
نيوزويك، 26 مايو 2009
ترجمة: علاء البشبيشي
خلال مقابلة دامت 30 دقيقة على متن الطائرة الرئاسية في طريقها من واشنطن إلى فينكس يوم الأربعاء الماضي، تحدث الرئيس أوباما مع مراسل نيوزويك جون ميشام عن أفغانستان وإيران وإسرائيل وباكستان وديك تشيني... لكن البداية بالطبع كانت حول الدروس التي تعلمها أوباما خلال أشهُره الأولى في البيت الأبيض.
بعد سلسلة من الأسئلة عما تعلمه خلال أشهُره الأولى في البيت الأبيض، سأله "ميشام" إن كان مستعدًا لقراءة فقرة من كتابه (جرأة الأمل) والتعليق عليها.
وقعت عيناه على الفقرة المحددة، فقال: أجل، أتذكَّر هذا. صمت لبرهة، ومن ثم قرأ الفقرة المتعلقة بأهمية عيش حياة صالحة: أعتقد أن هذا ما يرضيني الآن؛ أن أكون مفيدا لعائلتي وللناس الذين انتخبوني، وأن أترك إرْثًا يجعل حياة أطفالنا مفعمة بالأمل أكثر من حياتنا. أحيانا، عندما أعمل في واشنطن، أشعر بأنني أحقق هذا الهدف. وأحيانا أخرى، يبدو أن الهدف يبتعد عني، وكل النشاطات التي أقوم بها ـ الاجتماعات، والخطابات، والمؤتمرات الصحافية، والتقارير المعمقة ـ ترضي غروري ليس إلا، وهي غير مفيدة لأحد.
هل هو عرضة لمثل هذا التشاؤم الآن، في البيت الأبيض؟ هل يشعر بأنه عديم الجدوى؟ أغلق الكتاب، وأعاده إليَّ عبر المكتب قائلا: أعترف بأنه لم يتسنَّ لي الوقت لأشعر بهذه المشاعر في منصبي الرئاسي. أحد الامتيازات المدهشة لكوني رئيسا، ناهيك عن كوني رئيسا في وقت عصيب جدا، هو أن جدول أعمالي حافل جدا، وأنا على يقين بأن القرارات التي نتخذها والسياسات التي نسعى إلى تطبيقها سوف تُحدِثُ فرقًا. بعبارات أخرى، مشاعر الإحباط التي راودته حينما كان عضوا في مجلس الشيوخ أو حتى منظما اجتماعيا، حل مكانها شعور ملموس بالسلطة والفعالية. كل ما يقوله الرئيس وكل ما يفعله ويقرره مهم، وهذا يروقه.ما تعلمه هو أنه يحب السلطة، ويستمتع بهذه القدرة على تغيير الواقع، ليتلاءم مع صورته ووجهات نظره، وأنه تحدد الأزمة عمله، وتحفزه، وتحتم عليه أن يكون نافعا.
وترى المجلة أن الكثير من مؤيديه يعتبرونه تجسيدا للسياسات التقدمية المثالية التي تنبذ الاستعمال العنيف للسلطة، وهو أمر من مخلفات عهد بوش وتشيني. وفي الوقت نفسه، يعتبره الكثير من منتقديه ضعيفا، واشتراكيا بشكل مقنّع، يريد توحيد العالم، ويريد تقديم الشاي والتعاطف للبلدان المارقة.
وتضيف المجلة: تجربة الأشهر الأولى من حكمه توحي بأنه ينبغي لكلا الفريقين أن يعيدا النظر في اعتقاداتهما، في ضوء الوقائع الجديدة على الأرض. في عالم أوباما، القوة والهدوء ليسا متناقضين. قد يتخذ قرارا خاطئا، قد تسوء الأمور بشكل كارثي، في الداخل والخارج، خلال فترة حكمه، لكن أحد الأمور الأكثر إثارة للاهتمام، والذي لا يحظى بتقدير كافٍ، ظهر خلال هذه الأيام الأولى، هو مدى شعور أوباما بالارتياح عند اتخاذه القرارات. إنه يستمتع جدا بممارسة سلطته كرئيس.
على متن الطائرة الرئاسية، برقت عيناه عندما سألته عن استعداده لاستعمال القوة العسكرية الأمريكية، أولا في باكستان ثم في إيران. وأجاب: "لا أستبعد أي احتمالات عندما يتعلق الأمر بأمن الولايات المتحدة". بعد لحظة أضاف: "وأؤكد لك أنني لست ساذجا"، وارتفعت نبرة صوته قليلا، وأرجَعَ رأسَه إلى الوراء مثلما يفعل القادة: "أنا لست ساذجا".
لا، طبعا لا.. فلو كان ساذجا، لما كان يُجري هذا الحوار في حجرة الرئيس، بل في مكتب في مجلس الشيوخ ربما، أو على متن طائرة تجارية تنقله من واشنطن إلى أوهير. لقد أوصلته سلسلة من المراهنات المخالفة للتوقعات إلى هذه الطائرة، أهمها أن الأمريكيين كانوا منفتحين على شخصيته المعقدة بعد ثماني سنوات من الحكم المتصلب.
قال أوباما: "أعتقد أن الشعب الأمريكي لا يتقبل فقط التفسيرات والأمور المعقدة، بل يتُوق إليها، وهو مستعد للاعتراف بالمشاكل الصعبة. أظن أن أحد أكبر الأخطاء المقترَفة في واشنطن هو المبدأ القائل: إن على المرء تبسيط الأمور ليفهمها الشعب".يقول: إنه يرفض مشاهدة أخبار محطات الكيبل (ولا يشاهد سوى الألعاب الرياضية على شاشة التلفزيون). عندما تحدّث عن أهمية القرارات التي عليه اتخاذها، كان واقعيا (وقال): "قد تكون نتائجها النهائية مخيبة للآمال، وأعتقد أنه سيأتي يوم أعيد فيه النظر إلى قرار ما أو سياسة ما وأقول لنفسي: "كان عليَّ اتباع هذا المسار بدلا من ذلك، لكنني على الأقل لا أشعر أبدا بأنني أبذل جهودا عقيمة".
No comments:
Post a Comment