برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, December 30, 2008

الصين والهند: قصة اقتصادين في مهب الريح


ذي إيكونوميست، 13 ديسمبر 2008

ترجمة: علاء البشبيشي


بعد تأكيدها مرات عديدة أن الهند والصين يشقان طريقهما إلى القمة، أتت مجلة ذي إيكونوميست اليوم لتقول: "إن العملاقين الآسيويين يرتجفان؛ والاقتصادَ الهندي أضحى أضعف من ذي قبل، والقادة الصينيين لديهم أسباب أكثر تجعلهم يخافون".
ربما.. فالدنيا لا تبقى على حال، لكن ما الذي جعل الطاولة تنقلب هكذا؟ هذا ما أجابت عنه الأسبوعية البريطانية في موضوع غلافها الأخير.
السرعة التي انتشرت بها سُحُب الظُلمة واليأس الاقتصاديين في سماء الاقتصاد العالمي كانت مذهلة. لكن التغيير كان مفاجئًا خاصة في الدولتين الشهيرتين؛ الهند والصين. فحتى وقت قريب كانا هذان (الاقتصادان) الأسرع نموًا في العالم يشعران بأنهما منيعان إلى حد كبير ضد العدوى التي تجتاح العالم الغني. بل كان المتفائلون يأملون أن تستطيع محركات أسواق هذه الدول الناشئة في انتشال العالم من مستنقع الركود. والآن يخشى البعض من حدوث النقيض! يخافون أن يسحب انخفاض النشاط التجاري والاقتصادي في العالم الصين والهند إلى الهاوية؛ الأمر الذي من شأنه رفع معدلات البطالة في هذين البلدين اللذين مازالا فقيرين رغم النجاح الذي حققاه.
ربما يكون التشاؤم زائدًا عن حده، فلا تزال هاتان الدولتان تمثلان العمود الفقري للاقتصاد العالمي، لكنهما في الوقت ذاته تواجهان صعوبات اقتصادية وسياسية مخيفة.
ثم استطردت المجلة لتستعرض وضع الهند الداخلي، موضحة أن الفيل الهندي أضحى الآن أسيرًا بين مطرقة التدهور الاقتصادي، وسندان العمليات المسلحة التي ضربت البلاد مؤخرًا، الأمر الذي أثمر تراجعًا – بحسب تقديرات المجلة – في مكانة الهند الدولية، وصورتها على مستوى العالم. مستدلة على ذلك بالأرقام التي لا يمكنها يومًا أن تكذب أو حتى تتجمل.
على الصعيد الهندي، تضررت صورتها بشكل كبير، إثر إعصارين اثنين؛ أولهما: اللطمة الاقتصادية، وثانيهما: رصاص المسلحين الذي أمطرته سماء مومباي الشهر الفائت، خاصة بعدما أظهرت التقارير أن الهند تستمد ثقتها في نفسها من مصدرين اثنين لا ثالث لهما؛ الأول هو تدفق النمو الاقتصادي، والثاني كان التأثير المصاحب الذي تمثل في بروز الهند كدولة ذات مكانة وتأثير دوليين.
كما انخفض معدل الصادرات في شهر أكتوبر الماضي بواقع 12% مقارنة بمعدلات نفس الشهر العام الماضي، وفيها يوجد خمسي الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في العالم، فيما توقفت مئات مصانع النسيج عن العمل، من بينها بعض النجوم الذين سطعوا في سماء صناعة السيارات الهندية خلال السنوات المنصرمة. أما البنك المركزي فعدَّل تقديرات نموه الاقتصادي هذا العام ليصل إلى 7,5 – 8 %، وهي النسبة التي لا تزال تستدعي التفاؤل - لولا التوقعات – في أن يستمر معدل النمو الاقتصادي بالانخفاض خلال العام القادم ليصل إلى 5,5% أو أقل، وهو أقل معدل تشهه البلاد من العام 2002.
ربما تكون هذه الأرقام صادمة للبعض، لكنه الواقع الذي تخشى المجلة أن يمتد إلى الصين، ومن ثم يؤثر على العالم بأسره.
ورغم حيادية المجلة في بعض طرحها، إلا أن نبرة الهجوم على الصين تبرز من بين ثنايا الكلمات، لاسيما عند عدم اعترافها بأن الصين حققت خلال سنوات قلائل ما لم تستطع أي دولة أخرى تحقيقه خلال قرون، ومتوقفة فقط أمام معدلات الفقر التي تراها مؤشرًا على فشل الصين خلال السنوات الستين الماضية!
وإذا ما قُدِّر للاقتصاد الصيني أن ينحدر لمثل هذا المستوى، فسيعتبر الأمر كارثة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تحتفل فيه الصين بالذكرى الثلاثين لإطلاق سياسة (الإصلاح والانفتاح)، التي دشنت لمرحلة جديدة من النمو الاقتصادي وصلت معدلات النمو السنوي فيها إلى 9,8%. وربما تكون هذه الاحتفالية زائفة، لكن من السهل تفهُّم الأسباب التي تجعل الحزب الشيوعي الحاكم يرغب في تضخيم إنجازاته التي حققها طيلة الثلاثين عامًا الماضية.
هذه الدولة التي يبلغ تعداد سكانها خُمس البشرية، لم تنجح سوى في انتشال مائتي مليون فقط من مستنقع الفقر. وهاهي الآن تدخل عامًا مليئًا بالذكريات، إنها الذكرى الخمسون لقمع انتفاضة التبت، والذكرى العشرون لأحداث ميدان باب السلام السماوي (تيان آن مين)، والذكرى العشرون لتأسيس الجمهورية الشعبية.

No comments: