برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, July 15, 2009

إيران ضد إيران


تايم، 29 يونيو 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


لوهلةٍ ظنَّ المراقبون أن إيران على شفا مرحلة جديدة من التغيير السلمي، وأن بابًا جديدًا قد فُتِح أمام الشعب الإيراني ليُعبِّر عن رأيه بحرية تامة. لكن بعد حملة انتخابية استفرغ فيها أنصار المرشحين وُسعَهم، على اختلاف توجهاتهم، فوجيء الجميع بأن الباب قد أُغلِق، وبدأ حُلمهم يتلاشى... فلم يجدوا بدًا من الثورة على الثورة!
جو كلين، يحكي قصة الثورة التي شهدتها إيران كما عايشها طيلة عشرة أيام، وقد أفردت له مجلة تايم الأمريكية مساحة كافية لإنجاز هذه المهمة.
قُبَيل الانتخابات الإيرانية ببضعة أيام، حشد الرئيس محمود أحمدي نجاد جمعًا كبيرًا في مسجد "المُصلى"، وسط طهران. لم يكن هذا الحشد مُنظَّمًا بصورة جيدة. وكان قرابة 20,000 من مؤيدي الرئيس داخل المبنى، يتسلون بمشاهدة المسلسلات التلفزيونية والألعاب الرياضية والأناشيد الدينية. بينما كانت بضعة آلاف أخرى متواجدة في الخارج.
كان المكان مزدحمًا وحارًا، لدرجة أن البعض كان يُصاب بالإغماء. وبعد بضع ساعات، أُعلِن أن الرئيس لن يُلقي كلمته؛ لأنه عَلِق في الزحام المتواجد خارج المسجد ولم يستطع الدخول.
كانت الشوارع ممتلئة عن آخرها، وكان الزحام أشبه بتجمعات ما بعد الانتصارات الرياضية. حيث كان أنصار أحمدي نجاد يرتدون ثيابًا حُمرًا وبيضًا وخُضرًا ترمز إلى العلم الإيراني، وكان يبدوا أنهم يستمتعون بالحرية أكثر مما يستمتع بها أنصار موسوي الذين كانوا يرتدون ثياباً خُضرا (بألوان حملته ويلوحون بملصقات وأعلام وبالونات بنفس اللون). بدا الأمر وكأن أحدًا فتح بابًا فهرول إليه كل مواطني البلد. بدا لوهلة احتمالية أن يتمكن هؤلاء الشباب المعتدلون، في كلا الفريقين، من إيجاد بلد أكثر انفتاحًا.
لكن الباب سرعان ما أُغلِق مجددًا، مُحدِثًا دويًا عنيفًا...
من الممكن أن يكون أحمدي نجاد قد فاز، ومن الممكن أيضًا أن تكون الحكومة الإيرانية قد عملت بالتناغم مع توجهات القائد الأعلى للثورة آية الله على الخميني، على ألا تترك فرصة للمفاجآت.
واعترفت المجلة بأن الرئيس أحمدي نجاد ربما يكون هو المرشح الأنسب لهذا المنصب، لكنها رأت أن طريقته في الهجوم على معارضية تعدت نطاق المنافسه الانتخابية، لتضرب في أماكن حساسة كانت تُعتَبر في السابق من المحرمات. مستشهدة بتحليلاتٍ لبعض السياسيين الإيرانيين أكدوا فيها أن هذه الأجواء المتوترة إنما تصب في النهاية لغير صالح النظام الإيراني.
على الرغم من أن الحملة الانتخابية بدت في النهاية عديمة الجدوى، إلا أنها أتاحت إطلالة نادرة على الانقسامات الموجودة داخل المجتمع الإيراني، ليس فقط بين أبناء الطبقة العاملة من أنصار أحمدي نجاد، والأكثر ثراءً وتعليمًا من مؤيدي موسوي. لكنها وضعت أيضًا المنافسة الداخلية بين أعلى المستويات القيادية في الحكومة الإيرانية على مرمى ومسمع العوام للمرة الأولى في تاريخ الثورة.
صحيحٌ أن الرئيس أحمدي نجاد كان أفضل المرشحين السياسيين بلا منازع، لدرجة أن الإصلاحيَيْن موسوي وكروبي اللذين يمثلان الجيل القديم الذي أقام الثورة الإسلامية عام 1979، ذُهِلا من مستوى أحمدي نجاد الذي بدا وكأنه قد تلقى تدريبًا على يد "كارل روف" مستشار جورج دبليو بوش السياسي وصانع مجده. فقد كان يتحدث مباشرة إلى الكاميرا، ويوزع رسومًا بيانية صغيرة، كما كان يفعل مرشح الرئاسة الأمريكي "روس بيروت" أثناء حملة الانتخابات الأمريكية لعام 1992؛ ليدلل على أن الأمور ليست بالسوء الذي يعتقده الشعب. كما هاجم موسوي لتلقيه تأييدًا من قبل الرئيس السابق على أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي وصفه بالمرتشي. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل هاجم زوجة موسوي السيدة "زهراء راهنافارد"، الناشطة المعروفة، متهمًا إياها بدخول الجامعة دون الخضوع لاختبار القبول. كما هاجم كروبي متهمًا إياه بتقاضي أموال من أحد المحتالين.
إلا أن الإصلاحيين، وكثير من المحافظين البارزين على حد سواء، اعتبروا هذا الهجوم معيبًا، وخارجًا عن سياق السياسات الإيرانية. وفي هذا يقول "أمير محبيان" عضو هيئة تحرير صحيفة "رسالت" المحافظة، والذي يؤيد الرئيس نجاد بتحفظ: "ربما تكون هذه الانتقادات راقت لبعض مؤيدي أحمدي نجاد، لكنها بالطبع ليست جيدة للنظام الإيراني".

No comments: