برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, August 18, 2009

تعقيدات الحياة


نيوزويك، 18 أغسطس 2009

إن كانت جينات الإنسان تحدد قدره، لماذا تتمتع ابنتا "ساني شي" التوأمتان بشخصيتين مختلفتين ولديهما حتى بصمات يد مختلفة؟ هاتان الفتاتان تتشاركان جينات متطابقة وتربية شبه متطابقة، لكن مساريهما البيولوجيين افترقا في السنوات الأولى من حياتهما.
تساؤل طرحته مجلة نوزويك في صدر حديثها عن علم الجينوم وتعقيداته، وما توصل إليه علماء الجينات باكتشاف خريطة المورثات البشرية والتي اعتبرت من قبل كثير من رؤساء الدول على أنها أعظم من الصعود إلى القمر. وتكمن أهمية هذه الخريطة في أنها سوف تساعد على التعرف على الكثير من الموروثات المسئولة عن كثير من الأمراض المستعصية والتي من أهمها السرطان والسكر ومن ثم إيجاد طرق علاجية لها.

لقد مضت تسعة أعوام منذ أن فك "كريغ فنتر" وآخرون شفرة الجينوم البشري، وهي مجموعة الجينات التي تتحكم بعمل كل خلية بشرية، وأُعلِن أنه تم الكشف عن "كتاب الحياة". منذ ذلك الحين، اكتشف علماء الأحياء أن الجينوم مجرد بداية لتعقيدات الحياة. فأكثر من 1 بالمائة بقليل من الجينوم فقط يتألف من جينات تنتج البروتينات المسئولة عن إدارة عمل الخلايا اليومي. العلماء شبه متأكدين من أن الـ99 بالمائة الباقية تلعب دورا كبيرا، لكن هذا الدور لا يزال موضع بحث.
مع أن علماء الأحياء يعرفون منذ ثمانينات القرن الماضي أن عددا قليلا فقط من الأمراض تسببه جينة واحدة، يُعتقد الآن أن بعضها متأتٍ من مجموعات فرعية مختلفة مؤلفة من عشرات آلاف الجينات. ولزيادة الأمور تعقيدا في الجينوم ، فإن طريقة تغليف هذه الجينات داخل الخلية قد يكون لها دور في عملية النشوء والأمراض بقدر الجينات أنفسها. هذه الظاهرة المسماة بـ"التخلق" قد تكون مسؤولة أيضا عن الخصائص الموروثة من جيل إلى آخر، أي أنها وراثية لكن من دون حمض نووي.هذه التطورات تعني أن مكافآت الثورة في علم الجينوم ستتطلب وقتا أطول مما كان معظم الناس يظنونه قبل 10 سنوات. لكن ثمة أسباب تدعو للاعتقاد أن المسار الذي يفضي إلى خارج الالتباس الحالي سيؤدي إلى اكتشافات أعمق وأهم، مثلما تظهر المقالات في هذا التقرير الخاص عن علوم الحياة. فقد بدأت الإنجازات العملية المهمة تحدث في المختبرات. وأدى علم التخلق حتى الآن إلى بعض التقدم المدهش في الحرب على السرطان وغيره من الأمراض، ويتم حاليا صنع عقاقير لمكافحة بعض أنواع سرطان الدم مثلا. لقد توصل العلماء إلى معرفة كيفية أخذ الخلايا الجذعية الراشدة من الجلد وأعضاء أخرى وإعادة برمجتها جينيا، وهي الخطوة الأولى نحو تحويلها إلى أنسجة بديلة مصنوعة خصيصا لملائمة جهاز مناعة المريض.
إدراك أن الخلية هي كيان معقد ذو دور أهم من مجموع مكوناته أجبر الأطباء الرياديين في قطاع الأبحاث الطبية على اعتبار مرضاهم "أنظمة" بيولوجية. وهو الإدراك الذي يغير الآن طريقة ممارسة الطب وتدريسه، كما يشير الدكتور" ليروي هود" في أحد مقالاته.الطب ليس الحقل الوحيد الذي سيستفيد من علم الجينوم الجديد، كما يظهر تقريرنا. ففهم العملية البيولوجية داخل النباتات بشكل أفضل يساعد العلماء على تحسين المحاصيل والمحتويات الغذائية للمزروعات من دون الحاجة إلى التلاعب بالتركيبة الجينية للنباتات مباشرة.

No comments: