
تايم، 3 أغسطس 2009
ترجمة: علاء البشبيشي
عادت مجلة تايم الأمريكية بالأذهان إلى الأيام الأخيرة لبوش وتشيني، وذَكَّرت بقضية لويس ليبي المستشار السابق لنائب الرئيس الاميركي ديك شيني، الذي أصدرت محكمة أميركية بحقه حكمًا بالسجن ثلاث سنوات، وبدفع غرامة ربع مليون دولار، وذلك بعد أدانته بتهمة الكذب على شرطة مكتب التحقيق الفيدرالي (اف.بي.آي)، عندما حققوا معه لدوره في كشف اسم فاليرى بليم، جاسوسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي،آي،ايه).
لكن بعد صدور الحكم على ليبي، انتشرت أخبار بأن شيني يضغط على بوش ليصدر أمرا رئاسيا بالعفو عنه. لأن إدانة ليبي ادانة للرئيس ونائبه. ولأن كاميرات التلفزيون ستقف أمام السجن يوم يدخله ليبي، وسيكون اليوم "مهرجانا اعلاميا".
وبالفعل جاء إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش عن تخفيف الحكم على لويس ليبي، ليحول دون قضائه عامين ونصف العام في السجن. ليثير جدلا واسعاً على الساحة السياسية الأميركية وردود فعل متباينة، ويدفع بشعبية بوش الى أدنى مستوى لها. وليثير عند مجلة تايم أسئلة أخرى حول مدى صدق بوش مع شعبه فيما يتعلق بحربه على ما يسمى بـ "الإرهاب".
بعد 8 سنوات مزعجة، وقُبَيل ساعاتٍ من مغادرتهما منصبهما، كان أمام جورج بوش وديك تشيني مهمة أخيرة، لكنها مؤلمة، تنتظر أن يُنجزاها. لأكثر من شهر كان تشيني يلتمس من بوش أو حتى يتملقه أو بالأحرى يضايقه ليصدر عفوًا رئاسيًا عن، لويس ليبي، المدير السابق لمكتب نائب الرئيس الأمريكي آنذاك. وكان "ليبي" قد اتهم قبلها بسنتين بإعاقة مجرى العدالة والحنث باليمين على خلفية قضية تسريب اسم أحد عملاء الاستخبارات المركزية.
وقد أفاد مساعدوا تشيني أن استصدار عفو عن "ليبي" أصبح الشغل الشاغل والمعركة الكبرى بالنسبة لـ "تشيني". وقد أُثِر عنه قوله: لا نريد أن نترك أيًا من أصدقائنا وحيدًا في أرض المعركة".
وكان بوش قد قرر خلال الأسبوع الذي قبله أن ليبي لا يستحق مثل ذلك العفو، وهو الأمر الذي أخبر تشيني به. لكن كبار مستشاري الأخير أكدوا بأنهم لم يروه منشغلا بقضية على مدار فترتي بوش الرئاسيتين كمثل انشغاله بهذا الملف. وهكذا أخَّر بوش قراره حتى اليوم الأخير في منصبه، الذي وافق 19 يناير 2009. (ليمثل عملية إنقاذ في الوقت الضائع).
وقد مثَّلت هذه الساعات الأخيرة فصلا مثيرًا للغاية في مسلسلٍ من أكثر العلاقات غموضًا وأقلها شفافية في التاريخ الأمريكي. ذلك أنها أظهرت كيف يمكن لسؤال واحد أن يجهد العلاقة بين الرئيس ونائبه المقرب، وكشفت فجوة بين رؤية الرجلين حيال الجريمة والعقاب. بل أبدت للعيان اختلافًا جذريًا بين طريقة الرجلين في النظر إلى الإرث الذي سيخلفه بوش. فبينما كان ينظر نائب الرئيس إلى إمكانية أن تمثل الحرب على الإرهاب الإرث الأكبر الذي سيخلفه بوش، فقط إذا دافعوا عن كل رجل وامرأة شارك في هذه المعركة. لكن حينما وصل الأمر إلى "ليبي" شعر بوش بأنه قد قام بما فيه الكفاية.
لكن العفو عن "ليبي" لم يكن نهاية المطاف، بل كان مقدمة تلتها أسئلة عدة حول العدالة والأمن القومي الذَين ورثتهما إدارة أوباما. كما تمكن اتهام "ليبي"، الذي بدأ منذ 6 أعوام مضت، من الوصول إلى لُبّ اللغز المتمثل فيما إذا كان بوش قد خدع شعبه فيما يستعلق بغزو العراق.
No comments:
Post a Comment