
نيوزويك، 24 فبراير 2009
كان أقرب إلى الشماتة منه إلى التحليل.. ذلك هو موضوع غلاف مجلة نيوزويك الأخير، الذي كرسته كاملا للتشفي من ثُلاثي الممانعة (تشافيز ونجاد وبوتين)، الذين رأت أن نفوذهم انحسر بشدة مع انخفاض أسعار البترول في خضمّ الركود العالمي.
ولم تتوقف المجلة عند حد تحليل الأحداث، واستنباط النتائج، بل تعدت ذلك إلى مرحلة التشهير، حين وصفت هؤلاء الرؤساء الثلاثة بأنهم (الوقحون، متحدو الإمبريالية الأمريكية).
مع دخول الاقتصاد العالمي في فترة الركود، وتدني سعر برميل النفط إلى 37 دولارًا بسبب انخفاض الطلب عليه، بدأ الثلاثي بوتين وتشافيز وأحمدي نجاد يخسرون قوتهم. وتبين أن الامبراطوريات التي بنوْها بفضل النفط هشة ومعرضة للتضخم والبطالة. ويبدو أن ازدياد الاضطرابات السياسية يهدد نفوذهم الشخصي الآن.
يقول دانييل يرغن، الخبير في شئون الطاقة: "إن ارتفاع أسعار النفط وازدياد الثراء المتأتي منه غيّرا السياسات الجغرافية في السنوات الأخيرة. ونحن نشهد الآن انعكاسًا لهذا المسار".
انحسار نفوذ أباطرة البترول هو من الحسنات الغير متوقعة لهذا الركود العالمي القاسي. لقد دعا باراك أوباما أعداء أمريكا للحوار، ويبدو أن بوتين وتشافيز ونجاد يتجاوبون بحماسة مفاجئة. ويعود ذلك إلى أن سعر النفط لم يعد يدعم طموحاتهم الجيوسياسية.
صيح أن تشافيز -الذي غالبًا ما كان ينعت بوش بالشيطان- أعرب عن استعداده للتحدث مع أوباما في "لقاء من الند للند يسوده الاحترام"، وهونفس ما أعرب عنه نجاد الأسبوع الماضي، لكن الغريب أن تختصر المجلة كل الدوافع وراء هذا الانفتاح في قضية انخفاض أسعار النفط، متجاهلة على سبيل المثال رحيل العقبة الكئود – المتمثلة في بوش- التي كانت تقف حجر عثرة أمام هذا الانفتاح.
الجميع يدرك أن أوباما وصل إلى الحكم في وقت تبرز فيه مجموعة غير معهودة من التحديات الخارجية. بدءًا من السودان ووصولا إلى كوريا الشمالية. لكن ما يميز أباطرة البترول هو مدى طموحهم وعدوانيتهم. فقد كان بوتين يأمل في تشكيل كارتِل للغاز ينافس منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك)، ولا يزال يتصارع مع الولايات المتحدة على النفوذ السياسي والسيطرة على أنابيب نقل الغاز عبر أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.
وكان تشافيز يطمح في إنهاء بناء الامبراطورية اللاتينية التي حلم بها بطله سيمون بوليفار في الماضي. بما فيها بنك إقليمي يسيطر عليه تشافيز نفسه.
وأراد أحمدي نجاد أن يعيد لإيران دورها كقوة بارزة في المنطقة، تدعمها الأسلحة النووية في شرق أوسط لاوجود لإسرائيل فيه.
سيكون من الصعب جدًا ذكر ثلاثة قادة يصبّ تضاؤل نفوذهم في مصلحة الولايات المتحدة أكثر من هؤلاء القادة.
No comments:
Post a Comment