برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, May 29, 2008

عالم ما بعد أمريكا


عالم ما بعد أمريكا / مجلة ذا نيوزويك - الثاني عشر من مايو 2008
ترجمة / علاء البشبيشي
تعتبر أمريكا نفسها شرطي العالم الوحيد، وقد تعاملت بهذا الاعتبار على مدار السنوات السابقة، لكن من الواضح أن قوى أخرى في العالم قطعت شوطًا كبيرًا في طريقها إلى القمة؛ فقفزات الصين لا تكاد تخطئها عين، وروسيا أضحت تنمو بوتيرة أسرع، في الوقت الذي فقدت فيه أمريكا صوابها من عدوها الذي صنعته، وأسمته (الإرهاب). هذا الوضع إذا استمر هكذا، ستنقلب موازين القوى، ولن تكون أمريكا وقتها قادرة على أن تحافظ على يدها الطولى في هذا العالم الجديد، سريع التقلبات، كثير التغيرات.
مجلة (ذا نيوزويك) كتبت تقول، مؤكدة هذا التغيير:
أظهر استطلاع جديد للرأي أن 81% من الشعب الأمريكي يعتقدون أن بلادهم تسير على "الدرب الخاطئ". كما طرحت استطلاعات رأي أخرى أسئلة مشابهة جاءت الإجابة عليها تحمل تشاؤمًا يُنذر بخطر متزايد.
هناك أسباب كثيرة تدفع لمثل هذا التشاؤم؛ بداية من الذعر الاقتصادي، والركود الذي يجتاح أمريكا، مرورًا بحرب العراق التي لا تبدوا لها نهاية في الأفق، بالإضافة للتهديدات الإرهابية المستمرة التي تُحيط بأمريكا.
هذا القلق الأمريكي ينبع من شئ أعمق من الخسائر التي تحدث على الأرض، فالأمريكيون يرون في الأفق عالمًا جديدًا، ويخافون من أن يتم صياغته في بلدان بعيده وبأيدٍ غريبة.
انظر حولك، سترى أعلى مباني العالم موجودة في تايبيه بتايوان، وقريبًا ستكون في دبي. وستجد أكبر شركات التجارة العامة مقرها بكين، وأكبر مصفاة تكرير تم إنشاؤها في الهند، وأكبر طائرات نقل الركاب تم صناعتها في أوروبا، وأكبر استثمارات شهدتها البسيطة ستجدها في دبي، وأكبر صناعة أفلام في العالم مقرها بوليوود (تعبير يُطلق على السينما الهندية )، وليست هوليوود. وأكبر نوادي القمار تتركز في "ماكاو" جنوبي الصين، والتي تفوقت على لاس فيجاس في عائدات المقامرة العام المنصرم.
لم تعد لأمريكا اليد الطولى حتى على هوايتها المفضلة، التسوق؛ فبعد أن كان السوق التجاري في مينيسوتا يتباهى بكونه أكبر مركز تسويق في العالم، لم يعد اليوم حتى من بين أكبر عشر مراكز تسوق.
كما أظهرت أحدث التصنيفات العالمية أن اثنين فقط من أغنى 10 رجال في العالم من أمريكا، ورغم كون هذه التصنيفات استبدادية وسخيفة، إلا أنها تعكس مدى تراجع أمريكا عما كانت عليه منذ عشر سنوات خلت.
وقد اعتبرت المجلة هذه الإحصائيات بمثابة "التغير الجذريّ في القوى والمواقف"، منتقدةً أن يغرق الأمريكيون في جدالٍ حول طبيعة ومدى العداء للولايات المتحدة، في الوقت الذي تتحرك فيه باقي الدول للأمام، ويؤثرون في أماكن عديدة في العالم.
هذا التغيير انقسم حوله المراقبون؛ فهناك من يقول بأن المشكلة حقيقية وتدعوا للقلق، لذا ينبغي على أمريكا أن تتودد للعالم، وهناك على الجانب الآخر من يعتبر ذلك هو الثمن المحتوم للقوة، ويرى أنها بإمكانها تجاهل ذلك.
فريد زكريا، كاتب موضوع الغلاف، ورئيس تحرير المجلة، يحكي قصة هذا التحول الذي عايشه على أرض الواقع، فيقول:
خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر، حين كنتُ في زيارة للهند – التي نشأتُ فيها- كان معظم الهنود مفتونين بالولايات المتحدة الأمريكية. وعلي أن أعترف أن إعجابهم ذاك لم يكن بأرباب السلطة في واشنطن، ولا بعباقرة كامبريدج، بل كان الناس غالبًا ما يسألونني عن المليونير الأمريكي "دونالد ترامب"؛ فقد كان رمزًا للولايات المتحدة بثرائه وعصريته. أما اليوم، فإذا ما نحينا شخصيات الترفيه، فلن تجد في أمريكا من الشخصيات ما يمكن مقارنته بأمثال ترامب. وإذا ما أردتَ معرفة السبب، فاقرأ الصحف الهندية، أو شاهد تليفزيونها، لترى عشرات رجال الأعمال الهنود ممن أصبحوا أغنى من دونالد. لقد أصبحت الهند مأخوذة بمليونيراتها، وأضحت لديها اهتماماتها الخاصة بها، وهو الأمر الذي يوجد اليوم في كثير من دول العالم.

No comments: