
نيوزويك، 17 فبراير 2009
من نواحٍ كثيرة، أصبح الاقتصاد الأمريكي شبيها بالاقتصاديات الأوروبية. وفيما يشيخ جيل مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية ويزداد الإنفاق، سنصبح أكثـر شبها بالفرنسيين. هكذا قالت مجلة نيوزويك، في معرض حديثها عن الأزمة المالية التي ضربت العالم، وأجبرت الحكومات على التدخل لوقف نزيف المال الهادر.
إذا لم نعترف بالدور المتنامي الذي تلعبه الحكومة في الاقتصاد، وأصررنا بدلا من ذلك على شن حروب القرن الـ21 بعبارات وتكتيكات تعود إلى القرن الـ20، فسنحتم على أنفسنا الخوض في جدال مثير للانقسامات وغير بناء. وكلما أسرعنا في فهم موقعنا الحقيقي، سنتمكن من التوصل إلى طرق أفضل للاستفادة من الحكومة في عالمنا اليوم.وفي الوقت الذي تسعى فيه إدارة أوباما لإقرار أكبر قانون مالي في التاريخ الأمريكي، وتضع حدا أقصى يصل إلى 500,000 دولار لأجور المديرين في المؤسسات التي تتلقى مساعدات فيدرالية، وتطلق خطة جديدة لإنقاذ القطاع المصرفي، ارتفعت نسبة البطالة إلى أعلى مستوى لها منذ 16 عاما. وانخفض مؤشر داو جونز إلى المستويات التي كان عليها عام 1998، وازداد عدد عمليات حبس الرهن العام الماضي بنسبة 81 بالمائة.
وتكمل المجلة قائلة: كل هذا يحصل في اقتصاد لم يعد يمكن فهم ما يحركه، حتى من دون التعمق في التفاصيل، فيما يتواجه دعاة الإنفاق الحكومي ومؤيدو عدم التدخل الحكومي. سواء شئنا أم أبينا - وحتى بغض النظر عما إذا كان الكثير من الناس أمعنوا التفكير في الموضوع أو لا - فإن الأرقام تشير بوضوح إلى أننا نتجه نحو اعتماد مقاربة أكثر أوروبية.
قبل عقد، كانت نسبة الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة تبلغ 34.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ48.2 بالمائة في الاتحاد الأوروبي، أي بفارق 14 نقطة تقريبا، بحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة عام 2010 إلى 39.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ47.1 بالمائة، وهو فارق لا يتعدى ثماني نقاط. سنصبح أكثر شبها بالفرنسيين، مع ارتفاع الإنفاق المخصص للبرامج الاجتماعية خـلال العقـد المقبـل.
الآن حانت ساعة الحساب. قد يكمن الحل في المزيد من التدخل الحكومي. على المدى القصير، سيتوجب على الحكومة أن تحفز الاقتصاد، بما أن المستهلكين والمؤسسات التجارية لن يقوموا بذلك. وعلى المدى الطويل، فإن تقدم السكان في السن والاحتباس الحراري وارتفاع كلفة الطاقة سيحتم فرض المزيد من الضرائب والمزيد من الإنفاق الحكومي. المعضلة هي أن المزيد من التدخل الحكومي في الاقتصاد سيؤدي بشكل شبه مؤكد إلى تقويض النمو (كما حدث في أوروبا، حيث تسبب توسع دور الحكومة في توفير الرفاهية الاجتماعية بارتفاع مزمن لمعدل البطالة). فلطالما كان النمو من مقومات أمريكا المنقذة.إن إدارة أوباما عالقة في دوامة. عليها أن تقترض وتنفق لوضع حد لأزمة سببها الإفراط في الاقتراض والإنفاق. وسيتعين على الرئيس، بعدما دعم الاقتصاد بأموال الخطة التحفيزية، أن يخفف الإنفاق على البرامج الاجتماعية من خلال الحد من تكاليف العناية الصحية والتقاعد فيما يستمر في الاستثمار في وسائل قد تحفز النمو على المدى الطويل. أوباما يتحدث عن الحاجة إلى حكومة ذكية. ولإقامة توازن بين النموذجين الأمريكي والفرنسي، لذلك سيتوجب على الرئيس الجديد أن يكون شديد الذكاء.
No comments:
Post a Comment