برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, January 6, 2010

نعم نحن قلقون


الرائد، ديسمبر 2009

مجلة الرائد لم تخف القلق الذي انتاب المسلمون في الغرب من الاستفتاء السويسري وأجوائه ونتائجه وآثاره... موضحة أن هذا القلق ليس سببه أن حزبا يمينيا متطرفا في سويسرا تقدم بمبادرة لمنع بناء المآذن، ولا أنه جمع حول مبادرته تأييد أكثر من مائة ألف مواطن، وهو العدد المطلوب للاستفتاء على المبادرة؛ ولكن أن يؤيد هذه المبادرة العنصرية المتخلفة المعادية للإسلام والمسلمين، وللحرية الدينية وحقوق الإنسان 57,5% من شاركوا في التصويت من الشعب السويسري! فهو أمرٌ يدعو إلى القلق، وأن تقترن هذه المبادرة العنصرية بما اقترنت به من الافتراء على الإسلام والمسلمين، وتشويه صورة الإسلام والمسلمين، والتخويف من الإسلام والمسلمين، واستثارة الكراهية والعداوة للإسلام والمسلمين بمختلف الوسائل والأشكال، فهو أمر يدعو إلى القلق.

إن مواقف الزعماء السياسيين السويسريين والأوروبيين، الذين صرحوا برفضهم أو عدم قبولهم لمبادرة منع بناء المآذن، لم تخل مما يدعو إلى القلق أيضا، فبعض هؤلاء الزعماء قد اقترن نقدهم للمبادرة بإشارات سلبية ظاهرة أو خفية، بهذا الشكل أو ذاك، للوجود الإسلامي في الغرب، مما هيأ جوا نفسيا واجتماعيا وسياسيا لفوز مبادرة المتطرفين في الاستفتاء.
ويحصل هذا في سويسرا والمسلمون الذين يعيشون فيها (زهاء 400 ألف) لم يكن منهم ما يؤذي أو يزعج؛ بل كانوا من خيرة المواطنين الصالحين الإيجابيين الذين خدموا البلاد، وما يزالون يخدمون البلاد وتقدمها.
المبادرة اليمينية العنصرية في سويسرا كشفت عما يبيـته عنصريون ومتعصبون وأعداء ظاهرون ومستترون آخرون للإسلام والمسلمين في أقطار أوروبية أخرى؛ أو بالأحرى زادت الأمر ظهورا لعامة المسلمين، فهو لم يكن من قبل بالأمر الخفي عند من ينظرون ويسمعون ويدرسون ويعون حقائق الأمور.
والمسلمون في أوروبا الآن -على اختلاف أوطانهم الأصلية- لم يعودوا طارئين عليها، أو غرباء فيها، فهي وطنهم الذي يعيشون فيه، ويموتون فيه. إنهم الآن مسلمون أوروبيون كغيرهم من الأوروبيين.
على الجانب الآخر تلفت المجلة الأنظار إلى حقيقة أن المسلمين الأوروبيين لم يفلحوا حتى الآن في إبراز حقيقتهم، وحقيقة دينهم وتطلعاتهم الإيجابية، ولم يأخذوا بعد دورهم المنتظر، ويؤدوا واجبهم المأمول على المستوى المأمول، تجاه ما يتعرضون له أحيانا من هجمات، ويقام في طريقهم من عقبات، ويحوكه لهم حاقدون متعصبون من دسائس.
وفي النهاية ختم الأستاذ عصام العطار، كاتب موضوع الغلاف، برسالة إلى المسلمين في أوروبا، يحثهم فيها على الانتقال من دائرة التنظير إلى مربع الفعل، مشددًا في الوقت ذاته على ضرورة الوجود الحي البارز النافع الفعال في مختلف جوانب الحياة الأوروبية المشروعة.

أيها المسلمون في أوروبا
نحن الآن في مرحلة مفصلـية خطيرة من الوجود الإسلامي في أوروبا، مرحلة لها ما بعدها، وليس ينفعنا في حماية وجودنا، وبناء حاضرنا ومستقبلنا، والإسهام في خدمة البلاد التي نعيش فيها مع غيرنا الألـم والشكوى، والشتائم والاتهامات بالحق وبالباطل ..
كفوا عن الندب والشكوى والشتائم والاتهامات .. وتعالوا نعمل. تعالوا نعمل بعلم ووعي وإرادة واستمرار وإصرار. تعالوا نعمل متعاونين متكاملين، فالتعاون والتكامل من أهم شروط النجاح. تعالوا نؤهل أنفسنا وأجيالنا لمعرفة أفضل وأداء أفضل فنحن الآن -إلا من رحم الله- دون إسلامنا، ودون مهمتنا، ودون عالمنا وعصرنا.
إن المشاركة الشاملة العميقة الأمينة البصيرة النافعة هي التي ستحقق التعارف الحقيقي بين المسلمين وسائر المواطنين الآخرين، وتزيل المخاوف، وتولد الثقة والاطمئنان والاحترام، وتنشئ الصلات والمودات والصداقات، وتساعد على التعاون على كل ما يحقق الخير المشترك، وهذا كله يحتاج معرفة ووعيا، وكفاءة وقدرة، وخلقا إسلاميا كريما، وجهدا كبيرا كبيرا، وصبرا جميلا لا يعرف الحدود.
إنني أدعو المثقفين المسلمين في أوروبا، على اختلاف أعراقهم ومواطنهم الأولى، إلى مزيد من التعارف والتواصل والتكامل، وإلى طرح قضايا المسلمين الخاصة والمشتركة في أوروبا وغيرها فيما بينهم، ومناقشتها مناقشة علمية موضوعية، وأداء دورهم الواجب في توعية إخوانهم ومواطنيهم المسلمين، وتسديد خطاهم في عالم تختلط فيه الأمور، وتكثر فيه المزالق والمخاطر
هذا نداءٌ من شيخ مسن تجاوز الخامسة والثمانين من العمر، ولم يعد يملك إلا المناشدة والنداء.
) وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ( [التوبة : 105].

No comments: