برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, April 1, 2009

وقف الهجوم الأخطر



نيوزيوك، 24 مارس 2009


حينما سُئل وزير الدفاع "روبرت جيتس" عما يُبقيه مستيقظًا في الليل، قال: "فكرة أن يمتلك إرهابي سلاح دمار شامل، ولا سيما سلاحًا نوويًا".
حول هذا (الهجوم الأخطر على الإطلاق) كان موضوع غلاف مجلة نيوزيوك، الذي خلُصت فيه إلى أن العلوم الجنائية النووية الجديدة هي الطريقة الوحيدة الكفيلة بأن تُبقي القنابل النووية بعيدة عن الأيدي الخاطئة.
العلوم الجنائية النووية أساسية لخلق ردع جديد. فهي تقتضي العودة إلى الوراء انطلاقا من حدث إرهابي ما ــ حطام قنبلة منفجرة أو مصادرة مادة انشطارية في السوق السوداء ــ لاقتفاء أثر المادة ومعرفة مصدرها. تشبه هذه الآلية التعرف إلى مجرم عن طريق البصمات. ففي القرن العشرين تعلم المحققون كيف ينتزعون البصمات عن سطح ما ويحددون أن كل واحدة منها تخص فردا معينا ويضعون قاعدة بيانات بالبصمات الخاصة بمجرمين أو مشتبه بهم معروفين.كما في عمل الشرطة العادي، لا يمكن تحديد مُذنًب نووي إلا بوجود قاعدة بيانات للمقارنة. المواد التي يحتاج إليها الإرهابيون لصنع أداة نووية موجودة حاليا في أربعين بلدا على الأقل. يعمل الخبراء النوويون الآن على جمع قاعدة بيانات واسعة مؤلفة من كل المصادر المعروفة. في حالة اليورانيوم والبلوتونيوم، أي العنصرين اللذين تُصنَع منهما القنابل النووية، تترك كل خطوة في دورة الوقود النووي، استخراج اليورانيوم الخام وتحويله إلى سداسي فلوريد اليورانيوم وتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود المستنفد، آثارا يمكن أن تحدد مصدر المادة على وجه الكرة الأرضية. لليورانيوم الخام أمزجة مختلفة من العناصر، يورانيوم وأمريكيوم أو بولونيوم، تصدر أشعة ألفا وبيتا وغاما بمعدلات مختلفة. يختلف مزيج نظائر البلوتونيوم من نوع من المفاعلات إلى آخر.بعد انفجار قنبلة نووية، تجمع الشرطة الجنائية النووية عينات من الحطام وترسلها إلى مختبر للتحليل الإشعاعي ــ الكيميائي. عبر تحديد خصائص فريدة للمادة الانشطارية، بما في ذلك شوائبها وملوثاتها، يمكن اقتفاء أثرها وصولا إلى المصدر.
وبعد أن تحدثت المجلة عن كوريا الشمالية وكأنها بائعة الأسلحة النووية في السوق السوداء، تسائلت: ماذا لو عرض أسامة بن لادن عشرة ملايين دولار على الرئيس الكوري الشمالي "كيم يونغ إل" للحصول على قنبلة نووية؛ لتفجيرها مثلا في مدينة نيويورك، وعشرين مليون دولار للحصول على قنبلة ثانية لتفجيرها في تل أبيب؟! لتخرج بنتيجة أخرى مفادها أن الرئيس البائد بوش فشل في تأمين بلاده ضد التهديد الأكثر خطورة للأمن القومي الأمريكي.
الحقيقة القاسية هي أن الرئيس بوش فشل في تنظيم وتنفيذ استراتيجية متماسكة في وجه ما أسماه عن صواب "التهديد الوحيد الأكثر خطورة للأمن القومي للولايات المتحدة". فإدارة بوش التي خصصت أكثر من مليار دولار لمسح الحمولة، لم تستثمر سوى عشرات الملايين في العلوم الجنائية النووية.لقد أعلن الرئيس أوباما أن الإرهاب النووي هو "تهديد أكثر إلحاحا من كل التهديدات الأخرى" وتعهد بأن إدارته ستتحرك في هذا الإطار. يجب أن يكون تحديث مفاهيم الردع النووي للقرن العشرين كي تكون على مستوى تهديدات القرن الحادي والعشرين، أولوية قصوى بالنسبة إلى إدارته، وثمة مؤشرات بأنها كذلك. قبل أن يصبح جو بايدن نائبا للرئيس، دعا إلى تطبيق "نوع جديد من الردع" لكبح البلدان التي قد تساهم في هجوم إرهابي. يجب أن تلقى مهمة وضع مبدأ عام للمساءلة النووية ينطبق على باكستان وإيران أو حتى على روسيا والولايات المتحدة، على عاتق التحالف العالمي المشار إليه آنفا. غير أن ذلك سيستغرق أشهرا من المشاورات، في حين أنه يجب المبادرة في الحال إلى ردع كيم ومنعه من اتخاذ الخطوة القصوى وبيع سلاح نووي إلى إرهابيين. ينبغي على الإدارة الجديدة أن تتحرك على الفور لإقناعه بأن كوريا الشمالية سوف تتحمل كامل المسؤولية عن أي سلاح نووي يصدر عنها. والحل الأمثل هو أن تتصرف الولايات المتحدة بالتعاون مع روسيا والصين على خطى ما فعله كنيدي خلال أزمة الصواريخ الكوبية. من شأن سياسة مساءلة نووية توضع خصيصا للتعامل مع كوريا الشمالية أن توجه إلى كيم تحذيرا مباشرا لا لبس فيه بأن انفجار أي سلاح نووي مصدره كوريا الشمالية على أراضي هذه الدول أو حلفائها سوف يستدعي ردا انتقاميا شاملا.

No comments: