برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, October 23, 2009

خطاب مفتوح إلى الرئيس أوباما


ذا نيشن، 19 أكتوبر 2009


نصيحة للرئيس أوباما حول الحرب في أفغانستان، قدمها الخبير الاستراتيجي الأمريكي "ويليام بولك"، ونشرتها مجلة ذا نيشن الأمريكية في عددها الأخير.
ابتدأ بولك رسالته بالإشارة إلى أنه كان يسكن بجوار منزل أوباما في قلب منطقة "هايد بارك ـ كينوود"، ولتكون نصائحه محل اهتمام قام بعرض بعض خبراته، حيث كان طيلة سنوات عضوًا في غرفة تخطيط العمليات في وزارة الخارجية الأمريكية، ويعمل الآن على تأليف كتاب حول أفغانستان وباكستان وكشمير، عنوانه المبدئي (مسرح المعارك في آسيا)، وذلك بعد صدور آخر كتبه تحت عنوان (فهم إيران).

عزيزي، السيد الرئيس
رغم أن قرابة عقد من الزمان يفصل بيننا، فقد عشنا على بعد خطوات في هايد بارك وكنا أستاذَين في جامعة شيكاغو. دشَّنتُ هناك مركز دراسات الشرق الأوسط ورأستُ معهد أدلاي ستيفنسون للشئون الدولية. وكديمقراطيّ، كنتُ أحد الداعمين لك منذ وقت مبكر. لذلك أودُّ لو قبلتَ التحليلات والاقتراحات التالية من صديق وشخص ذو خبرة طويلة بأفغانستان وباكستان.
لقد رأيتُ في الأحداث الأخيرة فرصة لتحقيق الأهداف الأمريكية، وفي نفس الوقت تجنب بعض الأفعال التي من شأنها إخراج خطط فترتك الرئاسية عن مسارها، تمامًا كما دمرت حرب فيتنام فترة ليندون جونسون الرئاسية.
وفقًا للتقارير الإخبارية، أخبروك أن أمريكا تستطيع الانتصار في حربها مع طالبان باستخدام قوة عسكرية ضخمة. وكما فعل جنرالات الرئيس جونسون (في الماضي) يطلب جنرالاتك (اليوم) المزيد من القوات. أخبروك أيضًا أن بإمكاننا مضاعفة قوتنا عن طريق تكتيكات مكافحة التمرد. وبما أنني قمتُ بدراسة موسعة (موجودة بين طيات كتابي "سياسة عنيفة") تناوَلَت العشرات من عمليات التمرد بدءًا بالثورة الأمريكية وحتى أفغانستان، حارب فيها البريطانيون والفرنسيون والألمان والروس، في أمريكا وأوروبا وأفريقيا وآسيا، (بما أنني سبرتُ هذه الأغوار) أشك في جودة النصيحة التي قُدِّمت إليكَ. حينما كنتُ في الحكومة، أخبرونا أن بإمكاننا تحقيق النصر في فيتنام بنفس هذه التركيبة المكوِّنة من الجنود و(تكتيكات) مكافحة التمرد التي نصحك بها مستشاروك في أفغانستان. لكن محررو أوراق البنتاجون استنتجوا أن " الفشل الذريع كان مصير السعي لتحويل نظرية مكافحة التمرد الجديدة إلى واقع تنفيذي... (من خلال) مزيج من الإجراءات العسكرية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية ... المتسمة بالانسجام في النتائج كما في التقنيات".
في الواقع ما أوقف التمرد هو انسحاب الغرباء، كما حدث في فيتنام. بعض الغرباء غادروا مهزومين، لكن البعض الآخر غادر بطرق ساهمت في تحقيق أهم أهدافهم. وأعتقد أن لديك الفرصة لتحقيق أهداف أمريكا الهامة في أفغانستان.

مفاجأة قمرية


فرانت لاين، 1 – 23 أكتوبر 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


بعد 4 عقود من الشك، كشفت ثلاث دراسات نُشِرت في الولايات المتحدة عن وجود جزيئات من المياه على سطح القمر، مما يناقض النتائج العلمية السابقة التي أشارت إلى أن سطح القمر جاف باستثناء احتمال وجود جليد في قطبيه.
مجلة فرانت لاين الهندية، سلَّطت الضوء على هذا الاكتشاف العلمي الهام، باعتباره إنجازًا قوميًا لبلادها، متفاخرة بمشاركة منظمة الأبحاث الفضائية الهندية في التوصل إليه.

سطح القمر جاف وقاحل وخالٍ من الماء.. هذه هي الرسالة التي تلقاها العالم إثر دراسات مكثفة أُجرِيت على العينات التي جلبتها مهمتي "أبولو" الأمريكية و"لونا" السوفياتية في أوائل السبعينيات من القمر.
لكن معطياتٍ جديدة وفَّرَها جهاز "إم 3"، التابع لـ"ناسا" -والمحمول على متن "تشاندرايان-1"- أول مركبة فضائية هندية تتجه إلى القمر- قلبت هذه النتائج رأسًا على عقب. حيث نقل الجهاز نتائج تشير إلى وجود جزيئات من الماء وجزيء قريب الشبه يدعي هيدروكسيل على سطح القمر.
في الواقع لم تكن النتائج التي توصلت إليها مهمتي "أبولو" الأمريكية و"لونا" السوفياتية صريحة في تأكيد جفاف سطح القمر؛ لأن آثار المياه والمعادن الحاملة لجزيئات مائية وُجِدت في بعض العينات القمرية التي جلبتها "أبولو". لكن لأن جزئيات المياه لم تُكتشف في معظم إجمالي العينات، تم افتراض أن القياسات الدالة على وجود المياه على سطح القمر كانت خاطئة.
إذن، هل وجدنا الماء على سطح القمر؟ لا ليس بعد. ولنتحدث بصورة علمية أكثر دقة نقول: "لم نعثر على الماء، لا بصورته السائلة أو الصلبة (على شكل ثلوج). لذا من الخطأ أن نقول في هذه المرحلة إننا عثرنا على المياه. ما اكتشفناه هو وجود جزيئات من المياه (على سطح القمر) بمقادير ضئيلة. لكن مع وجود هذه الجزئيات، فإن إمكانية العثور على المياه بصورتها الطبيعية تبقى موجودة.

الحرب المجهولة


ريزون، أكتوبر 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


مثَّلت هزيمة الشيوعية منذ 20 عامًا أعظم لحظات التحرر في التاريخ. ورغم ذلك يبقى الحديث عن هذه المناسبة خافتًا، لماذا؟ تساؤل طرحته مجلة "ريزون" البريطانية على لسان رئيس تحريرها المشارك، والكاتب الأمريكي "مات ويلش".
ليست العبرة المرجوة من كلام "ويلش" مقصورة على الستار الحديدي وانهيار جدار برلين، قبل عقدين من الزمان، لكنها تمتد لتشمل كل الأمور الهامة التي لم تعد تحظى بالاهتمام المناسب في حياتنا.

في 23 أغسطس عام 1989، توقف المسئولون في "الحزب الشيوعي المجريّ" عن حراسة الحدود العسكرية بين بلادهم والنمسا، (واتخذوا قرار تفكيك الأسلاك الشائكة التي أُقيمت في العام 1996 لأسباب أيديولوجية ومالية)، على إثر ذلك اقتحم قرابة 13 ألفًا من ألمانيا الشرقية- معظمهم كان يقضي عطلته على ضفاف بحيرة "بالاتون"- الحدود صوبَ العالم الحرّ. فكان أكبر اختراق للستار الحديدي في التاريخ، تبعته سلسلة من الأحداث الهامة انتهت بعد 11 أسبوعًا بتحطيم جدار برلين.
بعدها بعشرين عامًا، تناولت 4 صحف أمريكية فقط هذا العبور التاريخي. في حين حظيت ذكريات شهر أغسطس (الأخرى) بتغطية إعلامية أكبر، من بينها ذكرى مرور 400 عام على بناء جاليليو لأول تلسكوب، وذكرى مرور 150 عامًا على اكتشاف أول بئر بترول، وحتى ذكرى مرور 25 عامًا على ظهور سلاحف النينجا على شاشات السينما. ومثله ظهور النتائج التي تشير إلى مهرجان "وودستوك" الموسيقي، قبل تلك التي تشير إلى "المجر"، في نتائج البحث على محرك جوجل عن كلمات "ذكرى سنوية" و "حرية" في يوم 23 من أغسطس 2009.
كان نوفمبر من العام 1989 أكثر الشهور تحررًا في أكثر السنوات تحررًا في تاريخ البشرية، ومع ذلك، بعد عقدين بدت الدولة التي قادت ائتلاف الحرب الباردة ضد الشيوعية أقل اهتمامًا من أي وقت مضى بإحياء ذكرى سقوط عدوها الأزلي.
لابد وأن تعتاد على ذلك، إذا لم تكن قد اعتدتَ بالفعل.

وزارة الأموات الأحياء


نيوستيتسمان، 15 أكتوبر 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


هل شعر أحدكم يومًا ببعض العاطفة تجاه حكومة يقودها "توني بلير"؟ تساؤل استنكاريّ طرحته مجلة نيوستيتسمان، في معرض حديثها عن انهيار حزب العمل البريطاني. ذلك الانهيار الذي يُحمِّل الكثيرون رئيس الوزراء الحالي جوردون براون وزره، فيما ترى المجلة أن رئيس الوزراء السابق توني بلير هو الأحق بحمل هذه الأوزار.

خلال الانتخابات التي أُجرِيت على مدار القرن الفائت في المملكة المتحدة، ربما كان يُسوَّغ لحزب العمل البريطاني أن يصرخ قائلا: "لقد خُدِعنا" أو "لقد غُدِر بنا". لكن جُعبَة الحزب أصبحت خالية اليوم من هذه الأعذار، وبات الحزب هذه المرة يحتضر بما كسبت أيدي أعضائه.
إذا كان هناك موضوع مركزيّ لتاريخ السياسة البريطانية خلال النصف الأول من القرن العشرين، فسيكون صعود حزب العمال، ويبدوا أن الموضوع المركزي للسياسة البريطانية خلال النصف الثاني من هذا القرن سيكون تراجع الحزب تمهيدًا لسقوطه.
لقد تحوَّل ماضي الحزب إلى "إرث من رماد"؛ فالحكومة اليوم تحكم البلاد بلا سلطة أو نفوذ، إنها أشبه ماتكون بوزارة من "الأموات الأحياء". ومعظم اللوم في ذلك يُلقى على كاهل "جوردون براون". كثيرون ممن وصفوه يومًا بـ"البطل" و"المُنقِذ"، انقلبوا ضده بوحشية. صحيحٌ أنه أفسد الأمور مرة تلو الأخرى، بدءًا من تدخله لتأميم بنك الائتمان العقاري "نورثرن روك"، مرورًا بالانتخابات التي لم تكن، انتهاءً بـ "لوكربي".
كل ذلك يجعل سلف براون يبدوا وكأنه أفضل بكثير. لكن هل يصلح "توني بلير"، أن يكون هذا الرجل، وهو ذلك الرجل الذي جرَّد حزبه من قوته، وسدد إليه ضربة ربما لن يتعافى منها أبدًا؟ يحلوا لـ "بلير" أن يقول: "التاريخ هو الذي سيحكم عليَّ". ربما يحكم التاريخ عليه باعتباره الرجل الذي دمَّر حزب العمل البريطاني.
في الماضي كان يجد حزب العمل الأعذار التي يُعَلِّق عليها فشله، لكنه هذه المرة يحتضر بما كسبت أيدي أعضائه.

Thursday, October 15, 2009

نافذة على حرب أفغانستان


تايم، 12 أكتوبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي
بعد مرور قرابة مائة شهر على تواجد قوات الاحتلال في أفغانستان، قُتِل خلالها من المدنيين الأفغان ما لا يمكن إحصاؤه من البشر، ما تزال الحرب هناك وكأنها بدأت للتو.
مجلة تايم الأمريكية أتاحت من خلال موضوع غلافها الأخير إطلالة على هذا المشهد الأفغاني، وسط جدل سياسي وشعبي متصاعد في كل من كابول وواشنطن، تسابقه أعمال عنف غير مسبوقة، تحصد يوميا أرواح المزيد من المدنيين الأفغان، وتكبّد القوات الأجنبية خسائر قياسية.

تواجه الحرب في أفغانستان الآن مفرق طرق. فقريبًا سيقرر الرئيس أوباما ما إذا كان سيرسل المزيد من القوات الأمريكية إلى ميدان صراع أصبح بالفعل على حافة أن يكون أطول عمل مسلح في تاريخ أمريكا. مرَّ أكثر من ثماني سنوات على بدء الحرب، شهد معظمها صراعًا على هامش إدراكنا. في البدء جعل سقوط طالبان السريع أفغانستان تبدوا كمشكلة تم حل الجزء الأكبر منها. ثم لفت الصراع الموسع لحرب العراق الأنظار إلى هذا الاتجاه. لكن المشكلة لم تكن قد حُلَّلت بعد، فتمرد طالبان عاد إلى الحياة، وتحولت أفغانستان الآن إلى لغز عسكري وسياسي: هل تقتضي مصالحنا القومية مضاعفة عدد جنودنا، أم أن هذا الصراع مستحيل لدرجة أن لن يفضي إلا إلى الحزن؟
في النهاية ينبغي أن نعقد نقاشات مطولة لنرسم خطتنا في أفغانستان. لكن في هذه النقاشات سيكون للصور مكانها. لأنها تدلي بنوع خاص من المعلومات: تنقل أخبارًا حول شكل المكان والمشاعر التي تحيط به، والضوء والغبار وحتى الطقس. هذه الصور تنقل أيضا المناخ الانفعالي، مثل صعوبة التعرف على العدو في مكان يتعذر فيه التمييز بين المتمردين والسكان المحليين.

الهروب بالجريمة

فرانت لاين، 20 سبتمبر – 26 أكتوبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي

مجلة فرانت لاين سلطت الضوء على إحدى الجرائم التي ارتُكِبت عام 2004 في الهند حينما أطلقت شرطة ولاية جوجارات سيئة السمعة نيرانها على الطالبة الجامعية "إشرات جاهان" البالغة من العمر 19 عاما، فأردتها قتيلة مع ثلاثة من زملائها المسلمين في منتصف النهار بمدينة أحمد آباد، بزعم علاقتهم بإحدى الجماعات الإرهابية.

الصراع بين الحريات المدنية واتباع استراتيجية فعالة لمكافحة الإرهاب لم يكن في يوم من الأيام سهلًا بل كان دومًا عصيًا على الحل. فالحكومة في إطار سعيها الحثيث لإحراز نقاط تقدم على جبهة مكافحة الإرهاب تقوم بانتهاكات عديدة للحريات الشخصية.
في السابع من سبتمبر الماضي أعلن القاضي "تامانج" بمدينة "أحمد آباد" نتائج التحقيق الذي ترأسه حول مقتل الأشخاص الأربعة على أيدي شرطة ولاية جوجارات عام 2004. وقد وصف التقرير مزاعم الشرطة بالمزيفة.
وقد أدى هذا التقرير إلى لغطٍ كبير حول استخدام الدولة للقوة الغير مبررة ضد المشتبه فيهم في إطار جملتها لمكافحة الإرهاب. ورغم أن المحكمة العليا بولاية جوجارات أوقفت فيما بعد التقرير بحجة أن القاضي تامانج قد تعدى صلاحياته، فإن الأسئلة التي طرحها التقرير كانت محرجة للحكومة وللمجتمع المدني.

بعد مضي خمس سنوات على هذه المذبحة المؤسفة، كشف التحقيق القضائي الذي أشارت إليه المجلة أن مزاعم الشرطة مجرد زيف وتضليل، وأن جميع ضحايا الحادثة لقوا حتفهم دون أي ذنب ارتكبوه. وأن الجريمة كانت مدبرة ومخططا لها من قِبل شرطة جوجارات. وقد أثار هذا الكشف عاصفة قوية في أنحاء الهند، ومما أجج النيران أن تلك الحادثة وقعت في نفس الولاية التي لم تندمل فيها بعد جراح وآلام أعمال الشغب التي عمتها في عام 2002، وكان المسلمون هدفا رئيسيا لها.

في تقريره، قدم القاضي "تامانج" أسبابًا مفصلة، واستشهد بمبادئ الطب الشرعي، وأشار أيضًا إلى الأخطاء الواردة في رواية الشرطة، ليَخْلُصَ في النهاية إلى أن القصة برمتها كانت مُلَفقة. في هذه الحادثة قامت شرطة جوجارات باختطاف الشابة "إشرات جاهان" البالغة من العمر 19عامًا، ورئيسها في العمل، ونقلتهما من "مومباي" إلى "أحمد أباد" حيث أجهزت عليهما، فيما زعمت الشرطة أنها كانت مواجهة مع اثنين آخرين هما "أكبر علي" و"زيشان جوهر"، ادعت أنهما يحملان الجنسية الباكستانية، ويشتبه في علاقتهما بخطة كانت معدة لاغتيال الزعيم الهندوسي اليميني وكبير وزراء "جوجارات" "ناريندارا مودي".
ورغم أن رواية الشرطة عام 2004 كانت صعبة التصديق، فقد أمرت حكومة الولاية بإجراء تحقيق تسلطي، لم ينتهِ إلا بعد خمس سنوات وتحديدًا في أغسطس الماضي. ومن الجدير بالذكر أن تقرير القاضي "تامانج" جاء مطابقًا لعريضة الاستماع التي قدمتها والدة الراحلة "إشرات" لنقل القضية إلى مكتب التحقيق المركزي. لكن المحكمة العليا لم تشكل فريق التحقيق الخاص الذي يضم مسئولين كبار من شرطة جوجارات ممن حازوا على ثقة والدة "إشرات"، سوى في الـ 13 من أغسطس.

ساركوزي وعقدة أوباما


نيوزويك، 6-12 أكتوبر 2009
ساركوزي يغار من أوباما، ورغم تلاقى أهداف الرئيسين، فإن أسلوبَي عملهما يمكن أن يصطدما.
مالذي جعل مجلة نيوزيوك الأمريكية تقول ذلك رغم أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وقف في مواجهة إيران كتفا بكتف إلى جانب الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في بتسبيرغ الأسبوع الماضي؟.
ترى المجلة: إنه في حين بدا عرض التضامن المسرحي بين الرؤساء الثلاثة يحمل الكثير من الانسجام، إلا أن لغة الجسد حملت رسالة مختلفة؛ فقد كان أوباما وبراون واقفين حقا جنبا إلى جنب، أما ساركوزي فقد كان يقف بعيدا عنهما، وبدا عليه وكأنه طُلِب منه أن يكون الرجل الأفضل في حفل عُرْس رجلٍ غريب.
في دخيلة نفسه ربما اعتقد ساركوزي أن ذلك العرض كان يجب أن يكون عرضه ، أو عرضه مع أوباما فقط على الأقل. منبر مجموعة الـ20 هو منبرٌ دفع ساركوزي العام الماضي لإنشائه. كما أن حكومة ساركوزي تصدرت مواجهة إيران بصدد نواياها النووية.وساركوزي يريد أن يقود: فقد أوضح العام الماضي أنه لم يرد الترجل عن سدة الرئاسة الأوروبية حين انتهى عهد الأشهر الستة التي كان فيها في ذلك المنصب. وساركوزي يريد أن يتصرف: فقد أظهر ذلك في أماكن بعيدة مثل خليج عدن، حيث كان الجنود الفرنسيون هم أول من توقفوا عن دفع المال للقراصنة الصوماليين وبدأوا بإطلاق النار عليهم.
منذ أن أصبح ساركوزي رئيسا في صيف 2007، أي قبل سنة ونصف السنة من حلف أوباما اليمين الرئاسية، فإنه كان متقدما على موقف الولايات المتحدة في قضايا عدة تتراوح بين القراصنة الصوماليين وإيران ومجموعة الـ20، إلى قضية تعويض أصحاب السيارات القديمة المفرطة في استهلاك الوقود لمساعدتهم على شراء سيارات أحدث وأكثر ترشيدا في استعمال الوقود وقضية الضريبة على انبعاثات الكربون و"أفغنة" حرب أفغانستان والتعايش مع عدوانية روسيا وفتح الباب للسلام مع سوريا. أسلوبه يتمثل في أن يكون في كل مكان في الحال وفي الأوقات جميعها ـ فهو الرئيس الزائد النشاط كما تصفه الصحافة الفرنسية ـ وفي هذا أيضا يبدو أوباما وكأنه يتبع خطاه.
لكنه ليس كذلك في الواقع. بل حقيقة الأمر أن العلاقات بين الرجلين لم تكن مثالية بأي معيار كما لم تكن فعالة دائما. ومن غير الواضح أحيانا ما إذا كان أوباما يلاحظ نظيره المفرط النشاط. وهو ما يفسر هوس هذا الرجل الباريسي بأوباما.
المشكلة- كما تراها المجلة- أن كلا منهما يتوقع أن يكون في موقع القيادة في أي مبادرة: أوباما لأنه رئيس الولايات المتحدة وساركوزي لأنه طموح جدا، والفرنسيون طموحون جدا بالنسبة إلى رئيسهم أيضا.شخصيتا الرئيسين المختلفتان جدا يمكنهما أن تصطدما: أوباما المبتسم دائما إنما النائي بنفسه بعيدا، يعامل ساركوزي على أنه واحد من كثيرين لا يساوونه في الأهمية في أوروبا، فيما ساركوزي، الذي يربت على كتف من يلتقيهم دائما، يحب وصف الرئيس الأمريكي بأنه "صديقه الحميم"، مع أنه لم يتمكن من حمل أوباما على مبادلته ذلك القول.

إن عقدة ساركوزي من أوباما باتت الآن موضع تكهن دائم في وسائل الإعلام في فرنسا، ويمكن أن تصبح مشكلة حقيقية إن لم تقم إدارة أوباما بمجهود أكبر لفهمها. فهذه ليست قضية سياسات وشخصيات، بل هي قضية سياسية داخلية. ففي الضواحي الفرنسية المضطربة، أصبح الكثير من الشبان المتحدرين من أصول عربية وأفريقية ممن كانوا يرتدون القمصان التي تحمل صورة تشي جيفارا يرتدون الآن القمصان التي تحمل صورة أوباما. وقد أظهر استطلاع أُجري على ضفتي المحيط الأطلسي أخيرا أن أوباما يتمتع بنسبة تأييد استثنائية بلغت 88 بالمائة في فرنسا، فيما يحظى ساركوزي عادة بأقل من 50 بالمائة. وكما حذر بعض الصحافيين الفرنسيين السفير الأمريكي الجديد أخيرا في اجتماع خاص، فإذا خشي ساركوزي يوما من أن يحاول الرئيس الأمريكي تجاوزه ومخاطبة الشعب الفرنسي مباشرة بصدد قضايا مهمة، فإن صداقة ساركوزي النـزقة قد تتحول إلى عداوة مريرة.وفي حين أن أوباما يريد المزيد من حلفائه، فإن ساركوزي الذي يشعر بالمرارة وبأنه لم يحصل على التقدير الكافي قد يُغرَى بأن لا يتعاون مع الرئيس الأمريكي.مثل هذه الخلافات قد يكون من السهل التغلب عليها لو كان الزعيمان يتشاطران الثقة الكاملة التي يصفها الفرنسيون بالتضامن الكامل. ولكنهما لا يفعلان ذلك. الرئيس الأمريكي هو زعيم شديد المراس متخرج من مدرسة شيكاغو، ولكنه ليس متشددا بما يكفي بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي.
يا للخسارة إذن، الرجلين ليسا أقرب إلى أحدهما الآخر مما هو الواقع. لأنه الشراكة حين تنجح بينهما، فإنها تعود بنتائج بارزة.

عزيزي السيد بوش


ذي أتلانتيك، أكتوبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي
يريد الأمريكيون أن يتخطوا النقاش الدائر حول التعذيب في العراق وأفغانستان، وأن يغلقوا هذا الفصل المأساوي من تاريخهم، لأنه ببساطة عارٌ يلاحقهم. إلا أن بعض الكتاب الأمريكيين لا يزالون يبررون فعال بوش، ويدافعون عن تأييدهم له.
من هؤلاء "أندرو سوليفان" المقرب للمحافظين الجدد وصاحب الميول اليمينية، فقد وجه رسالة عبر مجلة ذي أتلانتيك، للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش المسئول عن كل هذا اللغط، ابتدأها بمدحه، لكنه لم يجد بدًا من الاعتراف بالمصائب المتوالية التي جرها بوش على شعبه والعالم أجمع. وإن بدا انتقاده مغلفًا بتأييدٍ أيضًا!

لم نلتق أبدًا من قبل، وآمل ألا تؤاخذني على الطابع الشخطي لهذا الخطاب. أعتقد أن بإمكاني البدء بالقول إنني ساندتُ حملتك الانتخابية عام 2000، كما فعلتُ مع والدك من قبل عام 1988، وأثنيتُ على جهودك الأولى في شن حرب ضد الإرهاب بُعَيْد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ولا أزال حتى الآن فخورًا بتأييدك.
لكنني، كمعظم المدافعين عن حرب العراق، أُصِبتُ بالفزع لما رأيته من أخطاء متلاحقة: الفشل في القبض على أسامة بن لادن في تورا بورا، والإخفاق الاستخباراتي التام في ملف أسلحة الدمار الشامل الذي لم يكن له وجود عند صدام، والفشل في الاستعداد للتمرد في العراق، والتفكيك الطائش للجيش العراقي، والتباطؤ المؤلم في التكيف مع الأوضاع المتزايدة سوءًا هناك ما بين عامي 2004 و 2006، والتهاون في أفغانستان.

باراك دبليو بوش


نيو ستيتسمان، 8 أكتوبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي
بشعرٍ ناعم وبشرة بيضاء رسمت مجلة نيوستيتسمان صورة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأطلقت عليه اسم (باراك دبليو بوش)، وذلك في موضوع غلافها الأخير الذي عنونته بـ (التغيير الذي لا يمكننا الإيمان به)، في إشارة إلى أن الرجل لم يختلف كثيرًا عن سلفه الجمهوري جورج بوش الابن.
فبعدما وعد باراك أوباما بعهدٍ جديد يختلف جذريا عن عهد بوش، بدا وكأنه ارتدى نفس الحذاء الذي كان يرتديه سلفه. ومع اقتراب الذكرى الأولى لدخول أول رجل أسود إلى البيت الأبيض، أجرت المجلة هذا التحقيق لتستكشف ما جرى.

في إحدى ليالي فبراير الباردة، وقبل أقل من 3 أسابيع من اقتناص أوباما للقب الرئيس الـ 44 للولايات المتحدة الأمريكية، وقف محامٍ من وزارة العدل في قاعة محكمة سان فرانسيسكو ليدافع عن اتهامات التعذيب الموجهة للحكومة. وكان 5 معتقلين، من بينهم المواطن الإثيوبي المقيم في بريطانيا "بنيام محمد" قد تقدموا بدعوى قضائية ضد شركة "جيبيسين داتابلان"، وهي فرع لشركة طيران بوينج الأمريكية العملاقة، بسبب تورطها في برنامج "التسليم الاستثنائي"، الذي جرى بموجبه نقل مشتبه بهم إلى دولة ثالثة لاحتجازهم واستجوابهم و تعذيبهم، بحسب الادعاء.
خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2008 كرّر أوباما انتقاده معاملة إدارة بوش للمعتقلين، وسياسة الاحتجاز التي تنتهجها، والتترس بامتياز "أسرار الدولة" لمنع وصول المعلومات السرية إلى ساحة المحكمة. وفي إحدى مقالاته التي نشرتها مجلة الشئون الدولية عام 2007 قال إن بناء عالم أفضل يتمتع بحرية أكثر، معناه إنهاء سياسة شحن السجناء تحت جنح الليل ليُعذَّبوا في دول بعيدة، ووقف احتجاز الآلاف دون تهمة أو محاكمة، والتخلص من شبكة السجون السرية المخصصة لإبقاء بعض المعتقلين بعيدًا عن أيدي القانون.
لكن في شهر فبراير، استخدم محامي الحكومة، دوجلاس ليتر، نفس حجة "أسرار الدولة" ليفكك القضية، كما فعلت إدارة بوش في الشهور السابقة. مشيرًا إلى علاقة مسئولي الإدارة الجديدة بالأمر.
وكما أشار الليبرالي البارز والمحامي "جلين جرينوولد" في حينها، فقد كان ذلك "الاختبار الحقيقي الأول لتعهدات أوباما المتعقلة بالانتهاكات التي استمرت طيلة 8 سنوات. لكن أوباما فشل في الاختبار، ولم يكن هذا المقام هو الوحيد، بل فعل ذلك في العديد من القضايا المشابهة التي وصلت إلى قاعة المحكمة.
"لقد ارتدى أوباما حذا ء بوش- على حد قول المحامي "جون إيزينبرج"- واستمر في التأكيد على امتياز "أسرار الدولة" لمقاومة القضايا المُعلقة منذ حقبة بوش، في محاولة لمنع السلطة القضائية من البتّ في شرعية برنامج التنصت على المكالمات الغير قانوني.
أهذا هو التغيير الذي يمكننا الإيمان به؟! لا أعتقد ذلك.

Thursday, October 8, 2009

عقل طالبان


نيوزويك، 6 أكتوبر 2009


خلال الحروب وبعدها، نادرا ما يُسمَع صوت الحقيقة الكاملة. البروباجاندا كثيرة، وكذلك التبجح والتفاخر، وغالبا ما تُدفَن مخاوف المقاتلين العاديين وطموحاتهم تحت الإحصاءات والنظريات التي تُقدَّم عن بعد آلاف الأميال.
بعد ثماني سنوات طويلة من الحرب على أفغانستان، جمعت مجلة نيوزويك الأمريكية بعض الشهادات الشفوية اللافتة لعناصر من حركة طالبان. صحيحٌ أنه يستحيل التأكد من صدق ما يقولون، إلا أن رواياتهم تتيح فرصة نادرة لفهم الكيفية التي يرون بها هذه الحرب، الأهم من ذلك أنها تعكس عمق المستنقع الذي تغرق فيه قوات الاحتلال هناك.

باري خان، يبلغ من العمر27 عاما، وهو ابن إمام توفي جراء إصابته بنوبة قلبية عقب انهيار طالبان، يقود الآن وحدة من نحو 15 مقاتلا في إقليم غازني، يقول: اكتشفنا أن الأمريكيين يعثرون علينا عن طريق تعقب اتصالاتنا عبر الهواتف الخلوية، ومن خلال اتصالات من جواسيس يخبرونهم عن أماكن وجودنا. لذلك أرغمنا شركات الخلوي على وقف الإرسال وقفا تاما بين السادسة مساء والسابعة صباحا. لا نزال قلقين من المروحيات والمقاتلات، لكن الغارات الليلية الأمريكية انحسرت. أظن أنهم لم يعودوا يملكون المعلومات الاستخباراتية التي كانوا يحصلون عليها من قبل. لقد تضاءل عدد الأشخاص المستعدين للتعاون معهم وخيانتنا.من جهة أخرى، يراقب رجالنا القواعد الأمريكية على مدار الساعة. يطلعوننا على التحركات الأمريكية. كنا نهاجم الأمريكيين بقنابل موضوعة عند قارعة الطريق ثم نختفي. أما الآن فعندما نفجر عبوة ناسفة محلية، نتبعها بإطلاق النار من رشاش كلاشينكوف ومن قاذفة آر بي جي. أصبحت لدينا عبوات ناسفة محلية الصنع أكثر زرعا للدمار، ولا سيما متفجرات نترات الأمونيوم التي نمزجها مع كسر الألومنيوم. تصلنا هذه الأسمدة والمتفجرات والفتيلات وأدوات التفجير وأجهزة التحكم عن بعد بانتظام. هناك شحنة كبيرة في طريقها إلينا الآن. أظن أننا أصبحنا أفضل من العرب الذين تعلمنا على أيديهم، في صنع العبوات الناسفة محلية الصنع.يتحدث الأمريكيون عن إقناع عناصر طالبان بالتخلي عن الجهاد مقابل دولاراتهم. هذه سخافة. كنت خاطبا وأنوي الزواج قبل عام، لكنني لا أملك مبلغ الـ1.500 دولار الذي يجب أن أدفعه مهرا لوالد العروس، كما أنني لا أملك 500 دولار لإقامة حفل زفاف. لو كنت أملك المال، لما أرجأت زواجي. من سيتزوجني؟ سوف تفاجأون. لا يخشى الناس هنا أن يزوجوا بناتهم أو شقيقاتهم لعناصر من حركة طالبان قد يلقون حتفهم في غضون أسبوع من الزفاف. إنهم سعداء بأن يكونوا جزءا من الجهاد.ليس سهلا أن يكون المرء عضوا في طالبان. هذا أشبه بارتداء سترة حريق. عليك أن تترك عائلتك وتعيش مع فكرة أنه يمكن أن تُقتَل في أي لحظة. يمكن أن يقبض عليك الأمريكيون ويضعوك في أقفاص للكلاب في باغرام أو غوانتانامو. ولا يمكنك توقع الحصول على علاج طبي سريع إذا تعرضت للإصابة. كما أنك لا تملك مالا. لكن عندما أخبر المجندين الجدد عما ينتظرهم، فإنهم يرتدون سترة الحريق هذه بكل طيب خاطر. يعزز هذا كله ثقتي بأننا لن نخسر هذه الحرب أبدًا.
ويقول "قاري يونس" البالغ من العمر 27 عاما، ويدبر الآن شحنات أسلحة وأموالا ومعدات اتصال لمسلحي طالبان: قبل وقت غير بعيد، عندما تزوج أحد أشقائي الأصغر سنا، سألتني والدتي: "بني، متى ستتزوج؟" فأجبتها إنني سأتزوج في اليوم الذي أساعد فيه على عودة طالبان إلى كابول واستعادة الإمارة الإسلامية. قد يكون ذلك اليوم بعيدًا جدًا، لكنني أعرف أنه سيأتي.
ويفرق هؤلاء المقاتلون بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة، ويظهر هذا جليًا في تصريحات "مولاي محمد حقاني"، وهو نائب وزيرٍ سابق في حركة طالبان، حين يقول: جهادنا أكثر رسوخا وعمقا من القادة والمقاتلين الأفراد، ولا نعتمد على الأجانب أو على وكالة الاستخبارات الباكستانية أو على تنظيم القاعدة. شخصيا أظن أن كل الكلام عن قوة تنظيم القاعدة هو بروباجاندا أمريكية. فبحسب علمي، القاعدة ضعيفة، وعددهم ضئيل.
وتستمر المجلة في سرد شهادات أفراد طالبان، التي تؤدي كلها لنتيجة واحدة مفادها أنه كلما طال أمد هذه الحرب كلما أصبح انتصار قوات الاحتلال أكثر صعوبة.

مفتي مسيح الدين، يبلغ من العمر 31 عاما، يشرف الآن على نحو 200 مقاتل من حركة طالبان في إقليم نورستان. يقول : تعلمنا أن الأمريكيين ينصتون دائما لسماع أصغر صوت ممكن، لكننا تعلمنا كيف نحمي أنفسنا خلف الصخور والجبال، على الرغم من كل تكنولوجياتهم المتقدمة.
وفي الجنوب، تكيف المجاهدون مع حملة أوباما الصليبية الجديدة عبر القيام ببعض الانسحابات الصغيرة الاستراتيجية، والرد بواسطة العبوات الناسفة. لكننا نحن المجاهدين في كونار ونورستان محظوظون. هذه الجبال والغابات تحمينا. تشكل الأشجار والصخور ملاذا لنا في كل مكان. لا يستطيع الأمريكيون مضاهاتنا هنا.قبل عامين أو ثلاثة أعوام، كان الجنود الأمريكيون في المنطقة يتصرفون وكأنهم في عطلة. كانوا يلتقطون أشرطة فيديو ويصورون أنفسهم ويسيرون في الجبال للتسلية. كانوا يلعبون في العراء. لقد ولَّت تلك الأيام. وهم مرغمون الآن على إبقاء أصابعهم على الزناد على مدار الساعة.شاهدٌ آخر هو "الملا آغا محمد"، يبلغ من العمر45 عاما، يعمل الآن في تجنيد المسلحين وعضوًا في مجلس الحكم التابع لحركة طالبان في إقليم زابول، يقول: لا نقلق أبدا بشأن الوقت. سوف نقاتل حتى النصر مهما استغرق الأمر. تملك الولايات المتحدة الأسلحة، لكننا جاهزون لجهاد طويل لا يكلّ. لقد وُلِدنا هنا. وسوف نموت هنا. لن نذهب إلى أي مكان.ويقول "مولاي عبد الرحمن أخوندزاده "الذي كان قائدا لوحدة من 400 عنصر تابعة لحركة طالبان في شمال أفغانستان عند بدء حملة القصف الأمريكية، ويقود الآن 50 مسلحًا يعملون في ثلاثة أقاليم: أحيانا أفكر في أن ما حصل أشبه بالحلم. اعتقدت أن لحيتي ستصبح بيضاء قبل أن يتحقق ما أراه الآن، لكن لحيتي لاتزال سوداء، ونزداد قوة يوما بعد يوم.

قوة أموال الجوال


ذي إيكونوميست، 26 سبتمبر-2 أكتوبر 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


غيَّرت الهواتف النقَّالة شكل الحياة في الدول الفقيرة، فبعدما كان استخدام هذه التقنية مقتصرًا على طبقة الأغنياء، أصبح الآن في متناول الجميع حتى الفقراء
أسبوعية ذي إيكونوميست سلطت الضوء على الأموال التي تُنفَق على الجوَّال، موضحة كيف أنها أثرت على الاقتصاد كما أثرت الهواتف نفسها على البشر
عوَّضت هذه الهواتف عدم كفاءة البنى التحتية، كالطرق السيئة، وخدمة البريد البطيئة، وسمحت للمعلومات بالتنقل بحرية أكثر، وجعلت الأسواق أكثر فعالية وأطلقت رجال الأعمال من عقالهم.
كل هذا كان له تأثير مباشر على النمو الاقتصادي: كل 10 هواتف نقالة إضافية لكل مائة شخص في الدول النامية تعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي بـ 0,8%، وفقًا لتقديرات البنك الدولي. يوجد الآن 4 مليارات مستخدم للهاتف المحمول في العالم، ثلاثة أرباعهم من الدول النامية، (بحسب منظمة الاتصالات "انترناشيونال تليكوميونيكيشن يونيون" التابعة للأمم المتحدة). حتى في أفريقيا، يمتلك أربعة من كل عشرة أشخاص هاتفًا نقالا.ومع هذه الكثرة في الهواتف النقالة، تلوح في الأفق فرصة جديدة، حيث تنتقل الأموال بسرعة توازي سرعة إرسال رسالة نصية عبر الهاتف النقال.
في الدول النامية يذهب المستهلكون إلى المحلات الصغيرة لشحن رصيدهم. هذه الخدمة جعلت صغار التجار يتعاملون كما لو كانوا فروعًا لأحد البنوك. فبإمكانهم أخذ أموالك وتحويلها إلى رصيد في هاتفك، وبإمكانك أنت بعد ذلك تحويل أموال إلى مستخدم آخر عن طريق إرسال رسالة نصية.
ويمكن لانتشار أموال الهواتف النقالة في بلدان فقيرة أخرى، لا سيما في أفريقيا وآسيا، أن يكون له تأثير ضخم: فهذه طريقة أسرع وأكثر أمنًا لتحويل الأموال مقارنة بالبدائل الأخرى مثل تحويل الأموال البطئ والمكلف عن طريق البنوك ومكاتب البريد، أو حتى تسليم مظروف بالنقود لأحد سائقي الحافلات. وبدلا من إهدار يومٍ كامل في السفر بالحافلة إلى أقرب بنك، فإن متلقي الأموال في المناطق الريفية بإمكانهم قضاء مثل هذا الوقت في القيام بأعمال تدر عليهم فائدة أكثر.

مأساة ديترويت


تايم، 5 أكتوبر 2009

ترجمة: علاء البشبيشي
ديترويت هي أكبر مدن ولاية
ميشيغان الأمريكية، وهي معروفة بصناعة السيارات، لذلك تسمى "مدينة المحركات". تلك المدينة التي كانت منذ قريب ترفل في النعيم، أصبحت اليوم في قائمة "ساكني العناية المركزة
حول المأساة التي أصابت ديترويت، وانعكاسات ذلك على ماضي أمريكا ومستقبلها، ستكون هذه الوقفة مع مجلة تايم الأمريكي
إذا كانت ديترويت قد ضُرِبت بإعصار أو غرقت في فيضان كبير، لكنا عرفنا أكثر عنها. إذا كان الجفاف والإهمال قد تسببا في نشر حرائق الغابات في أنحاء المدينة، لكنا رأينا ذلك في أخبار المساء كل ليلة. إذا كانت الكوارث الطبيعية –الزلازل والأعاصير أو سمِّ ماشئت- قد دمرت المدينة، التي كانت يومًا رمز ازدهار الشعب الأمريكي، لكانت المدن الأخرى لاحظت ذلك
لكن ديترويت، التي كانت يومًا رابع أكبر مدننا، وأصبحت اليوم في المرتبة الحادية عشر، وما تزال في تراجع سريع، لم يحالفها مثل هذا التوفيق. فلديها نقص في التمويل يقدر بـ 300 مليون دولار تحتاجها لتجهيز أبسط الخدمات البلدية، ومعدلات الجريمة فيها تشهد طفرة غير مسبوقة، حتى أن 7 من كل عشر قضايا قتل تبقى مقيدة ضد مجهول
بعدما دمر الإعصار "كاترينا" "نيوأورليانز" بثلاث سنوات، وصلت معدلات البطالة إلى 11%. أما في ديترويت فمعدلات البطالة وصلت الآن- بدون أعاصير- إلى 28،9%.
إذا كنتَ مثلي، مواطنًا ترجع أصولك إلى ديترويت، وقد عدتَ لترى الفاجعة، فإن أول ما ستفعله بدون تفكير هو "البكاء". أما إذا كنتَ ماتزال تعيش هناك، فليست هذه هي الإجابة التي تنتظرها. فأصدقائي القدامي والمعارف الجدد والأناس الذين واجهوا الألم المبرح الذي حلَّ بالمدينة، قالوا لي: "نتمنى ألا يكون الأمر مجرد مقال آخر يتحدث عن الأشياء المريعة التي أصابت ديترويت

قصة ديترويت ليست مجرد حكاية عن انهيار مدينة عظمى، لكنها أيضًا حكاية تآكل الصناعات التي ساعدت في بناء المدينة التي نعرفها اليوم. مصير ديترويت الأخير سيكشف الكثير حول شخصية أمريكا في القرن الـ21. إذا انهارت تلك المدينة التي كانت يومًا أكثر المدن الصناعية ازدهارًا، فمالذي يعكسه ذلك عن ماضينا القريب؟ وإذا لم تتمكن من إيجاد طريقة للتعافي، فمالذي يقوله ذلك عن مستقبلنا؟.

وداع النفط الطويل

فورين بوليسي، سبتمبر- أكتوبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي

بين الفينة والأخرى يخرج المحللون ليبشروا بقرب نضوب النفط، وتمضي الأيام ولا يحدث شيء، لكنهم لا يملون من تكرار هذه النظريات، ربما بأثواب أخرى. تحت عنوان (وداع النفط الطويل) أعدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تقريرًا خاصًا حول التحديات التي تواجه مستقبل النفط، رغم اعترافها ببلوغ عطش العالم له حدًا غير مسبوق.

تتوقع إدارة الطاقة الأمريكية ووكالة الطاقة الدولية أن يرتفع استخدام العالم للطاقة بنسبة 50% في الفترة بين عامي 2006 و 2030، وأن يستمر النفط في توفير 30% أو أكثر من استهلاك العالم من الطاقة في عام 2030. لكن هل يحدث ذلك فعلا؟
بداية، يُعتَبر النفط صناعة عالمية ترجع بداياتها إلى عام 1861 حين أُرسِلت أول شحنة من الكيروسين من بنسلفانيا إلى بريطانيا. ولعقودٍ ظلت معظم الأسواق –وهي الحلقة الأهم- في أمريكا الشمالية وغرب أوروبا واليابان، حيث كان النمو أيضًا. وأثناء حرب الخليج الأولى في عام 1991 كانت اليابان ما تزال مصدرة للنفط. لكن النمو تحوَّل الآن إلى الصين والهند، وغيرهما من الأسواق الصاعدة، بالإضافة إلى منطقة الشرق الأوسط.
هناك العديد من الأسباب وراء الارتفاع الصاروخي للأسعار العام الماضي، تتراوح بين علم السياسة الطبيعية وضعف الدولار وتأثير الأسواق المالية والبورصة. لكن الشرارة الأولى كانت بسبب الارتفاع الكبير في الطلب نتيجة النمو الاقتصادي في الدول الصاعدة. هذا التغير ربما يكون أشد تأثيرًا مما يتخيل البعض: فقد شهدت الصين هذا العام إقبالا على شراء السيارات الجديدة يفوق ما شهدته أمريكا في نفس القطاع. وحينما يستعيد الاقتصاد عافيته مجددًا، سيؤدي التغير في معدلات الطلب على النفط في هذه الدول الصاعدة إلى نتائج حاسمة.
الأمور واضحة: المزيد من المستهلكين يعني المزيد من الطلب. لكن ماذا عن السياسة؟ توجد نبوءات حالكة، تغذي السيناريو الجديد حول التوتر العالمي.. منافسة، أو حتى صِدام، بين الصين والولايات المتحدة على مصادر النفط النادرة. ويؤيد هذا السيناريو نموذجًا تاريخيًا معروفًا هو الصراع بين بريطانيا وألمانيا "الصاعدة" والذي انتهى بكارثة في الحرب العالمية الأولى.
هذا السيناريو رغم إقناعه، لا يتوافق في الواقع مع الطريقة التي تعمل بها أسواق النفط العالمية. الصينيون قطعًا لاعبون جدد مستعدون وقادرون على دفع أعلى الأسعار للحصول على تأشيرة دخول إلى مصادر النفط الحالية والمستقبلية، وإقراض الدول المنتجة للنفط لضمان إمدادها بالنفط مستقبلا.