
تايم، 24 نوفمبر 2008
ترجمة: علاء البشبيشي
(أفكار تموت، ثم ينجح مُُنظِّروها في إحيائها من جديد)، نظرية حاولت مجلة تايم الأمريكية التدليل عليها، مستشهدة بما حققه الديمقراطيون من نجاح منذ أيام قلائل، بوصول مرشحهم لسدة الحكم في بلاد العم سام، ومقارِنة ذلك بما حققه نفس الحزب الديمقراطي من فشل منذ عقود، حينما خسر مرشحهم آنذاك أمام منافسه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية.
شتان الفارق بين الفوز والخسارة، لكن المجلة وجدت ما يربطهما، وكان ذلك حديقة جرانت بارك التي شهدت التظاهرات الغاضبة في الستينات، وشهدت أيضًا هتافات النصر في العام الثامن بعد الألفية الثانية.
شهدت حديقة "جرانت بارك" بشيكاغو موت الليبرالية الأمريكية وإعادة ولادتها؛ ففي الثامن والعشرين من أغسطس عام 1968، احتشد عشرة آلاف في هذا المكان للاحتجاج على مؤتمر الديمقراطيين الذي كان ملتئمًا في الجوار، وكان على وشك تسمية نائب الرئيس هوبرت هومفري كمرشحهم الرئاسي.
وقتها حذر عمدة شيكاغو ريتشارد ديلي، المتظاهرين من تعطيل الحركة في مدينته، ورفض منحهم تصريحات بالتجمع، إلا أنهم احتشدوا رغم كل شيء.
وبعيد الظهيرة كان الجميع ينشد، والشرطة تتدفق على المكان حتى الساعة الثالثة والنصف، حينما تسلق أحد المحتشدين سارية العلم الأميركي وبدأ في تنكيسه.
أسرعت الشرطة لاعتقال هذا الشخص، لكنهم قُصفوا بالبيض، والقطع الخرسانية، والبالونات المليئة بالطلاء والبول. فردت الشرطة باقتحام الصفوف وضرب المتظاهرين بالهراوات وهم يصيحون "اقتلوهم.. اقتلوهم"، فيما عُرف بعد ذلك بـ "شغب الشرطة".
أما المشاهدون في أنحاء البلاد فتابعوا ما يجري عبر شاشات التلفاز، وأصدروا قرارهم.
أما الديمقراطيون الذين كانوا قد فازوا بسبع جولات رئاسية سابقة، خسروا سبع جولات من العشرة التي تلت ذلك.
وبعد مرور أربعين عاما، احتشد الليبراليون السعداء في نفس حديقة جرانت بارك، بدعوة من عمدة آخر يدعى ريتشارد ديلي؛ للاحتفال بانتخاب باراك أوباما رئيسًا للبلاد. لكن هذه المرة ارتفعت الأعلام في زهو، وأتت الشرطة لتأمين الحشد لا لتهديده.
وللمرة الثانية شاهد الأميركيون ما يجري على شاشات التلفاز، لكن الدماء لم تغْلِ في عروقهم هذه المرة، بل سالت دموعهم.