برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, October 28, 2008

منظومة الموت


فرانت لاين، 24 أكتوبر 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي


(باستخدام طن من القنابل الموجهة قتلت القوات الأمريكية ورفقاؤهم في الناتو من المدنيين الأفغان 10 أضعاف ما قتلوا من الصرب عام 1999. لكن حياة المواطن الأفغاني بمقاييس هؤلاء تساوي عُشر حياة ثعلب ألاسكا البحري).. كلام موجع لكنه واقعي، استهلت به مجلة "فرانت لاين" موضوع غلافها الأخير، والذي خصصته للحديث عن آلاف المدنيين الأفغان الذين لقوا حتفهم، ولا يزالون، على يد قوات الاحتلال، التي يسميها البعض زورًا "قوات التحالف"، من باب (نحن لا نكذب ولكن نتجمل).
إنها مأساة لن يضمن حتى انتخاب أوباما وضع حد لها، خاصة بعد تعهده الأخير بضرورة زيادة عدد القوات الأميركية وقوات حلف الناتو في أفغانستان، لأنه كان ولا يزال يعتبر أن أفغانستان وليس العراق (كما يدعي الرئيس بوش والسيناتور ماكين) هي "الجبهة المركزية" لما يُسمى بـ (الحرب ضد الإرهاب).

كان أوباما يرنو ببصره إلى كسب موقف سياسي حينما صرح بأنه سيرفع عدد قوات بلاده في أفغانستان إلى حدود الثلث على الأقل، وسيسمح للقوات الأمريكية/ الناتو بالاشتراك في عمليات المطاردة داخل مناطق القبائل الباكستانية، وزيادة عمليات القصف ونشاط القوات الخاصة داخل باكستان، مصرحًا بأنها حرب على الإرهاب، ومؤكدًا أن أمريكا ينبغي أن تنتصر، بل يجب عليها ذلك.
لقد بدا الرجل جاهلا تماما أن قومية الباشتون - أو طالبان- والقاعدة شيئان مختلفان.
وبينما تنفق الولايات المتحدة في الوقت الراهن 100 مليون دولار يوميا في أفغانستان، فإن المساعدات التي قدمها المانحون منذ عام 2001 لتلك البلاد لم تتعد عُشر ذلك. بكلمات أخرى يمكننا القول: إن الجهد الذي يُبذل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية داخل أفغانستان هو في أحسن الأحوال على هامش الاهتمام، بل إن كثيرين يشيرون إلى عدم فاعلية تلك المساعدات.
وبتحليل دقيق للأموال التي أنفقتها الولايات المتحدة في ثماني مدن أفغانية يتضح أن أمريكا أنفقت على حادثة التسرب في ناقلة النفط العملاقة إكسون فالديز أكثر عشر مرات مما دفعته للعائلات الأفغانية التي قُتل بعض أفرادها على يد قوات الاحتلال الأمريكية.
وهو الأمر الذي تؤكده الأرقام الرسمية التي تقول: إن كل دولار واحد يُنفق في إطار ما يُسمى بإعادة الإعمار يقابله 10 دولارات تُنفق على تحقيق أهداف جيوسياسية تصب في مصلحة أمريكا.

مع استعادة طالبان بسط بعض نفوذها على الأرض في أفغانستان، وتكثيف ضرباتها الموجعة ضد قوات الاحتلال، تتزايد مطالب القوات البرية الأميركية بالدعم الجوي والهجمات بالقنابل. المشكلة تكمن في أن تلك الضربات الجوية أشد فتكا بالمدنيين الأفغان من الهجمات البرية، خاصة وأن ضحايا النوع الأول من الضربات لا يفرق بين المرأة والطفل الرضيع والشيخ المسن.
لقد أضحى الشعب الأفغاني الآن بين خيارين أحلاهما علقم؛ إما أن يموت بقصف صاروخي، أو برصاصة في إحدى المداهمات، وربما يطرح المستقبل القريب خيارًا ثالثًا أشد إيلامًا!

صحيح أن الاعتماد على الهجمات الجوية التي تقوم بها "قوات الخدمات الخاصة" البريطانية (ساس) تحافظ على حياة طياريّي أمريكا وجنود مشاتها، إلا أن ضحاياها من المدنيين الأفغان أكثر بكثير من ضحايا العمليات البرية.
هؤلاء الضحايا لم تنجح منظمة هيومان رايتس ووتش إلا في توثيق 50% فقط منهم، فيما لم تسجل وكالة ذي أسوشييتد برس سوى 33% .
إن القارئ لأحداث ما بعد الحادي عشر من سبتمبر يَخلُص إلى أن التقارير التي تتحدث عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين الأفغان بسبب القصف الجوي الغربي، أشعلت روح المقاومة في نفوس المسلمين، والخطوة التالية ربما تكون تجاهل تلك التقارير المفصلة أو التقليل من شأنها أو إسكاتها، وهو الأمرالذي تقوم به أمريكا الآن بالفعل.
للأسف، نحن نعيش في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، الذي تسود فيه ثقافة تكميم الأفواه، وهو الأمر الذي يستدعي للأذهان حادث استهداف مكتب قناة الجزيرة في كابل في الثاني عشر من نوفمبر من العام 2001.
وهاهو البنتاجون وأبواقه الإعلامية من خلفه يعملون على قلب الحقائق، فبضغطة زر على لوحة المفاتيح يتحول الضحايا المدنيون إلى "ميليشيات" أو "متمردين"!
كما تعمل الآن وسائل الإعلام وعلى رأسها "ذي أسوشييتد برس" على تسليط الضوء التفصيلي على المدنيين الذين يسقطون نتيجة هجمات طالبان، حتى أنها توثق ذلك بالصور، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الضحايا المدنيين للهجمات الجوية لقوات الناتو، وبالطبع لا تنشر لهم صورًا.
أما الذرائع التي تتخذها القوات الأمريكية والناتو وأذنابهما لتبرير مقتل هؤلاء المدنيين في الغارات الجوية، فذريعتان، الأولى: أن يقولوا إننا لم نتعمد أبدا استهداف المدنيين، ويردفون بالإعراب عن أسفهم لذلك. أما الذريعة الأخرى فتتلخص في التأكيد على أن طالبان ومن خلفهم من المقاتلين العرب والمسلمين يستعملون المدنيين كدروع بشرية!

الأغلبية الجديدة في مجلس الشيوخ


ذا نيشن، 27 أكتوبر 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي

في الوقت الذي يُتوقع فيه للديمقراطيين أن ينتزعوا مقاعد جديدة من الجمهوريين في انتخابات الرابع من نوفمبر المقبل، والحصول على المزيد من السلطات، خرج المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية جون ماكين يوم السبت الماضي بتصريح يائس حذر فيه من احتمال سيطرة الديمقراطيين بشكل تام على واشنطن!
وفي هذا السياق توقعت مجلة "ذا نيشن" الأمريكية أن يحظى مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية جديدة، الأمر الذي رفع من درجة مصداقيته المحلل "ستيوارت روثنبرغ" حين توقع هو الآخر أن يفوز الديمقراطيون بأغلبية 60 مقعدا في مجلس الشيوخ.
وهنا يُطرح التساؤل: لماذا أفل نجم الجمهوريين بهذا الشكل؟، ليأتي الجواب حاسمًا: إنه بوش، الذي فاز عن جدارة بلقب أسوأ رئيس عرفته أمريكا منذ اكتشافها على يد كولمبوس، والذي يرى الكثيرون أن اختياره لسكنى البيت الأبيض كان الخطيئة الكبرى للحزب الجمهوري، والتي يدفع الآن ثمنها غاليًا!

"لم يكن بوش وحده هو الذي أخرج قاطرة بلاده عن القضبان، بل كانت وراءه لجنة حزبية تعج بنواب مجلس الشيوخ من الجمهوريين، الذين يمكنونه من ذلك في كل خطوة يخطوها" على حد قول النائب الديمقراطي تشاك شومر، رئيس لجنة الحملة الانتخابية للديمقراطيين في انتخابات مجلس الشيوخ، مضيفًا: "طيلة سنوات ست على عرش الأغلبية، حاول الجمهوريون إخفاء أثر فشل السياسات البوشيّة، وخلال العامين الأخيرين في نفس الموقع وقفوا حجر عثرة في طريق التغيير الحقيقي.
كما عمل الجمهوريون مرات لاحصر لها على عرقلة التشريعات التي تهدف إلى إنهاء حرب العراق، وسدوا الطريق أمام الجهود الرامية إلى تخفيض أسعار الوقود، بل أعاقوا حتى ما يتعلق منها بالرعاية الصحية لأطفالنا، ومن الواضح أن أوباما كي يحرك بلادنا إلى الأمام سيكون بحاجة إلى أغلبية غير هذه".
أما الديمقراطيون فما زال بإمكانهم التحدث على نحو يمكن تصديقه، ليس فقط عن انتخاب أوباما، لكن أيضًا عن توفير أغلبية للرئيس الجديد بإمكانها جعل وعد أوباما بالتغيير أكثر من مجرد شعار.

الصعود


جلوبال فاينانس، أكتوبر 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي


مازالت خطط التطوير الاقتصادية في دول تجمع جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية تعرقلها مخاوف تاريخية من الاستثمار في مجال البنى التحتية. إلا أن مجلة "جلوبال فاينانس" ترى أن بإمكان مستثمري القطاع الخاص أن يشكلوا الحلقة المفقودة في هذا السياق.
في تقرير صدر في يوليو الماضي أقر البنك الدولي بأنه تعلم درسًا هامًا، وهو "أنه لم يعد هناك مجال لنقاش ما إذا كان للبنى التحتية دور فاعل في تقليل نسب الفقر، فالأمر أضحى حتميًا"، وخَلُص التقرير إلى أن "خدمات البنى التحتية الحديثة والتي يمكن الاعتماد عليها أصبحت ضرورية للغاية لجهود التنمية"، بحسب تصريحات كاثرين سييرا، نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة.
ويُتوقع أن يستثمر البنك خلال السنوات الأربع القادمة ما بين 59 مليار إلى 72 مليار دولار في مشروعات البنى التحتية، آملا أن يجذب هذا الاستثمار ما بين 109 مليارات إلى 149 مليار دولار أخرى من خلال المساعدات التنموية الرسمية التي تمنحها الدول الرائدة، ومستثمري القطاعين العام والخاص.
وخلال عملياته المستقبلية يسلط البنك الدولي ضوءًا خاصًا على مشروعات الطاقة في أفريقيا، ويرجع هذا التركيز الشديد إلى أن أفريقيا، وإن استفادت من طفرتها الاقتصادية التي حدثت خلال عقود، فإن مناطق صحراوية كبيرة تبقى بدون ما يسميه البنك "الطاقة الحديثة". وهو نفس الأمر الذي سلط عليه الضوء فالى موسى، وزير شؤون البيئة والسياحة بجنوب أفريقيا، حينما قال: "القارة بأكملها تسير على درب النمو، مما يعني ضرورة إيجاد كميات كبيرة من الطاقة الإضافية للقارة الأفريقية بأكملها".
ورغم أن سكان أفريقيا يعادلون سبع سكان العالم، بتعداد يصل إلى 900 مليون نسمة، إلا أن إنتاجها من الطاقة لم يتعد 4% من الطاقة العالمية.

الرأسمالية في مأزق


ذي إيكونوميست، 18-25 أكتوبر، 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي


بدأ نجم الرأسمالية في الأفول، وأصبح قادة الغرب ومُنَظِّروه يُصَرِّحُون بذلك علانيةً، بعد أن خجلوا من الاعتراف بذلك طويلًا، اللهم إلا القليل الذي لا يزال يدافع عن تلك الورقة الخاسرة، من أمثال بوش؛ الذي يرى أن الفرصة مازالت سانحةً لاستدراك ذبالة المصباح قبل أن ينطفئ.
أسبوعية "ذي إيكونوميست" البريطانية انضمت لركب المهللين للرأسمالية، معتبرة إياها "أفضل نظام اخترعه البشر على مر التاريخ"! ورغم ذلك لم تستطع أن تنكر أنها سبب الكوارث التي تحيق بالعالم الآن.
حرية الاقتصاد باتت في خطر، والنظام الذي يمثلها، الذي هو الرأسمالية، أصبح في مأزق. الأمر الذي دفع بريطانيا، بلد الملكية الخاصة، أن تؤمم حكومتها قطاعا كبيرا من صناعتها المصرفية، في الوقت الذي تتواتر فيه التحليلات عن نهاية حقبة تاتشر-ريجان.
أما الحكومة الأمريكية فوعدت بضخ 250 مليار دولار في قطاعها المصرفي، والحكومات الأخرى تعيد صياغة نظامها المالي، وفرق التدخل غارقة في النحيب، والغرب أشبه ما يكون بـ "المعلم الذي تواجهه المشكلات" على حد وصف أحد الزعماء الصينيين مؤخرًا، وكل العلامات تشير الآن إلى اتجاه واحد هو تدخل أكبر للدولة، وإلجام لجماح القطاع الخاص.
إن الرأسمالية في مأزق، وعلى المؤمنين بها القتال لإنقاذها.

Wednesday, October 22, 2008

إنقاذ النظام



ذي إيكونوميست 11 – 18 أكتوبر 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي


مازالت أنظار العالم مركزة على الأزمة المالية التي ضربت العالم، وقادته إلى المجهول. فيما توقعت صحيفة واشنطن بوست أن يصل العجز الفدرالي في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار في السنة المالية التي بدأت في أول أكتوبر الجاري، وهو أسوأ رقم سجله العجز في الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. أسبوعية ذي إيكونوميست الاقتصادية هي الأخرى لا ترى في الواقع ما يبعث على الأمل، ورغم ذلك طالبت بجهد دولي مشترك لمواجهة هذه الكارثة. يمر الاقتصاد العالمي بحالة هزال حققية، ومازال وضعه مرشحا للتدهور أكثر، وقد حان الوقت لوضع السياسات والنظريات جانبًا، والتركيز على الحلول العملية، وهذا معناه تدخل أكبر للحكومات، بعيدًا عن دافعي الضرائب والسياسيين أو حتى صحافة السوق الحرة. لقد بلغ السيل الزبى، وبدأ الصبر ينفد، وإذا لم يهدأ هذا الذعر الذي تسبب في خنق شريان الائتمان حول العالم، سيكبر الخطر ولن تكون اقتصاديات الدول الغنية عرضة للانكماش وفقط، بل وللانهيار أيضًا. وهو نفس السيناريو المرشح حدوثه في العديد من الأسواق الناشئة، خاصة تلك التي تعتمد على رؤوس الأموال الأجنبية. إنها أزمة قلبية مالية عالمية لن تستطيع دولة أو صناعة تفادي آثارها. إنه إذا، شر لابد منه، ولأن العالم الغربي مازال متمسكا بالرأسمالية التي جرت عليه تلك الويلات، فربما يصدق فيه المثل القائل: (على أهلها جنت براقش). لقد أصبح العالم اليوم كالغريق الذي يبحث عن أي طوق للنجاة، ورغم إثبات النظام المالي الإسلامي نجاحه في هذا الخضم، إلا أن الحلول التي طرحتها ذي إيكونوميست للخروج من هذه الأزمة لم تشر من قريب أو بعيد لهذا الحل المجرب. علمنا التاريخ أن التحرك الحكومي السريع والحاسم بإمكانه تخفيف الألم وتقليل كلفة الكارثة المصرفية، لكن المشكلة أن أزمة الائتمان هذه المرة أعمق وأوسع من ذي قبل، حيث تخطت الأسواق والبلدان. لذلك ينبغي أن تكون الحلول المطروحة أكثر نظامية وعالمية من ذي قبل. وإذا ماحاولت دولة بمفردها إصلاح جزء من نظامها المصرفي فلن تُفلح أبدًا.وإذا ما توقف هذا الفزع، فربما كان بإمكاننا التعامل مع المشكلة، يساعدنا في ذلك قوة الاقتصاد في الدول الناشئة.

هل يتوجه عدد أكثر من اللازم إلى الجامعة؟


ذي أميركان، سبتمبر – أكتوبر 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي


"ليست مهمة الجامعات في الواقع أن تدرِّس لمرتاديها المعلومات التي يحتاجونها من أجل توفير لقمة العيش. وليست مهمتها مجرد إخراج محامين أو أطباء أو مهندسين مهرة، بل تتلخص مهمتها في تكوين أناس مثقفين وأكفاء"... جملة لـ "جون ستيوارت ميل" ألقاها على مسامع الطلاب في جامعة ساتنت أندروز في عام 1867، اختارتها مجلة ذي أميركان لتستهل بها موضوع غلافها الأخير والذي خصصته للحديث عن النظام الجامعي في الولايات المتحدة الأمريكية، مطالبة من خلاله بعدم اقتصار التعليم الليبرالي على نخبة المثقفين، وفتح الباب أمام الجميع.
كل الأطفال الأمريكيين، أيا كان إرثهم العرقي، وسواء جاءت عائلاتهم إلى البلاد منذ 300 عام خلت، أو منذ ثلاثة شهور فقط، كلهم بحاجة إلى دراسة معلومات حول العديد من القضايا المحورية المتعلقة بالبلاد، لأنها تمثل للمجتمعات المهاجرة الهوية المشتركة التي تجعلهم أكثر ارتباطًا بأمريكا من الأمريكيين أنفسهم.إن القول بأن هناك عددا أكثر من اللازم يذهب إلى الجامعة، ليس كقولنا بأن السواد الأعظم من الطلاب ليسوا بحاجة إلى دراسة التاريخ والعلوم والأعمال الفنية العظيمة والأدب؛ لأنهم بالفعل يريدون أن يتعلموا، وأن يعرفوا أكثر مما درسوه... لذا دعونا نعلمهم مايريدون، لكن دون انتظار للجامعة لتقوم بهذه المهمة.

ديفيد ميليباند


بروسبكت، أكتوبر 2008

ترجمة / علاء البشبيشي


ديفيد ميليباند، هو وزير خارجية بريطانيا، الذي يبلغ من العمر 41 عاما، ويعد أصغر من تولى هذا المنصب في المملكة المتحدة منذ ثلاثين عاما.
في حوار نشرته مجلة بروسبكت الأمريكية، تحدث ميليباند عن السبل المتاحة أمامه لإصلاح سياسات بريطانيا الخاطئة، وعن مدى كونه براجماتيًا، في عالم ربما تدفع فيه الظروف المرء للتعامل مع أناس لا يحبهم، فكانت هذه الكلمات.
إنني براجماتي.. بمعنى أنني أمتلك قيمًا وأفكارًا، لكن إذا وجدتها ستؤثر سلبًا في مكان ما، هل سأتزحزح عنها؟ بالطبع لا. وهذا هو السبب وراء كل الجدل الذي أثرتُه في العلاقات المتغيرة بين الدولة والمجتمع الدولي، وبين بلادنا ومواطنيها. لذلك علينا التكيف مع قواعد هذا العالم الجديد.
أحد عشر عامًا مرت الآن منذ 1997، وقد أضحى العالم مختلفًا، فهاهي روسيا اجتاحت جارتها، فيما اختلفت الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بصورة جذرية، ومازال التغيير مستمرًا.
سألته المجلة عن كوسوفا، ومدى اهتمام بلاده بالأوضاع هناك، فقال: لقد تم تهجير الملايين من بيوتهم، وقتل الآلاف، وهو الأمر الذي يستحق وقفة، أما عن سبب اهتمامنا بهؤلاء فيكمن في التصاق البلقان بأوروبا، لذلك فعدم استقرارها يمثل تهديدًا للعديد من شركائنا الأوروبيين، بل ولنا أيضًا إلى حد ما.
وانتقلت المجلة بعد ذلك للحديث عن التغير المناخي، والتقنيات التي يحتاجها العالم لمواجهة هذا التحدي القابع فوق رأسه، متسائلة هل يمكن لنا هزيمة هذه المشكلة دون تغيير في نمط الحياة الغربية؟ وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، في ظل شواهد كثيرة تقول بأن الغرب ليس مستعدًا للتضحية من أجل هذا الهدف، فمالذي يمكننا فعله حيال هذا الأمر؟ فأجاب ميليباند:
هذه المشكلة ليست تقنية، فالتكنولوجيا التي نحتاجها لمواجهة هذا التحدي موجودة بين أيدينا، أو على الأقل في المستقبل القريب. إنها مشكلة جماعية لا ينحصر الخيار فيها بين مجرد نمط الحياة الاقتصادي والتغير المناخي، بل أعتقد أن الأمر ينحصر بين نمط حياة يعتمد على كربون أكثر مقابل آخر يعتمد على نسبة أقل من الكربون.أعتقد أن المشكلة عالمية النطاق، وهذا يعني ضرورة تبني مبادئ العدالة الاجتماعية والمسئولية المشتركة على المستويين المحلي والعالمي.

لحظة باراك أوباما


رولينج ستون، 30 أكتوبر 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي


مع اقتراب السباق الرئاسي الأمريكي من خط النهاية، يواصل المرشح الديمقراطي باراك أوباما تقدمه في استطلاعات الرأي، كما نجح في التوغل بعمق في مناطق كانت محسومة في السابق لصالح الجمهوريين، وأجبر منافسه اللدود ماكين على اتخاذ موقف الدفاع على أرض طالما أيدت حزبه.
وقبل نحو أسبوعين على الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها في الرابع من نوفمبر المقبل، أعدت مجلة "رولينج ستون"، حوارًا مع أوباما تحدث فيه عن الأسباب الجوهرية وراء فشل بوش، وتغير وجه ماكين، والدروس التي تعلمها من بيل كلينتون.
لكن الحوار قد غلبت عليه نبرة التأييد المطلق لهذا الشاب الديمقراطي.

بغض النظر عن رأيك في باراك أوباما، فمن المستحيل عدم ملاحظة أنه يمثل تغيرًا تاريخيًا في السياسة الأمريكية، وأن زخم السباق الرئاسي قد مال بقوة لصالحه خلال الأسابيع الأخيرة. جزء من هذا التغير بالطبع سببه الانهيار الكارثي في وول ستريت، وجزء آخر يرجع إلى الانهيار المؤثر لجون ماكين، الناتج عن تعامله الطائش والمتهور مع الأزمة المالية.
وبينما كان باراك في طريقه إلى شيكاغو، ليحتفل بعيد زواجه السادس عشر، مع زوجته ميشيل، اقتطع نصف ساعة من وقته تحدث فيها مع "رولينج ستون" حول الأيام الأخيرة من سباقه التاريخي، والأشياء التي تنتظر أمريكا.
صارحته المجلة قائلة: انظر ما الذي تواجهه؛ أسوأ انهيار اقتصادي منذ الركود العظيم، وأسرع تغير مناخي فاق كل التخيلات، وأخطر عدم استقرار نووي شهده العالم.. هل لا زالت لديك الرغبة في تلك الوظيفة؟
فأجاب: إنه الوقت المناسب كي أريد هذه الوظيفة؛ لأنها ستكون لحظة انتقالية في تاريخ الولايات المتحدة. بوضوح أتمنى لو لم تكن إدارة بوش قد دفعت الأمور لهذا العمق من السوء، لكن على كل حال سيكون بانتظارنا بعض القرارات الكبيرة التي علينا اتخاذها بشأن الطاقة، والرعاية الصحية، ونظام التعليم، والاقتصاد العالمي، وسياستنا الخارجية، وكيفية التعامل مع التهديدات القومية؛ كالإرهاب والتغير المناخي وتدفق اللاجئين والإبادة الجماعية.
سألته المجلة: هل تغيرت نظرتك لشخصية ماكين بعدما أصبحت الحملة الانتخابية قذرة خلال الأسابيع الأخيرة؟
فأجاب: أعتقد أنه يريد الفوز وفقط، وأظنه رأى أن المناخ غير ملائم للجمهوريين؛ لذلك سيفعل مايرى أنه ضروري لتحقيق مآربه. لكنني مندهش من لجوئه إلى توظيف أشخاص على علاقة بنفس السياسات المدمرة التي انتهجها بوش في العام 2000.
فتحولت المجلة لسؤال آخر، مستفسرة عن الأمور التي تجعله أكثر استعدادًا من جون ماكين للتعامل مع هذه الأزمة، سواء كانت هجمات إرهابية، أو أزمة مالية، أو كارثة طبيعية، فأجاب:
هناك أمران هامان: أولهما حرب العراق، والآخر ما حدث خلال الأسابيع الثلاثة والنصف الماضية في وول ستريت. وفي كلا الأمرين، لاحظتم اندفاع جون ماكين، وكيف أنه لم يكن يحصل على كل المعلومات التي يحتاجها، محيطًا نفسه بأناس ميالين للموافقة على ما يقول. ونتيجة لذلك أظنه أصدر أحكامًا خاطئة. ففي العراق تبنى المعلومات الاستخباراتية التي كانت مؤذية لأبعد الحدود، ومازلنا نعاني من تبعاتها حتى الآن. أما خلال الأسابيع الثلاثة والنصف الفائتة فتحوَّل من الرجل الذي كان دائمًا يطالب بالتحرر من القوانين والتنظيم، إلى البطل الذي ينادي بالتقيد بالأنظمة. ولا أعتقد أن هذا هو التعامل الذي سنحتاجه في المرحلة الراهنة. أعتقد أننا بحاجة إلى شخص يستطيع رؤية جوانب النقاش جميعها، وتجميع أفضل الأشخاص سويًا، وتقييم كل خياراتنا، واتخاذ قرارات حاسمة، ولديه حس استراتيجي، أو رؤية حول الهدف الذي تريد بلادنا الانطلاق صوبه، ولا يكتفي بردود الفعل طيلة الوقت دونما تفكير تكتيكي.
سألته المجلة: لقد تناولت طعام الغداء مع بيل كلينتون في سبتمبر. كيف كان هذا اللقاء؟ وهل تشعر أنك تعلمت منه شيئًا كمرشح وكرئيس؟
فأجاب: لم يكن اللقاء صعب المراس على الإطلاق؛ لأن كلينتون أحد الأشخاص الجيدين، اللذين لم أشعر معهم بعدم ارتياح، وأعتقد أن بعض الاتهامات التي وجهها إليه قلة من مؤيديَّ لم تكن صحيحة. وأحد الأشياء التي اكتشفتها خلال فترة واحد وعشرين شهرًا مضت، يتلخص في كونه لا يأخذ الأمور بصورة جدّ شخصية.وبالطبع تعلمت منه الكثير؛ فأنا أعتقد أن بيل كلينتون أدرك، بصورة أسرع من بقية الديمقراطيين، ضرورة تصحيح بعض التجاوزات التي حدثت في أواخرالستينات وأوائل السبعينات، ما يتعلق منها بسياساتنا المالية وموقعنا الثقافي تجاه الشرق الأوسط، وقد كان محقًا بهذا الشأن، ولا زلتُ مدينا لـ بيل كلينتون بعد ما حققه.

Sunday, October 19, 2008

أزمة الرأسمالية


بزنس وورلد، 13 أكتوبر 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي


لمَّا كان النموذج الرأسمالي الأميركي هو الضحية الكبرى لأسوأ أزمة مالية شهدها العالم منذ الكساد الكبير، تسائلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مؤخرًا (أهي نهاية الرأسمالية؟)، لتأتيها الإجابة حاسمة من صحيفة ليبراسيون الفرنسية: بالفعل "إن الرأسمالية تحتضر".
مجلة "بزنس وورلد" لم تكن بعيدة عن هذا الحوار الاقتصادي، فأدلت بدلوها مؤكدة: ولم لا (فلا أحد كبير على السقوط)!
لقد قالها أحد الظرفاء يومًا: لا يمكن قتل الرأسمالية، لكن يمكنها تدمير نفسها.
انظر إلى هذا الخراب الذي اجتاح معظم المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وأوروبا خلال الأزمة المالية العالمية، وسيتضح لك أن الرأسمالية – أو على الأقل النسخة الأمريكية منها – التي دخلت الخدمة منذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت الآن على فراش الموت، أو مريضة للغاية على أفضل التقديرات.
حينما واجه الرئيس فرانكلين روزفلت الكارثة الاقتصادية، التي خلفتها الرأسمالية في عشرينيات القرن الماضي قال بأنه "مدعو لمعالجة مريض لا يعرف نوع مرضه "، أما اليوم، وبعد مرور أكثر من 80 عامًا، فيبدوا أن القوم لا يزالون غير قادرين على تشخيص مرضهم، ومعرفة أسبابه.
يقول معظم الخبراء إن خطة الإنقاذ لن تغير من الوضع القائم كثيرًا، ويبقى التخوف الأكبر من أن الحكومة الأمريكية ربما لن تكون قادرة على حل المشكلات التي لم تستطع أفضل عقول وول ستريت التعامل معها، وفي هذا يقول أنيرفان بانيرجي، رئيس البحث في معهد اكري، بنيويورك: في هذه المرحلة من اللعبة، لا يوجد بالفعل طريق آخر".

عالم على الحافة


"ذي إيكونوميست"، 4 – 11 أكتوبر 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي

أيًا كانت الخطط التي أقرها الكونجرس الأمريكي، فلن تستطيع أمريكا هذه المرة أن تنقذ العالم وحدها، في وقت تقف فيه عاجزة حتى عن إنقاذ نفسها.
أسبوعية ذي إيكونوميست الليبرالية البريطانية رأت أن الأزمة الآن أصبحت أكبر من أن تستطيع دولة واحدة مواجهتها، وأن الوقت قد حان لتتكاتف حكومات العالم في مواجهتها، مؤكدة أن خطة الإنقاذ الأمريكية لن تكون العصا السحرية التي تُنهي هذه الأزمة بين طرفة عين وانتباهتها، وهو الأمر الذي اعترف به بوش نفسه حين قال: إن خطة الإنقاذ تحتاج لوقت كافٍ حتى تظهر نتائجها".
حتى بعد موافقة الكونجرس على هذه الخطة، فإنه لا يوجد ما يدعوا للتفاؤل .
ارجع البصر لما هو أبعد من البورصات، خاصة في أسواق المال المتعثرة، فلن يرتد إليكَ البصر إلا بفشل المصارف، وخطط الإنقاذ الطارئة، والهلع الشديد الذي ضرب أسواق الائتمان.
هذه العوامل تدفع النظام المالي برمته إلى شفا جرف هارٍ، والعالم الغني إلى حافة ركود غاية في الخطورة.
إن من شأن هذه الخطوة أن تخفف من وطأة الأزمات، لكنها لن تستطيع إيقافها.
وهاهي الأزمة تمتد في اتجاهين؛ عبر الأطلنطي صوب أوروبا، وخارج الأسواق المالية صوب الاقتصاد.
ولطالما تعاملت الحكومات مع ذلك الأمر كارثة تلو الأخرى، وجاهدت لتمسك بزمام الأمور، ليس فقط بسبب سرعة انتشار تلك العدوى، ولكن أيضًا لأن صانعي السياسات والشعوب الذي يخدمونها قد فشلوا كُليَّة في السيطرة على عمق واتساع هذه الكارثة.
أمريكا هي السبب وراء ذلك كله، وهو الأمر الذي أكده وزير المالية الألمانى "بير ستينبروك" حين قال في 25 ديسمبر الماضي: "لقد كانت أمريكا مصدر هذه الأزمة ومركزها "، وهو الأمر الذي يُنذِر بنهاية عهد القوة العظمى.
المشكلة ليست في أن تسقط أمريكا، فلن يأسف عليها أحد، لكن الأزمة الكبرى تكمن في أنه بسقوطها سيسقط كل ما هو مرتبط بها، وللأسف هناك خيوط كثيرة في العالم لاتزال بيد العم سام.
لقد نام العالم كثيرًا، ثم استيقظ على دوي كارثة لم يعرف سبيلا للخروج منها حتى الآن، ولو انتبه العالم منذ فترة، ربما كانت الخسائر ستكون أقل مما هي عليه الآن.
معظم الوقت لم يكن الكثيرون ينتبهون للائتمان التي يمر عبر رئة الاقتصاد، والذي كان كالهواء الذي نتنفسه ويمر عبر رئتنا. لكن الجميع بدأ ينتبه عندما توقف الائتمان في الأسواق والبنوك عن التحرك.
أما الآن فالأسواق المالية بحاجة ماسة إلى الحكومات لوضع القواعد، فحينما تفشل البنوك تبقى الحكومات هي الملجأ الوحيد لها حتى تستفيد عافيتها، وهذا ما نطلق عليه المبدأ العملي لا مبدأ الرأسمالية.
الحكومات ليس عليها أن تتواصل مع البنوك وفقط، بل وأن تنسق معها أيضًا، وقد علمتنا الأزمة المالية الأخيرة أن خطط الإنقاذ المتقطعة تكلفتها أكثر ونتائجها أقل، لكنه كان درسًا بعد فوات الأوان.

نهاية الرخاء


"تايم"، 13 – 21 أكتوبر 2008.

ترجمة/ علاء البشبيشي


اهتمامات وسائل الإعلام العالمية والمحلية كانت - ولا زالت -اقتصادية بامتياز خلال الأيام القلية الماضية، في ظل أزمة مالية تركت الحليم حيرانًا!
مجلة تايم الأسبوعية الأمريكية رأت في هذه الأزمة نهاية حقبة اتسمت بالرخاء، وتدشينا لمرحلة جديدة لا يعرف أحد معالم خارطة طريقها بعد. كما طوّفت المجلة في أرجاء الماضي لتستلهم حلا قد يصلح لأزمات الحاضر.
فلنعد بالأذهان لعام 1930، حينما أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قانون تعريفة سموت-هولي، والذي تم بموجبه رفع الرسوم على ما يقارب 20 ألفًا من البضائع المستوردة. ومن العادل أن نتسائل الآن: هل بإمكان صانعي السياسات إعادة مافعلوه من قبل.
إن ما يحدث الآن على كافة الأصعدة يعكس مدى خطورة الوضع الراهن الذي لا تستطيع حتى 700 مليون دولار من أموال دافعي الشرائب وقف عجلة تدهورها.
أما البنوك والمؤسسات المالية الأخرى ففي وضح أشد سوءًا؛ لأن ديونها تتكدس بشكل أسرع. فمع حلول العام 2007 كانت ديون القطاع المالي تعادل 116% من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بـ 21% فقط في عام 1980.
وترى المجلة أن الأزمة الحالية ترجع جذورها لأزمة السوق التي شهدها عام 1929، حيث سقوط وول ستريت يوم (الثلاثاء الأسود)، الموافق 24 من أكتوبر عام 1929، حينما هبطت معدلات داو جونز نقطتين بالمائة. أما في يوم (الاثنين الأسود) الموافق 28 أكتوبر فانخفضت إلى 13%، وفي اليوم التالي إلى أكثر من 12%. وخلال السنوات الثلاث التي تلت ذلك تدهورت البورصة الأمريكية بشكل مذهل إلى 89% لتصل بعد ذلك إلى أدنى مستوياتها في يوليو من العام 1932.
وهاهي الكارثة تطل برأسها من جديد.
كل من يشك في أن الولايات المتحدة متوجهة نحو الركود يناقض الواقع؛ فبالإضافة للتدهور الراهن، مازالت البطالة في أعلى مستوياتها منذ خمس سنوات.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل الركود القادم سيكون قصيرًا وجزئيًا كما حدث في العام 2001؟!
ربما نتخطى هذه الأزمة، لكن سيبقى العالم بعد ذلك متوجهًا صوب الانكماش الكبير.

Saturday, October 11, 2008

حينما يرسم القضاة السياسة الخارجية


مجلة ذي نيويورك تايمز، 25 سبتمبر – 5 أكتوبر 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي


في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر أصبحت قرارات المحكمة العليا الأمريكية هي التي تحدد شكل العلاقات الخارجية الأمريكية.
هكذا ترى مجلة ذي نيويورك تايمز سطوة الدستور الأمريكي على السياسة الخارجية للبلاد.
كل جيل يحصل على الدستور الذي يستحقه، وخلال العقدين الأخيرين، كانت قرارات المحكمة، المروِّع منها والمُلهَم، تشكل وتعكس طريقة رؤيتنا لأنفسنا، وبعد أحداث سبتمبر بدأت المحكمة العليا في تقديم إجاباتها الخاصة عن مختلف الأسئلة.
إنها مشكلة ذات أبعاد كثيرة، وتطرح أسئلة كثيرة، من قبيل: هل من المفترض أن يُحاسَب المسئولون الأمريكيون رفيعو المستوى في جرائم تتعلق بانتهاك القانون الدولي؟ وهل للمحكمة العليا الأمريكية أن تُمرِّر قرارات المحاكم الدولية إذا ما تعارضت مع الدستور؟
في الأعوام الأخيرة ظهرت مدرستان للإجابة عن أسئلة من هذا القبيل، المدرسة الأولى مرتبطة بإدارة الرئيس بوش، ولديها قناعة بأن القانون في عهد الديمقراطية الحديثة يستمد شرعيته من تأييد ممثلي الشعب له.
أما المدرسة الأخرى والتي يتبناها الليبراليون فينظرون فيها إلى حكم القانون بشكل مختلف؛ وهو من وجهة نظرهم يتعلق بالعالمية ولا يقتصر على القومية.

! أريد أموالك


مجلة "ذي إيكونوميست"، 25 سبتمبر – 4 أكتوبر

ترجمة/ علاء البشبيشي


خطة الإنقاذ الأمريكية.. يراها البعض المُخلِّص المنتظر، والحل السحري لإخراج الاقتصاد الأمريكي من عثرته، فيما يُشكك البعض الآخر في أنها قد تدفع بالاقتصاد الأمريكي إلى مأزق التضخم.
مجلة "ذي إيكونوميست" تناولت تلك الخطة التي تهدف إلى تأمين حماية أفضل للمدخرات والأملاك العقارية، التي تعود إلى دافعي الضرائب، وحماية الملكية وتشجيع النمو الاقتصادي وزيادة عائدات الاستثمارات إلى أقصى حد ممكن.
الشيء الوحيد الذي لا يقبل النقاش في خطة الـ 700 مليار دولار -التي صاغها وزير الخزانة الأميركية هنري بولسون، ورئيس مصرف الاحتياط الفيدرالي بن برنانك؛ لإنهاء الأزمة المالية- هو أن الجميع يجد فيها شيئًا يكرهه؛ فاليسار يتهمها بالسطو على أموال دافعي الضرائب من أجل عيون وول ستريت، واليمين يلعنها باعتبارها اشتراكية، بعدما ألقت الإدارة الأمريكية الكرة في ملعب الكونجرس، وقام جورج بوش بطلب وقف السباق الرئاسي بين مرشحي الرئاسة الأمريكية جون ماكين وبارك أوباما.
إن توفير مبلغ من المال يكفي لتمويل حرب في العراق أمر ليس سهلا؛ خاصة في ظل تساؤلين جوهريين، الأول: هل ستنجح تلك الخطة؟ والثاني: ما هو الثمن المتوقع دفعه في حالة الفشل؟
وتقوم خطة السيد باولسون على شراء الديون الهالكة التي تقض مضاجع الأسواق المالية الأميركية وتهدد بانهيارها، وتعود في معظمها إلى السياسة الخاطئة للرهونات العقارية التي اعتمدها المضاربون الماليون في وول ستريت.
وترى ذي إيكونوميست أن دعم الحكومة للنظام المصرفي بإمكانه وقف دائرة الرعب والتشاؤم التي تهدد بإدخال الاقتصاد في دوامة ركود عميق.
هذا التدخل الحكومي قد يساعد دافعي الضرائب أيضًا؛ لأنهم في النهاية إما موظفون أو مستهلكون. ورغم أن الـ 700 مليار دولار تعتبر مبلغًا ضخمًا، إلا أن بعضها سيتم استرجاعه.
وقد أحسن باولسون وبرنانك صنعًا؛ إذ تحركا بسرعة، فقد استغرقت اليابان 7 سنوات حتى استطاعت القيام بخطوة مشابهة في تسعينيات القرن الماضي.

نظرة عن قرب على حياة ماكين تكشف رقمًا قياسيًا من التهور والنفاق


مجلة رولينج ستون، عدد 16 أكتوبر 2008

ترجمة/ علاء البشبيشي


(تكلم حتى أراك).. مقولة أثبتت الأيام عدم مصداقيتها في كل الأحوال، فربما تكلم الإنسان بغير لسانه، ليعكس شخصية غير شخصيته، وهو الأمر الذي ينجح فيه الكثيرون.
مجلة "رولينج ستون" ترى المرشح الجمهوري جون ماكين أحد هؤلاء الذين لم يعرف العوام حقيقتهم بعد، وأن نظرة عن قرب في حياته تكشف المستور، وتوضح الشبه الكبير بينه وبين بوش الابن.
إنها قصة رجل وضع مصلحته الخاصة فوق كل اعتبار، رجل قادر على قول وفعل أي شيء في سبيل تحقيق طموحاته.
إن حياة ماكين مشابهة بصورة عجيبة لحياة المقيم الحالي في البيت الأبيض؛ فقد كان كل من جون سيدني ماكين الثالث وجورج ووكر بوش من نفس الجيل، وكلاهما ناضل بطريقة خرقاء.
وتبين المجلة كيف أن قصة حياة ماكين لها وجهان، الأول يحكيه ماكين عن نفسه، والآخر ترويه الوقائع ويؤكده التاريخ، والروايتان بالطبع مختلفتان.
ماكين، حسب روايته الشخصية، هو الابن المبذر الذي علمته تجربته في حرب فيتنام أن يضع مصلحة بلاده قبل كل شيء. ثم هو بعد ذلك المصلح الخارج عن عرف الجماعة، والذي يتجنب أي شيء يمكن تفسيره، ولو من بعيد، على أنه استغلال لموقعه الوظيفي.
إنها الأسطورة التي نسجها ماكين حول نفسه طيلة سنواته في واشنطن، لكن القناع الذي كان يرتديه انزلق خلال حملته الانتخابية هذا العام، حينما قال لاري ويلكرسون، مدير مكتب وزير الخارجية في عهد كولن باول: "دعونا نواجهه، لقد بنى جون ماكين سمعته على حقيقة أنه لم يتنازل عن مبادئه من أجل السياسة، وهذا أمر غير صحيح".

كيف ألقى الجنون المالي بظلاله على وول ستريت


مجلة "تايم" الأمريكية، 29 سبتمبر – 5 أكتوبر

ترجمة/ علاء البشبيشي


إذا وجدتَ نفسك في حيرة من أمرك وأنت تراقب الأوضاع المالية حول العالم، فلا تُحمِّل نفسك فوق طاقتها، فالعيب ليس فيك، فحتى أكثر الناس التصاقًا بهذا المجال باتوا حائرين في ظل أزمة لم يشهدوا لها مثيلا من قبل.
ليس هذا وفقط، بل أصبح أكثر الناس خبرة وذكاء، ممن يديرون الخزانة الأمريكية، وهيئة الاحتياطي الفيدرالي يجدون أنفسهم في موقع رد الفعل، وليس الأخذ بزمام المبادرة.
كلمات حاول من خلالها كل من آندي سيروار وألان سلون تسليط الضوء على الأزمة الاقتصادية الحالية، وربما أرادوا أيضًا أن يخففوا من وطأة الأمر على نفوس الملايين من البشر، بعدما صار حليمهم حيرانًا!
فمع إشراقة كل شمس، يطل رعب مالي جديد برأسه على العالم؛ كما لو كان ستيفن كينج، روائي الرعب الشهير، يدعم الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي، ألان جرينسبان، من أجل أن ينشر قصصًا مرعبة، تحتوي على أرقام محبطة. إنها الأرض المجهولة التي لا يتوقع أحد زيارتها.
هناك نافذتان يمكنك من خلالهما الإطلال على هذا المشهد، الأولى نافذة وول ستريت، التي تُشكِّل النظريات والأرقام والمعادلات ولا تنطق إلا بالهراء والتبريرات، وهناك النافذة الحقيقية، التي تطرح الأسئلة الحاسمة: كيف وصلنا إلى ذلك؟ وكيف يمكننا الخروج منه؟
وبعدما طرحت المجلة أسئلتها، طالبت القراء بأخذ نفسٍ عميق قبل أن تشرع في شرحها، وكيف أن الجنون المالي لم يُلقِ بظلاله على وول ستريت وحدها، بل على كل شبر في البلاد، ولماذا سيدفع معظمنا الثمن في النهاية، وكيف أننا ندفع في الحاضر ثمن ما كسبته أيدينا في الماضي!
إذا ما استمر الاقتصاد في التأرجح، فربما يؤدي ذلك إلى انتكاسة ثانية في النظام المالي، في الوقت الذي لم نتعافَ فيه بعد من الانتكاسة الأولى.
ولكن كيف حدث ذلك؟ ولماذا اجتاحنا الرعب خلال الأربعة عشر شهرًا الماضية؟ فلنفكر في الأمر باعتباره سداد دين قديم!
لقد عمّ الخوف الآن نتيجة أن الأسواق المالية، والمقترضين لم يخافوا من قبل؛ فلم تقلق وول ستريت يومًا من النظام الذي فقد سمعته.
وقد أصبح عدم الخوف هذا تُربة خصبة للجشع والجهل في وول ستريت، وغيرها من الأسواق.
ولأن وول ستريت كانت دائمًا مرتعًا للجشع، تهب عليها ريح عاتية كل عقد أو يزيد، لكن ذلك سرعان ما يُنسى!