برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, September 19, 2008

أسئلة بلاغية


"مجلة "ذي أتلانتيك

ترجمة / علاء البشبيشي


من الذي سيربح في المعركة الانتخابية الأمريكية؟ وما هي أجندة كل من أوباما وماكين لرئاسة أمريكا؟ وهل تستطيع مهارات أوباما البلاغية رفعه لمنزلة لينكولن وريجان؟
أسئلة طرحتها مجلة "ذي أتلانتيك" في موضوع غلافها الذي كتبه "جيمس فالوز"، تحت عنوان: (أسئلة بلاغية).

لقد قمتُ مؤخرًا، بما لا يمكن لعاقل القيام به؛ تابعتُ المناظرات الانتخابية في سباق الرئاسة الأمريكية! ولقد أعطيت المزيد من الاهتمام للديمقراطيين، الذين سأسلط الضوء عليهم هنا؛ لأن نقاشاتهم في هذا الموسم تمخضت عن المزيد من الأخبار، وأثمرت مقتطفات تستحق المتابعة.

أعادت المجلة للأذهان الحرب المستعرة التي نشبت بين مرشحي الحزب الديمقراطي باراك أوباما، وهيلاري كلينتون.
ورغم أن البعض يعتبر ما دار بين أوباما وكلينتون قد أصبح جزءًا من الماضي، إلا أن المجلة تراه في غاية الأهمية، لرسم خارطة الطريق في المرحلة القادمة.

وبعيدا عن تأثير هذه المناظرات على نتائج منافسات الترشيح، نجد أنها قد أظهرت شيئا غير مسبوق هذه المرة؛ حيث كانت الحنكة التقليدية هي نقطة ضعف أوباما، أضف إلى ذلك أنه لم ينجح في إزاحة هيلاري من طريقه بالضربة القاضية بعد أي من هذه المناظرات.بل كان أوباما يأخذ وقته لتقليب الأمور على كل وجه، قبل أن يتخذ قراره الأخير، وهو أمر جيد، إلا إذا لعب الوقت لغير صالحك.

ما الذي يحتاجه أوباما ليحقق الإصلاح؟


"مجلة "ذا نيشن

ترجمة / علاء البشبيشي


(لا تنبهر بالأضواء، فلا يزال أمام أوباما الكثير كي يحوِّل ترشيحه إلى انتصار، في حملة بدأت ترتدي قناع القبح).. نصيحة قدّمتها مجلة ذا نيشَن لكل مراقبي التطورات على ساحة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في معرض حديثها عن المصاعب التي تواجه المرشح الأسود في بلد الحريات!

حتى إذا انتصر أوباما، فإنه سيرث أوضاعا مفجعة، خلفها فشل المحافظين، بدءا من اقتصاد غارق، واحتلال بلا مؤازر في العراق وأفغانستان، مرورا بتغير مناخي متسارع، ووصولا إلى نظام صحي متهالك، وغير ذلك كثير.
وفي ظل ذلك كله، لن ينجح أوباما إلا إذا أصبح أكثر وقاحة من سابقيه!

لقد سئمت أمريكا طريقة عيشها، وأصبحت تواقة للتغيير أكثر من أي وقت مضى؛ مما سهَّل من مهمة أوباما، رغم التحديات التي تواجهه.
وعلى الجانب الآخر يوجد جون ماكين، الذي أعلن عن تأييده لسياسات بوش، وحرب العراق، وتخفيض الضرائب على الأغنياء، والاستمرار في اضطهاد العمال، وتبني السياسات الفاشلة في الداخل والخارج.
في هذا الخضم من الأحداث، عرض أوباما فرصة للتغيير، لكن نجاحه يتطلب منه أن ينتصر على المخاوف العنصرية التي مزقت بلاده لسنوات.
جاء أوباما حاملا أجندة للإصلاح، تعهد من خلالها بإنهاء احتلال العراق، واستخدام الأموال التي تُبدد هناك لإعادة بناء أمريكا من الداخل، وتوفير الرعاية الصحية لجميع أبناء شعبه، ورفع الضرائب على الأغنياء، والسعي باتجاه استقلال الطاقة، واستحداث فرص عمل للشباب عن طريق الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وصيانتها، وتحسين أوضاع العمال.وبذلك يكون ترشيح أوباما قد دشن لمرحلة جديدة من الإصلاح.

انقضاض القوى العظمى


"مجلة "نيو ستيتس مان

ترجمة / علاء البشبيشي


ما الذي فعلته أمريكا وروسيا بجورجيا؟ وأيهما نصب الفخ للآخر، أهو بوتين وعصابته؟ أم ديك تشيني وصحبه الجدد؟
مجلة نيو ستيتس مان سلطت الضوء على هذه الحرب التي بدأت، ولا يدري أحد متى ستنتهي!

لقد كانت روسيا تستفز الحكومة الجورجية، طيلة سنوات؛ كي ترتكب هذا الخطأ الكبير.
وقد توهم ساكاشفيلي خطأً، -والصقور من حوله- أن لوبي واشنطن، والتسليح الإسرائيلي قادران على تعزيز قوة جورجيا العسكرية في مواجهة جارتها الشمالية، بل والتغلب عليها.
وقد ظهر هذا الوهم جليا في تصريحات وزير شؤون الاستيعاب، تيمور ياكوباشفيلي، بعد يوم واحد من اشتعال الحرب، حينما وجه الشكر لإسرائيل لمساعدتها في تدريب قوات بلاده، قائلا: "ينبغي لإسرائيل أن تفخر بجيشها الذي درب الجنود الجورجيين".
وقتها لم يكن الوزير قد فطن بعد لمجريات الأمور في ساحة المعركة، لذلك قال: إن مجموعة صغيرة من الجنود الجورجيين تمكنوا من دحر فرقة عسكرية روسية كاملة؛ وكل ذلك بفضل التدريب الإسرائيلي. وأضاف: "قتلنا 60 جنديا روسيا أمس فقط، وأفقدنا الروس ما يربو على 50 دبابة، وأسقطنا 11 من طائراتهم"!

لقد نسب اليهودي الصهيوني «تيمور ياكوباشفيلي» لإسرائيل معجزات لم تحدث، لكنه سرعان ما استيقظ على صرخات الهزيمة.
لقد تألمت جورجيا بحجم الوهم الذي كانت غارقة فيه. فيما تركتها أمريكا تحترق، دون أن تمد إليها يد المساعدة؛ وكان مثل العم سام كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك!
أما روسيا فكانت رابطة الجأش، تعرف طريقها جيدًا، بعد دراسة متأنية للأوضاع.

بالطبع كان الروس يعلمون بشأن الدرع الصاروخية، والمعدات العسكرية الإسرائيلية التي ابتاعتها جورجيا بعشرات الملايين من الدولارات.
وبحسب مصدر استخباراتي غربي، فقد وجه بوتين رسالة بسيطة عبر الهاتف للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، قبل أسبوع واحد من بدء الحرب، وكان مفادها: "اسحب مدربيك وأسلحتك، وإلا سنعزز تعاوننا مع سوريا وإيران".ولم يقع بيريز ضحية للوهم، كوزراء جورجيا، فسحب كل ما يخص إسرائيل من تبليسي خلال يومين.

الديمقراطيون


مجلة / تايم

ترجمة / علاء البشبيشي


لو لم يكن باراك أوباما قد اختار حياة السياسة، فربما كان بإمكانه أن يصبح معالجًا نفسيًا؛ لأنه مستمع جيد، ومحاور متمرس.
هكذا ترى مجلة تايم الأمريكية المرشح الديمقراطي باراك أوباما، الذي لم ينجح فقط في الفوز بترشيح حزبه للانتخابات الرئاسية، بل نجح أيضًا في اقتناص الاهتمام الإعلامي، حتى صار نجمًا.

بقصد أو بدون قصد، كان أوباما يتبع نهجا خاصا لسنوات. وفي هذا يقص البروفيسور "تشارلز أوجليتري"، إحدى المفارقات التي حدثت أيام كان أوباما يدرس الحقوق بجامعة هارفارد، في ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان الانقسام بين الطلاب شديدًا. وفي إحدى المناقشات الحامية، تدخل أوباما، ولخص رؤية كل طرف بمهارة شديدة، وبنهاية اللقاء كان الجميع يومئ برأسه، رضًا، ويقول: نعم، لقد وافق على وجهة نظري".
لكن لأي مدى كان أوباما يتشارك أيًا من تلك المشاعر مع هؤلاء؟ بالطبع لن يُظهر ذلك؛ فالطبيب لا يفضي بمشاعرهذلك لأحد!

أن تُرضي جميع الأطراف، فهذا أمر مستحيل، لذلك كان أوباما كثير الاستماع، طويل الصمت.
هذا الرجل الذي يستمع بإنصات، ويتكلم بحرفية، سلطت المجلة الضوء على شخصيته التي ربما يعتبرها البعض انطوائية، لكنه يراها مجرد انعكاس لطريقة نشأته.

أُطلق عليه (نافذة على النفسية الأمريكية)، وبإمكانك القول: إنه كالمرآة؛ فما تراه يتوقف على شخصيتك، وموقعك.
كانت فلسفة أوباما دوما، تتلخص في قوله: "مثلي كمثل شاشة بيضاء، يكتب عليها الناس من مختلف الأطياف السياسية رؤاهم الخاصة"، ورغم أن هذا التشبيه قد يعني أنه شخصية سلبية، لا تتفاعل مع محيطها، إلا أن هذه الصفة في الحقيقة ما هي إلا جزء من شخصيته.

روسيا تستعيد نشاطها




مجلة / ذي إيكونوميست
14 – 22 أغسطس 2008
ترجمة / علاء البشبيشي


" كانت حرب جورجيا انتصارًا لروسيا، وإحراجًا للغرب"، جملة لخصت بها أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية، نتائج تلك الحرب التي فاجأت العالم، وحققت لروسيا رغبة لطالما انتظرتها، وكشفت الانقسام الغربي، والضعف الأمريكي، وأوقعت مجلس الأمن الدولي في حرج.
في ليلة السابع من أغسطس الجاري، أصدر الرئيس الجورجي، ميخائيل ساكاشفيلي، قراره الطائش بضرب أوسيتيا الجنوبية، لكن روسيا لم تمهله طويلا، حتى انهمرت دباباتها وجنودها وطائراتها مقتحمة الحدود، وما هي إلا خمسة أيام حتى أعلنت روسيا إنهاء عملياتها العسكرية، بعدما سحقت القوات المسلحة الجورجية.
ولم يكن هذا التحرك الفعال والقاسي نصرًا لفلاديمير بوتين، رئيس الدولة الذي أصبح رئيس وزراء، على جورجيا وحدها، لكن على الغرب بصفة عامة.
يبدو أن هيبة أمريكا بدأت تخفت جذوتها، فيما نجح الدب الروسي في تلقين الجميع درسًا لن ينسوه، وإن طال الزمن.
لقد عبثت واشنطن طويلا مع موسكو، رغم أن الروس كانوا دائمًا ما ينصحون بأن المرء إذا قُدِّر له أن يكون في قفص واحد مع الدب، فالأولى له ألا يلاعبه!

لقد قامت روسيا بمحاولات روتينية من أجل تبرير هجومها؛ فقالت: إنها كانت تهدف لحماية المواطنين الروس المتواجدين في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وهو العذر الذي شبهه وزير الخارجية السويدي بما احتج به النازيون من قبل لتبرير اجتياحاتهم.وربما كان الجورجيون هم من أشعلوا فتيل هذه الحرب، لكن تخطيطها كان بأيدٍ روسية، كانت تنفث في رماد الصراع منذ عقود، حتى اشتعل نارًا.

التضخم


مجلة "نيوزويك"، 12 أغسطس

"نصف العالم يعاني تضخما يفوق الـ 10 بالمائة، فيما تتحول فترة الازدهار إلى انهيار" حول هذه الأزمة التي لا يُرى لها نهاية في الأفق، كتب رنا فروهار، في مجلة "نيوزويك".
للمرة الأولى منذ 35 عاما، يواجه العالم ازديادا خطيرا ومتزامنا في التضخم. فالترابط المتزايد بين التجارة العالمية والأسواق المالية التي مولت الازدهار يسرع الآن الجانب السيئ للعولمة بشكل أكبر من أي وقت مضى.
لعلكم شعرتم بالتأثيرات البغيضة في محطات الوقود والمطاعم، أو عند تسلمكم فاتورة التدفئة. لكن في مناطق واسعة من العالم النامي، بدأ التضخم المفرط يتسبب منذ الآن في الجوع وأعمال الشغب وعدم الاستقرار السياسي.
في روسيا، عاد المستهلكون لتخزين الأغذية، مثلما فعلوا أيام النقص المزمن في عهد السوفييت. إنهم يخزنون الآن كميات كافية من المواد الأساسية مثل الدقيق والزيت تكفيهم طوال أشهر، لأن تضخما بنسبة 15% قد يجعل سعرها يفوق قدرتهم الشرائية.
وتعاني الصين أزمة طاقة غير مسبوقة، فيما ترتفع أسعار الفحم، وقد أدت (تعريفة) الكهرباء المحددة من قبل الحكومة إلى إقفال المصانع الأصغر توليدا للطاقة.

يلخص هذا الوضع تقرير نشرته شركة "مورغان ستانلي" في أواخر يونيو جاء فيه: "فوجئنا أن 50 من البلدان الـ 190 في العالم الآن تعاني تضخما يفوق الـ 10 بالمائة"، بما فيها معظم الأسواق النامية. بعبارات أخرى، يمكننا القول: إن نحو نصف سكان العالم يعانون ارتفاعا في الأسعار يفوق الـ 10 بالمائة.

لقد بدأت شركات كثيرة في إعادة تقييم استراتيجيتها التجارية للتكيف مع البيئة التضخمية الجديدة. والكثير من شركات الطيران ومصنعي السيارات على شفير الانهيار.
ليس واضحا الكيفية التي سيؤثر بها التضخم على النمو العالمي، لكن تأثيره سيكون سيئا. وتشير الدراسات الأولية التي قام بها ستانلي فيشر وروبرت بارو إلى أن التأثير الحقيقي سيبدأ بعدما يرتفع مستوى التضخم إلى ما بين 5 و7 بالمائة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المعدل العالمي الآن هو 5.5 بالمائة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن النمو العالمي لهذا العام سيبلغ نحو 4 بالمائة، أي أقل بـ 1 بالمائة مما كان عليه العام الماضي، والسبب الأساسي يعود إلى تأثيرات التضخم.
كل هذا يظهر مدى تعقيد النظام الاقتصادي الجديد؛ فالطلب الذي أججته العولمة أدى إلى نشوء طبقة جديدة من الأثرياء في الأسواق النامية، وهي بدورها تسببت بحقبة جديدة من التضخم العالمي، علينا جميعا أن نتكيف معها. لن يكون الحل سهلا؛ فصعوبة الأحوال الاقتصادية في العالم تؤدي منذ الآن إلى ازدياد السياسات الحمائية والانعزالية.سيتعين على الاقتصادات النامية بالأخص أن تتخذ خيارات صعبة بين النمو والاستقرار، وتفصل سياساتها المالية عن الغرب، وتحد من الإعانات الضخمة التي تساعد شعبها على شراء الطعام والوقود، لكنها تحدث اضطرابات في الأسواق وتؤجج التضخم العالمي.

خط الحياة


مجلة "جفرنينج"، عدد أغسطس
ترجمة / علاء البشبيشي


رغم تقدمها الهائل، وثرائها المنقطع النظير، ما زالت الولايات المتحدة متخلفة كثيرًا عن الدول الصناعية الأخرى، بل وحتى عن بعض البلدان النامية، في مجال توفير الرعاية الصحية.
مجلة "جفرنينج" سلطت الضوء على هذا الملف، في ظل حقيقة مفادها أن "المستشفيات العامة، ورسالتها الطبية، في تدهور مستمر".
بالنسبة للبعض، تتلخص ذكرياتهم مع مستشفى باركلاند التذكاري في كونها مكانا للموت. فهي المستشفى التي فارق فيها جون كنيدي الحياة.
أما بالنسبة لأهالي مدينة دالاس، فتعتبر تلك المستشفى رمزا للحياة.
تستقبل وحدة الولادة فيها ما بين 45 إلى 50 حالة يوميا، بمعدل 1600 حالة سنويا. وربما تفوق تلك المعدلات مثيلاتها على مستوى الولايات الأمريكية كلها. لكن مستوى الخدمة فيها ليس مثاليا؛ فغرفها بلا نوافذ، ومساحة غرفها لا تتعدى مساحة الأسرة الموجودة داخلها.
في وقت سابق استخدم بوش الفيتو ضد تشريع يمنح نحو ثلاثة ملايين طفل ضمانا صحيا، من دونه يكونون بلا غطاء. وهو التصرف الذي وصف بأنه "فجيعة قاسية على الأطفال".
ربما فعل بوش ذلك لأن حربه على ما أسماه الإرهاب، أهم عنده من حياة أطفال شعبه.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه أمريكا بحروبها في الخارج، تنتظر مستشفى كليفلاند وغيرها، الكثير في طابور المعاناة التي لا تنتهي.
أخبر المهندسون مسئولي باركلاند بأن المستشفى تعمل بطاقة زائدة بنسبة 54% عن قدرتها الأصلية، في مجالي الجراحة والدواء. كما تعمل بنسبة 200% على الأقل كطاقة زائدة لتقديم خدمات للنساء والأطفال.
هذا الوضع جعل التجديد ليس خيارا، ودفع رئيس المستشفى إلى اقتراح أن تفعل مدينة دالاس ما لم تفعله حكومة محلية في التاريخ الحديث، وهو إمداد المستشفى بـ 862 سريرا، وتدشين مرفقات تصل تكلفتها إلى 1,2 مليار دولار.

انطلاقة الصين من أجل الحرية


مجلة "ذي إيكونوميست"، 2 – 9 أغسطس
ترجمة / علاء البشبيشي


"الرياضة على المستوى الدولي هي محاكاة للحرب"، مقولة للروائي البريطاني جورج أورويل، ربما توضح الدوافع وراء المحاولات المستميتة للعديد من الدول والجماعات بل ورجال الإعلام لمنع الصين من استضافة دورة الألعاب الأوليمبية هذا العام.
مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية إذ تفتخر بسبقها في معارضة تلك الاستضافة، تذكرنا بمقارنتها إياها – في مقال نشرته عام 2001 – بالألعاب الصيفية الأولمبية التي نظمها النازية في برلين عام 1936.

في ظل الجهود عديمة الجدوى، نجحت بكين في استضافة الأولمبيات، واحتفلت بمجيء عهد صارت فيه قوة اقتصادية عظمى في العالم.
وقد استند القائلون بوجود تأثيرات جيدة للأولمبيات على الصين إلى ثلاثة مزاعم، لم يصمد أي منها أمام النقد والتحليل، أولها: تأكيد المسئولين الصينيين على أن الدورة الأولمبية ستساهم في تحسين مستوى حقوق الإنسان في البلاد، لكن العكس كان صحيحا، فلم تجلب الأولمبيات غير المزيد من القمع للشعب الصيني، الذي أجبر الكثير من أبنائه على ترك بيوتهم ليحل محلها المنشآت التي تحتاجها الدورة.
ورغم تضاعف مساحة الحرية على المستويين الاقتصادي والشخصي، فقد قُيدت الحرية السياسية بصورة مخيبة للآمال منذ وصول هو جينتاو لسدة الحكم في عام 2003.
ثاني هذه المزاعم أن تلك الدورة ستكون أول أولمبية خضراء من شأنها تنظيف بكين وأجوارها.
لكن ذلك كان دائما زعما يثير الضحك؛ نظرًا لطريقة تطبيقه التي ستعتمد على تقليل إنتاج المصانع الملوِّثة، أو ببساطة إغلاقها، ومنع نصف سيارات بكين من النزول إلى الشارع.
أما الزعم الثالث فيتلخص في الاعتقاد المنقطع النظير في السيادة الصينية.
أضف لما سبق ذكره، اعتقاد البعض بأن الأولمبيات ستجعل السياسة الصينية الخارجية أكثر مرونة.
ربما لن تحقق تلك الألعاب الكثير للصين، لكنها قطعا تمثل نجاحا كبيرا لتلك البلاد بعد نضال طويل خاضته الشعلة الأولمبية حول العالم.
ويبدو أنه لم يعد هناك ما يمكن فعله في هذه المرحلة المتأخرة إلا التسبب في إحساس غير مريح للمشاهد الذي سيفتح التلفاز قريبا لمشاهدة الألعاب الأولمبية.
يتفق العالم أو يختلف مع السياسة الصينية الداخلية، إلا أن ذلك لن يغير شيئا من الواقع القائل: لقد بدأت الأولمبيات بالفعل، ولا عزاء للمعترضين.
ما زال قادة الصين متمسكين بمبدأ عدم التدخل في شئون بلادهم الداخلية. وحتى الآن ما زالت غالبية الشعب الصيني تساند حكومتها، طالما أن بلادهم هي المستهدفة في هذا الصراع. لذلك دعم الشعب الصيني الأعمال التحضيرية لدورة بكين الأولمبية، واشترك فيها بحماسة، الأمر الذي يعتبر أحد عوامل نجاحها.
أما الحزب الشيوعي فيستمد قوته وشرعيته من إحكام قبضته السياسية في البلاد، ويستند إلى نموها الاقتصادي.

هل يستطيع باولسون إنقاذ الاقتصاد؟


مجلة "ذا تايم"، 11 أغسطس
ترجمة / علاء البشبيشي


المهمة الأولى التي تواجه الولايات المتحدة الآن، هي إنقاذ اقتصادها من الغرق، فهل يستطيع وزير المالية الأمريكي هنري باولسون القيام بهذه المهمة الصعبة؟!
مجلة ذا تايم الأمريكية سلطت الضوء على موقع مرشحي الرئاسة الأمريكية من هذا الكفاح، مستنكرة في الوقت ذاته إلقاء هذا العبء الضخم على عاتق مسئول واحد، خاصة وأن تلك الكارثة يشارك فيها باولسون مع كل من محافظ مجلس الاحتياط الفيدرالي بن برنيك، والكونجرس، ورئيس البلاد جورج بوش.
لكن يبقى رجل الخزانة هو الأقدر على التعامل مع هذه المعضلة الكبرى.

آخر إنجازات باولسون، وأعظمها على الإطلاق، كان نجاحه السريع في استصدار مشروع قانون يسمح له، ولخلفائه من بعده، بتكفل شركتي فاني ماي و فرادي ماك، حتى نهاية العام القادم 2009؛ بغية إنقاذهما من الإفلاس. رغم اعتراض العديد من المشرعين، والمساعدين بالبيت الأبيض على هذا المشروع.
لقد كان أداؤه جد مؤثر، خاصة في ظل إدارة عاجزة، ورئيس لا يتمتع بأي شعبية.
لكن الأمر الذي يبقى غير مؤكد، هو ما إذا كانت تلك الخطوات ستنجح في إنعاش سوق العقارات، ووقف الركود، وتفادي المخاطر المستقبلية.
في هذه الأثناء، يراقب مرشحا الرئاسة الأوضاع عن كثب، فيما أقر باراك وصديقه اللدود ماكين تحركات باولسون، لكن من الواضح أنه في ظل استفادة أوباما من التبرم الشعبي بسبب الأزمة الاقتصادية، يبقى ماكين هو المستفيد الأكبر من نجاح الإدارة الحالية.
وربما تتوقف خيارات الرئيس القادم على ما يمكن لباولسون إنجازه في الشهور القليلة المقبلة.

ويشكل قطاع الإسكان المعضلة الأساسية في تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، ويمثل مصدر القلق الرئيسي على مستقبله. ويبدو أنه سيستمر مع مواصلة أزمة الرهن وسيساهم في تأخير انتعاش الاقتصاد من جديد.
هذه التحديات الجسام، تواجه أفشل الإدارات الأمريكية على الإطلاق، مما يصعب المهمة أكثر.
ويقول الواقع: إن إدارة بوش أضحت كالمنبت، لا أرضا قطعت، ولا ظهرا أبقت، وبكلمات أخرى يمكننا القول: لا إنجازا حققت، ولا اقتصادا عليه حافظت.

رئيسَا الخزانة السابقان لم يحققا إنجازا يذكر طيلة عهد بوش؛ فقد خاض باول أونيل - وزير الخزانة السابق - معركة بجانب البيت الأبيض في مواجهة عجز الميزانية، لكنه فشل.
ولم يكن خليفته جون سنو بأوفر حظا منه.
جاء بعدهما باولسون، البالغ من العمر 62 عاما، بقدر من الخبرة التي اكتسبها من وول ستريت، والتجربة التي خاضها في واشنطن. وكان أكثر أولوياته إلحاحا - بمجرد توليه هذا المنصب - توطيد العلاقة مع الرئيس بوش.
كما حرص على توثيق صلته بمحافظ مجلس الاحتياط الفيدرالي بن برنيك، وغيره من كبار المسئولين في الإدارة، وأعضاء الكونجرس الديمقراطيين.
وخلال عامه الأول في منصبه، كانت معظم جهوده موجهة صوب تدشين علاقات مع الحكومة الصينية، عبر سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى في بكين وواشنطن، كما أشار بشجاعة إلى فشل التشريعات المعادية للتجارة الصينية أمام الكونجرس، وتكلم بصراحة عن ارتفاع الـ "يوان" بنسبة 20% في مواجهة الدولار. ورغم كل هذه الجهود لم تكلل تحركاته هو الآخر بأي نجاح، لكنه مازال يقول: ثقوا فيّ، فهل أمامنا خيارات أخرى؟

! مشكلة الطاقة.. تم حلها




"مجلة "ذي أميركان"، عدد يوليو، أغسطس 2008

ترجمة / علاء البشبيشي


"حل مشكلة الطاقة أصبح التحدي الأكبر للبشرية في القرن الحادي والعشرين، والحلول الحالية ستوصل البشرية إلى مأساة".. هذه التهديدات دفعت اندى جروف، الذي عمل مديرًا تنفيذيًّا، ورئيسًا لمجلس إدارة شركة إنتل، منذ 25 عامًا خلت، إلى سبر غور هذه المشكلة، وإيجاد حلول لها، مشيرًا إلى أن أمريكا واقعة بين مطرقة ماضيها الفاشل، وسندان مستقبلها المجهول، ومؤكدًا في الوقت ذاته أن "استقلال الطاقة" خرافة لا يمكن تحقيقها.
منذ خمسة وعشرين عامًا خلت، كنتُ أعمل مديرًا تنفيذيًّا، ورئيسًا لمجلس إدارة شركة إنتل. وقتها كانت المعالجات الدقيقة، نادرة التواجد، هي منتج الشركة الرئيسي. وكان العرض والطلب يتناسبان طرديًّا مع المد والجزر في مجال تجارة الحاسبات الالكترونية، لذا فقد كان يوجد لدينا، في بعض الأوقات، الكثير من هذه الرقاقات في المخازن، وفي أوقات أخرى كان النقص فيها هو السمة الغالبة. وقد كان عليّ أن أطمئن العملاء أننا نعمل بجدية لزيادة الإنتاج، وأن الفرج قريب لا محالة.
هذه الذكريات مرت أمامي في وقت مبكر هذا العام، حينما قرأت عن زيارة الرئيس بوش إلى المملكة العربية السعودية، وكان هدفه الرئيسي أن يطلب من السعوديين زيادة إنتاج البترول. ووفقًا للتقارير الصحفية، فقد قوبل طلبه برفض جاف من قبل وزير النفط، وهو التصرف الذي لم يكن ليُتخيل قبل عقود.
لقد انهارت مكانتنا في عالم النفط بصورة كبيرة في وقت قصير، وعلينا التعامل مع هذا الظرف العصيب بطريقة هادئة وتدريجية وخفية في الشركات والصناعات والمجتمعات.
هذا التغيير الذي نحتاجه، سيكون مؤلمًا، في وقت لا يدرك فيه القادة السياسيون خطورة وضعهم، وحتى إذا فعلوا فإنهم يعافون القيام بتحرك ملائم.
ويرى الكاتب في الكهرباء المخرج من هذه الأزمة؛ نظرًا لإمكانية توفيرها عن طريق مصادر متعددة، وقدرتها على توفير قدر كبير من الطاقة، لكن هل تستطيع أمريكا اليوم النجاح فيما فشلت فيه بالأمس، وهل تستطيع مواجهة التحدي القائل بأن الكثير من الناس لن يتمكنوا من الحصول على الكهرباء بحلول العام 2030، الأمر الذي من شأنه التأثير على مسيرة التنمية في العالم، وخلق مشكلات أمنية خطيرة.
بعد الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة زعيمًا عالميًّا في مجال إنتاج الطاقة وتوزيعها. خلال هذه الفترة قامت دول أخرى بإعادة بناء اقتصادها الذي دمرته الحروب، ووصل الانهيار الأمريكي في هذا الإطار ذروته أثناء سبعينيات القرن الماضي، ولاحقًا في أوائل التسعينيات.
في السبعينيات أطلق الرئيس نيكسون مشروع الاستقلال، الذي حدد فيه الهدف القومي للبلاد بأنه: استغناء الولايات المتحدة عن غيرها من الدول في مجال الطاقة بحلول العام 1980.
وأضاف يقول: "نحن بحاجة إلى إيجاد وظائفنا بأنفسنا، وتوفير الطاقة اللازمة لتدفئة منازلنا، وتشغيل وسائل نقلنا". إلا أن الفشل في تحقيق هذه الأهداف كان مأساويًّا؛ فبعد نيكسون دشن الرؤساء المتعاقبون أهدافًا مماثلة، لقيت كلها نفس المصير، بل أضحت أمريكا أكثر اعتمادًا على النفط المستورد، وتضاعفت شبكة الصادرات البترولية بين عامي 1970 و 1980، ومرة أخرى في العام 1990. ولنا أن نعلم أن توافر النفط بإمكانه تحديد مستويات العمالة في البلدان المختلفة. وبالنسبة لدولة كالصين يمكنه التحكم في الاستقرار السياسي القومي للبلاد.
لم تفشل أمريكا فقط في تحقيق أهدافها التي وعدت بها، لكن الأيام أثبتت أيضًا أن تلك الأهداف كانت طائشة، وذات نقائص واضحة.

ترومان هذا الزمان


مجلة "بروسبكت"، أغسطس 2008

ترجمة / علاء البشبيشي


هناك شبه إجماع على أن الرئيس الأمريكي جورج بوش كان وباءً على بلاده، ونكسة لسياساتها الخارجية، وتهديدًا لمستقبلها الاقتصادي، في ظل صعود مخيف للدول الآسيوية.
مجلة "بروسبكت" خرجت على هذا الإجماع، في موضوع غلافها الذي كتبه "ادوارد لوتواك"، مدير المركز القومي للدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، حين قال: إن أمريكا نجحت في محاربة العنف، وإنها ستستفيد من صعود القارة الآسيوية.
فكرة الفشل المحقق لسياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش تحولت من حقيقة ثابتة إلى مجرد فرضية يمكن مناقشتها، وهو الأمر الذي حدث سابقًا، حينما أعلن الرئيس "هاري ترومان"، في مارس عام 1952 أنه لن يترشح ثانية لمنصب الرئاسة، وكان هناك إجماع أمريكي على أن سياسته الخارجية تعتبر فشلاً مأساويًّا.
وكان ترومان قد تسبب في مقتل 54 ألف أمريكي وملايين المدنيين الكوريين، في قتال استمر سنتين، وهي الخسائر التي تفوق عشر مرات، مثيلاتها في العراق.
وحظي ترومان بقسط كبير من الهجاء من قبل اليمينيين، وكذلك احتقره الديمقراطيون؛ باعتباره الرجل الفاشل الذي اغتصب البيت الأبيض من سلفه فرانكلين روزفلت.
وفي الخارج، كانت كراهية ترومان تملأ الآفاق، على خلفية اتهامات الشيوعيين له بشن حرب بكتيرية تسببت في حصد أرواح الأطفال الكوريين، ودمرت المحاصيل الصينية، وهو ما ترسخ في أذهان الكثيرين، وتم التصديق عليه في تقرير قوامه 669 صفحة، أصدرته لجنة رأسها عالم الكيمياء الحيوية البريطاني "جوزيف نيدهام".
أضف إلى ذلك ثقة الناس بأن ترومان هو المتهم الأول في بدء الحرب الباردة؛ عن طريق محاولته تخويف الاتحاد السوفييتي، أو على الأقل يتقاسم مسئولية ذلك مع ستالين.
وتتساءل المجلة كيف تحول ترومان من رجل فاشل إلى رئيس عظيم يشار إليه بالبنان؟ مضيفة تقول: إنها مسألة وقت، حتى ينسى العالم كل شيء.
لقد أصبحت الحرب الكورية نصف منسية، ولم يبق في الأذهان غير نجاح استراتيجية الحصار التي انتهجها ترومان، خاصة وأنها أدت لتفكيك الاتحاد السوفييتي بطريقة سلمية.
وتراهن الصحيفة على أن النسيان الذي طوى مذابح ترومان، مازال قادرًا على طي صفحات بوش الدموية في العراق وأفغانستان.
ابتلي العراق بموجات عنف مكلفة بعد السقوط السريع لصدام حسين، رغم الوعود البراقة بديمقراطية فورية. ومع ذلك يمكن لبوش أن يصبح رئيسًا عظيمًا على طريقة ترومان، خاصة وأن حرب العراق أصبحت هي الأخرى "نصف منسية".
إلا أن التشابه بين ترومان وبوش ليس كبيرًا؛ فالاتحاد السوفييتي كان دولة، وليس فكرًا.

الاستثمار في الخارج


مجلة "بزنس وورلد"، 29 يوليو – 4 أغسطس 2008

ترجمة / علاء البشبيشي
يعتبر الاقتصاد الهندي من أسرع الاقتصاديات نموًا في العالم، بمعدل نمو وصل إلى 8,1% في يونيو الماضي. لكن هذا الازدهار لم يمنع المستثمرين الهنود من الاستثمار في الخارج.
مجلة "بزنس وورلد" سلطت الضوء على هذه الاستثمارات الهندية حول العالم، مستشهدة بنماذج ناجحة في هذا المجال.
من مكتب منزله في مدينة مومباي الهندية، يقوم رجل الأعمال "فيشاي شاه" ببيع الأسهم وشرائها حول العالم، وهو الذي بدأ الاستثمار في الأسواق العالمية برأس مال متواضع، قيمته 1000 دولار منذ عام مضى، لكنه زاد من حجم تعاملاته؛ نتيجة التحديات التي يواجهها في الأسواق الهندية، والأرباح التي يجنيها من استثماره في الخارج.
واليوم أصبح 30% من أوراقه التجارية مستثمرة في شركات حول العالم، مثل "فودافون"، كبرى شركات الهاتف المحمول في بريطانيا، وشركة "سيتزن" اليابانية للساعات.
الحافز الذي دفع شاه إلى فعل ذلك كان خطوة الحكومة الهندية في العام 2007 بالسماح للمواطنين الهنود بالاستثمار في الخارج، برأس مال لا يتجاوز 200 ألف دولار سنويًّا.
استثمارات المواطن الهندي "شاه" لها مدلول آخر، وهو ارتفاع مستويات المعيشة داخل الهند، فكيف يستثمر الفقراء في الخارج؟. القضية إذًا ليست هروبًا من الأسواق الهندية بقدر ما هي تجربة جديدة، خاصة وأن الإحصائيات تشير إلى أن الهند تلقت خلال العام 2005 أكبر حجم من الاستثمارات الأجنبية في عام واحد، وأن تلك الاستثمارات تفوق جملة الاستثمارات الأجنبية التي حصلت عليها الهند في غضون عدة سنوات في مطلع التسعينات.
هذا الحماس لا يقتصر على "شاه" وحده، فالمستثمرون الهنود يزيدون من استثماراتهم العالمية. ورغم ذلك نجد الإحصائيات ترسم لنا صورة مختلفة؛ حيث تشير الأرقام التي تعود لشهر ديسمبر من العام 2005 إلى أن الاستثمارات الهندية في الخارج لم تتعدَّ 36 مليون دولار فقط، مقارنة بقرابة الترليون دولار، حجم الاستثمارات الداخلية.ومقارنة بالدول المتقدمة، فإن الأسواق الهندية تبلي بلاءً حسنًا، ولا يتغلب عليها في هذا المقام سوى روسيا.

أمريكا الحزينة


مجلة - ذي إيكونوميست

ترجمة/ علاء البشبيشي
"إذا استطاعت أمريكا التعلم من مشاكلها، بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين، فبإمكانها استعادة قوتها الضائعة".. جملة بدأت بها مجلة "ذي إيكونوميست" موضوع غلافها الأخير، والذي أشارت فيه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمر الآن بفترة اكتئاب.
وعلى الغلاف، اختارت المجلة صورة معبرة للغاية عن هذا المعنى، حيث يجلس تمثال الحرية حزينًا، واضعًا يده على خده، ملقيًا بشعلته إلى جانبه.
ثمانية من كل عشرة أمريكيين يعتقدون أن بلادهم تسير على الدرب الخاطئ، وربما يُلقَى باللوم في هذا على جورج بوش، عاثر الحظ.
أضف إلى ذلك أسعار البترول التي أضحت أكثر ارتفاعًا مما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي، والبنوك التي تنهار، واليورو الذي يحثو التراب في وجه الدولار، والائتمان الذي أصابه القحط، والركود والتضخم اللذين يهددان الاقتصاد، والعولمة التي باتت تحت النار؛ فالتجارة الحرة أقل شعبية في أمريكا منها في الدول النامية، أما الدولة التي بنيت بجهد المهاجرين فتسعى الآن إلى بناء سياج لإبقائهم خارجها.
وليس الانكماش وحده هو المسئول عن هذا التبرم الشعبي؛ فكثير من الأمريكيين يشعرون بأنه قد فاتهم الكثير، كما بذلت أمريكا الكثير من الدماء والأموال في الخارج؛ من أجل هدف متواضع. وفي العراق، يعتبر إيجاد وسيلة للخروج نجاحًا كبيرًا. والوضع في أفغانستان بدأ يخرج عن السيطرة. أما زعم أمريكا أنها منارة للحرية فقد خفتت جذوته بين أسوار جوانتانامو، و(أبو غريب).
هذا المأزق الأمريكي جعل العالم يبدو أكثر تعددًا الآن؛ فالأوروبيون لم يعودوا يأبهون بهيمنة أمريكا على العالم، والفرنسيون فهموا العالم العربي بصورة أفضل من المحافظين الجدد، أما الروس ودول الخليج العربي والدول الصاعدة في آسيا فقد هزأت من أمريكا، خاصة الصين التي أصبحت شبح العم سام، وربما تفعل بأمريكا المزيد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في معرض استضافتها لدورة الألعاب الأوليمبية.
ويبقى الأمريكيون يدرسون أسباب صعود نجم الصين، وأفول نجمهم، ويستعدون لوقت يغلب فيه اقتصاد التنين الصيني اقتصادهم، حتى أضحى إحصاء صواريخ الصين وغواصاتها هواية شائعة في واشنطن.
هذا الذعر الأمريكي ليس وليد اليوم؛ ففي خمسينيات القرن الماضي كان الذعر من قوة السوفييت، وفي السبعينيات كانت فضيحة ووتر جيت، وحرب فيتنام، وصدمات النفط، وفي أواخر الثمانينيات كانت اليابان تبدو وكأنها اشترت أمريكا.
وفي كل مرة كانت أمريكا قادرة على النهوض من جديد، لكنّ سياسييها اليوم يبحثون عن كبش فداء ليخرجهم من مأزقهم الذي صنعوه بأيديهم.
يمر الجميع بفترات عصيبة، يتعلم خلالها البعض من مشكلاته التي خلقتها يداه، وهكذا يستعيد قوته، بينما يلقي آخرون باللائمة على الغير، وهم بذلك يجلدون ظهورهم، ويدمرون أنفسهم.
وقد كان لدى أمريكا من الحكمة ما جعلها تتبع السيناريو الأول فيما مضى مرات عديدة، أما اليوم فدعونا نأمل أن تكرر ذلك مجددًا.