برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Saturday, February 20, 2010

تنافس في تكرار خطايا أوسلو


أبيض وأسود، 7 فبراير 2010
تحت عنوان (تنافس في تكرار خطايا أوسلو) تناولت مجلة أبيض وأسود بالتحليل تصريحات رئيس السلطة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس في مقابلة له مع صحيفة (ذا جارديان) البريطانية، نُشرت الأسبوع الماضي، أعرب فيها عن استعداده للعودة إلى طاولة المفاوضات؛ مقابل تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية والقدس لمدة ثلاثة أشهر، متعهدا بمواصلة منع أي شكل من أشكال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومؤكدا قبوله الاعتراف بـ(إسرائيل دولة يهودية) في إطار اتفاق سلام شامل ينهي الصراع مع (إسرائيل).

عباس في هذا التصريح تراجع تحت الضغوط الأمريكية والأوروبية عن شرط وقف الاستيطان بشكل كامل وشامل ودون أي سقف زمني، ورضخ لشرط الاعتراف بـ(يهودية إسرائيل)، وهو الأخطر بين الشروط الإسرائيلية لأنه يسقط بضربة واحدة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي شردوا منها، وحقوق الفلسطينيين الذي ظلوا صامدين على أراضيهم المحتلة في العام (1948).
وفيما يبدو سباقا مع عباس على البحث عن تقاطعات مع حكومة نتنياهو للخروج من مأزق توقف المفاوضات، بادر رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض إلى سابقة حضور فعاليات (مؤتمر هرتسيليا) المعني برسم وتقييم الخطط والسياسات الأمنية الإسرائيلية على المستوى الاستراتيجي، والهدف الحقيقي من وراء مشاركة فياض وضع التنسيق الأمني بين حكومته وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في إطار الخطط الأمنية الاستراتيجية، تحت إشراف أمريكي مباشر على تنفيذ الالتزامات التي يقدمها الجانب الفلسطيني للإسرائيليين.
ولعل حكومة نتنياهو تحبذ التعامل مع رؤية فياض للتسوية، لأن هذه الرؤية تلتقي مع رؤية نتنياهو الداعية إلى تسوية على أساس ما يسميه (سلاما اقتصاديا) يفتح الطريق أمام (سلام سياسي)، وفي الفترة الفاصلة بينهما تقوم (دولة فلسطينية بحدود مؤقتة)، ويُترك البت بمصير القدس والحدود والسيادة والمستوطنات والمياه إلى ما بعد انتهاء المرحلة الانتقالية غير المحددة بسقف زمني ملزم،

وتؤكد المجلة أن ما يقترحه عباس حول وقف الاستيطان مؤقتا سبق أن جُرِّب بعد مفاوضات أوسلو، واصطدم برفض الحكومات الإسرائيلية المختلفة وقف الاستيطان فعليا ولو ليوم واحد. في حين لم تُقْدِم أي إدارة أمريكية على اتخاذ مواقف عملية رادعة لـ(إسرائيل). كما أشارت المجلة إلى أن فكرة المفاوضات المكثفة التي يقترحها عباس اقترحتها سابقا إدارة كلينتون في كامب ديفيد (2) وشرم الشيخ («2000»، و «2001») لكنها فشلت؛ لأن الإسرائيليين لم يكونوا مستعدين للقبول بدولة فلسطينية مستقلة والانسحاب من القدس الشرقية مهما كان الثمن، ولإفشال المفاوضات تم حشرها في زاوية ما تدعيه (إسرائيل) من (مطالب أمنية).

إن ما يعمل عليه فياض جُرب أيضا وفشل، فالسلطة الفلسطينية عملت على بناء مؤسسات تحت الاحتلال الإسرائيلي تحضيراً للدولة الفلسطينية الموعودة، وخلال أيام قليلة تمت الإطاحة بما بنِي خلال سبع سنوات.
وكذلك تم تجريب ما يقترحه المبعوث ميتشل للخروج من مأزق فشل الجهود التي بذلها. فما يروج له ميتشل - وبغض النظر عن التسمية - هو مشروع حكم إداري ذاتي موسع للسكان دون الأرض خلال مرحلة انتقالية بسقف زمني غير ملزم، رغم تحديد مدة سنتين لإجراء مباحثات مكثفة تحسم خلالها قضايا الحل النهائي باستثناء القدس.
السؤال الذي يتبادر للذهن هو: كيف يمكن أن تنتج المفاوضات حلا مقبولا للفلسطينيين إذا كان أساسها وهدفها غير واضح؟ لا سيما في ظل الرد الإسرائيلي على مقترح عباس والذي حمل اللاءات التقليدية الإسرائيلية: لا انسحاب حتى حدود الرابع من يونيو (1967)، لا تفاوض حول القدس الشرقية، لا تنازل عن الكتل الاستيطانية الرئيسية، لا لإنهاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على طول حدود الضفة الفلسطينية مع الأردن. صورة قاتمة للمرحلة القادمة، عباس وفياض يكرران خطايا أوسلو، وحكومة نتنياهو تصعد من تطرفها، وبدل أن تبادر إدارة أوباما لمواجهة التحديات تراجعت إلى مربع إدارة الأزمة وضبطها في حدود تمنع انفجارها. لكن الفلسطينيين قادرون على إفشال السياسات الإسرائيلية وعبور المرحلة وتغيير معادلتها بوحدتهم، التي يفتقدون لها منذ أوسلو وهي أكبر خطايا الفريق الأوسلوي الذي مازال يعيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.

No comments: