برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Sunday, June 21, 2009

لعبة النهاية في سريلانكا


فرانت لاين،9 – 22 مايو 2009

ترجمة: علاء البشبيشي


وصفته الأمم المتحدة بأنه "حمام دم"، ووصفه وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، بـ"المكدّر" و"المروّع"... إنه الوضع المأساوي الذي خلَّفه القتال المتصاعد في شمال سريلانكا بين الحكومة وحركة نمور التاميل
وبعيدًا عن سخونة الأجواء واشتعال البارود أكدت مجلة فرانت لاين الهندية أن الحلول العسكرية لن تحسم الموقف؛ ذلك أن الجيش السريلانكي وإن تمكن من إبادة النمور عن بكرة أبيهم، فإنه سيواجه معركة أخرى لا تقل خطورة ووعورة.. إنها معركة (كسب قلوب وعقول الشعب التاميلي) العالق الآن على خط النار!
يوافق السادس والعشرون من أبريل 2009 الذكرى الثالثة لمحاولة اغتيال قائد الجيش السريلانكي الجنرال "ساراث فونسيكا"، على يد امرأة حامل تنتمي لحركة نمور التاميل، وقد أصيب الجنرال "فونسيكا" بجراح خطيرة في هذا الهجوم، استغرق شفاؤه منها خمسة أشهر كاملة.
بعدها بثلاث سنوات، وتحديدًا في ظهر اليوم الأول من شهر مايو (الجاري)، تغيرت الخريطة العسكرية في سريلانكا بصورة لم يكن يتخيلها أيٌّ من مراقبي الأوضاع في البلاد؛ فقد تحوَّل الصياد إلى طريدة، والطريدة إلى صياد! حيث فقد "فيلوبيلا برافاكاران"، زعيم جبهة نمور تحرير تاميل- إيلام، كامل الخمسة عشر كيلو مترًا مربعًا التي كان مسيطرًا عليها في الشرق والشمال قبل نشوب حرب إيلام، وهرب إلى منطقة عدم إطلاق النار الحكومية، واتخذ ملجأً وسط عدد من المدنيين الغير معروفين.
وقد تيقن الجيش والحكومة أن قادة النمور يحتجزون مدنيين أبرياء داخل المنطقة الآمنة؛ لاستخدامهم وقت الحاجة كحاجز ردع أخير في مواجهة التقدم السريع للجيش.
والحكومة السريلانكية الآن على وشك أن تسحق نمور التاميل، لكن معركة كسب قلوب وعقول شعب التاميل ربما تكون بنفس صعوبة المعركة مع النمور.
وقد تجاهل مجلس الأمن الدولي طلبا تقدم به وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا لمناقشة القتال المتصاعد في سريلانكا الذي خلف أكثر من 400 قتيل مطلع الأسبوع الجاري. وقد اعترض وزيرا خارجية بريطانيا ديفد مليباند وفرنسا برنار كوشنير، وانضم إليهما مايكل سبندليلجار الوزير الاتحادي للشؤون الأوروبية والدولية في النمسا، على عدم اتخاذ المجلس أي إجراء بهذا الصدد.
ولما صمَّ الجميع آذانهم، سلطت المجلة الضوء على لب المشكلة، الذي تراه مُلَخَّصًا في شكاوى شعب التاميل التي إن لم تُعالَج – بحسب المجلة – سيولد نمور جدد كل يوم يحملون السلاح في وجه الحكومة.
على الجبهة السياسية، تبنت الحكومة السريلانكية استراتيجية داهية، مستعيرة بعض تكتيكات النمور أنفسهم، مثل الاستمرار في إطلاق تصريحات حول قضايا السلام، والتنمية والتحرك باتجاه تسوية للنزاع، في الوقت الذي تخطط فيه بدقة لشن حرب شاملة.
وعلى الجبهة الدعائية، تبنت الحكومة أيضًا تكتيكات النمور؛ فعلى جبهة القتال توغلت أميالا إضافية لتتأكد من أن أخطاء الماضي لن تتكرر، وأن الجنود مُنحوا الدرجة القصوى من الحماية. وكان الشعار، على حد وصف قائد الجيش: "اذهبوا للقتل، وإنجاز الحد الأقصى من الخسائر والتدمير للبنى التحتية التابعة للعدو، في الوقت الذي يُحافَظ فيه على أقل خسائر ممكنة في صفوف الجنود".
وقد شهدت مرحلة القتال الراهنة الاستخدام الأكبر لسلاح الجو. وبالرغم مما يقدر بـ 20 ألف هجوم جوي مباغت، لم يواجه الجيش نيران المدفعية المضادة للطائرات سوى في المرحلة النهائية للحرب. بالطبع كانت الخسائر البشرية فادحة. وقد اعترف الجيش بأنه فقد 4,200 من جنوده بين ضابط وجندي، قائلا: إنه قتل 20 ألفًا من نمور التاميل. ولم يتسن التأكد من صحة خسائر النمور من مصادر مستقلة.
والسؤال الجلي (الآن): ماذا بعد؟
بالطبع النمور جزء من المشكلة، لكن إبادتهم كقوة تقليدية ليس حلا. فالنمور ليسوا إلا إفرازًا لتجاهل شكاوى التاميل، وإذا لم تُعالج هذه الشكاوى سيبقى أصل المشكلة.

No comments: