برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, December 29, 2009

حلقة 2 ديسمبر 2009


مقدمة الحلقة

نبدأ حلقتنا لهذا الأسبوع من سجن "إيفين" سيء السمعة في طهران، حيث قضى مراسل مجلة نيوزويك 118 عامًا في قلب الجحيم، بالطبع لن نترككم هناك، بل أنتم مدعوون معنا إلى جولة في أروقة عقل نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن، تصحبنا خلالها مجلة نيويورك تايمز. بعدها ننتقل إلى مجلة بروسبكت لنكتشف "لماذا يحب الدكتاتوريين شبكة الإنترنت؟". في محطتنا الرابعة سيتوقف قطار مجلة البيادر السياسي مع إعلان إقامة الدولة الفلسطينية عبر مجلس الأمن، ثم نطير إلى لبنان برفقة مجلة المشاهد السياسي لنعرف من قتل الحريري ومشى في جنازته. أما محطتنا الأخيرة فستكون بين هدير الطائرات وزئير المدرعات وصرخات المدافع على الحدود السعودية اليمنية، لنشهد بداية العد العكسي لحرب الحوثيين.


اربطوا أحزمتكم، فقد أوشكنا على الإقلاع..


118 يومًا في الجحيم


نيوزويك، 1 ديسمبر 2009


في 21 يونيو، أُوقِظ المراسل "مازيار باهاري" من نومه، واقتيد إلى سجن "إيفين" سيئ السمعة في طهران، ووُجًّهت إليه اتهامات بالتجسس لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركي ة (سي آي أيه) والاستخبارات البريطانية والموساد... ومجلة نيوزويك.

إنها قصة نظام يزداد تصدعا يومًا بعد يوم، يحكيها "مازيار باهاري" بنفسه من سجن "إيفين"، وتبدأ نحو الساعة العاشرة صباحا، من يوم 21 يونيو 2009، وتستمر لمدة 118 يوما و12 ساعة و54 دقيقة في قلب الجحيم.


أجلسني المحقق على كرسي خشبي، وكان مزودا بذراع يمكن الكتابة عليها، طلب مني أن أطأطئ عيني مع أنهما كانتا معصوبتين. بادرني بالقول: "سيد باهاري، أنت عميل لدى منظمات استخباراتية أجنبية". تمتمت: "هل تقول لي أي منظمة".
فصرخ: "تكلم بصوت أعلى". وانحنى نحوي، فأصبح وجهه على بعد إنش واحد من وجهي. وشعرت بنفَسه على بشرتي: "ماذا قلت؟".
كررت: "كنت أتساءل إذا كان بإمكانك أن تتلطف وتخبرني ما هي هذه المنظمات".
فعدد أسماء المنظمات واحدة تلو الأخرى في صوت منخفض إنما واثق "سي آي أيه، الاستخبارات البريطانية، الموساد، ونيوزويك". صعقتني ثقته بنفسه. لم أكن أعرف آنذاك بالضبط لحساب أي فرع يعمل في الحكومة الإيرانية المنقسمة. اكتشفت لاحقا أنني اعتُقِلت على يد فرع الاستخبارات في حرس الثورة الإسلامية. فرع الاستخبارات في الحرس الثوري مسئول الآن عن الأمن الداخلي في إيران، مما يعني أن جنون الارتياب التي تجتاحه باتت تغمر النظام بكامله. لا يزال هناك لاعبون داخل النظام قادرين على اتخاذ قرارات عقلانية بشأن المصالح الدولية لإيران، فلو لم يكونوا موجودين، لكنت ما زلت في السجن. غير أن الحرس الثوري يساهم في تفاقم أسوأ الغرائز في الجمهورية الإسلامية وانعدام الأمن فيها وشكوكها العميقة. بينما تحاول القوى العالمية إشراك طهران للتخفيف من التهديد الذي يشكله برنامجها النووي، من الضروري أن تفهم هذه الذهنية والدور الذي يؤديه الحرس الثوري الآن داخل النظام الإيراني.

ما بعد تشيني


نيويورك تايمز، 29 نوفمبر 2009


تحت عنوان (ما بعد تشيني)، تحدث مجلة نيويورك تايمز عن نائب الرئيس الأميركي "جو بايدن"، التي قالت إنه قد يصبح ثاني أقوى نائب رئيس دولة في التاريخ، مشيرة إلى أسباب تعيين أوباما نائبًا له، ورؤيته لشخصية رئيس الوزراء العراقي ومستقبله السياسي، والانتخابات التشريعية المزمع انعقادها بغداد قريبًا.


حينما سافر نائب الرئيس "بايدن" إلى العراق، كما اعتاد أن يفعل كل شهرين، استقل طائرته (اير فورس تو)، متجهًا إلى قاعدة عسكرية جوية جنوبي إنجلترا، ثم انتقل إلى طائرة نقل عسكري من طراز سي 17. في هذه الأثناء كان لقائي الأول بنائب الرئيس خلال عودته من رحلته الأولى إلى العراق.

خلال إحدى زياراته التي استغرقت يومين إلى العراق التقى بايدن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من كبار المسئولين السياسيين. والمالكي في نظر مسئولي إدارتي بوش وأوباما شيعي متعصب يميل إلى تهميش الأقلية السنية في العراق. لذلك قال بايدن لي: "لم تسمعني أبدًا قبل هذه الرحلة أنشد مديحًا في المالكي".

قال بايدن إنه كان يحمل نظرة ثانية للمالكي. ففي مارس من العام الماضي، أرسل رئيس الوزراء جنودًا لسحق قوات مقتدى الصدر، والمليشيات الشيعية التي تسيطر على مدينة البصرة. وبذلك استعدى أجزاء من قاعدته (الشيعية). وأردف بايدن "لقد وضع نفسه في مأزق حقيقي، وإذا ما أردا الحفاظ على كرسيه، فكيف بإمكانه فعل ذلك؟ مع اقتراب موعد الانتخابات العام القادم، يحتاج إلى حشد ائتلاف رابح. فهل سيطلب دعم الأكراد؟ أو السنة؟ لكن كيف ذلك وهذين الفصيلين يضع كلا منهما يديه في حلق الآخر؟

وعلى عكس أوباما، قضى بايدن حياته كلها في السياسة. لذلك كانت أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت أوباما يلتمس النصيحة من بايدن بشأن السياسة الخارجية، لاسيما أفغانستان في الشهور الماضية، هو معرفة بايدن العميقة بما يُعتَبر جديدًا على أوباما. لقد بدا حكمه صائبًا فيما يتعلق بالعراق، حيث ستمثل الانتخابات القادمة نجاحًا كبيرا للعراقيين ولإدارة أوباما. هذا إذا حدث ذلك بالفعل. فربما يظل القادة العراقيون يفضلون الطائفية على المصالح الوطنية بغض النظر عن تداعياتها.

لماذا يحب الدكتاتوريين شبكة الانترنت؟


بروسبكت، ديسمبر 2009


خلقت شبكة الإنترنت فرصاً هائلة للملايين من الناس في جميع أنحاء العالم للتعبير عن أنفسهم: بالحرية في الابتكار والتواصل، التنظيم والتأثير، والتحدث بصوت مسموع. مجلة بروسبكت سلطت الضوء على هذا الجانب المفيد للشبكة العنكبوتية، لكنها في الوقت ذاته قالت إن هذا التأثير لا يتعدى في أحايين كثيرة أن يكون زوبعة في فنجان لا يتعدى تأثيرها بضعة سنتيمترات.


من المفترض أن تكون مهمة الانترنت مساعدة النشطاء، وإفساح مجال للاحتجاج الديمقراطي، وإضعاف قبضة الأنظمة الدكتاتورية. لكنها في الواقع لا تقوم بهذه المهمة.

(على سبيل المثال) تعتبر بيلاروس، التي هي مسقط رأسي، مرتعًا مستبعدًا لثورة الإنترنت. لاسيما وهي ترزح تحت حكم الرئيس الدكتاتور ألكسندر لوكاشنكو منذ العام 1994، والذي وصفته كوندوليزا رايس يومًا بأنه "آخر المراكز الطليعية للدكتاتورية في أوروبا".

الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي جرت في مارس من العام 2006، أعقبتها ثورة قصيرة وفاشلة، بعد قمع التظاهرات في مهدها بوحشية. وحينما فشلت المسيرات العامة، تحوَّل المتظاهرون إلى أشكال أخرى من التمرد أكثر إبداعًا، يُستَخدَم خلالها البريد الإلكتروني أو وسائل الإعلام المحلية لحشد مجموعة من الأشخاص في مكان عام، حيث يقومون بأحد الفعاليات المختصرة. يقوم الشباب بالابتسام أو قراءة الجرائد أو تناول المثلجات.

على الجانب الآخر أجرت قوات الأمن العديد من الاعتقالات في صفوف المتظاهرين، وقد تم تسجيل ذلك بالصور، التي نُشِرت على "لايف جورنال" ومواقع مشاركة الصور مثل فليكر. وقد تلقف المدونون الأجانب هذه الأخبار، ثم فعلت وسائل الإعلام التقليدية، ما لفت الانتباه لهذه التدخلات القاسية.

وتُكمِل المجلة رصد انتقال إرهاصات الثورة من الشارع إلى صفحات الإنترنت، ما خلق لها ميدانًا جديدًا للمناورة، جعل بإمكان مجموعة مستضعفة من المتظاهرين أن يتحدوا تلك الأنظمة القمعية. لكنها خَلُصَت في النهاية إلى إن النشاط في العالم الافتراضي قلما يغير الواقع على الأرض.

تم الاحتفاء بتفاصيل هذه الثورة من قبل معظم المفكرين الغربيين الذين يؤمنون بأن نشطاء العالم الرقمي بإمكانهم الإطاحة بالأنظمة الفاشية. هذه الوسائل أوضحت كيف يمكن لهذا الجيل الجديد من المتظاهرين، المسلحين فقط بالتكنولوجيا، أن يقفوا في وجه الدولة بوسائل لم تكن تخطر على بال أحد في عام 1968 أو عام 1989. لكن هذا التحمس الرقمي نادرًا ما ينقل لك تفاصيل ما يحدث بعد ذلك

دُعيتُ في أكتوبر للإدلاء بشهادتي أمام لجنة الأمن والتعاون في أوروبا، المؤلفة من كوكبة من أعضاء الكونجرس الأميركي والدبلوماسيين والمسئولين العسكريين. كانت المجموعة تعقد جلسة استماع تحت عنوان (تويتر ضد الطغاة: وسائل الإعلام الجديدة في الأنظمة الفاشية). في البداية راقت لي الفكرة، لكن سرعان ما تغير رأيي. فمنذ العام 2006 إلى العام 2008 عملتُ في مشروع على الانترنت بتمويل أجنبي، وكانت الفكرة الرئيسية أن (دعونا نعزز الديمقراطية عر المدونات)، لكني استقلتُ العام الماضي. لأن مهمتنا في دفع مواطني الأنظمة الفاشية عبر الإنترنت كان لها تداعيات غير متوقعة، ففي بعض الأوقات بدت جهودنا كما لو كانت تضر بالأهداف التي من أجلها نعمل.

إعلان إقامة الدولة الفلسطينية عبر مجلس الأمن




البيادر السياسي، 28 نوفمبر 2009


توقع كثيرون بعد توقيع اتفاقيات أوسلو المتعددة، أن يتم إعلان إقامة الدولة الفلسطينية، لكن ذلك لم يحدث، بل بالعكس تأخر إعلان إقامة الدولة لأكثر من عشر سنوات؛ لأن الجانب الإسرائيلي لم يسمح بذلك حتى الآن، ويعارض مثل هذه الخطوة ويعتبرها أحادية الجانب، ويهدد ويتوعد الفلسطينيين في حال الإقدام عليها.

تحت عنوان (إعلان إقامة الدولة الفلسطينية عبر مجلس الأمن) تحدثت مجلة "البيادر السياسي" عن إمكانية تحقيق هذه الخطوة، وفرص نجاحها وتداعيات فشلها. متسائلة أهو قرار عربي أم فلسطيني وما هي أسبابه؟!

اختلفت الآراء حول الوقت المناسب لطرح هذا القرار على مجلس الأمن الدولي. فهناك من يقول إن الوقت جاء مناسباً وخاصة بعد تقرير جولدستون، إذ أنه سيقدم للمجلس لتبنيه، فإذا لم يتم تبنيه، فإن المجلس مضطر لتعديل ذلك بالتصويت لصالح قرار إقامة الدولة الفلسطينية، مع أن الفيتو الأمريكي جاهز لإسقاط أي قرار يقدم إلى مجلس الأمن ولا توافق إسرائيل عليه، أو تعارضه كاملاً، أو تعتبره مساً بوجود كيانها وتعدياً عليها، ويشكل خطراً على أمنها

وهناك آخرون يقولون إن الوقت المناسب لم يحن بعد، إذ علينا الانتظار قليلاً حتى تتعقد وتتعمق الخلافات الأميركية الإسرائيلية، وحتى ترتاح أمريكا أكثر من الملف النووي الإيراني، وبعد التوصل إلى اتفاق مع إيران بهذا الخصوص، وبعد أن تهدأ موجة تقرير جولدستون.


والمؤيدون لتقديمه الآن يقولون أن مجرد تقديمه هو بمثابة ممارسة ضغط على إسرائيل، وقد يطلب من مجلس الأمن دراسته والتصويت عليه بعد أيام أو أسابيع، ولكن المهم أن يقدم هذا المشروع لمجلس الأمن لأنه لا بديل لإعلان قيام الدولة الفلسطينية وبدعم المجتمع الدولي إلا عبر مجلس الأمن.

ويقول المؤيدون لهذا القرار أنه ليس أحادي الجانب، ولكنه عربي، ورغم أن الفكرة انطلقت من داخل الساحة الفلسطينية وعرضت على وزراء الخارجية العرب الذين تبنوها.

وانتقلت المجلة إلى التأكيد على أن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عقيمة وتدور حول نفسها، وفي نفس المربع، في بعض الأحيان تتحقق إنجازات، لكن سرعان ما تتبخر نتيجة تراجع الموقف الإسرائيلي، أو نتيجة تغير وجوه القيادة الإسرائيلية، وكل وجه جديد يريد أن يملي على الفلسطينيين شروطاً تعجيزية ومرفوضة. وعلى الفلسطينيين أنفسهم الاستعداد جيدًا لمواجهة هذه السيناريوهات المحتملة.

لا يمكن الجزم بأي سيناريو في هذه المرحلة الصعبة، فكل شيء وارد، وهذا يعتمد على الظروف والمعطيات الدولية، فإذا حلّت العديد من المشاكل في المنطقة، فإن ذلك قد ينعكس إيجابا على النزاع مع الجانب الإسرائيلي، أما إذا تدهورت الأمور، فإن الجانب الفلسطيني مضطر ومجبر على التهدئة، والصبر إلى أن تهدأ العاصفة، وبخاصة إذا كانت العاصفة هي مواجهة "ساخنة" (نأمل ألا تقع) بين إسرائيل وإيران.

ولكن المطلوب في ظل هكذا وضع أن تتحقق المصالحة الوطنية بين حركتي "فتح" و"حماس" حتى يكون الفلسطينيون موحدين في مواجهة ما قد تتعرض له القضية في هذه الأوقات..

تسعى إسرائيل إلى بقاء حالة الجمود السياسي، والعالم يتفرج، والانقسام الفلسطيني مستمر، لذلك علينا تجاوز هذا الانقسام حتى لا نبقى معانين ونعيش تحت الاحتلال، وحتى نتخذ خطوات موحدة لمواجهة ما هو غير المتوقع..

هل نكون كلنا بمستوى المسؤولية المطلوبة؟ نأمل أن نكون كذلك، وإلا فالثمن باهظ للجميع ومن دون استثناء!

هكذا قتلوا الحريري ومشوا في جنازته



المشاهد السياسي، 22-28 نوفمبر 2009


بعد سنتين على مغادرته قصر الرئاسة في بعبدا، أجرت مجلة المشاهد السياسي حوارًا مع رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، شدّد فيه على أن الغرب لن يعطي أسلحة للجيش اللبناني تجعله قادراً على مواجهة إسرائيل، كما أكد على أن اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان في سياق مؤامرة استهدفت عهده، كما استهدفت سورية، ولا يستبعد أن يكون الذين قتلوا الحريري مشوا في جنازته، وإلا فلماذا يرفضون الاستماع إلى «الشاهد الزور»... لأنه سيعترف بمن لقّنه ما أدلى به، وهو يجزم بأن هناك شركاء في الجريمة من داخل الفريق الذي أراد سجن الضبّاط الأربعة.


بعد أقلّ من شهر على اغتيال الرئيس الحريري، جاء موفد فرنسي من المخابرات العسكرية، وكان أول ما قاله: إن القيامة قائمة عليك لأنهم يتّهمونك أنك والرئيس بشار الأسد قتلتما الحريري، فكم من الوقت يمكنك الصمود؟ أجبته: أنا سأوجّه إليك السؤال: عندما تقع جريمة ولا يكون هناك قرائن، ما هي أول خطوة يقوم بها التحقيق؟ قال ما هي؟ قلت يبحثون عن المستفيد الأول من الجريمة ومن المتضرر الأول من الجريمة.

قال: ماذا يعني ذلك؟ قلت: كيف أنا والرئيس بشار قتلناه ونحن أكثر المتضررين؟ فقال: كيف؟ قلت لأن الرئيس الحريري هو من مشى في التمديد وهو يوميا يذهب إلى سورية، والأمور كلّها تسير كما ينبغي. أما لماذا؟ فلأن إسرائيل لم تتمكّن من النيل منّا في شيء ولا حتى في الحرب، وهي من يقتل القتيل ويسير في جنازته. فقال الغربي: أنا ضد أن تتهم إسرائيل، قلت له: مهلاً.. إسرائيل تنجز الخطة والدول الكبرى التي تساندها تغض الطرف. يمكنك أن تفكّر منطقيا فتجد أن الحق معنا. وهذا ما حصل والدليل هو الضباط الأربعة. إنما الغريب هو لماذا يرفضون التحقيق مع الشاهد الزور؟ ببساطة لأن هذا الشاهد سيعترف بمن قال له أن يتكلّم بما أدلى به. وحينها تصل الأمور إليهم. ما داموا يرفضون أن يتحدّث شاهد الزور، فإني أقول إن وراء الجريمة شركاء فيما بينهم، فمن أين أتى هذا الشاهد الزور حتى يبقى الضباط الأربعة سنوات في السجن؟!. كفى أن يشتغلوا بنا من الخارج كي يشتبك اللبنانيون مع بعضهم بعضاً. يجب أن نكون موحّدين لنواجه العدوّ المشترك إسرائيل، فهي من اغتصب أرضنا ومن أوجد كلّ المشكلات.

بداية العد العكسي لحرب اليمن


الحوادث، 27 نوفمبر 2009

رهان المتمردين الحوثيين انقلب ضدهم: مدّ رقعة القتال في اتجاه الحدود السعودية ارتدّ وبالا عليهم، وحشرهم بين فكي كماشة.. وتواكبت هذه التطورات مع حصار مرفأ ميدي، وإقفال مسارب جبل دخان، وتفاقم مشكلات اللاجئين.

إنها بداية العد العكسي لحرب اليمن ترصدها مجلة الحوادث، مستهلة موضوع غلافها الأخير بتسليط الضوء على خارطة الصراع الكبرى في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

يبدو أن عام 2010 سيكون مرحلة تحولات في الشرق الأوسط والعالم، على غير صعيد سياسي وأمني واقتصادي وبيئي. والحروب المتنقلة من لبنان إلى أفغانستان إلى اليمن... وبخاصة فلسطين، أرض القداسة والآلام، تهدف إلى هدر طاقات الدول النفطية، وزعزعة أمنها وتفكيك كياناتها، وتقليب فئات الشعب بعضها على بعض: الجيش الباكستاني وطالبان و"القاعدة". الجيش اليمني والحوثيون، الشيعة والسنة في العراق، الجزء على الكل والكل على الكل في لبنان، "حماس" على "فتح" في ما تبقى من فلسطين. وتدخل الوساطات من الدوحة إلى تركيا إلى الجامعة العربية، ولا جدوى؛ لأن إضعاف محيط إسرائيل مفيد للدولة العبرية التي لن تدع في العالم العربي حجرًا على حجر، شأن ما فعلت في العراق ولبنان وفلسطين سواء بواسطة "الموساد" أو المرتزقة أو جيش الولايات المتحدة الذي ينتحر فيه الشبان كل سنة بشكل مأساوي؛ لعدم إدراكهم لم يعيشون ولماذا يموتون، وإلى متى يظل الموت يحملهم ويحمل أحفادهم على جناحيه من فيتنام إلى يوغوسلافيا إلى تورا بورا إلى بغداد إلى أدغال أمريكا الجنوبية، وغيرها.

في اليمن إذا، تجربة مُرة وصعبة لكل من الدولة الحوثيين والمملكة العربية السعودية وإيران.. وحتى الخليج ودول الشرق الأوسط عمومًا. فالجولة السادسة تختلف عن سابقاتها، وهي تبدو طويلة، وتحتاج إلى حرب عصابات، ويختلط فيها الزيدي بالعقلاني، وسلاح الطيران بسلاح البحر بالكهوف، كما يرتبط جبل دخان بجنوب لبنان وجنوب العراق، وترتبط صعدة بقم والنجف، وتمتزج شعارات بما يناقضها، مع سيطرة المنحى المذهبي على الانفتاح على الانفتاح الكوني، والنزعة التكفيرية على نزاعات التفكير.


ولا تستبعد المجلة أيضًا الربط ما بين الوعر في دنيا قبائل الباشتون، والجبال الموحشة على الحدود السعودية اليمنية، حيث يقرر الصراع العربي-الفارسي، والخليجي-الإيراني، مصير المنطقة من خلال ما ستنتهي إليه الأمور حول النووي الإيراني، والنفوذ الممتد المتصاعد، وما سيكون عليه الوضع الخليج المملوء نفطًا وأحلامًا، والساعي إلى استعادة "الجزر الثلاث" بالجهود الدبلوماسية.

ثم تنتقل المجلة إلى طرح سيناريوهات المستقبل المتوقعة في المنطقة، وما تفرزه من تساؤلات مزمنة يختلف الجميع حين يجيبون عنها.


كثيرون يتخيلون اليوم، ماذا سيحصل لو جرت مواجهة مباشرة بين إيران القوية ومحيطها العربي القوي أيضًا، وما الموقف الذي سيتخذه الأسطول الخامس، ومعه بعض القواعد الأمريكية والفرنسية؟ وكيف سيكون مصير "مضيق هرمز" والبحر الأحمر.. والمتوسط، ومصير المجتمعات العربية التي هي مزيج متنوع من ملل ونحل، وأكثريات وأقليات، وأصوليات وأمزجة حديثة؟ الواضح حتى الآن أن الحكومة التي تدير بأصابعها المعارك المتنقلة إنما تزرع العنف والفساد في معظم الدول المحيطة بإسرائيل، لكي تسمح لها، بعد بناء الترسانة النووية، وتحقيق المناورات، وتصنيع الأسلحة المدمرة، بالقضاء على الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، وبتهويد القدس، وبالهيمنة على الضفة الغربية من خلال كثافة المستوطنات. وإلى أن تُنهِي إسرائيل مشروعاتها بدعم أمثال أوباما وكلينتون، وساركوزي وكوشنير، فإن العالم سيعاني الكثير. ولا يستبعد الخبراء أن يتأخر الحسم في "صعدة" وأن يكون الآتي أعظم.