برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, July 30, 2009

هل يمكن أن نكون أصدقاء؟


تايم، 13 يوليو 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


هل يمكن أن نكون أصدقاء؟).. ملخصٌ للرسالة التي حملها أوباما إلى روسيا أواخر الأسبوع المنصرم، اتخذتها مجلة تايم الأمريكية عنوانًا لموضوع غلافها الأخير، الذي خصصته لسبر أغوار هذه الزيارة التاريخية. ورغم أن حقبة الحرب الباردة قد انتهت رسميًا، فإن العلاقات بين أمريكا وروسيا لاتزال متوترة واقعيًا، وقد حان الوقت –بحسب المجلة- لإصلاح ما أفسده الدهر.
بتسليط الضوء على هذا التوتر القائم في بين واشنطن وموسكو، والمصالح التي تتشبث بها كل دولة، استهلت تايم تغطيتها الخاصة لهذه المهمة الصعبة.
ربما وضعت الحرب الباردة أوزارها منذ 20 عامًا مضت، لكن الطريقة التي تتعامل بها أمريكا وروسيا تبقى ذات أهمية، ويجب ألا ننسى أن هاتين الدولتين تمتلكان أسلحة كافية لإرسالنا جميعًا إلى العالم الآخر. كلا الدولتين تريد تدشين قاعدة جديدة لعلاقاتهما المشتركة، بعدما مرَّتا بمرحلة حرجة إبان الحرب على جورجيا أغسطس الماضي، حينما اجتاحت القوات الروسية بلدًا هي حليفة لأمريكا، وهو الأمر الذي أثار انتقادًا لاذعًا لروسيا من قبل إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وقد بقي المسئولون الروسيون ممتعضون مما اعتبروه رفض اعتراف بأن تحركهم العسكري لم يكن إلا ردّ فعل على الاستفزازات التي لا تُحتمل من قبل الحكومة الجورجية.
مضى الآن عام على هذه المشاحنة، وهو وقت كافٍ كي تهدأ الانفعالات إلى حدّ ما ، و(دليل ذلك أن) قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، ونائب الرئيس جو بايدن إنهما يرغبان في أن تستعيد العلاقات عافيتها بين بلادهما وروسيا، من جانبها تسعى الأخيرة إلى علاقة طبيعية ومستقرة ويمكن توقعها مع الولايات المتحدة، لكن لا أحد منهما يعرف كيف ولا من أين يبدأ.
ويقول "كويت بلاكر"، البروفيسور في جامعة ستانفورد، والمستشار السابق لإدارة الرئيس كلينتون: "كلا البلدين يستكشف الفوائد التي ستعود عليهما من هذه العلاقة".
أكثر الأمور التي تريدها كلتا الدولتين من الأخرى سهلة وبسيطة؛ تريد أمريكا من روسيا أن تصادق على تحركات أكثر حزمًا لمقاومة الطموحات النووية الإيرانية والكورية الشمالية، وأن تتوقف عن إزعاج الديمقراطيات المجاورة مثل أوكرانيا وجورجيا، كما تريد روسيا من أمريكا أن تعترف بدائرة تأثيرها الخاصة على محيطها القريب، والذي يتمثل في مقاطعات الاتحاد السوفييتي القديم، وأن توقف تمدد الناتو صوب الشرق. الأكثر إجمالاً تريد موسكو بعضًا من الاحترام، (وإن كان الأمر كذلك، فلا أنسب من أوباما لهذه المهمة).
وفي هذا يقول وزير الخارجية الفنلندي، ألكسندر ستاب، الذي التقى ميدفيديف وبوتين بعد تنصيب أوباما: "يريد الروس أن يشعروا أنهم كبار... هناك شعور بالعظمة في التاريخ الروسي، وهكذا تشعر روسيا أنها يجب أن تُعامل".
بالتأكيد لا تعتمد روسيا على أمريكا بشكل كامل كي تشعر بالأهمية ، (ودليل ذلك) أنها استضافت في منتصف يونيو قمتين في مدينة يكاترينبورج: واحدة مع أعضاء منظمة تعاون شنغهاي (SCO ) (والتي تضم إلى جانب روسيا الصين وأربعة جمهوريات من آسيا الوسطى هي: كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان)، بالإضافة إلى 4 دول مراقبة هي: الهند وإيران ومنغوليا وباكستان، و ثلاثة ضيوف شرف آخرين هي: أفغانستان ومنظمة الآسيان ومنظمة كومنولث الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق. وقمة أخرى مع زعماء دول "بريك" التي تشمل الصين وروسيا والبرازيل والهند. وقد كان الرئيس ميدفيديف أول رئيس غربي يستقبل نظيره الإيراني بعد إعادة انتخابه المثيرة للجدل. ورغم ذلك، تبقى زيارة رئيس الولايات المتحدة لا يضاهيها شيء لدعم الوضع الروسي في العالم. وربما يمثل القلق بشأن الاقتصاد إحدى النقاط المشتركة التي تجمع بين الرئيسين ميدفيديف وبوتين من جهة وأوباما من جهة أخرى.
وتطرقت المجلة إلى وجهتي النظر الأمريكية والروسية فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الملف النووي الإيراني، خاتمة بالحديث عن رغبة الرئيسين ميدفيديف وأوباما في التوصل إلى معاهدة جديدة للأسلحة النووية قبل نهاية العام الجاري، موضحة في الوقت ذاته أن طموحات الدرع الصاروخية الأمريكية تبقى العقبة الكأداء في هذا الطريق. ولا يذلل من هذه العقبة تأكيد أمريكا مرارًا وتكرارًا: إن مثل هذه الدفاعات (الصاروخية)، بما فيها الإنشاءات في بولندا والجمهورية التشيكية، ضرورية لحماية الغرب من أي ضربة محتملة من قبل إيران.
على النقيض من أمريكا، لا تنظر روسيا إلى البرنامج النووي الإيراني باعتباره تهديدًا كبيرًا؛ حيث يقول الروس: بإمكاننا التعايش مع إيران نووية، إنهم لا يريدون ذلك، بل يتوقعون حتمية حدوثه؛ لذلك بدلاً من وقف برنامج إيران النووي، عرضت موسكو أن تُخَصّب اليورانيوم بالنيابة عن طهران، لكن الملالي في إيران رفضوا ذلك بشكل مهذَّب، كما تشك روسيا في جدوى العقوبات المفروضة على إيران في إقناعها بتغيير مسارها النووي، بل تخشى أن تأتي بنتائج عكسية وتشجع فقط المتشددين الإيرانيين.
يقول الخبير في الشأن الروسي، ديمتري ترينين: "إيران ليست كوريا الشمالية، وروسيا ليست الصين... فمستوى الاستقلالية والتأثير ببساطة غير موجود".
حينما التقى كلٌّ من أوباما وميدفيديف في أبريل الماضي أعربا عن رغبتهما في التوصل إلى معاهدة جديدة للأسلحة النووية قبل نهاية العام الجاري، وانتهاء صلاحية اتفاقية خفض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت) في ديسمبر المقبل، والتي تحدد عدد الأسلحة النووية التي بإمكان البلدين نشرها. وهذه مساحة لطالما تفاوض البلدان داخلها، وقد أدّت مرحلتان من اتفاقية (ستارت)- الأولى تم التصديق عليها في 1991، قبيل انهيار الاتحاد السوفييتي، والثانية تم التوقيع عليها في العام 1993- إلى تقليل 81% من عدد الأسلحة النووية الإستراتيجية على مستوى العالم. واستكمال هذه الاتفاقية من شأنه أن يَشْذُب أكثر هذه الترسانة الدولية، وهي الخطوة التي يؤمن الخبراء بإمكانية اتخاذها.
يقول الخبير الروسي ستروب تالبوت، والنائب السابق لوزيرة الخارجية الأمريكية، ومدير معهد بروكينجز: "العلاقات مع روسيا تمر بمرحلة غريبة من "العودة إلى المستقبل"... والشيء الوحيد الذي بإمكاننا فعله هو عقد اتفاقيات للحدّ من انتشار الأسلحة".
وقد قال الرئيس "ميدفيديف"، ووزير خارجيته "سيرجي لافروف" مؤخرًا: إن تقليل الأسلحة النووية ممكن فقط إذا أسقطت الولايات المتحدة خططها لمدّ درعها الصاروخي داخل أوروبا الشرقية. وتجادل الولايات المتحدة قائلة: إن مثل هذه الدفاعات (الصاروخية)، بما فيها الإنشاءات في بولندا والجمهورية التشيكية، ضرورية لحماية الغرب من أي ضربة محتملة من قبل إيران. و(بالطبع) لا يشتري الروس ما تحاول أمريكا تسويقه لها، وهو ما صرّح به نائب وزير الخارجية الروسي "سيرجي رايبكوف" مؤخرًا لمجلة تايم، قائلًا: "لا نصدق أن أي خطط لنشر الدرع الصاروخية بإمكانها فعل أي شيء حيال "التهديد الإيراني"، مضيفًا: "بالنسبة لنا.. يتعلق الأمر مباشرة بقدرة الولايات المتحدة في مجال أسلحة الهجوم الاستراتيجي.
ورغم العواصف، تبقى (دائمًا) مساحة للمناورة!

No comments: