برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, September 19, 2008

ترومان هذا الزمان


مجلة "بروسبكت"، أغسطس 2008

ترجمة / علاء البشبيشي


هناك شبه إجماع على أن الرئيس الأمريكي جورج بوش كان وباءً على بلاده، ونكسة لسياساتها الخارجية، وتهديدًا لمستقبلها الاقتصادي، في ظل صعود مخيف للدول الآسيوية.
مجلة "بروسبكت" خرجت على هذا الإجماع، في موضوع غلافها الذي كتبه "ادوارد لوتواك"، مدير المركز القومي للدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، حين قال: إن أمريكا نجحت في محاربة العنف، وإنها ستستفيد من صعود القارة الآسيوية.
فكرة الفشل المحقق لسياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش تحولت من حقيقة ثابتة إلى مجرد فرضية يمكن مناقشتها، وهو الأمر الذي حدث سابقًا، حينما أعلن الرئيس "هاري ترومان"، في مارس عام 1952 أنه لن يترشح ثانية لمنصب الرئاسة، وكان هناك إجماع أمريكي على أن سياسته الخارجية تعتبر فشلاً مأساويًّا.
وكان ترومان قد تسبب في مقتل 54 ألف أمريكي وملايين المدنيين الكوريين، في قتال استمر سنتين، وهي الخسائر التي تفوق عشر مرات، مثيلاتها في العراق.
وحظي ترومان بقسط كبير من الهجاء من قبل اليمينيين، وكذلك احتقره الديمقراطيون؛ باعتباره الرجل الفاشل الذي اغتصب البيت الأبيض من سلفه فرانكلين روزفلت.
وفي الخارج، كانت كراهية ترومان تملأ الآفاق، على خلفية اتهامات الشيوعيين له بشن حرب بكتيرية تسببت في حصد أرواح الأطفال الكوريين، ودمرت المحاصيل الصينية، وهو ما ترسخ في أذهان الكثيرين، وتم التصديق عليه في تقرير قوامه 669 صفحة، أصدرته لجنة رأسها عالم الكيمياء الحيوية البريطاني "جوزيف نيدهام".
أضف إلى ذلك ثقة الناس بأن ترومان هو المتهم الأول في بدء الحرب الباردة؛ عن طريق محاولته تخويف الاتحاد السوفييتي، أو على الأقل يتقاسم مسئولية ذلك مع ستالين.
وتتساءل المجلة كيف تحول ترومان من رجل فاشل إلى رئيس عظيم يشار إليه بالبنان؟ مضيفة تقول: إنها مسألة وقت، حتى ينسى العالم كل شيء.
لقد أصبحت الحرب الكورية نصف منسية، ولم يبق في الأذهان غير نجاح استراتيجية الحصار التي انتهجها ترومان، خاصة وأنها أدت لتفكيك الاتحاد السوفييتي بطريقة سلمية.
وتراهن الصحيفة على أن النسيان الذي طوى مذابح ترومان، مازال قادرًا على طي صفحات بوش الدموية في العراق وأفغانستان.
ابتلي العراق بموجات عنف مكلفة بعد السقوط السريع لصدام حسين، رغم الوعود البراقة بديمقراطية فورية. ومع ذلك يمكن لبوش أن يصبح رئيسًا عظيمًا على طريقة ترومان، خاصة وأن حرب العراق أصبحت هي الأخرى "نصف منسية".
إلا أن التشابه بين ترومان وبوش ليس كبيرًا؛ فالاتحاد السوفييتي كان دولة، وليس فكرًا.

No comments: