برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, January 14, 2009

حرب المائة عام


ذي إيكونوميست، 10 يناير 2009
ترجمة: علاء البشبيشي


هذه الحرب التي أغرقت غزة في بحر من الدم، لم تكن هي الأولى بل السابعة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على فلسطين. ولا بد أن يُنظَر إليها في هذا السياق التاريخي لتتضح الصورة، وتستبين الحقائق. وليتأكد الجميع أن إسرائيل لديها استراتيجيات حربية لا حصر لها، بينما تفتقر إلى استراتيجية واحدة للسلام.
أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية أطلقت عليها حرب المائة عام، التي يرجع تاريخها لأوائل القرن الفائت، وتمتد لمستقبل تخشاه إسرائيل.
لحسن المقادير، قد تنتهي الحرب المدمرة بين إسرائيل وحماس قريبًا، لكن متى ستنتهي حرب المائة عام بين العرب واليهود في فلسطين؟ من الصعوبة بمكان تصديق أن مثل هذه التسوية سيتم التوصل إليها قريبًا.
يجب أن نتذكر أيضًا أن غزة ليست سوى بند واحد في سجل حافل بالتعاسة، نُقش على مدار سنوات؛ فالعرب واليهود يتحاربون ويتهادنون منذ 100 عام.
في عام 1909 تشكلت حركة هاشومر المسلحة (التي كانت تقاتل العرب في فلسطين)، تلا ذلك سلسلة من الحروب شهدتها أعوام 1948، 1956، 1967، 1982، 2006، وها هي الآن حرب 2009، مُزِجت كلها بالدم والنار.
حتى الفترات التي تخللت هذه الحروب لم يعمها السلام، بل كانت مليئة بالقنابل والغارات والانتفاضات والأفعال الوحشية. ولا يزال عرب فلسطين إلى الآن يتذكرون ثورتهم في ثلاثينيات القرن الفائت ضد الانتداب البريطاني والهجرة اليهودية من أوروبا، بعدها مذابح عام 1948.
هذه المجزرة التي جرت في غزة، والتي قُتل فيها40 من المدنيين، معظمهم من الأطفال، في قصف إسرائيلي واحد، ستصب المزيد من السم في بئر الكراهية (لإسرائيل).
المجلة تؤكد أنه مع كل صاروخ كانت إسرائيل تطلقه على المدنيين في غزة، كانت كراهيتها تشتعل في صدور أبناء المنطقة، وربما يصدق فيها قول القائل: (على أهلها جَنَتْ براقش).
وبحسب هذه التحليلات يبدو أن إسرائيل بدأت تحفر قبرها بيديها، وتدق أول مسمار في نعشها. خاصة وأن المعركة الآن اتسعت لتتعدى دائرة المقاومين في غزة، حتى تشمل كل المؤيدين لهذه القضية في العالم أجمع.
لم تفتأ تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تذكرُ - طيلة الأيام الماضية- أن هدف إسرائيل الرئيس هو وقف إطلاق الصواريخ، وليس الإطاحة بحماس، إلا أنها في الوقت ذاته أكدت أنه لن يتحقق سلام، ولن تُقام دولة فلسطينية حرة، وحماس باقية في سدة الحكم. صحيح أن بقاء حماس في السلطة من شأنه عرقلة أي نتيجة يُتوَصل إليها في المفاوضات بين إسرائيل وعباس. لذلك فقد يروق للسيد عباس والرئيس المصري حسني مبارك أن تُهزم حماس.
لكن ذلك له حدوده، وهزيمة حماس ما هي إلا حلقة في سلسلة طويلة. وحتى إذا انتصرت إسرائيل في غزة، فإن مائة عام من الحروب تؤكد أن الفلسطينيين لا يمكن إسكاتهم بالقوة الوحشية.
ستبقى حماس، ومعها الخط العربي الذي يؤمن بأن إسرائيل لا مكان لها في منطقة الشرق الأوسط.

No comments: