
ذي إيكونوميست، 30 أبريل 2009
ترجمة: علاء الببيشي
ترجمة: علاء الببيشي
بينما العالم غارقٌ لأذنيه في أزمته المالية، مُتَخَبِّطٌ في نَفَقِ سياساته المجحفة، وعنصريته البغيضة، إذ ضَرَبَه "عدوان ثلاثي" أفقده صوابه، وأجبر أسبوعية "ذي إيكونوميست" على أن تخصص موضوع غلافها الأخير للحديث عنه.
المرض عبارة عن خليطٍ من أنفلونزا الخنازير (إتش1إن1)، وأنفلونزا الطيور، (إتش5 إن1)، يحمل (دي إن أي) بشري، لا يذهب بالأموال وفقط، بل بالأعمار أيضًا... وهنا تبدلت الأولويات، وأصبحت الخطط غير الخططِ والإجراءات.
توقَّع جنرالات الصحة العالمية أن العدو سيكون أنفلونزا الطيور، التي ربما تنتقل من الدجاج إلى الإنسان، وأن ذلك سيبدأ ظهوره جنوبي الصين، أو في منطقة جنوب شرقي آسيا. لكن في الواقع، ظهرت الأنفلونزا في خنزيرٍ مجهول، وضربت في البداية المكسيك، وليس آسيا (كما توقع جنرالات الصحة العالمية).
ولأن العالم لم يشهد أنفلونزا وبائية دولية منذ العام 1968، فقد كانت هذه العقود الأربعة كافية لنسيان خطورة الوضع.
وقد ظهر هذا المرض الجديد في 29 أبريل الماضي. وفي محاولة لوقف انتشاره، أعلن الرئيس المكسيكي "فيليب كالديرون" أن الخدمات الغير ضرورية ينبغي إغلاقها في الفترة بين 1 و 5 مايو، كما حث المواطنين على البقاء في منازلهم. ولم يتم الانتباه له في البداية لأن هجومه الأوّلي أتى في موسم الأنفلونزا الطبيعي.
أحد الأشياء المجهولة في هذا السياق تكمن في كيفية انتشار المرض (بهذه السرعة) في المكسيك. أما أسباب القلق فيكمن جزء منها في أن ضحايا هذا المرض معظمهم من الشباب أو الأصحّاء، بعكس أنفلونزا الطيور التي عادة ما تصيب كبار السن. ورغم ذلك فلا زال ضحايا هذا المرض ليسوا كثيرين؛ فالوفيات المؤكد إصابتها به ليست كثيرة، ربما بسبب نقص الاختبارات الملائمة. وحتى إذا تأكد إصابة الوفيات بالمرض، فإن ذلك لا يقارَن بـ 30 ألف حالة وفاة تشهدها أمريكا سنويًا بسبب الأنفلونزا الموسمية.
ربما تحاول المجلة طمأنة المواطنين، لتجنب الهلع الذي قد يؤدي بدوره لمزيد من المشاكل المصاحبة، وهو نفس المنطق الذي تحرك به الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينما قال -في تصريحاتٍ أمام تَجَمُّعٍ في الأكاديمية الوطنية للعلوم -: إنّ "تزايُد أعداد المصابين بأنفلونزا الخنازير داخِلَ الولايات المتحدة وخارجَها، وإن كانت مدعاةً للقلق، وتتطَلَّبُ رَفْعَ درجة التأهب، إلا أنها ليستْ مَدْعَاةً للهلع"، مُطَمْئِنًا شعبَهُ أنَّ إدارته تُرَاقِبُ التطوراتِ عن كثب، بحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.
لكن المجلة في الوقت ذاته لم تدعُ إلى دفن الرؤوس في الرمال؛ بل طالبت بأعلى درجات الحيطة والحذر، ليس الآن وفقط، بل وبعد خمود هذه النار المستعرة أيضًا.
حان وقت الاستعداد للأسوأ. فمن المحتمل أن تتسلل العدوى إلى الشمال خلال الشهور القليلة القادمة، وإلى الجنوب حينما يخيِّم الشتاء على نصف الكرة الأقل اكتظاظًا بالسكان. وعلى صانعي السياسات في العالم، الذين يعيش معظمهم في نصف الكرة الشمالي، ألا يُخدعوا بالاعتقاد أن الفيروس الجديد سينتهي للأبد، حتى إذا ما خفتت جذوته خلال الأشهر القليلة القادمة. لذلك عليهم أن يقوموا بما يقومون به في أي حرب مصطنعة؛ بأن يستغلوا الوقت الممنوح لهم لتعزيز المناعة العالمية بحشد الأدوية المضادة للفيروسات، وتصنيع اللقاحات. وعليهم أيضا أن يتذكروا أن هذه الأنفلونزا وإن انخفض مستوى خطرها، فإنها مسألة وقت فقط قبل أن تأتي أخرى جديدة. وعليه فإن الخطوة التي نخطوها اليوم قد تساعد في إنقاذ ملايين البشر في المستقبل.
المرض عبارة عن خليطٍ من أنفلونزا الخنازير (إتش1إن1)، وأنفلونزا الطيور، (إتش5 إن1)، يحمل (دي إن أي) بشري، لا يذهب بالأموال وفقط، بل بالأعمار أيضًا... وهنا تبدلت الأولويات، وأصبحت الخطط غير الخططِ والإجراءات.
توقَّع جنرالات الصحة العالمية أن العدو سيكون أنفلونزا الطيور، التي ربما تنتقل من الدجاج إلى الإنسان، وأن ذلك سيبدأ ظهوره جنوبي الصين، أو في منطقة جنوب شرقي آسيا. لكن في الواقع، ظهرت الأنفلونزا في خنزيرٍ مجهول، وضربت في البداية المكسيك، وليس آسيا (كما توقع جنرالات الصحة العالمية).
ولأن العالم لم يشهد أنفلونزا وبائية دولية منذ العام 1968، فقد كانت هذه العقود الأربعة كافية لنسيان خطورة الوضع.
وقد ظهر هذا المرض الجديد في 29 أبريل الماضي. وفي محاولة لوقف انتشاره، أعلن الرئيس المكسيكي "فيليب كالديرون" أن الخدمات الغير ضرورية ينبغي إغلاقها في الفترة بين 1 و 5 مايو، كما حث المواطنين على البقاء في منازلهم. ولم يتم الانتباه له في البداية لأن هجومه الأوّلي أتى في موسم الأنفلونزا الطبيعي.
أحد الأشياء المجهولة في هذا السياق تكمن في كيفية انتشار المرض (بهذه السرعة) في المكسيك. أما أسباب القلق فيكمن جزء منها في أن ضحايا هذا المرض معظمهم من الشباب أو الأصحّاء، بعكس أنفلونزا الطيور التي عادة ما تصيب كبار السن. ورغم ذلك فلا زال ضحايا هذا المرض ليسوا كثيرين؛ فالوفيات المؤكد إصابتها به ليست كثيرة، ربما بسبب نقص الاختبارات الملائمة. وحتى إذا تأكد إصابة الوفيات بالمرض، فإن ذلك لا يقارَن بـ 30 ألف حالة وفاة تشهدها أمريكا سنويًا بسبب الأنفلونزا الموسمية.
ربما تحاول المجلة طمأنة المواطنين، لتجنب الهلع الذي قد يؤدي بدوره لمزيد من المشاكل المصاحبة، وهو نفس المنطق الذي تحرك به الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينما قال -في تصريحاتٍ أمام تَجَمُّعٍ في الأكاديمية الوطنية للعلوم -: إنّ "تزايُد أعداد المصابين بأنفلونزا الخنازير داخِلَ الولايات المتحدة وخارجَها، وإن كانت مدعاةً للقلق، وتتطَلَّبُ رَفْعَ درجة التأهب، إلا أنها ليستْ مَدْعَاةً للهلع"، مُطَمْئِنًا شعبَهُ أنَّ إدارته تُرَاقِبُ التطوراتِ عن كثب، بحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.
لكن المجلة في الوقت ذاته لم تدعُ إلى دفن الرؤوس في الرمال؛ بل طالبت بأعلى درجات الحيطة والحذر، ليس الآن وفقط، بل وبعد خمود هذه النار المستعرة أيضًا.
حان وقت الاستعداد للأسوأ. فمن المحتمل أن تتسلل العدوى إلى الشمال خلال الشهور القليلة القادمة، وإلى الجنوب حينما يخيِّم الشتاء على نصف الكرة الأقل اكتظاظًا بالسكان. وعلى صانعي السياسات في العالم، الذين يعيش معظمهم في نصف الكرة الشمالي، ألا يُخدعوا بالاعتقاد أن الفيروس الجديد سينتهي للأبد، حتى إذا ما خفتت جذوته خلال الأشهر القليلة القادمة. لذلك عليهم أن يقوموا بما يقومون به في أي حرب مصطنعة؛ بأن يستغلوا الوقت الممنوح لهم لتعزيز المناعة العالمية بحشد الأدوية المضادة للفيروسات، وتصنيع اللقاحات. وعليهم أيضا أن يتذكروا أن هذه الأنفلونزا وإن انخفض مستوى خطرها، فإنها مسألة وقت فقط قبل أن تأتي أخرى جديدة. وعليه فإن الخطوة التي نخطوها اليوم قد تساعد في إنقاذ ملايين البشر في المستقبل.
No comments:
Post a Comment