برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, September 19, 2008

أمريكا الحزينة


مجلة - ذي إيكونوميست

ترجمة/ علاء البشبيشي
"إذا استطاعت أمريكا التعلم من مشاكلها، بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين، فبإمكانها استعادة قوتها الضائعة".. جملة بدأت بها مجلة "ذي إيكونوميست" موضوع غلافها الأخير، والذي أشارت فيه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمر الآن بفترة اكتئاب.
وعلى الغلاف، اختارت المجلة صورة معبرة للغاية عن هذا المعنى، حيث يجلس تمثال الحرية حزينًا، واضعًا يده على خده، ملقيًا بشعلته إلى جانبه.
ثمانية من كل عشرة أمريكيين يعتقدون أن بلادهم تسير على الدرب الخاطئ، وربما يُلقَى باللوم في هذا على جورج بوش، عاثر الحظ.
أضف إلى ذلك أسعار البترول التي أضحت أكثر ارتفاعًا مما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي، والبنوك التي تنهار، واليورو الذي يحثو التراب في وجه الدولار، والائتمان الذي أصابه القحط، والركود والتضخم اللذين يهددان الاقتصاد، والعولمة التي باتت تحت النار؛ فالتجارة الحرة أقل شعبية في أمريكا منها في الدول النامية، أما الدولة التي بنيت بجهد المهاجرين فتسعى الآن إلى بناء سياج لإبقائهم خارجها.
وليس الانكماش وحده هو المسئول عن هذا التبرم الشعبي؛ فكثير من الأمريكيين يشعرون بأنه قد فاتهم الكثير، كما بذلت أمريكا الكثير من الدماء والأموال في الخارج؛ من أجل هدف متواضع. وفي العراق، يعتبر إيجاد وسيلة للخروج نجاحًا كبيرًا. والوضع في أفغانستان بدأ يخرج عن السيطرة. أما زعم أمريكا أنها منارة للحرية فقد خفتت جذوته بين أسوار جوانتانامو، و(أبو غريب).
هذا المأزق الأمريكي جعل العالم يبدو أكثر تعددًا الآن؛ فالأوروبيون لم يعودوا يأبهون بهيمنة أمريكا على العالم، والفرنسيون فهموا العالم العربي بصورة أفضل من المحافظين الجدد، أما الروس ودول الخليج العربي والدول الصاعدة في آسيا فقد هزأت من أمريكا، خاصة الصين التي أصبحت شبح العم سام، وربما تفعل بأمريكا المزيد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في معرض استضافتها لدورة الألعاب الأوليمبية.
ويبقى الأمريكيون يدرسون أسباب صعود نجم الصين، وأفول نجمهم، ويستعدون لوقت يغلب فيه اقتصاد التنين الصيني اقتصادهم، حتى أضحى إحصاء صواريخ الصين وغواصاتها هواية شائعة في واشنطن.
هذا الذعر الأمريكي ليس وليد اليوم؛ ففي خمسينيات القرن الماضي كان الذعر من قوة السوفييت، وفي السبعينيات كانت فضيحة ووتر جيت، وحرب فيتنام، وصدمات النفط، وفي أواخر الثمانينيات كانت اليابان تبدو وكأنها اشترت أمريكا.
وفي كل مرة كانت أمريكا قادرة على النهوض من جديد، لكنّ سياسييها اليوم يبحثون عن كبش فداء ليخرجهم من مأزقهم الذي صنعوه بأيديهم.
يمر الجميع بفترات عصيبة، يتعلم خلالها البعض من مشكلاته التي خلقتها يداه، وهكذا يستعيد قوته، بينما يلقي آخرون باللائمة على الغير، وهم بذلك يجلدون ظهورهم، ويدمرون أنفسهم.
وقد كان لدى أمريكا من الحكمة ما جعلها تتبع السيناريو الأول فيما مضى مرات عديدة، أما اليوم فدعونا نأمل أن تكرر ذلك مجددًا.

No comments: