
ذي إيكونوميست، 4 يوليو 2009
ترجمة: علاء البشبيشي
أوباما في عرين الدب الروسي.. مجبرٌ على ذلك لا بطل؛ لأنها تركته الثقيلة التي ورثها من سلفه بوش، فماذا هو فاعل؟ وإلى أي مدى يمكنه النجاح؟
إطلالة على هذه الزيارة الحرجة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى روسيا هذا الأسبوع، قدمتها أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية، من خلال موضوع غلافها الأخير الذي حمل عنوان (مرحبًا في روسيا)، مستهلة حديثها بتوضيح صعوبة هذه الرحلة رغم الأوضاع المعقدة التي يعيشها الدب الروسي حاليًا.
في المرة الأخيرة التي زار فيها أوباما روسيا، بصحبة السناتور الجمهوري ديك لوجار، تم تأخيره من قبل حرس الحدود لعدة ساعات في المطار، (كجزء من الإجراءات الاعتيادية التي يقومون بها). لكن الرئيس الأمريكي يأمل أن تكون زيارته أفضل هذه المرة.
وتعتبر روسيا أصعب التركات التي ورثها أوباما من الراحل بوش، وصعوبتها لاتنبع فقط من تزايد صعوبة التعامل معها، بل لأنها أيضًا لا يمكن تجاهلها.
على مدار السنوات العشر الماضية، أصبحت روسيا تحت قيادة فلاديمير بوتين أكثر قومية وفسادًا. ورغم أن اقتصادها أضحى أكبر مما كان عليه منذ عقود، فإنه يعتمد أكثر على النفط والغاز، وهي الصناعة التي يتحكم فيها مجموعة صغيرة من الجواسيس السابقين والكليبوتوقراطيين من لصوص الطبقة الحاكمة. أضف إلى ذلك انكماش تعداد السكان في روسيا بشكل ينذر بالخطر، حيث تضاعفت معدلات الوفاة مرتين أكثر من مثيلاتها في الدول المتقدمة، واشتعال نيران الصراع مجددًا في جمهوريات القوقاز الشمالي، ومعاناة قواتها المسلحة من نقص التسليح وتواضع مستوى التدريب.
ورغم ذلك كله تبقى روسيا، التي يجب على أوباما التعامل معها، قوة عالمية فاعلة، وتعتبر أكبر دولة في العالم حيث تمتد أراضيها من أوروبا حتى الصين. كما أنها أكبر منتج للغاز والنفط في العالم، ولديها مقعد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبالطبع تمتلك ترسانتها النووية الخاصة. فضلا عن ذلك كله لديها قدرة هائلة على الإيذاء أو النفع.
وبعدما شرحت المجلة وضع روسيا في عالم اليوم قوة وضعفًا، انتقلت للحديث عن سياسة الرئيس بوش في التعامل مع موسكو، مسلطة الضوء على بعض المشاكل التي وقع فيها وينبغي على أوباما تفاديها، مقدمة للأخير بعض النصائح التي قد تفيده في زيارته الهامة لعرين الدب الروسي، والتي تأمل منها موسكو أن تعيد الثقة بين البلدين وتساعد في الاتفاق على إلغاء الدرع الصاروخية.
كانت سياسة الرئيس بوش حيال روسيا مشوشة ومحيرة في نفس الوقت. فتارة ينظر في عيني الرئيس بوتين ويرى رجلا جديرًا بالثقة، وتارة أخرى يرى رجلا يبشر بالديمقراطية بينما يفشل في رفع القيود الاقتصادية لحقبة الحرب الباردة.
وربما يتمكن الرئيس أوباما، بجمعه بين الهدوء والتواضع، من مساعدة أمريكا على إبرام صفقة مع دولة كروسيا، ولا يمنع ذلك وجود الكثير من الصعوبات التي تنتظره في هذا الطريق.
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى أن يقاوم إغراء اللعب على الاختلافات المفترضة بين السيد بوتين والأكثر ليبرالية السيد ميدفيديف. فهي خلافات خيالية أكثر من كونها حقيقية.
في هذه الأثناء، ينبغي ألا يعطي التواضع فيما يتعلق ببعض أخطاء أمريكا في الماضي القادة الروس انطباعًا أن السيد أوباما سهل المنال. لذلك تعتبر الغلظة ضرورية (في هذه المواقف)، نتيجة الفجوة المتزايدة بين مصالح الشعب الروسي ومثيلاتها في أوساط النخبة الحاكمة (هؤلاء الأشخاص الذين يدفعون باتجاه العداء لأمريكا حتى وهم يرسلون أبنائهم للجامعات الغربية ويبتاعون منازل صيفية في فرنسا).
والأكثر أهمية من ذلك، يحتاج السيد أوباما إلى الحسم فيما يتعلق بطموح روسيا في السيطرة على الدول الواقعة على حدودها الغربية والجنوبية. وقد أخطأ بوش حينما حاول التسريع في إلحاق جورجيا وأوكرانيا بالناتو، سواء أكانا مستعدتين أم لا. لكن هاتين الدولتين، كغيرهما في أوروبا، لديهما كامل الحرية في اختيار أصدقائهما. وينبغي على السيد أوباما أن يوضح أنه لن يتركهما هائمتين بلا هدف، وأنه لن يسمح بأي محاولات لزعزعة استقرار حكومتيهما. وبإمكان الأوروبيين أن يساعدوا أيضًا (في هذا السياق) بتنويع مصادر النفط والغاز التي يعتمدون عليها، ما يقلل مساحة المناورة الروسية.
No comments:
Post a Comment