
ذا نيو ريبابلك، 30 ديسمبر 2009
ترجمة: علاء البشبيشي
كيف فر أسامة بن لادن من قبضة الأمريكان؟
تساؤل حاولت مجلة ذا نيو ريبابلك الإجابة عنه من خلال موضوع غلافها الأخير الذي كتبه "بيتر بيرجن"، زميل "مؤسسة أميركا الجديدة"، وخبير شؤون الإرهاب بشبكة "سي ان ان" الأمريكية.
قبل سقوط كابل في نوفمبر 2001 بأربعة أيام، كان أسامة بن لادن ما يزال في المدينة. صحيح أن تحركات قادة القاعدة قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر كان من الصعوبة أن يتم تقفيها بدقة، لكن قبل الهجمات تماما علمنا أنه ظهر في قندهار وحث أتباعه على الانتقال إلى موقع أكثر أمنا، متوقعا أن تشن أمريكا هجوما انتقاميا. ثم في يوم 8 نوفمبر، كان في كابل، رغم حقيقة أن القوات الأمريكية وحلفائهم الأفغان كانوا يطوقون المدينة. في هذا الصباح، وبينما كان يتناول وجبة من اللحم والزيتون، أجرى معه الإعلامي الباكستاني "حامد مير"، الذي كان يكتب سيرته الذاتية، لقاء صحفيا، دافع خلاله ابن لادن عن هجمات نيويورك وواشنطن، قائلا: "أمريكا وحلفاؤها يذبحوننا بلا رحمة في فلسطين والشيشان وكشمير والعراق. والمسلمون لديهم الحق في مهاجمة أمريكا والانتقام". بعدها بستة أشهر، حينما قابلتُ "مير" في باكستان، أخبرني أن زعيم القاعدة حينما التقاه ذلك اليوم كان يتمتع بروح جيدة.
سقطت كابول في 12 نوفمبر، وهرب ابن لادن مع عدد من قادة القاعدة إلى جلال أباد، تلك البلدة المحكمة شرقي أفغانستان، التي تحوطها بساتين الفاكهة المورقة. يومها حطَّ ضابط المخابرات الشبيه بالدب "جاري بيرنتسين" رحاله في كابل. في 11 سبتمبر، كان بيرنتسين يخدم بأمريكا اللاتينية حينما أوكلت إليه (سي آي إيه) مهمة إدارة عملياتها الميدانية سريعة التنقل في أفغانستان. وقد كانت المهمة المثالية لمثل هذه الشخصية العدوانية.
في هذه الأثناء أزيح الستار عن أول فصول المسرحية الهزلية لقنص (أسامة)، الذي كان يوما قريبا للغاية من قبضة الاستخبارات الأمريكية، ورغم مرور قرابة عقد من الزمان، لم يسقط بعد، ومازالت المسرحية تُعرض مرارا وتكرارا، رغم تغير المشاهدين وربما بعض المؤدين.
وكأن المجلة تقول: النهاية مفتوحة أيها السادة.. فلا يدري أحد متى تكتمل الفصول ويسدل الستار!
بحلول الرابع عشر من نوفمبر، كان بيرنتسين يتلقى سيلا من التقارير الاستخباراتية من تحالف الشمال تفيد بأن زعيم القاعدة في جلال أباد، يلقي خطابات حماسية على مسامع المقاتلين. أرسل بيرنتسين فريقا استخباراتيا مكونا من ثمانية أفراد إلى المدينة. ولكي يزودهم بمرشدين محليين، تواصل مع "حضرة علي"، أحد القادة الأفغان الذين طالما كانوا مناوئين لطالبان، وقد أمده هذا الأخير بثلاثة مقاتلين شباب ليرافقوا الفريق الأمريكي إلى جلال أباد، التي كانت في هذا الحين تغص بمقاتلي القاعدة وطالبان.
لكن ابن لادن لم يكن منذ فترة في جلال أباد، التي اجتاحتها الفوضى بعد سقوط كابول. بعدها أخبر عبد الله تبارك، الذي قيل إنه الحارس الشخصي لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، المحققين بأن ابن لادن، ونائبه الطبيب المصري أيمن الظواهري، غادرا جلال أباد خلال شهر رمضان، الذي بدأ يوم 17 نوفمبر، صوب كهوف تورا بورا، الواقعة على بعد 30 ميلا جنوب المدينة، على الحدود مع باكستان. وقد كان فريق بيرنتسين على بعد خطوة واحدة منهم.. في ذلك الوقت.
لكن تورا بورا لم تكن حينها اسما مألوفا لدى الأمريكيين. وبدلا من الاستفادة من الفرصة التي سنحت لها في القبض على زعيم القاعدة بعد ثلاثة أشهر فقط من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لم تنجح الولايات المتحدة في التغلب على مناورات ابن لادن، الذي تسلل إلى باكستان، دون أن ترصده رادارات أمريكا، وهناك بدأ يعيد بناء تنظيمه الخاص.
No comments:
Post a Comment