وهو فارق لا يتعدى ثماني نقاط. سنصبح أكثر شبها بالفرنسيين، مع ارتفاع الإنفاق المخصص للبرامج الاجتماعية خـلال العقـد المقبـل.
الآن حانت ساعة الحساب. قد يكمن الحل في المزيد من التدخل الحكومي. على المدى القصير، سيتوجب على الحكومة أن تحفز الاقتصاد، بما أن المستهلكين والمؤسسات التجارية لن يقوموا بذلك. وعلى المدى الطويل، فإن تقدم السكان في السن والاحتباس الحراري وارتفاع كلفة الطاقة سيحتم فرض المزيد من الضرائب والمزيد من الإنفاق الحكومي. المعضلة هي أن المزيد من التدخل الحكومي في الاقتصاد سيؤدي بشكل شبه مؤكد إلى تقويض النمو (كما حدث في أوروبا، حيث تسبب توسع دور الحكومة في توفير الرفاهية الاجتماعية بارتفاع مزمن لمعدل البطالة). فلطالما كان النمو من مقومات أمريكا المنقذة.إن إدارة أوباما عالقة في دوامة. عليها أن تقترض وتنفق لوضع حد لأزمة سببها الإفراط في الاقتراض والإنفاق. وسيتعين على الرئيس، بعدما دعم الاقتصاد بأموال الخطة التحفيزية، أن يخفف الإنفاق على البرامج الاجتماعية من خلال الحد من تكاليف العناية الصحية والتقاعد فيما يستمر في الاستثمار في وسائل قد تحفز النمو على المدى الطويل. أوباما يتحدث عن الحاجة إلى حكومة ذكية. ولإقامة توازن بين النموذجين الأمريكي والفرنسي، لذلك سيتوجب على الرئيس الجديد أن يكون شديد الذكاء.