
نيوزويك، 30 ديسمبر 2008
يشكل مطلع العام 2009، وهي السنة الأخيرة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، محطة مناسبة للنظر في طبيعة السلطة، وصاحبها؛ لأنه يجري تنظيم العالم من جديد وبطرق كثيرة، في ظل صعود الباقين (كما أسماه فريد زكريا)، و هم الهند والصين والبرازيل.
مجلة نيوزويك الأمريكية أدلت بدلوها في هذا الطرح، وقدمت قائمة عن الأشخاص الأقوى سلطة، ممن سيكونون موجودين في الحقبة التي سيحكم فيها أوباما، لم تسردها سردًا في موضوع غلافها، لكنها أشارت إليها إجمالا.
إنها لائحة عشوائية، لكن خياراتها مدروسة جيدا، ويشكل كل واحد منها، في رأينا، خيطا في السجادة العالمية الجديدة. بعض الأسماء "مفاجئ جدا" وبعضها الآخر ليس كذلك. ولعل الأهم هو أن كل واحد منها ينجح في اختبار السلطة بحسب التعريف الذي وضعناه له للتو: إنهم رجال ونساء يعملون على جعل الآخرين ينزلون عند رغبتهم أو يسعون إلى إعادة ترتيب الحقيقة بطرق يعتبرونها أكثر ملاءمة. إنهم يتولون زمام القيادة أو يسعون إلى التحكم. وهناك، بطبيعة الحال، أكثر من مجرد تداخل صغير بين الأمرين"؛ فخصائص كل منهما ليست حصرية. (تضم اللائحة أيضا من يستحقون الشجب - أسامة بن لادن هو أحد الأمثلة - وفي ذلك إقرار بأن الشر يمكن أن يؤثر فينا أيضا).
لا نفعل هذا بهدف وضع قائمة محض أمريكية، أو تحديد نخبة بالاستناد إلى الثروة أو الطبقة الاجتماعية أو الشهادات التعليمية. فالشخصيات في هذا العدد عالمية، وقد اخترناها على أساس الكفاءة والأهلية. صحيح أن أسماء كثيرة في اللائحة هي لأشخاص ميسورين ويتحركون فيما يمكن وصفها بالدوائر الرفيعة، وارتادوا مدارس ذائعة الصيت، لكن عددا كبيرا منهم بدأ حياته مغمورا (انظر على سبيل المثال رئيس الولايات المتحدة الـ44)، وارتقوا إلى مراكز مرموقة من خلال مزيج من العزم والحظ الجيد. أحد الوعود التي تحملها هذه البلاد بشكل خاص هو أن من يعملون بجهد يحظون بفرصة للازدهار"، وهذا الوعد، إلى جانب المبدأ القائل بأن كل الناس خُلقوا سواسية، هو في قلب المشروع الوطني.
وتؤيد المجلة الرأي القائل: إن التحول من بوش إلى أوباما، أي من سليل إحدى أنبل العائلات في أمريكا إلى ثمرة زواج قصير الأمد بين شابة من كنساس وأكاديمي من كينيا لم ير ابنه إلا مرة واحدة، كان مدهشا بكل المقاييس.
هذا التحوُّل ترى المجلة أن أوباما يستحقه عن جدارة، ورغم ذلك تتوقع أن تضمحل سلطته ذات يوم، كما حدث لسابقيه، فأبسط فلسفات السلطة، أنها لو دامت لغيرك ما آلت إليك.
لقد شهدت السلطة السياسية في أمريكا تحولا جديدا في القرن الحادي والعشرين؛ فالطاقة السياسية في البلاد تستخدمها مجموعة أكثر شبابا وتنوعا مما عرفناه في العصور السابقة. لا يعني هذا أن الألفية ملك لهذه المجموعة، لكنه يعني أن وجه السلطة يتغير.
العامل الجديد الآخر في لعبة السلطة العالمية عام 2009 هو أوباما نفسه؛ فهذا الرجل واسع الاطلاع الذي يتمتع بالبراعة في المجال التكنولوجي وبالدهاء السياسي يدخل البيت الأبيض في أوقات صعبة، إنما مع توقعات كبيرة. وسوف يخوض معركة متقاربة بين النجاح والفشل.
إنه رجل صاحب رؤية تراجيدية عن العالم، يعرف أنه في حين أن التقدم ممكن، فإن الكمال ليس ممكنا، ويبدو أنه يرتقي إلى المنصب مع إدراكه لحدود السياسة وطبيعة السلطة الزائلة.
لكن الحقيقة أيضا هي أنه ذات يوم، سوف تضمحل سلطة أوباما، وكذلك السلطة التي يمارسها الأشخاص الآخرون الواردة أسماؤهم على لائحتنا. لكن ما يفعلونه بهذه السلطة سوف يحدد كيف ستُروى قصتهم.
No comments:
Post a Comment