برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, November 26, 2009

حلقة 11 نوفمبر 2009


المـقـدمـة

هل تعلم أن وزير الخارجية البريطاني "ديفيد ميليباند" يهودي؟ وهل يمتلك الرجل المقومات اللازمة ليصبح رئيس الوزراء القادم؟

لماذا ترتفع مؤشرات الأسواق المالية على الرغم من الوضع الاقتصادي المزري، ولماذا قد يؤدي ذلك إلى انهيار آخر؟

من يحكم باكستان الآن؟ وكيف نوقف نزيف الصناعة الحاد في بلداننا العربية؟ وإلى متى سيتمكن الجنرالان "قهوجي" و "جراتسيانو" من الحفاظ على الهدوء في الجنوب اللبناني؟

ماذا تعرف عن البروتوكول السادس للإنترنت؟ وماهو موقع أفغانستان على خارطة الجيوبولوتيكا الدولية لأمريكا؟

لتعرفوا الإجابة عن هذه الأسئلة وأكثر، تابعونا في حلقة هذا الأسبوع من برنامج "موضوع الغلاف".

(1)

ديفيد مِليباند

مومنت، (نوفمبر – ديسمبر) 2009

هل يمتلك وزير الخارجية البريطاني المقومات اللازمة ليصبح رئيس الوزراء القادم؟

تساؤل طرحه "مايكل جولدفارب"، الكاتب بمجلة "ويكلي ستاندارد" الأمريكية المحافظة، والمستشار السابق بالحملة الرئاسية للسيناتور الجمهوري جون ماكين.

في محاولة للإجابة عن هذا السؤال، استعرضت مجلة "مومِنْت" الأمريكية تاريخ عائلة ميليباند، بداية من المحرقة وصولا لوزارة الخارجية.

ديفيد مليباند معروف بأسلوبه الهاديء. لكنه لم يَبـْـدُ كذلك في مؤتمر حزب العمل الذي أُقيم هذا الخريف، فقد كان غاضبًا ولم يبذل جهدًا لإخفاء ذلك. بل قال للحضور: "لقد أزعجني الأمر"، في إشارة إلى عضوية المحافظين في برلمان الاتحاد الأوروبي، المتفاخرين بمعاداتهم للسامية.

"مليباند"، ابن لأبوين نجيا من المحرقة، لكنه لم يتحدث علانية قبل ذلك عن إرثه اليهودي. وباعتباره على رأس الدبلوماسية البريطانية، استطاع ذلك الرجل المليء بالشباب والبالغ من العمر 44 عامًا، إيجاد موازنة بين الرؤية البريطانية للسياسة الخارجية ومثيلتها الأمريكية.

كيفية وصول مليباند لهذا المستوى، تعكس قصة القوة التاريخية التي شكلت الحياة اليهودية في أوروبا.

وككثير من اليهود، كان "صامويل"، جده لأبيه، يعمل في الجلود، قبل أن يترك بولندا بعد الحرب العالمية الأولى، ويستقر به المطاف أخيرًا في بروكسل. لكن في 10 مايو من العام 1940، اجتاح النازيون بلجيكا. واضطر "صامويل" وابنه "أدولف" البالغ من العمر 16 عامًا إلى السير لمدة يومين وصولا إلى ميناء "أوستِند"، حيث استقلا المركب الأخير المتوجه إلى بريطانيا. تاركَـيْن ورائهما زوجة صامويل وابنته، اللتين هربتا إلى إحدى قرى الريف، ونجتا في الاختفاء من الجستابو (جهاز المخابرات الألماني).

تكمل المجلة قصة العائلة اليهودية، فتقول: الابن الفارّ، هو والد "ديفيد ميليباند"، الذي غيَّر اسمه فيما بعد من "أدولف" إلى "رالف". وقد التحق بمدرسة لندن الاقتصادية (LSE)، ثم خدم في صفوف البحرية الملكية بقية الحرب العالمية الثانية، حيث كان يقوم بدوريات في البحر المتوسط ويترجم الاتصالات الألمانية التي يتم اعتراضها.

في هذه الأثناء كانت والدة "ميليباند"، السيدة "ماريون روزاك"، وعائلتها قد حوصروا في "شيستوشوا"، التي احتلها النازيون، جنوبي بولندا. لكن "ماريون" وأمها وجدتا ملجئًا لدى إحدى العائلات البولندية، التي خاطرت كثيرًا لضمان نجاتهما. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، توجهت "ماريون" هي الأخرى صوب بريطانيا، حيث التقت "رالف ميليباند"، الذي أكمل فيما بعد دراسته في السياسة بمدرسة لندن الاقتصادية (LSE). ثم تزوجا، وكوَّنا –في وقت متأخر- عائلة. وكان ديفيد ابنهم البكر، بعدها وُلِد أخاه "إد".

أصبح "رالف" أحد أبرز المفكرين اليمينيين في بريطانيا، وشخصية مركزية في حركة "اليمين الجديد. وباعتباره ابنًا لهذه الشخصية، كانت سنوات ديفيد الأولى واعدة.


(2)

طفرة مالية وسط التشاؤم

نيوزويك، 10 نوفمبر 2009

لماذا ترتفع مؤشرات الأسواق المالية على الرغم من الوضع الاقتصادي المزري، ولماذا قد يؤدي ذلك إلى انهيار آخر؟

مجلة نيوزويك حاولت الإجابة عن هذا التساؤل من خلال موضوع غلافها الأخير والذي حمل عنوان (طفرة مالية وسط التشاؤم ).

خلال الأشهر الماضية، تصرف المستثمرون وكأننا في عام 1999، وهو العام الأول الذي تخطى فيه مؤشر داو جونز 10.000 نقطة وارتفعت أسعار الأسهم بشكل يتنافى تماما مع الواقع. ومع ذلك، فإن المناخ العام السائد آنذاك كان مختلفا جدا عما هو عليه اليوم. حينذاك كانت أسعار الأسهم تفوق القيمة الحقيقية للشركات التي أصدرتها، بلا شك. لكن قطاع العمل في أمريكا اليوم في أسوأ حالاته منذ جيل، والكثير من حكومات الولايات على وشك الإفلاس، والقروض الاستهلاكية تكاد تكون معدومة في العالم المتقدم، والمستثمرون العالميون يعتبرون كل ذلك دليل عافية.

من الصعب إيجاد فئة من الأصول لم ترتفع قيمتها إلى حد كبير في الكثير من الأحيان: فمنذ وصول مؤشر "ستاندرد أند بورز" إلى أدنى مستوياته في مارس، عاد وارتفع بنسبة 58 بالمائة، وارتفع مؤشر "نازداك" بنسبة 67 بالمائة. كما أن قيمة الأسواق النامية (بحسب مؤشر "مورغان ستانلي") ازدادت بنسبة 95 بالمائة. إن أسعار كل أنواع السلع الأساسية ترتفع، فقد ازداد سعر النفط الخام بنسبة 132 بالمائة منذ وصوله إلى أدنى مستوياته في فبراير، وبقي سعر الذهب يراوح مكانه في أعلى مستوياته. وفي حين أن التذمر بشأن تنظيم قطاع البنوك في واشنطن الأسبوع الماضي أدى إلى انخفاض قيمة الأسهم المالية، فإن الشركات نفسها التي تسببت بالأزمة المالية لا تزال تتصدر قائمة الشركات التي ارتفعت أسهمها إلى أعلى حد، إذ ازدادت قيمة أسهمها بنسبة مدهشة بلغت 126 بالمائة منذ مارس.

(3)

من يحكم باكستان ؟

المجلة، 6 – 11 نوفمبر 2009

من يحكم باكستان الآن؟

تساؤل حاولت مجلة "المجلة" الإجابة عنه، من خلال مقالٍ لـ"أناتول ليفن"، أستاذ قسم دراسات الحرب في الكلية الملكية بلندن، خَلُصَ فيه إلى أن "ثمة حقيقة جوهرية عن باكستان تتمثل في أن مؤسسات الدولة فيها ضعيفة مما يحبط أي محاولة لإجراء إصلاح جذري أو تنمية حقيقية، و لا يهم في هذه الحالة ما إذا كانت باكستان خاضعة لحكم عسكري أو مدني".

لقد ارتكزت مناقشة قدرة باكستان على النجاح في التصدي لطالبان على مسألة الاختيار بين الحكومة العسكرية والمدنية، وأيهما أصلح للحكم. إلا أنه من وجهة نظر الإدارة وتطور الدولة ككل، فلا يهم ما إذا كانت باكستان خاضعة لحكم عسكري أو مدني، لأن ثمة حقيقة سياسية جوهرية عن باكستان تتمثل في أن الدولة فيها ضعيفة، أيًّا كانت الجهة التي تَدَّعِي القبض على زمام الأمور فيها، بينما يتمتع المجتمع، في أشكاله المختلفة، بقوة هائلة.

وفي ظل هذا الوضع، أصبح بإمكان أي شخص أو جماعة تتمتع بأقل نفوذ في المجتمع أن تبتز الدولة من أجل الحصول على الدعم والامتيازات أو التهرب من دفع الضرائب، وتكريس آليات الدولة وجهازها الإداري لصالحها. ومن هنا نجد أنفسنا أمام حقيقة مذهلة قوامها؛ أنه لا تتجاوز نسبة دافعي الضرائب 1 بالمائة من عدد السكان، وأن أغنى الأغنياء من مُلاك الأراضي لا يدفعون ضرائب مباشرة على الإطلاق.

فشبكات القرابة التي تُشَكِّل بنية المجتمع، والتي يدين لها معظم الناس بالولاء، هي من أهم العوامل التي تجعل من المجتمع الباكستاني مجتمعًا قويًّا. كما أن هناك شعورًّا جماعيًّا بالشرف والعزة يتجلى بوضوح في منع أو معاقبة أي سلوك جنسي غير مشروع من قِبل النساء اللائي ينتمين إلى جماعات القرابة، كما يتجلى أيضا في العمل على تعزيز السلطة السياسية والاقتصادية والحالة العامة لتلك الجماعات.

(4)

الصناعة والمستهلك.. نزيف حـاد

اقتصاد وأسواق، نوفمبر 2009

"لم نعُد نهتم بالوعيد الذي قيل لمن يأكل مما لا يزرع، ويلبس مما لا يصنع.. بل تحولنا إلى أعداء لأنفسنا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".

بهذه الكلمات الموجِعة بدأت مجلة اقتصاد وأسواق موضوع غلافها الأخير، والذي يلقي الضوء على هموم المستهلك العربي والصناعة العربية؛ لعل حياةً تَدُبُّ فيمن ننادي.

إن مستهلكنا مُستهلَك - بفتح اللام - وصناعاتنا بكل مُدخَلاتها الأجنبية تئن تحت وطأه ظلم ذوي القربى . السياسات المتبعة للحكومات العربية تؤكد لنا أن همها ليس الإنتاج ولا المستهلك، وأن عقدة الأجنبي هي عقده لدى النخب العربية قبل أن تكون عقده لدى المستهلك العربي.

اعتقادي أن المستهلك العربي والصناعات العربية في الهمّ سواء.. فبنظرة فاحصة لواقع الحال نجد أن المستهلك العربي يقع في أدنى سلم اهتمامات الحكومات العربية. وانصرف التركيز في حقوق الإنسان على الشق السياسي, والاهتمام بحرية الرأي. أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فلا تُذكَر إلا نادرًا بينما هي الأصل وغيرها الفرع. كثيرةٌ هي الخطط والاستراتيجيات التي تقول من خلالها الحكومات العربية أن الإنسان هدف التنمية وغايتها. ولا ندري عن أي إنسان يتحدثون. بينما هذا الإنسان والذي هو المستهلك قد اسُتهلِك فعلاً. ولا مجال لسرد التعديات على حقوق المستهلكين. واليوم يشارك المستهلك قطاع أخر يئن من ظلم ذوي القُربى. إنه قطاع الصناعات الوطنية. هذا القطاع الذي يخفف أعباء البطالة والحد من الفقر ، أصبح يشكو حاله، وزاد من مصيبته أن المستهلك على الرغم من الظلم الواقع علية، فإنه يظلم صناعاته هو الآخر. لكن الجديد أن الصناعات الوطنية تلاقت مع هموم المستهلكين في إهمال الحكومات العربية لهما. وأصبح الطرفان مستهدَفان وإن اختلفت الطرق لكن يبدوا أن الجاني واحد، وفعلا كلنا في الهم شرق .

(5)

جنرالان يحميان الجنوب

الأفكار، 9-15 نوفمبر 2009

جنرالان يتقاسمان مهمة حفظ أمن الجنوب، تتجه إليهما أنظار اللبنانيين والعرب والأجانب، كلما اهتز الوضع الأمني جنوبًا، بعدوان إسرائيلي، أو بصاروخ مشبوه يُطلَق في اتجاه الأراضي المحتلة.

هما الجنرال "جان قهوجي" قائد الجيش اللبناني، والجنرال الإيطالي "كلاوديو جراتسيانو"، قائد اليونيفيل، اللذان احتلا صدارة العدد الأخير من مجلة الأفكار اللبنانية.

كانا أول من وطأ أرض المنطقة التي أُطلِقت منها آخر دفعة صواريخ، في محاولة مكشوفة، وملتبسة في آن، لإعادة التوتر إلى الساحة الجنوبية، بالتزامن مع التوتر الذي يسود الساحة السياسية الداخلية، مع استمرار تعثر تشكيل الحكومة الجديدة.

ويُجمِع المعنيون بالوضع في الجنوب على القول بأن التنسيق القائم بين "العماد قهوجي" وقيادة الجيش اللبناني من جهة، والجنرال "جراتسيانو" وقيادة القوات الدولية من جهة أخرى، مَكَّن من تجنيب الجنوب خضَّات أمنية كثيرة، تكررت خلال الأشهر الماضية.

وعلى الرغم من النجاح الذي تحقق حتى الآن في الإمساك بالوضع الأمني غير الممسوك جنوبًا، بفعل التحرشات الإسرائيلية المتكررة، فمن الواضح أن خطرًا من نوع آخر عاد ليخيم على الجنوب والجنوبيين، بعد تكرار حوادث إطلاق الصواريخ من منطقة عمليات القوات الدولية في اتجاه الأراضي المحتلة، والتي تستتبع ردًا إسرائيليًا ظل حتى الآن محدودًا.

(6)

البروتوكول السادس للإنترنت

لغة العصر، نوفمبر 2009

بعد سنتين فقط، وتحديدًا في عام 2012 ستنتهي صلاحية البروتوكول الرابع للإنترنت، المسئول حاليًا عن إدارة القسم الأعظم من الشبكة، بعد أن ينفذ رصيده من عناوين الإنترنت، ويصبح عاجزًا عن إعطاء عناوين رقمية جديدة لأي شخص أو جهة ترغب في بناء موقع جديد على الشبكة أو توصيل حاسبات إضافية لها. ولتفادي هذا المأزق الكبير الذي يمكن أن يهز شبكة الإنترنت عالميًا يستعد العالم الآن للتحوُّل إلى البروتوكول السادس للشبكة، الذي بدأ العمل في تطويره منذ منتصف التسعينيات وأصبح جاهزًا الآن للعمل، وساعتها ستتغير الإنترنت جذريًا وتصبح بوجه جديد.

مجلة "لغة العصر" رأت أن إثارة هذه القضية يُعتبر أمرًا حيويًا، ولو على مستوى النخبة، على الأقل لنعرف أين نقف، وكيف نستقبل هذا الوافد الجديد، وما هي أدواتنا للتعامل معه.

قبل الدخول في أزمة الرابع وإمكانات السادس لابد من التعرف على معنى ووظيفة بروتوكولات الإنترنت. فالبروتوكول هو المسئول عن توفير أو إنتاج عنوان رقمي فريد غير متكرر لكل حاسب على الشبكة، يحدد هويته ويسمح بتعريفه على الشبكة بصورة تُمَكِّن أي حاسب آخر من التواصل معه. كما أن البروتوكول أيضًا مسئول عن توفير الضوابط والقواعد الفنية التي يتم على أساسها التعرف على رقم الحاسب وكيفية نقل المعلومات عبر الشبكة وشكل المعلومات أثناء النقل.

بعبارة أخرى يمكن القول إن بروتوكول الإنترنت هو أقرب إلى دستور الشبكة وروحها، أو "عقلها"، المسئول عن ضبط السلوك الاتصالي لكل جهاز يتصل بها.

وقد صُمِّمَ البروتوكول الرابع لكي يوفر حوالي 4,2 مليار عنوان. وبمعايير السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كان هذا الرقم خياليًا وضخمًا إلى الدرجة التي لم تجعل أحدًا يفكر في أن العالم سيكون لديه حاسبات وأجهزة تستوعب هذا القدر من العناوين.

حدث خلال السنوات الأخيرة، وبعد مرور أكثر من 30 عامًا على ظهور وتشغيل البروتوكول الرابع، أن ظهرت أزمة في توافر عناوين الإنترنت التي أصبحت شبكة مترامية الأطراف يستخدمها أكثر من مليار شخص حول العالم، وبات الرقم 4,2 مليار عنوان ضئيلا للغاية مقارنة بالطلب المتوقع على حجز العناوين، وهنا نشأ ما يُعرَف بأزمة البروتوكول الرابع.

ظهرت هذه الأزمة في تسعينيات القرن الماضي، لذا بدأ فريق هندسة الإنترنت العمل في عام 1992 لتطوير بروتوكول جديد يحتوي على عناوين أكثر ووظائف أفضل من البروتوكول الرابع، حتى تم الانتهاء من البروتوكول السادس في العام 1998 بصيغته القياسية. وببعض الحسابات النظرية فإن هذا النظام يسمح بإنتاج تريليون رمز يمكن تحديدها وإقرارها يوميًا لمدة تريليون سنة، وهو ما يفتح الطريق نحو تخصيص عنوان رقمي مستقل على الإنترنت يحدد هوية كل الأدوات والأجهزة والمعدات و"الأشياء" الموجودة لدى البشر حاليًا ولفترة طويلة.

الحاصل أن البروتوكول السادس صُمِّم في البداية لدعم البرتوكول الحالي، ثم بدأ التفكير في استخداماتٍ ونماذج جديدة للعمل، تتطلب الجمع بين مجموعة من الوظائف غير الموجودة في البروتوكول الرابع. وتعد جاهزية البروتوكول السادس للتطبيق أمر تدعمه قلة التكلفة؛ لأنه جزء من عملية تطوير التكنولوجيا وتحديثها المستمر، بالإضافة إلى رفع سقف استخدام شبكات الإنترنت إلى مستويات غير مسبوقة، علاوة على خبرات التعليم في التصميم والتطبيق، وأهم من ذلك البعد الجغرافي والسياسي لأي دولة تود أن تظل بين الأمم الأكثر تقدمًا في تكنولوجيا المعلومات في العالم، وأبسط ما في هذا البعد هو أن الشركات الدولية التي لها أعمال مهمة في آسيا على سبيل المثال، سيتحتم عليها أن تدعم استخدام البروتوكول السادس وتجربة الصين خير شاهد.

وعلى الرغم من مرر عشر سنوات على تصميم البروتوكول السادس، فإنه ما يزال في مرحلة البداية من حيث حجم انتشاره على مستوى العالم.

(7)

أفغانستان في الجيوبوليتيكا الدولية لأميركا

الانتقاد، 3 – 10 نوفمبر 2009

المُلاحَظ أن الجانب الأمريكي، في العهد الجديد لأوباما، ينتهج سياسة تهدئة ومناورة في العديد من الملفات، إلا في الملف الأفغاني. ومن الأمثلة "الصارخة" على ذلك تخفيض أعداد القوات الأمريكية في العراق لزيادة أعدادها في أفغانستان.

تحت عنوان (أفغانستان في الجيوبوليتيكا الدولية لأميركا) سلَّطَت مجلة الانتقاد الضوء على هذا الملف الشائك.

من أهم نشاطات الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بعد انتخابه كانت الزيارة التي قام بها إلى روسيا في 6 و 7 يوليو 2009. وقد حمل الرئيس الأمريكي معه كل الملفات ذات العلاقة المشتركة مع روسيا، والتي تتعلق بالشؤون الدولية الرئيسية، بشكل يتجاوز مرحلة القطب الدولي الواحد، ويُذَكِّر بشدة بمرحلة القطبين الدوليين.
ومع كل أهمية جميع الملفات التي حملها أوباما، كالتسلح النووي والصاروخي، والملفات الكوري والفلسطيني والإيراني، كان من الواضح أن عين الرئيس الأمريكي كانت تتركز بشكل خاص على الملف الأفغاني.

وقد استطاع "باراك أوباما" الحصول على موافقة الكرملين على منح أمريكا ممرًا جويًا استراتيجيًا إلى أفغانستان. وتشير المعطيات الصحفية إلى أن أمريكا بصدد إجراء اتفاقات مماثلة مع عدد من الدول الأخرى، الأوروبية والآسيوية، لاسيما بعد الصعوبات التي أخذ يعانيها التعاون الأمريكي ـ الباكستاني، في حرب أفغانستان. وبعد رفض كازاخستان تقديم التسهيلات المطلوبة لأمريكا.

وتتساءل المجلة: لماذا كل هذا الاهتمام الأمريكي بأفغانستان، التي اعتبرها أوباما ذاته "الجبهة المركزية" للحرب الأمريكية على الإرهاب؟

وترى المجلة أن شعار "مكافحة الإرهاب" هو كذبة كبيرة، واسطوانة مشروخة، سواء بنسختها "البوشية" الصاخبة، أو بنسختها "الأوبامية" الناعمة، تستخدمها الإدارة الأمريكية كحجة للهيمنة المطلقة على أفغانستان.

تعمل الإدارة الأمريكية لتحويل أفغانستان ليس إلى قاعدة أميركية وحسب، بل وإلى قاعدة أطلسية ـ غربية بشكل عام. ويوجد سببان جوهريان لهذا الاهتمام بأفغانستان: الأول يتعلق بالسياسة الداخلية الأمريكية، وتحديدًا بالاقتصاد الأمريكي، والثاني يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، وتحديدًا بالجيوبوليتكيا العامة أو الاستراتيجية الدولية لأمريكا.

والهدف الجيوبوليتيكي المركزي لهذا المخطط الأمريكي الضخم هو- بالإضافة إلى كونه "مشروعا تجاريا" هائلا- تعزيز الهيمنة الأمريكية ـ الصهيونية على العالم، والتهديد الضمني والمباشر لكل دولة أو مجموعة دول تتجرأ على رفع رأسها لتحدي هذه الهيمنة.

وبكلمات أخرى، فإن الهدف الاستراتيجي الجيوبوليتيكي للحشد العسكري الاستثنائي لأمريكا في أفغانستان، ليس مواجهة فلول طالبان، كما تَدَّعي آلة البروباجاندا الكاذبة الأمريكية، بل هو مواجهة الأعداء الحاليين، المفترضين والمحتملين، لأمريكا: إيران وروسيا وباكستان والسعودية وكوريا والصين والهند واليابان وغيرها من الشعوب والبلدان المحيطة بأفغانستان والقريبة منها.

ولكن آلة الحرب الاستعمارية الأمريكية، عليها أولا أن تجتاز امتحانًا عسيرًا، وهو أن تثبت قدرتها على سحق مقاومة الشعب الأفغاني، الذي هو شعب أبيّ تضرب جذوره في عمق التاريخ الشرقي العريق، وتشدُّه روابط وُثقَى إلى الحضارة والشعوب الإسلامية المناضلة، ولا يمكن بأية حال أن يرضى بالاستيلاء على أرضه، وتدمير مجتمعه الأصيل، ومحو هويته وشخصيته التاريخية، وتحويله إلى شراذم من أشباه البشر، يقتصر دورهم على زراعة وصناعة المخدرات، وعلى تنظيف المراحيض وما في هذا المستوى من الخدمات "الضرورية" للمحتلين وثكناتهم وتجمعاتهم وإداراتهم ونواديهم.

والى أن تجتاز قوات الاحتلال الأمريكية "العقبة الصغيرة" المتمثلة في المقاومة الأفغانية، فإن لكل حادث حديث.

No comments: