برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, May 30, 2008

إنقاذ اقتصاد هزيل


مجلة "تايم" الأمريكية، 26 مايو 2008
ترجمة/ علاء البشبيشي

لأن الاقتصاد لب الحملات الانتخابية، وورقة الضغط الرابحة في العديد من المواجهات، سلطت مجلة "تايمز" الأمريكية الضوء على الصعوبات الاقتصادية التي تنتظر ساكن البيت الأبيض الجديد بعد خروج بوش.
وقد أشارت المجلة إلى سياسات الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان في المجال الاقتصادي، وكيف أنها كانت مغايرة للسياق العام في البلاد لدى توليه منصبه، فقد تعهد الرجل خلال حملته الانتخابية بتقليص الضرائب وزيادة الإنفاق العسكري وإعادة الاتزان إلى الميزانية، وقد تمكن ريجان من الوفاء بالتعهدين الأولين على حساب الثالث. فبينما مرت البلاد بفترة انتعاش بعد حالة الركود التي سادت خلال عامي 1981 و1982، أدت الميزانيات التي تم وضعها خلال فترة حكم ريجان إلى حدوث عجز قياسي في الميزانية وإلى زيادة الدين العام بمقدار ثلاثة أضعاف تقريبا، وقد وصف الرئيس الأمريكي الراحل زيادة هذا الدين بأنه يمثل أحد أكبر الإحباطات التي عانى منها في فترة وجوده في البيت الأبيض، وأنحى باللائمة على الكونجرس لأنه تقاعس عن خفض الإنفاق الداخلي، على الرغم من أن الميزانية التي صدق عليها ريجان وقدمها للكونجرس لم تكن متوازنة في الأساس.
في مناظرته التليفزيونية الوحيدة، والتي استمرت لدقائق معدودة، ضد منافسه الديمقراطي جيمي كارتر، في عام 1980، نظر رونالد ريجان مباشرة إلى الكاميرا، وطرح سؤالا: "هل أحوالكم الآن أفضل مما كنت عليه قبل 4 سنوات؟"، أي قب حكم كارتر. إنه سؤال يوضح طبيعة الحملة الانتخابية، وماهية السياسة الأمريكية في أواخر القرن العشرين، وقد كانت الإجابة عنه بسيطة للغاية.
ورغم اهتمام الأمريكيين وقتها بأمور أخرى، كأزمة الرهائن الأمريكيين المحتجزين في السفارة الأمريكية بطهران، وسترة كارتر الصوفية، التي ظهر مرتديًا إياها وقت الأزمة النفطية في السبعينيات، مطالبا بضرورة توفير الطاقة، رغم ذلك، كان الاقتصاد قضية جوهرية في انتصار ريجان؛ فبعد توليه السلطة، بدأ مرحلة اقتصادية جديدة.
وفي أعقاب انتهاء فترة الحرب الباردة هبط معدل الإنفاق العسكري بشكل سريع مما جعل من اليسير على من تولوا رئاسة أمريكا بعد ريجان النجاح في إعادة التوازن إلى الميزانية، التي شهدت فائضا في النصف الثاني من الفترة الرئاسية الثانية للرئيس السابق بيل كلينتون. أما الآن، وفي ظل تزايد حجم الإنفاق العسكري على حربي العراق وأفغانستان، والركود الذي يصيب الاقتصاد الأمريكي، فيبدو الأمر أكثر صعوبة مما مضى.
لكن أوراق الضغط هذه ما زالت تستحوذ على اهتمام أي مرشح للرئاسة الامريكية، لأنها تلعب دورا مهما في اجتذاب الشريحة المترددة من الناخبين التي لم تقرر بعد لمن ستدلي بصوتها. ويبقي علي الجمهور أن يختار أفضل "ممثل" يقدم عرضا مشوقا ومقنعا وجذابا!!.
وفي انتخابات هذا العام يتربع الاقتصاد أيضا على رأس اهتمامات الناخبين، لكن بقائمة مخاوف أخرى، من بينها الانهيار العقاري، والأزمة الائتمانية، ونظام الرعاية الصحية المتهاوي، وهيكل الوظائف غير المستقر.
فيما يؤكد استطلاع تلو الآخر أن الغالبية الساحقة مقتنعة بأن الاقتصاد والبلاد يسيران صوب الاتجاه الخاطئ.
إن أول وأوضح ما يمكننا قوله في هذا الإطار هو أن الوضع الراهن يمثل عقبة كبرى في طريق المرشح الجمهوري جون ماكين، رغم أنه كان بعيدا عن السلطة خلال السنوات الأربع الماضية، مما يبعد اللائمة عنه. لكن التاريخ يؤكد أن بطء النمو الاقتصادي كان من أكبر الأسباب التي أدت لتغيير سيطرة الأحزاب على البيت الأبيض، فكيف الآن والاقتصاد لا ينمو على الإطلاق.
إن القضية الأكبر التي يناضل من أجلها الناخبون الآن ليست ما يستطيع الاقتصاد تقديمه للسباق الرئاسي، بل ما يمكن للرئيس القادم تقديمه للاقتصاد، وغالبًا لا يكون شيئا يذكر.
وللأهمية الكبيرة لهذا الموضوع، قدم الحزبان أطروحات مختلفة لتجسير الفجوة الاقتصادية الحالية؛ فأوباما كان صريحا بشأن تحويل الضرائب بعيدا عن الطبقة المتوسطة، والدفع بها باتجاه الذين يجنون دخلا سنويا قيمته 200 ألف دولار. بينما تحدث ماكين بصفة خاصة عن توفير برامج لإعادة تأهيل العاملين الذين أطاحت بهم العولمة. ويوجد طريق آخر، رغم أن أحدا لم يتناوله حتى الآن، وهو بذل جهد كبير لإصلاح البنى التحتية المتهالكة، الأمر الذي من شأنه خلق المزيد من فرص العمل، وضخ الكثير من المزايا الاقتصادية طويلة الأمد.
على كل حال، لطالما دار المرشحون حول الفجوة الاقتصادية، وقد حان الوقت لمناقشتها بجدية.

No comments: